السابق

التالي

[20 : 230 ]

481وَ قِيلَ لَهُ ع لَوْ غَيَّرْتَ شَيْبَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ الْخِضَابُ زِينَةٌ وَ نَحْنُ قَوْمٌ فِي مُصِيبَة بِرَسُولِ اللَّهِ ص

مختارات مما قيل من الشعر في الشيب و الخضاب

قد تقدم لنا في الخضاب قول كاف و أنا أستملح قول الصابي فيه

خضاب تقاسمناه بيني و بينها و لكن شأني فيه خالف شأنها

فيا قبحه إذ حل مني بمفرقي و يا حسنه إذ حل منها بنانها

و سحقا له عن لمتي حين شانها و أهلا به في كفها حيث زانها

و قال أبو تمام

لعب الشيب بالمفارق بل جد فأبكى تماضرا و لعوبا

خضبت خدها إلى لؤلؤ العقد دما أن رأت شواتي خضيبا

كل داء يرجى الدواء له إلا الفظيعين ميتة و مشيبا

يا نسيب الثغام ذنبك أبقى حسناتي عند الحسان ذنوبا

[20 : 231 ]

و لئن عبن ما رأين لقد أنكرن مستنكرا و عبن معيبا

لو رأى الله أن في الشيب فضلا جاورته الأبرار في الخلد شيبا

و قال

فإن يكن المشيب طغى علينا و أودى بالبشاشة و الشباب

فإني لست أدفعه بشيء يكون عليه أثقل من خضاب

أردت بأن ذاك و ذا عذاب فسلطت العذاب على العذاب

ابن الرومي

لم أخضب الشيب للغواني أبغي به عندهم ودادا

لكن خضابي على شباب لبست من بعده حدادا

و من مختار ما جاء من الشعر في الشيب و إن لم يكن فيه ذكر الخضاب قول أبي تمام

نسج المشيب له لفاعا مغدفا يققا فقنع مذرويه و نصفا

نظر الزمان إليه قطع دونه نظر الشقيق تحسرا و تلهفا

ما اسود حتى ابيض كالكرم الذي لم يبد حتى جيء كيما يقطفا

لما تفوفت الخطوب سوادها ببياضها عبثت به فتفوفا

ما كان يخطر قبل ذا في فكره للبدر قبل تمامه أن يكسفا

و قال أيضا

غدا الهم مختطا بفودي خطة طريق الردى منها إلى الموت مهيع

[20 : 232 ]

هو الزور يجفى و المعاشر يجتوى و ذو الإلف يقلى و الجديد يرقع

له منظر في العين أبيض ناصع و لكنه في القلب أسود أسفع

و نحن نرجيه على الكره و الرضا و أنف الفتى من وجهه و هو أجدع

و قال أيضا

شعلة في المفارق استودعتني في صميم الأحشاء ثكلا صميما

تستثير الهموم ما اكتن منها صعدا و هي تستثير الهموما

غرة مرة ألا إنما كنت أغر أيام كنت بهيما

دقة في الحياة تدعى جلالا مثل ما سمي اللديغ سليما

حلمتني زعمتم و أراني قبل هذا التحليم كنت حليما

و قال الصابي و ذكر الخضاب

خضبت مشيبي للتعلق بالصبا و أوهمت من أهواه أني لم أشب

فلما ادعى مني العذار شبيبة إذا صلعي قد صاح من فوقه كذب

فكم طرة طارت و دانت ذوائب و كم وجنة حالت و ماء بها نضب

شواهد بالتزوير يحوين ربها فهجرانه عند الأحبة قد وجب

البحتري

بان الشباب فلا عين و لا أثر إلا بقية برد منه أسمال

قد كدت أخرجه عن منتهى عددي يأسا و أسقطه إذ فات من بالي

سوء العواقب يأس قبله أمل و أعضل الداء نكس بعد إبلال

و المرء طاعة أيام تنقله تنقل الظل من حال إلى حال

[20 : 233 ]

482وَ قَالَ ع مَا الْمُجَاهِدُ الشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَعْظَمَ أَجْراً مِمَّنْ قَدَرَ فَعَفَّ لَكَادَ الْعَفِيفُ أَنْ يَكُونَ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ

نبذ و حكايات حول العفة

قد تقدم القول في العفة و هي ضروب عفة اليد و عفة اللسان و عفة الفرج و هي العظمى و

قد جاء في الحديث المرفوع من عشق فكتم و عف و صبر فمات مات شهيدا و دخل الجنة

و في حكمة سليمان بن داود أن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده

نزل خارجي على بعض إخوانه منهم مستترا من الحجاج فشخص المنزول عليه لبعض حاجاته و قال لزوجته يا ظمياء أوصيك بضيفي

هذا خيرا و كانت من أحسن الناس فلما عاد بعد شهر قال لها كيف كان ضيفك قالت ما أشغله بالعمى عن كل شيء و كان الضيف أطبق

جفنيه فلم ينظر إلى المرأة و لا إلى منزلها إلى أن عاد زوجها.

[20 : 234 ]

و قال الشاعر

إن أكن طامح اللحاظ فإني و الذي يملك القلوب عفيف

خرجت امرأة من صالحات نساء قريش إلى بابها لتغلقه و رأسها مكشوف فرآها رجل أجنبي فرجعت و حلقت شعرها و كانت من أحسن

النساء شعرا فقيل لها في ذلك قالت ما كنت لأدع على رأسي شعرا رآه من ليس لي بمحرم. كان ابن سيرين يقول ما غشيت امرأة قط في

يقظة و لا نوم غير أم عبد الله و إني لأرى المرأة في المنام و أعلم أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها. و قال بعضهم

و إني لعف عن فكاهة جارتي و إني لمشنوء إلي اغتيابها

إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها صديقا و لم تأنس إلي كلابها

و لم أك طلابا أحاديث سرها و لا عالما من أي حوك ثيابها

دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال ما أرى فيك يا بثينة شيئا مما كان يلهج به جميل فقالت إنه كان يرنو إلي بعينين ليستا في

رأسك يا أمير المؤمنين قال فكيف صادفته في عفته قالت كما وصف نفسه إذ قال

لا و الذي تسجد الجباه له ما لي بما ضم ثوبها خبر

و لا بفيها و لا هممت به ما كان إلا الحديث و النظر

و قال أبو سهل الساعدي دخلت على جميل في مرض موته فقال يا أبا سهل رجل يلقى الله و لم يسفك دما حراما و لم يشرب خمرا و

لم يأت فاحشة أ ترجو له الجنة قلت إي و الله فمن هو قال إني لأرجو أن أكون أنا ذلك فذكرت له بثينة

[20 : 235 ]

فقال إني لفي آخر يوم من أيام الدنيا و أول يوم من أيام الآخرة لا نالتني شفاعة محمد إن كنت حدثت نفسي بريبة معها أو مع غيرها

قط. قال الشاعر

قالت و قلت ترفقي فصلي حبل امرئ بوصالكم صب

صادق إذا بعلي فقلت لها الغدر شيء ليس من شعبي

ثنتان لا أصبو لوصلهما عرس الصديق و جارة الجنب

أما الصديق فلست خائنه و الجار أوصاني به ربي

يقال إن امرأة ذات جمال دعت عبد الله بن عبد المطلب إلى نفسها لما كانت ترى على وجهه من النور فأبى و قال

أما الحرام فالممات دونه و الحل لا حل فأستبينه

فكيف بالأمر الذي تبغينه يحمي الكريم عرضه و دينه

راود توبة بن الحمير ليلى الأخيلية مرة عن نفسها فاشمأزت منه و قالت

و ذي حاجة قلنا له لا تبح بها فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه و أنت لأخرى صاحب و خليل

ابن ميادة

موانع لا يعطين حبة خردل و هن زوان في الحديث أوانس

و يكرهن أن يسمعن في اللهو ريبة كما كرهت صوت اللجام الشوامس

آخر

بيض أوانس ما هممن بريبة كظباء مكة صيدهن حرام

[20 : 236 ]

يحسبن من لين الكلام زوانيا و يصدهن عن الخنا الإسلام

في الحديث المرفوع لا تكونن حديد النظر إلى ما ليس لك فإنه لا يزني فرجك ما حفظت عينيك و إن استطعت ألا تنظر إلى ثوب

المرأة التي لا تحل لك فافعل و لن تستطيع ذلك إلا بإذن الله

كان ابن المولى الشاعر المدني موصوفا بالعفة و طيب الإزار فأنشد عبد الملك شعرا له من جملته

و أبكي فلا ليلى بكت من صبابة لباك و لا ليلى لذي البذل تبذل

و أخنع بالعتبى إذا كنت مذنبا و إن أذنبت كنت الذي أتنصل

فقال عبد الملك من ليلى هذه إن كانت حرة لأزوجنكها و إن كانت أمة لأشترينها لك بالغة ما بلغت فقال كلا يا أمير المؤمنين ما كنت

لأصعر وجه حر أبدا في حرته و لا في أمته و ما ليلى التي أنست بها إلا قوسي هذه سميتها ليلى لأن الشاعر لا بد له من النسيب. ابن

الملوح المجنون

كأن على أنيابها الخمر مجه بماء الندى من آخر الليل غابق

و ما ذقته إلا بعيني تفرسا كما شيم من أعلى السحابة بارق

هذا مثل بيت الحماسة

بأعذب من فيها و ما ذقت طعمه و لكنني فيما ترى العين فارس

شاعر

ما إن دعاني الهوى لفاحشة إلا نهاني الحياء و الكرم

[20 : 237 ]

و لا إلى محرم مددت يدي و لا مشت بي لريبة قدم

العباس بن الأحنف

أ تأذنون لصب في زيارتكم فعندكم شهوات السمع و البصر

لا يضمر السوء إن طال الجلوس به عف الضمير و لكن فاسق النظر

قال بعضهم رأيت امرأة مستقبلة البيت في الموسم و هي في غاية الضر و النحافة رافعة يديها تدعو فقلت لها هل لك من حاجة قالت

حاجتي إن تنادي في الموقف بقولي

تزود كل الناس زادا يقيمهم و ما لي زاد و السلام على نفسي

ففعلت و إذا أنا بفتى منهوك فقال أنا الزاد فمضيت به إليها فما زادوا على النظر و البكاء ثم قالت له انصرف مصاحبا فقلت ما علمت

أن التقاء كما يقتصر فيه على هذا فقالت أمسك يا فتى أ ما علمت أن ركوب العار و دخول النار شديد. قال بعضهم

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني منه الحياء و خوف الله و الحذر

و كم خلوت بمن أهوى فيقنعني منه الفكاهة و التحديث و النظر

أهوى الملاح و أهوى أن أجالسهم و ليس لي في حرام منهم وطر

كذلك الحب لا إتيان معصية لا خير في لذة من بعدها سقر

قال محمد بن عبد الله بن طاهر لبنيه اعشقوا تظرفوا و عفوا تشرفوا. وصف أعرابي امرأة طرقها فقال ما زال القمر يرينيها فلما غاب

أرتنيه فقيل فما كان بينكما قال ما أقرب ما أحل الله مما حرم إشارة في غير بأس و دنو من غير مساس و لا وجع أشد من الذنوب.

[20 : 238 ]

كثير عزة

و إني لأرضى منك يا عز بالذي لو أبصره الواشي لقرت بلابله

بلا و بألا أستطيع و بالمنى و بالوعد حتى يسأم الوعد آمله

و بالنظرة العجلي و بالحول ينقضي أواخره لا نلتقي و أوائله

و قال بعض الظرفاء كان أرباب الهوى يسرون فيما مضى و يقنعون بأن يمضغ أحدهم لبانا قد مضغته محبوبته أو يستاك بسواكها و

يرون ذاك عظيما و اليوم يطلب أحدهم الخلوة و إرخاء الستور كأنه قد أشهد على نكاحها أبا سعيد و أبا هريرة. و قال أحمد بن أبي

عثمان الكاتب

و إني ليرضيني المرور ببابها و أقنع منها بالوعيد و بالزجر

قال يوسف بن الماجشون أنشدت محمد بن المنكدر قول وضاح اليمن

إذا قلت هاتي نوليني تبسمت و قالت معاذ الله من فعل ما حرم

فما نولت حتى تضرعت حولها و عرفتها ما رخص الله في اللمم

فضحك و قال إن كان وضاح لفقيها في نفسه. قال آخر

فقالت بحق الله إلا أتيتنا إذا كان لون الليل لون الطيالس

فجئت و ما في القوم يقظان غيرها و قد نام عنها كل وال و حارس

فبتنا مبيتا طيبا نستلذه جميعا و لم أمدد لها كف لامس

مرت امرأة حسناء بقوم من بني نمير مجتمعين في ناد لهم فرمقوها بأبصارهم. و قال قائل منهم ما أكملها لو لا أنها رسحاء فالتفتت

إليهم و قالت و الله

[20 : 239 ]

يا بني نمير ما أطعتم الله و لا الشاعر قال الله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ. و قال الشاعر

فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت و لا كلابا

فأخجلتهم. و قال أبو صخر الهذلي من شعر الحماسة

لليلة منها تعود لنا من غير ما رفث و لا إثم

أشهى إلى نفسي و لو برحت مما ملكت و من بني سهم

آخر

و ما نلت منها محرما غير أنني أقبل بساما من الثغر أفلجا

و الثم فاها آخذا بقرونها و أترك حاجات النفوس تحرجا

و أعف من هذا الشعر قول عبد بني الحسحاس على فسقه

لعمر أبيها ما صبوت و لا صبت إلي و إني من صبا لحليم

سوى قبلة أستغفر الله ذنبها سأطعم مسكينا لها و أصوم

و قال آخر

و مجدولة جدل العناق كأنما سنا البرق في داجي الظلام ابتسامها

ضربت لها الميعاد ليست بكنة و لا جارة يخشى على ذمامها

فلما التقينا قالت الحكم فاحتكم سوى خلة هيهات منك مرامها

فقلت معاذ الله أن أركب التي تبيد و يبقى في المعاد أثامها

[20 : 240 ]

قوله ليست بكنة و لا جارة يخشى علي ذمامها مأخوذ من قول قيس بن الخطيم

و مثلك قد أحببت ليست بكنة و لا جارة و لا حليلة صاحب

و هذا الشاعر قد زاد عليه بقوله و لا حليلة صاحب. و أنشد ابن مندويه لبعضهم

أنا زاني اللسان و الطرف إلا أن قلبي يعاف ذاك و يأبى

لا يراني الإله أشرب إلا كل ما حل شربه لي و طابا

آخر

نلهو بهن كذا من غير فاحشة لهو الصيام بتفاح البساتين

بشار بن برد

قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم ما في التزام و لا في قبلة حرج

من راقب الناس لم يظفر بحاجته و فاز بالطيبات الفاتك اللهج

البيت الآخر مثل قول القائل

من راقب الناس مات هما و فاز باللذة الجسور

أبو الطيب المتنبي

و ترى الفتوة و المروءة و الأبوة في كل مليحة ضراتها

هن الثلاث المانعاتي لذتي في خلوتي لا الخوف من تبعاتها

إني على شغفي بما في خمرها لأعف عما في سراويلاتها

[20 : 241 ]

كان الصاحب رحمه الله يستهجن قوله عما في سراويلاتها و يقول إن كثيرا من العهر أحسن من هذه العفة و معنى البيت الأول أن هذه

الخلال الثلاث تراهن الملاح ضرائر لهن لأنهن يمنعنه عن الخلوة بالملاح و التمتع بهن ثم قال إن هذه الخلال هي التي تمنعه لا

الخوف من تبعاتها و قال قوم هذا تهاون بالدين و نوع من الإلحاد و عندي أن هذا مذهب للشعراء معروف لا يريدون به التهاون بالدين

بل المبالغة في وصف سجاياهم و أخلاقهم بالطهارة و أنهم يتركون القبيح لأنه قبيح لا لورود الشرع به و خوف العقاب منه و يمكن

أيضا أن يريد بتبعاتها تبعات الدنيا أي لا أخاف من قوم هذه المحبوبة التي أنست بها و لا أشفق من حربهم و كيدهم فأما عفة اليد و

عفة اللسان فهما باب آخر و قد ذكرنا طرفا صالحا من ذلك في الأجزاء المتقدمة عند ذكرنا الورع. و

في الحديث المرفوع لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به حذار ما به البأس

و قال أبو بكر في مرض موته إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأخذ لهم درهما و لا دينارا و أكلنا من جريش الطعام و لبسنا من خشن

الثياب و ليس عندنا من فيء المسلمين إلا هذا الناضح و هذا العبد الحبشي و هذه القطيفة فإذا قبضت فادفعوا ذلك إلى عمر ليجعله

في بيت مال المسلمين فلما مات حمل ذلك إلى عمر فبكى كثيرا ثم قال رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده. قال سليمان بن داود يا

بني إسرائيل أوصيكم بأمرين أفلح من فعلهما لا تدخلوا أجوافكم إلا الطيب و لا تخرجوا من أفواهكم إلا الطيب.

[20 : 242 ]

و قال بعض الحكماء إذا شئت أن تعرف ربك معرفة يقينية فاجعل بينك و بين المحارم حائطا من حديد فسوف يفتح عليك أبواب

معرفته. و مما يحكى من ورع حسان بن أبي سنان أن غلاما له كتب إليه من الأهواز أن قصب السكر أصابته السنة آفة فابتع ما قدرت

عليه من السكر فإنك تجد له ربحا كثيرا فيما بعد فابتاع و طلب منه ما ابتاعه بعد قليل بربح ثلاثين ألف درهم فاستقال البيع من

صاحبه و قال إنه لم يعلم ما كنت أعلم حين اشتريته منه فقال البائع قد علمت الآن مقدار الربح و قد طيبته لك و أحللتك فلم يطمئن

قلبه و ما زال حتى رده عليه. يقال إن غنم الغارة اختلطت بغم أهل الكوفة فتورع أبو حنيفة أن يأكل اللحم و سأل كم تعيش الشاة

قالوا سبع سنين فترك أكل لحم الغنم سبع سنين. و يقال إن المنصور حمل إليه بدرة فرمى بها إلى زاوية البيت فلما مات جاء بها

ابنه حماد بن أبي حنيفة إلى أبي الحسن بن أبي قحطبة و قال إن أبي أوصاني أن أرد هذه عليك و قال إنها كانت عندي كالوديعة

فاصرفها فيما أمرك الله به فقال أبو الحسن رحم الله أبا حنيفة لقد شح بدينه إذ سخت به نفوس أقوام. و قال سفيان الثوري انظر

درهمك من أين هو و صل في الصف الأخير.

جابر سمعت النبي ص يقول لكعب بن عجرة لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار أولى به

الحسن لو وجدت رغيفا من حلال لأحرقته ثم سحقته ثم جعلته ذرورا ثم داويت به المرضى.

[20 : 243 ]

عائشة قالت يا رسول الله من المؤمن قال من إذا أصبح نظر إلى رغيفيه كيف يكتسبهما قالت يا رسول الله أما إنهم لو كلفوا ذلك

لتكلفوه فقال لها إنهم قد كلفوه و لكنهم يعسفون الدنيا عسفا

حذيفة بن اليمان يرفعه أن قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات كأمثال الجبال فيجعلها الله هباء منثورا ثم يؤمر بهم إلى

النار فقيل خلهم لنا يا رسول الله قال إنهم كانوا يصلون و يصومون و يأخذون أهبة من الليل و لكنهم كانوا إذا عرض عليهم الحرام

وثبوا عليه

[20 : 244 ]

483وَ قَالَ ع الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ

قال و قد روى بعضهم هذا الكلام عن رسول الله ص

قد تقدم القول في هذا المعنى و قد تكررت هذه اللفظة بذاتها في كلامه ع. و من جيد القول في القناعة قول الغزي

أنا كالثعبان جلدي ملبسي لست محتاجا إلى ثوب الجمال

فالخمول العز و اليأس الغنى و القنوع الملك هذا ما بدا لي

و قال أيضا

لا تعجبن لمن يهوى و يصعد في دنياه فالخلق في أرجوحة القدر

و اقنع بما قل فالأوشال صافية و لجة البحر لا تخلو من الكدر

[20 : 245 ]

484وَ قَالَ ع لِزِيَادِ ابْنِ أَبِيهِ وَ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى فَارِسَ وَ أَعْمَالِهَا فِي كَلَام طَوِيل كَانَ بَيْنَهُمَا نَهَاهُ فِيهِ عَنْ تَقْدِيمِ

الْخَرَاجِ. اسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ وَ احْذَرِ الْعَسْفَ وَ الْحَيْفَ فَإِنَّ الْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلَاءِ وَ الْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى السَّيْفِ

قد سبق الكلام في العدل و الجور و كانت عادة أهل فارس في أيام عثمان أن يطلب الوالي منهم خراج أملاكهم قبل بيع الثمار على

وجه الاستسلاف أو لأنهم كانوا يظنون أن أول السنة القمرية هو مبتدأ وجوب الخراج حملا للخراج التابع لسنة الشمس على

الحقوق الهلالية التابعة لسنة القمر كأجرة العقار و جوالي أهل الذمة فكان ذلك يجحف بالناس و يدعو إلى عسفهم و حيفهم. و قد

غلط في هذا المعنى جماعة من الملوك في كثير من الأعصار و لم يعلموا فرق ما بين السنتين ثم تنبه له قوم من أذكياء الناس فكبسوا

و جعلوا السنين واحدة ثم أهمل الناس الكبس و انفرج ما بين السنة القمرية و السنة الخراجية التي هي سنة الشمس انفراجا كثيرا.

و استقصاء القول في ذلك لا يليق بهذا الموضع لأنه خارج عن فن الأدب الذي هو موضوع كتابنا هذا

[20 : 246 ]

485وَ قَالَ ع أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهَا صَاحِبُهَا

عظم المصيبة على حسب نعمة العاصي و لهذا كان لطم الولد وجه الوالد كبيرا ليس كلطمة وجه غير الوالد. و لما كان البارئ تعالى

أعظم المنعمين بل لا نعمة إلا و هي في الحقيقة من نعمه و منسوبة إليه كانت مخالفته و معصيته عظمة جدا فلا ينبغي لأحد أن

يعصيه في أمر و إن كان قليلا في ظنه ثم يستقله و يستهين به و يظهر الاستخفاف و قلة الاحتفال بمواقعته فإنه يكون قد جمع إلى

المعصية معصية أخرى و هي الاستخفاف بقدر تلك المعصية التي لو أمعن النظر لعلم أنها عظيمة ينبغي له لو كان رشيدا أن يبكي

عليها الدم فضلا عن الدمع فلهذا قال ع أشد الذنوب ما استخف بها صاحبها

[20 : 247 ]

486وَ قَالَ ع مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا

تعليم العلم فرض كفاية و

في الخبر المرفوع من علم علما و كتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار

و روى معاذ بن جبل عن النبي ص قال تعلموا العلم فإن تعلمه خشية الله و دراسته تسبيح و البحث عنه جهاد و طلبه عبادة و تعليمه

صدقة و بذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال و الحرام و بيان سبيل الجنة و المؤنس في الوحشة و المحدث في الخلوة و الجليس في

الوحدة و الصاحب في الغربة و الدليل على السراء و المعين على الضراء و الزين عند الأخلاء و السلاح على الأعداء

و رئي واصل بن عطاء يكتب من صبي حديثا فقيل له مثلك يكتب من هذا فقال أما إني أحفظ له منه و لكني أردت أن أذيقه كأس الرئاسة

ليدعوه ذلك إلى الازدياد من العلم.

[20 : 248 ]

و قال الخليل العلوم أقفال و السؤالات مفاتيحها. و قال بعضهم كان أهل العلم يضنون بعلمهم عن أهل الدنيا فيرغبون فيه و

يبذلون لهم دنياهم و اليوم قد بذل أهل العلم علمهم لأهل الدنيا فزهدوا فيه و ضنوا عنهم بدنياهم. و قال بعضهم ابذل علمك لمن

يطلبه و ادع إليه من لا يطلبه و إلا كان مثلك كمن أهديت له فاكهة فلم يطعمها و لم يطعمها حتى فسدت

[20 : 249 ]

487وَ قَالَ ع شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ تَكَلَّفُ لَهُ

إنما كان كذلك لأن الإخاء الصادق بينهما يوجب الانبساط و ترك التكلف فإذا احتيج إلى التكلف له فقد دل ذلك على أن ليس هناك

إخاء صادق و من ليس بأخ صادق فهو من شر الإخوان. و روى ابن ناقيا في كتاب ملح الممالحة قال دخل الحسن بن سهل على المأمون

فقال له كيف علمك بالمروءة قال ما أعلم ما يريد أمير المؤمنين فأجيبه قال عليك بعمرو بن مسعدة قال فوافيت عمرا و في داره صناع

و هو جالس على آجرة ينظر إليهم فقلت إن أمير المؤمنين يأمرك أن تعلمني المروءة فدعا ب آجرة فأجلسني عليها و تحدثنا مليا و قد

امتلأت غيظا من تقصيره بي ثم قال يا غلام عندك شيء يؤكل فقال نعم فقدم طبقا لطيفا عليه رغيفان و ثلاث سكرجات في إحداهن خل

و في الأخرى مريء و في الأخرى ملح فأكلنا و جاء الفراش فوضأنا ثم قال إذا شئت فنهضت متحفظا و لم أودعه فقال لي إن رأيت أن

تعود إلي في يوم مثله فلم أذكر للمأمون شيئا مما جرى فلما كان في اليوم الذي وعدني فيه لقياه

[20 : 250 ]

سرت إليه فاستؤذن لي عليه فتلقاني على باب الدار فعانقني و قبل بين عيني و قدمني أمامه و مشى خلفي حتى أقعدني في الدست و

جلس بين يدي و قد فرشت الدار و زينت بأنواع الزينة و أقبل يحدثني و يتنادر معي إلى أن حضرت وقت الطعام فأمر فقدمت أطباق

الفاكهة فأصبنا منها و نصبت الموائد فقدم عليها أنواع الأطعمة من حارها و باردها و حلوها و حامضها ثم قال أي الشراب أعجب إليك

فاقترحت عليه و حضر الوصائف للخدمة فلما أردت الانصراف حمل معي جميع ما أحضر من ذهب و فضة و فرش و كسوة و قدم إلى

البساط فرس بمركب ثقيل فركبته و أمر من بحضرته من الغلمان الروم و الوصائف حتى سعوا بين يدي و قال عليك بهم فهم لك ثم

قال إذا زارك أخوك فلا تتكلف له و اقتصر على ما يحضرك و إذا دعوته فاحتفل به و احتشد و لا تدعن ممكنا كفعلنا إياك عند زيارتك

إيانا و فعلنا يوم دعوناك

[20 : 251 ]

488وَ قَالَ ع فِي كَلَام لَهُ إِذَا احْتَشَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ

ليس يعني أن الاحتشام علة الفرقة بل هو دلالة و أمارة على الفرقة لأنه لو لم يحدث عنه ما يقتضي الاحتشام لانبسط على عادته

الأولى فالانقباض أمارة المباينة. هذا آخر ما دونه الرضي أبو الحسن رحمه الله من كلام أمير المؤمنين ع في نهج البلاغة قد أتينا

على شرحه بمعونة الله تعالى. و نحن الآن ذاكرون ما لم يذكره الرضي مما نسبه قوم إليه فبعضه مشهور عنه و بعضه ليس بذلك

المشهور لكنه قد روي عنه و عزي إليه و بعضه من كلام غيره من الحكماء و لكنه كالنظير لكلامه و المضارع لحكمته و لما كان ذلك

متضمنا فنونا من الحكمة نافعة رأينا ألا نخلي هذا الكتاب عنه لأنه كالتكملة و التتمة لكتاب نهج البلاغة.

[20 : 252 ]

و ربما وقع في بعضه تكرار يسير شذ عن أذهاننا التنبه له لطول الكتاب و تباعد أطرافه و قد عددنا ذلك كلمة كلمة فوجدناه ألف

كلمة. فإن اعترضنا معترض و قال فإذا كنتم قد أقررتم بأن بعضها ليس بكلام له فلما ذا ذكرتموه و هل ذلك إلا نوع من التطويل. أجبناه

و قلنا لو كان هذا الاعتراض لازما لوجب ألا نذكر شيئا من الأشباه و النظائر لكلامه فالعذر هاهنا هو العذر هناك و هو أن الغرض

بالكتاب الأدب و الحكمة فإذا وجدنا ما يناسب كلامه ع و ينصب في قالبه و يحتذي حذوه و يتقبل منهاجه ذكرناه على قاعدتنا في ذكر

النظير عند الخوض في شرح نظيره. و هذا حين الشروع فيها خالية عن الشرح لجلائها و وضوحها و إن أكثرها قد سبقت نظائره و

أمثاله و بالله التوفيق

[20 : 253 ]

الحكم المنسوبة

[20 : 255 ]

الحكم المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

1- كان كثيرا ما يقول إذا فرغ من صلاة الليل أشهد أن السماوات و الأرض و ما بينهما آيات تدل عليك و شواهد تشهد بما إليه دعوت

كل ما يؤدي عنك الحجة و يشهد لك بالربوبية موسوم ب آثار نعمتك و معالم تدبيرك علوت بها عن خلقك فأوصلت إلى القلوب من

معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر و كفاها رجم الاحتجاج فهي مع معرفتها بك و ولهها إليك شاهدة بأنك لا تأخذك الأوهام و لا تدركك

العقول و لا الأبصار أعوذ بك أن أشير بقلب أو لسان أو يد إلى غيرك لا إله إلا أنت واحدا أحدا فردا صمدا و نحن لك مسلمون

2- إلهي كفاني فخرا أن تكون لي ربا و كفاني عزا أن أكون لك عبدا أنت كما أريد فاجعلني كما تريد

3- ما خاف امرؤ عدل في حكمه و أطعم من قوته و ذخر من دنياه لآخرته

4- أفضل على من شئت تكن أميره و استغن عمن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره

5- لو لا ضعف اليقين ما كان لنا أن نشكو محنة يسيرة نرجو في العاجل سرعة زوالها و في الآجل عظيم ثوابها بين أضعاف نعم لو

اجتمع أهل السماوات و الأرض على إحصائها ما وفوا بها فضلا عن القيام بشكرها

6- من علامات المأمون على دين الله بعد الإقرار و العمل الحزم في أمره و الصدق في قوله و العدل في حكمه و الشفقة على رعيته لا

تخرجه القدرة إلى خرق و لا اللين إلى ضعف و لا تمنعه العزة من كرم عفو و لا يدعوه العفو إلى

[20 : 256 ]

إضاعة حق و لا يدخله الإعطاء في سرف و لا يتخطى به القصد إلى بخل و لا تأخذه نعم الله ببطر

7- الفسق نجاسة في الهمة و كلب في الطبيعة

8- قلوب الجهال تستفزها الأطماع و ترتهن بالأماني و تتعلق بالخدائع و كثرة الصمت زمام اللسان و حسم الفطنة و إماطة الخاطر

و عذاب الحس

9- عداوة الضعفاء للأقوياء و السفهاء للحلماء و الأشرار للأخيار طبع لا يستطاع تغييره

10- العقل في القلب و الرحمة في الكبد و التنفس في الرئة

11- إذا أراد الله بعبد خيرا حال بينه و بين شهوته و حجز بينه و بين قلبه و إذا أراد به شرا وكله إلى نفسه

12- الصبر مطية لا تكبو و القناعة سيف لا ينبو

13- رحم الله عبدا اتقى ربه و ناصح نفسه و قدم توبته و غلب شهوته فإن أجله مستور عنه و أمله خادع له و الشيطان موكل به

14- مر بمقبرة فقال السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة و المحال المقفرة من المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات

أنتم لنا فرط و نحن لكم تبع نزوركم عما قليل و نلحق بكم بعد زمان قصير اللهم اغفر لنا و لهم و تجاوز عنا و عنهم

[20 : 257 ]

الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا أحياء و أمواتا و الحمد لله الذي منها خلقنا و عليها ممشانا و فيها معاشنا و إليها يعيدنا طوبى لمن

ذكر المعاد و قنع بالكفاف و أعد للحساب

15- إنكم مخلوقون اقتدارا و مربوبون اقتسارا و مضمنون أجداثا و كائنون رفاتا و مبعوثون أفرادا و مدينون حسابا فرحم الله امرأ

اقترف فاعترف و وجل فعقل و حاذر فبادر و عمر فاعتبر و حذر فازدجر و أجاب فأناب و راجع فتاب و اقتدى فاحتذى و تأهب للمعاد و

استظهر بالزاد ليوم رحيله و وجه سبيله و لحال حاجته و موطن فاقته فقدم أمامه لدار مقامه فمهدوا لأنفسكم على سلامة الأبدان و

فسحة الأعمار فهل ينتظر أهل غضارة الشباب إلا حواني الهرم و أهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم و أهل مدة البقاء إلا مفاجأة

الفناء و اقتراب الفوت و مشارفة الانتقال و إشفاء الزوال و حفز الأنين و رشح الجبين و امتداد العرنين و علز القلق و قيظ الرمق و

شدة المضض و غصص الجرض

16- ثلاث منجيات خشية الله في السر و العلانية و القصد في الفقر و الغنى و العدل في الغضب و الرضا

[20 : 258 ]

17- إياكم و الفحش فإن الله لا يحب الفحش و إياكم و الشح فإنه أهلك من كان قبلكم هو الذي سفك دماء الرجال و هو الذي قطع

أرحامها فاجتنبوه

18- إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية و علم كان علمه الناس فانتفعوا به و ولد صالح يدعو له

19- إذا فعلت كل شيء فكن كمن لم يفعل شيئا

20- سأله رجل فقال بما ذا أسوء عدوي فقال بأن تكون على غاية الفضائل لأنه إن كان يسوءه أن يكون لك فرس فاره أو كلب صيود

فهو لأن تذكر بالجميل و ينسب إليك أشد مساءة

21- إذا قذفت بشيء فلا تتهاون به و إن كان كذبا بل تحرز من طرق القذف جهدك فإن القول و إن لم يثبت يوجب ريبة و شكا

22- عدم الأدب سبب كل شر

23- الجهل بالفضائل عدل الموت

24- ما أصعب على من استعبدته الشهوات أن يكون فاضلا

25- من لم يقهر حسده كان جسده قبرا لنفسه

26- احمد من يغلظ عليك و يعظك لا من يزكيك و يتملقك

27- اختر أن تكون مغلوبا و أنت منصف و لا تختر أن تكون غالبا و أنت ظالم

28- لا تهضمن محاسنك بالفخر و التكبر

29- لا تنفك المدنية من شر حتى يجتمع مع قوة السلطان قوة دينه و قوة حكمته

[20 : 259 ]

30- إذا أردت أن تحمد فلا يظهر منك حرص على الحمد

31- من كثر همه سقم بدنه و من ساء خلقه عذب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروءته و ذهبت كرامته و أفضل إيمان العبد أن يعلم

أن الله معه حيث كان

32- كن ورعا تكن من أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما و لا تكثرن

الضحك فإن كثرته تميت القلب و أخرس لسانك و اجلس في بيتك و ابك على خطيئتك

33- إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه و لا يرد القدر إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر و لا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة

حتى يسأل عن عمره فيم أفناه و عن شبابه فيم أبلاه و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه و عما عمل فيما علم

34- في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يفيدك الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك و عليك لأخيك مثل الذي عليه لك

35- الغضب يثير كامن الحقد و من عرف الأيام لم يغفل الاستعداد و من أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول

36- اسكت و استر تسلم و ما أحسن العلم يزينه العمل و ما أحسن العمل يزينه الرفق

37- أكبر الفخر ألا تفخر

38- ما أصعب اكتساب الفضائل و أيسر إتلافها

39- لا تنازع جاهلا و لا تشايع مائقا و لا تعاد مسلطا

40- الموت راحة للشيخ الفاني من العمل و للشاب السقيم من السقم و للغلام

[20 : 260 ]

الناشئ من استقبال الكد و الجمع لغيره و لمن ركبه الدين لغرمائه و للمطلوب بالوتر و هو في جملة الأمر أمنية كل ملهوف مجهود

41- ما كنت كاتمه عدوك من سر فلا تطلعن عليه صديقك و اعرف قدرك يستعل أمرك و كفى ما مضى مخبرا عما بقي

42- لا تعدن عدة تحقرها قلة الثقة بنفسك و لا يغرنك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا

43- اتق العواقب عالما بأن للأعمال جزاء و أجرا و احذر تبعات الأمور بتقديم الحزم فيها

44- من استرشد غير العقل أخطأ منهاج الرأي و من أخطأته وجوه المطالب خذلته الحيل و من أخل بالصبر أخل به حسن العاقبة

فإن الصبر قوة من قوى العقل و بقدر مواد العقل و قوتها يقوى الصبر

45- الخطأ في إعطاء من لا يبتغي و منع من يبتغي واحد

46- العشق مرض ليس فيه أجر و لا عوض

47- أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب و قائل كلمة الزور و من يمد بحبلها في الإثم سواء

48- الخصومة تمحق الدين

49- الجهاد ثلاثة جهاد باليد و جهاد باللسان و جهاد بالقلب فأول ما يغلب عليه من الجهاد يدك ثم لسانك ثم يصير إلى القلب فإن

كان لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا نكس فجعل أعلاه أسفله

[20 : 261 ]

50- ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد عليها قبل ظهورها على لسانه

51- الحاجة مسألة و الدعاء زيادة و الحمد شكر و الندم توبة

52- لن و احلم تنبل و لا تكن معجبا فتمقت و تمتهن

53- ما لي أرى الناس إذا قرب إليهم الطعام ليلا تكلفوا إنارة المصابيح ليبصروا ما يدخلون بطونهم و لا يهتمون بغذاء النفس بأن

ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم ليسلموا من لواحق الجهالة و الذنوب في اعتقاداتهم و أعمالهم

54- الفقر هو أصل حسن سياسة الناس و ذلك أنه إذا كان من حسن السياسة أن يكون بعض الناس يسوس و بعضهم يساس و كان من

يساس لا يستقيم أن يساس من غير أن يكون فقيرا محتاجا فقد تبين أن الفقر هو السبب الذي به يقوم حسن السياسة

55- لا تتكلم بين يدي أحد من الناس دون أن تسمع كلامه و تقيس ما في نفسك من العلم إلى ما في نفسه فإن وجدت ما في نفسه

أكثر فحينئذ ينبغي لك أن تروم زيادة الشيء الذي به يفضل على ما عندك

56- إذا كان اللسان آلة لترجمة ما يخطر في النفس فليس ينبغي أن تستعمله فيما لم يخطر فيها

57- إذا كان الآباء هم السبب في الحياة فمعلمو الحكمة و الدين هم السبب في جودتها

58- و شكا إليه رجل تعذر الرزق فقال مه لا تجاهد الرزق جهاد المغالب و لا تتكل على القدر اتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل من

السنة و الإجمال

[20 : 262 ]

في الطلب من العفة و ليست العفة دافعة رزقا و لا الحرص جالبا فضلا لأن الرزق مقسوم و في شدة الحرص اكتساب الم آثم

59- إذا استغنيت عن شيء فدعه و خذ ما أنت محتاج إليه

60- العمر أقصر من أن تعلم كل ما يحسن بك علمه فتعلم الأهم فالأهم

61- من رضي بما قسم له استراح قلبه و بدنه

62- أبعد ما يكون العبد من الله إذا كان همه بطنه و فرجه

63- ليس في الحواس الظاهرة شيء أشرف من العين فلا تعطوها سؤلها فيشغلكم عن ذكر الله

64- ارحموا ضعفاءكم فالرحمة لهم سبب رحمة الله لكم

65- إزالة الجبال أسهل من إزالة دولة قد أقبلت فاستعينوا بالله و اصبروا ف إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ

66- قال له عثمان في كلام تلاحيا فيه حتى جرى ذكر أبي بكر و عمر أبو بكر و عمر خير منك فقال أنا خير منك و منهما عبدت الله

قبلهما و عبدته بعدهما

67- أوثق سلم يتسلق عليه إلى الله تعالى أن يكون خيرا

68- ليس الموسر من كان يساره باقيا عنده زمانا يسيرا و كان يمكن أن يغتصبه غيره منه و لا يبقى بعد موته له لكن اليسار على

الحقيقة هو الباقي دائما عند مالكه و لا يمكن أن يؤخذ منه و يبقى له بعد موته و ذلك هو الحكمة

69- الشرف اعتقاد المنن في أعناق الرجال

[20 : 263 ]

70- يضر الناس أنفسهم في ثلاثة أشياء الإفراط في الأكل اتكالا على الصحة و تكلف حمل ما لا يطاق اتكالا على القوة و التفريط في

العمل اتكالا على القدر

71- أحزم الناس من ملك جده هزله و قهر رأيه هواه و أعرب عن ضميره فعله و لم يخدعه رضاه عن حظه و لا غضبه عن كيده

72- من لم يصلح خلائقه لم ينفع الناس تأديبه

73- من اتبع هواه ضل و من حاد ساد و خمود الذكر أجمل من ذميم الذكر

74- لهب الشوق أخف محملا من مقاساة الملالة

75- بالرفق تنال الحاجة و بحسن التأني تسهل المطالب

76- عزيمة الصبر تطفئ نار الهوى و نفي العجب يؤمن به كيد الحساد

77- ما شيء أحق بطول سجن من لسان

78- لا نذر في معصية و لا يمين في قطيعة

79- لكل شيء ثمرة و ثمرة المعروف تعجيل السراح

80- إياكم و الكسل فإنه من كسل لم يؤد لله حقا

81- احسبوا كلامكم من أعمالكم و أقلوه إلا في الخير

82- أحسنوا صحبة النعم فإنها تزول و تشهد على صاحبها بما عمل فيها

83- أكثروا ذكر الموت و يوم خروجكم من قبوركم و يوم وقوفكم بين يدي الله عز و جل يهن عليكم المصاب

[20 : 264 ]

84- بحسب مجاهدة النفوس و ردها عن شهواتها و منعها عن مصافحة لذاتها و منع ما أدت إليه العيون الطامحة من لحظاتها تكون

المثوبات و العقوبات و الحازم من ملك هواه فكان بملكه له قاهرا و لما قدحت الأفكار من سوء الظنون زاجرا فمتى لم ترد النفس عن

ذلك هجم عليها الفكر بمطالبة ما شغفت به فعند ذلك تأنس بالآراء الفاسدة و الأطماع الكاذبة و الأماني المتلاشية و كما أن البصر

إذا اعتل رأى أشباحا و خيالات لا حقيقة لها كذلك النفس إذا اعتلت بحب الشهوات و انطوت على قبيح الإرادات رأت الآراء الكاذبة

فإلى الله سبحانه نرغب في إصلاح ما فسد من قلوبنا و به نستعين على إرشاد نفوسنا فإن القلوب بيده يصرفها كيف شاء

85- لا تؤاخين الفاجر فإنه يزين لك فعله و يود لو أنك مثله و يحسن لك أقبح خصاله و مدخله و مخرجه من عندك شين و عار و نقص

و لا الأحمق فإنه يجهد لك نفسه و لا ينفعك و ربما أراد أن ينفعك فضرك سكوته خير لك من نطقه و بعده خير لك من قربه و موته خير

لك من حياته و لا الكذاب فإنه لا ينفعك معه شيء ينقل حديثك و ينقل الحديث إليك حتى إنه ليحدث بالصدق فلا يصدق

86- ما استقصى كريم قط قال تعالى في وصف نبيه عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْض

87- رب كلمة يخترعها حليم مخافة ما هو شر منها و كفى بالحلم ناصرا

88- من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلبا و لا عن النار مهربا من عرف الله فأطاعه و عرف الشيطان فعصاه و عرف الحق فاتبعه و

عرف الباطل فاتقاه و عرف الدنيا فرفضها و عرف الآخرة فطلبها

[20 : 265 ]

89- من استحيا من الناس و لم يستحي من نفسه فليس لنفسه عند نفسه قدر

90- غاية الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه

91- البلاغة النصر بالحجة و المعرفة بمواضع الفرصة و من البصر بالحجة أن تدع الإفصاح بها إلى الكناية عنها إذا كان الإفصاح

أوعر طريقة و كانت الكناية أبلغ في الدرك و أحق بالظفر

92- إياك و الشهوات و ليكن مما تستعين به على كفها علمك بأنها ملهية لعقلك مهجنة لرأيك شائنة لغرضك شاغلة لك عن معاظم

أمورك مشتدة بها التبعة عليك في آخرتك إنما الشهوات لعب فإذا حضر اللعب غاب الجد و لن يقام الدين و تصلح الدنيا إلا بالجد

فإذا نازعتك نفسك إلى اللهو و اللذات فاعلم أنها قد نزعت بك إلى شر منزع و أرادت بك أفضح الفضوح فغالبها مغالبة ذلك و امتنع

منها امتناع ذلك و ليكن مرجعك منها إلى الحق فإنك مهما تترك من الحق لا تتركه إلا إلى الباطل و مهما تدع من الصواب لا تدعه إلا

إلى الخطإ فلا تداهنن هواك في اليسير فيطمع منك في الكثير و ليس شيء مما أوتيت فاضلا عما يصلحك و ليس لعمرك و إن طال

فضل عما ينوبك من الحق اللازم لك و لا بمالك و إن كثر فضل عما يجب عليك فيه و لا بقوتك و إن تمت فضل عن أداء حق الله عليك

و لا برأيك و إن حزم فضل عما لا تعذر بالخطإ فيه فليمنعنك علمك بذلك من أن تطيل لك عمرا في غير نفع أو تضيع لك مالا في غير

حق أو أن تصرف لك قوة في غير عبادة أو تعدل لك رأيا في غير رشد

[20 : 266 ]

فالحفظ الحفظ لما أوتيت فإن بك إلى صغير ما أوتيت الكثير منه أشد الحاجة و عليك بما أضعته منه أشد الرزية و لا سيما العمر الذي

كل منفذ سواه مستخلف و كل ذاهب بعده مرتجع فإن كنت شاغلا نفسك بلذة فلتكن لذتك في محادثة العلماء و درس كتبهم فإنه ليس

سرورك بالشهوات بالغا منك مبلغا إلا و إكبابك على ذلك و نظرك فيه بالغه منك غير أن ذلك يجمع إلى عاجل السرور تمام السعادة

و خلاف ذلك يجمع إلى عاجل الغي و خامة العاقبة و قديما قيل أسعد الناس أدركهم لهواه إذا كان هواه في رشده فإذا كان هواه في

غير رشده فقد شقي بما أدرك منه و قديما قيل عود نفسك الجميل فباعتيادك إياه يعود لذيذا

93- وكل ثلاث بثلاث الرزق بالحمق و الحرمان بالعقل و البلاء بالمنطق ليعلم ابن آدم أن ليس له من الأمر شيء

94- ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك عبدك و زوجتك و ابنك

و قد روينا هذه الكلمة لعمر فيما تقدم

95- للمنافقين علامات يعرفون بها تحيتهم لعنة و طعامهم تهمة و غنيمتهم غلول لا يعرفون المساجد إلا هجرا و لا يأتون الصلاة إلا

دبرا مستكبرون لا يألفون و لا يؤلفون خشب بالليل صخب بالنهار

[20 : 267 ]

96- الحسد حزن لازم و عقل هائم و نفس دائم و النعمة على المحسود نعمة و هي على الحاسد نقمة

97- يا حملة العلم أ تحملونه فإنما العلم لمن علم ثم عمل و وافق عمله علمه و سيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم

تخالف سريرتهم علانيتهم و يخالف عملهم علمهم يقعدون حلقا فيباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس

إلى غيره أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله سبحانه

98- تعلموا العلم صغارا تسودوا به كبارا تعلموا العلم و لو لغير الله فإنه سيصير لله العلم ذكر لا يحبه إلا ذكر من الرجال

99- ليس شيء أحسن من عقل زانه علم و من علم زانه حلم و من حلم زانه صدق و من صدق زانه رفق و من رفق زانه تقوى إن ملإك

العقل و مكارم الأخلاق صون العرض و الجزاء بالفرض و الأخذ بالفضل و الوفاء بالعهد و الإنجاز للوعد و من حاول أمرا بالمعصية

كان أقرب إلى ما يخاف و أبعد مما يرجو

100- إذا جرت المقادير بالمكاره سبقت الآفة إلى العقل فحيرته و أطلقت الألسن بما فيه تلف الأنفس

101- لا تصحبوا الأشرار فإنهم يمنون عليكم بالسلامة منهم

102- لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم

103- لا تطلب سرعة العمل و اطلب تجويده فإن الناس لا يسألون في كم فرغ من العمل إنما يسألون عن جودة صنعته

104- ليس كل ذي عين يبصر و لا كل ذي أذن يسمع فتصدقوا على أولي العقول الزمنة و الألباب الحائرة بالعلوم التي هي أفضل

صدقاتكم ثم تلا إِنَّ الَّذِينَ

[20 : 268 ]

يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ... اللّاعِنُونَ

105- من أتت عليه الأربعون من السنين قيل له خذ حذرك من حلول المقدور فإنك غير معذور و ليس أبناء الأربعين بأحق بالحذر من

أبناء العشرين فإن طالبهما واحد و ليس عن الطلب براقد و هو الموت فاعمل لما أمامك من الهول و دع عنك زخرف القول

106- سئل عن القدر فقال أقصر أم أطيل قيل بل تقصر فقال جل الله أن يريد الفحشاء و عز عن أن يكون له في الملك إلا ما يشاء

107- من علم أنه يفارق الأحباب و يسكن التراب و يواجه الحساب و يستغني عما ترك و يفتقر إلى ما قدم كان حريا بقصر الأمل و

طول العمل

108- المؤمن لا تختله كثرة المصائب و تواتر النوائب عن التسليم لربه و الرضا بقضائه كالحمامة التي تؤخذ فراخها من وكرها ثم

تعود إليه

109- ما مات من أحيا علما و لا افتقر من ملك فهما

110- العلم صبغ النفس و ليس يفوق صبغ الشيء حتى ينظف من كل دنس

111- اعلم أن الذي مدحك بما ليس فيك إنما هو مخاطب غيرك و ثوابه و جزاؤه قد سقطا عنك

112- إحسانك إلى الحر يحركه على المكافأة و إحسانك إلى النذل يبعثه على معاودة المسألة

[20 : 269 ]

113- الأشرار يتتبعون مساوئ الناس و يتركون محاسنهم كما يتتبع الذباب المواضع الفاسدة

114- موت الرؤساء أسهل من رئاسة السفلة

115- ينبغي لمن ولي أمر قوم أن يبدأ بتقويم نفسه قبل أن يشرع في تقويم رعيته و إلا كان بمنزلة من رام استقامة ظل العود قبل

أن يستقيم ذلك العود

116- إذا قوي الوالي في عمله حركته ولايته على حسب ما هو مركوز في طبعه من الخير و الشر

117- ينبغي للوالي أن يعمل بخصال ثلاث تأخير العقوبة منه في سلطان الغضب و الأناة فيما يرتئيه من رأي و تعجيل مكافأة

المحسن بالإحسان فإن في تأخير العقوبة إمكان العفو و في تعجيل المكافأة بالإحسان طاعة الرعية و في الأناة انفساح الرأي و حمد

العاقبة و وضوح الصواب

118- من حق العالم على المتعلم ألا يكثر عليه السؤال و لا يعنته في الجواب و لا يلح عليه إذا كسل و لا يفشي له سرا و لا يغتاب

عنده أحدا و لا يطلب عثرته فإذا زل تأنيت أوبته و قبلت معذرته و أن تعظمه و توقره ما حفظ أمر الله و عظمه و ألا تجلس أمامه و إن

كانت له حاجة سبقت غيرك إلى خدمته فيها و لا تضجرن من صحبته فإنما هو بمنزلة النخلة ينتظر متى يسقط عليك منها منفعة و خصه

بالتحية و احفظ شاهده و غائبة و ليكن ذلك كله لله عز و جل فإن العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله و إذا مات

العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه و طالب العلم تشيعه الملائكة حتى يرجع

[20 : 270 ]

119- وصول معدم خير من جاف مكثر و من أراد أن ينظر ما له عند الله فلينظر ما لله عنده

120- لقد سبق إلى جنات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة و لا صياما و لا حجا و لا اعتمارا و لكن عقلوا عن الله أمره فحسنت

طاعتهم و صح ورعهم و كمل يقينهم ففاقوا غيرهم بالحظوة و رفيع المنزلة

121- ما من عبد إلا و معه ملك يقيه ما لم يقدر له فإذا جاء القدر خلاه و إياه

122- إن الله سبحانه أدب نبيه ص بقوله خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ فلما علم أنه قد تأدب قال له وَ إِنَّكَ لَعَلى

خُلُق عَظِيم فلما استحكم له من رسوله ما أحب قال وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

123- كنت أنا و العباس و عمر نتذاكر المعروف فقلت أنا خير المعروف ستره و قال العباس خيره تصغيره و قال عمر خيره تعجيله

فخرج علينا رسول الله فقال فيم أنتم فذكرنا له فقال خيره أن يكون هذا كله فيه

124- العفو يفسد من اللئيم بقدر ما يصلح من الكريم

125- إذا خبث الزمان كسدت الفضائل و ضرت و نفقت الرذائل و نفعت و كان خوف الموسر أشد من خوف المعسر

126- انظر إلى المتنصح إليك فإن دخل من حيث يضار الناس فلا تقبل

[20 : 271 ]

نصيحته و تحرز منه و إن دخل من حيث العدل و الصلاح فاقبلها منه

127- أعداء الرجل قد يكونوا أنفع من إخوانه لأنهم يهدون إليه عيوبه فيتجنبها و يخاف شماتتهم به فيضبط نعمته و يتحرز من

زوالها بغاية طوقه

128- المرآة التي ينظر الإنسان فيها إلى أخلاقه هي الناس لأنه يرى محاسنه من أوليائه منهم و مساويه من أعدائه فيهم

129- انظر وجهك كل وقت في المرآة فإن كان حسنا فاستقبح أن تضيف إليه فعلا قبيحا و تشينه به و إن كان قبيحا فاستقبح أن

تجمع بين قبحين

130- موقع الصواب من الجهال مثل موقع الخطإ من العلماء

131- ذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب

132- كفر النعمة لؤم و صحبة الجاهل شؤم

133- عاديت من ماريت

134- لا تصرم أخاك على ارتياب و لا تقطعه دون استعتاب

135- خير المقال ما صدقه الفعال

136- إذا لم ترزق غنى فلا تحرمن تقوى

137- من عرف الدنيا لم يحزن للبلوى

138- دع الكذب تكرما إن لم تدعه تأثما

139- الدنيا طواحة طراحة فضاحة آسية جراحة

140- الدنيا جمة المصائب مرة المشارب لا تمتع صاحبا بصاحب

141- المعتذر من غير ذنب يوجب على نفسه الذنب

[20 : 272 ]

142- من كسل لم يؤد حقا

143- كثرة الجدال تورث الشك

144- خير القلوب أوعاها

145- الحياء لباس سابغ و حجاب مانع و ستر من المساوئ واق و حليف للدين و موجب للمحبة و عين كالئة تذود عن الفساد و تنهى

عن الفحشاء و العجلة في الأمور مكسبة للمذلة و زمام للندامة و سلب للمروءة و شين للحجى و دليل على ضعف العقيدة

146- إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره تنكرت للناس أخلاقه

147- لا تصحب الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه شرا و أنت لا تعلم

148- موت الصالح راحة لنفسه و موت الطالح راحة للناس

149- ينبغي للعاقل أن يتذكر عند حلاوة الغذاء مرارة الدواء

150- إن حسدك أخ من إخوانك على فضيلة ظهرت منك فسعى في مكروهك فلا تقابله بمثل ما كافحك به فتعذر نفسه في الإساءة

إليك و تشرع له طريقا إلى ما يحبه فيك لكن اجتهد في التزيد من تلك الفضيلة التي حسدك عليها فإنك تسوءه من غير أن توجده

حجة عليك

151- إذا أردت أن تعرف طبع الرجل فاستشره فإنك تقف من مشورته على عدله و جوره و خيره و شره

152- يجب عليك أن تشفق على ولدك أكثر من إشفاقه عليك

153- زمان الجائر من السلاطين و الولاة أقصر من زمان العادل لأن الجائر مفسد و العادل مصلح و إفساد الشيء أشرع من إصلاحه

[20 : 273 ]

154- إذا خدمت رئيسا فلا تلبس مثل ثوبه و لا تركب مثل مركوبه و لا تستخدم كخدمه فعساك تسلم منه

155- لا تحدث بالعلم السفهاء فيكذبوك و لا الجهال فيستثقلوك و لكن حدث به من يتلقاه من أهله بقبول و فهم يفهم عنك ما تقول

و يكتم عليك ما يسمع فإن لعلمك عليك حقا كما أن عليك في مالك حقا بذله لمستحقه و منعه عن غير مستحقه

156- اليقين فوق الإيمان و الصبر فوق اليقين و من أفرط رجاؤه غلبت الأماني على قلبه و استعبدته

157- إياك و صاحب السوء فإنه كالسيف كالمسلول يروق منظره و يقبح أثره

158- يا ابن آدم احذر الموت في هذه الدار قبل أن تصير إلى دار تتمنى الموت فيها فلا تجده

159- من أخطأه سهم المنية قيده الهرم

160- من سمع بفاحشة فأبداها كان كمن أتاها

161- العاقل من اتهم رأيه و لم يثق بما سولته له نفسه

162- من سامح نفسه فيما يحب أتعبها فيما لا يحب

163- كفى ما مضى مخبرا عما بقي و كفى عبرا لذوي الألباب ما جربوا

164- أمر لا تدري متى يغشاك ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك

[20 : 274 ]

165- ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة

166- إذا أعجبك ما يتواصفه الناس من محاسنك فانظر فيما بطن من مساوئك و لتكن معرفتك بنفسك أوثق عندك من مدح المادحين

لك

167- من مدحك بما ليس فيك من الجميل و هو راض عنك ذمك بما ليس فيك من القبيح و هو ساخط عليك

168- إذا تشبه صاحب الرياء بالمخلصين في الهيئة كان مثل الوارم الذي يوهم الناس أنه سمين فيظن الناس ذلك فيه و هو يستر ما

يلقى من الألم التابع للورم

169- إذا قويت نفس الإنسان انقطع إلى الرأي و إذ ضعفت انقطع إلى البخت

170- الرغبة إلى الكريم تحركه على البذل و إلى الخسيس تغريه بالمنع

171- خيار الناس يترفعون عن ذكر معايب الناس و يتهمون المخبر بها و يأثرون الفضائل و يتعصبون لأهلها و يستعرضون م آثر

الرؤساء و إفضالهم عليهم و يطالبون أنفسهم بالمكافأة عليها و حسن الرعاية لها

172- لكل شيء قوت و أنتم قوت الهوام و من مشى على ظهر الأرض فإن مصيره إلى بطنها

173- من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه و حنينه إلى أوطانه و حفظه قديم إخوانه

[20 : 275 ]

174- و من دعائه اللهم إن كنا قد قصرنا عن بلوغ طاعتك فقد تمسكنا من طاعتك بأحبها إليك لا إله إلا أنت جاءت بالحق من عندك

175- أصابت الدنيا من أمنها و أصاب الدنيا من حذرها

176- و وقف على قوم أصيبوا بمصيبة فقال إن تجزعوا فحق الرحم بلغتم و إن تصبروا فحق الله أديتم

177- مكارم الأخلاق عشر خصال السخاء و الحياء و الصدق و أداء الأمانة و التواضع و الغيرة و الشجاعة و الحلم و الصبر و

الشكر

178- من أداء الأمانة المكافأة على الصنيعة لأنها كالوديعة عندك

179- الخير النفس تكون الحركة في الخير عليه سهلة متيسرة و الحركة في الإضرار عسرة بطيئة و الشرير بالضد من ذلك

180- البخلاء من الناس يكون تغافلهم عن عظيم الجرم أسهل عليهم من المكافأة على يسير الإحسان

181- مثل الإنسان الحصيف مثل الجسم الصلب الكثيف يسخن بطيئا و تبرد تلك السخونة بأطول من ذلك الزمان

182- ثلاثة يرحمون عاقل يجري عليه حكم جاهل و ضعيف في يد ظالم قوي و كريم قوم احتاج إلى لئيم

183- من صحب السلطان وجب أن يكون معه كراكب البحر إن سلم بجسمه من الغرق لم يسلم بقلبه من الفرق

[20 : 276 ]

184- لا تقبلن في استعمال عمالك و أمرائك شفاعة إلا شفاعة الكفاية و الأمانة

185- إذا استشارك عدوك فجرد له النصيحة لأنه باستشارتك قد خرج من عدواتك و دخل في مودتك

186- العدل صورة واحدة و الجور صور كثيرة و لهذا سهل ارتكاب الجور و صعب تحري العدل و هما يشبهان الإصابة في الرماية و

الخطأ فيها و إن الإصابة تحتاج إلى ارتياض و تعهد و الخطأ لا يحتاج إلى شيء من ذلك

187- لا يخطئ المخلص في الدعاء إحدى ثلاث ذنب يغفر أو خير يعجل أو شر يؤجل

188- لا ينتصف ثلاثة من ثلاثة بر من فاجر و عاقل من جاهل و كريم من لئيم

189- أشرف الملوك من لم يخالطه البطر و لم يحل عن الحق و أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرا و خير الأصدقاء من لم يكن

على إخوانه مستصعبا و خير الأخلاق أعونها على التقى و الورع

190- أربع القليل منهن كثير النار و العداوة و المرض و الفقر

191- أربعة من الشقاء جار السوء و ولد السوء و امرأة السوء و المنزل الضيق

192- أربعة تدعو إلى الجنة كتمان المصيبة و كتمان الصدقة و بر الوالدين و الإكثار من قول لا إله إلا الله

[20 : 277 ]

193- لا تصحب الجاهل فإن فيه خصالا فاعرفوه بها يغضب من غير غضب و يتكلم في غير نفع و يعطي في غير موضع الإعطاء و لا

يعرف صديقه من عدوه و يفشي سره إلى كل أحد

194- إياك و مواقف الاعتذار فرب عذر أثبت الحجة على صاحبه و إن كان بريئا

195- الصراط ميدان يكثر فيه العثار فالسالم ناج و العاثر هالك

196- لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أولو الفضل

197- إن لله عبادا في الأرض كأنما رأوا أهل الجنة في جنتهم و أهل النار في نارهم اليقين و أنواره لامعة على وجوههم قلوبهم

محزونة و شرورهم مأمونة و أنفسهم عفيفة و حوائجهم خفيفة صبروا أياما قليلة لراحة طويلة أما الليل فصافون أقدامهم تجري

دموعهم على خدودهم يجأرون إلى الله سبحانه بأدعيتهم قد حلا في أفواههم و حلا في قلوبهم طعم مناجاته و لذيذ الخلوة به قد

أقسم الله على نفسه بجلال عزته ليورثنهم المقام الأعلى في مقعد صدق عنده و أما نهارهم فحلماء علماء بررة أتقياء كالقداح ينظر

إليهم الناظر فيقول مرضى و ما بالقوم من مرض أو يقول قد خولطوا و لعمري لقد خالطهم أمر عظيم جليل

198- عاتبه عثمان فأكثر و هو ساكت فقال ما لك لا تقول قال إن قلت لم أقل إلا ما تكره و ليس لك عندي إلا ما تحب

199- بليت في حرب الجمل بأشد الخلق شجاعة و أكثر الخلق ثروة و بذلا و أعظم الخلق في الخلق طاعة و أوفى الخلق كيدا و تكثرا

بليت بالزبير لم يرد وجهه قط

[20 : 278 ]

و بيعلى بن منية يحمل المال على الإبل الكثيرة و يعطي كل رجل ثلاثين دينارا و فرسا على أن يقاتلني و بعائشة ما قالت قط بيدها

هكذا إلا و اتبعها الناس و بطلحة لا يدرك غوره و لا يطال مكره

200- بعث عثمان بن حنيف إلى طلحة و الزبير فعاد فقال يا أمير المؤمنين جئتك بالخيبة فقال كلا أصبت خيرا و أجرت ثم قال إن من

العجب انقيادهما لأبي بكر و عمر و خلافهما علي أما و الله إنهما ليعلمان أني لست بدون واحد منهما اللهم عليك بهما

201- الرزق مقسوم و الأيام دول و الناس شرع سواء آدم أبوهم و حواء أمهم

202- قوت الأجسام الغذاء و قوت العقول الحكمة فمتى فقد واحد منهما قوته بار و اضمحل

203- الصبر على مشقة العباد يترقى بك إلى شرف الفوز الأكبر

204- الروح حياة البدن و العقل حياة الروح

205- حقيق بالإنسان أن يخشى الله بالغيب و يحرس نفسه من العيب و يزداد خيرا مع الشيب

206- أفضل الولاة من بقي بالعدل ذكره و استمده من يأتي بعده

207- قدم العدل على البطش تظفر بالمحبة و لا تستعمل الفعل حيث ينجع القول

[20 : 279 ]

208- البخيل يسخو من عرضه بمقدار ما يبخل به من ماله و السخي يبخل من عرضه بمقدار ما يسخو به من ماله

209- فضل العقل على الهوى لأن العقل يملكك الزمان و الهوى يستعبدك للزمان

210- كل ما حملت عليه الحر احتمله و رآه زيادة في شرفه إلا ما حطه جزءا من حريته فإنه يأباه و لا يجيب إليه

211- إذا منعك اللئيم البر مع إعظامه حقك كان أحسن من بذل السخي لك إياه مع الاستخفاف بك

212- الملك كالنهر العظيم تستمد منه الجداول فإن كان عذبا عذبت و إن كان ملحا ملحت

213- الفرق بين السخاء و التبذير أن السخي يسمح بما يعرف مقداره و مقدار الرغبة فيه إليه و يضعه بحيث يحسن وضعه و تزكو

عارفته و المبذر يسمح بما لا يوازن به رغبة الراغب و لا حق القاصد و لا مقدار ما أولى و يستفزه لذلك خطرة من خطراته و التصدي

لإطراء مطر له بينهما بون بعيد

214- لا تلاج الغضبان فإنك تقلقه باللجاج و لا ترده إلى الصواب

215- لا تفرح بسقطة غيرك فإنك لا تدري ما تتصرف الأيام بك

216- قليل العلم إذا وقر في القلب كالطل يصيب الأرض المطمئنة فتعشب

217- مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب و طعمها

[20 : 280 ]

طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة

طعمها مر و لا ريح لها

218- المؤمن إذا نظر اعتبر و إذا سكت تفكر و إذا تكلم ذكر و إذا استغنى شكر و إذا أصابته شدة صبر فهو قريب الرضا بعيد السخط

يرضيه عن الله اليسير و لا يسخطه البلاء الكثير قوته لا تبلغ به و نيته تبلغ مغموسة في الخير يده ينوي كثيرا من الخير و يعمل

بطائفة منه و يتلهف على ما فاته من الخير كيف لم يعمل به و المنافق إذا نظر لها و إذا سكت سها و إذا تكلم لغا و إذا أصابه شدة شكا

فهو قريب السخط بعيد الرضا يسخطه على الله اليسير و لا يرضيه الكثير قوته تبلغ و نيته لا تبلغ مغموسة في الشر يده ينوي كثيرا

من الشر و يعمل بطائفة منه فيتلهف على ما فاته من الشر كيف لم يأمر به و كيف لم يعمل به على لسان المؤمن نور يسطع و على

لسان المنافق شيطان ينطق

219- سوء الظن يدوي القلوب و يتهم المأمون و يوحش المستأنس و يغير مودة الإخوان

220- إذا لم يكن في الدنيا إلا محتاج فأغنى الناس أقنعهم بما رزق

221- قيل له إن درعك صدر لا ظهر لها إنا نخاف أن تؤتى من قبل ظهرك فقال إذا وليت فلا واءلت

222- أشد الأشياء الإنسان لأن أشدها فيما يرى الجبل و الحديد

[20 : 281 ]

ينحت الجبل و النار تأكل الحديد و الماء يطفي النار و السحاب يحمل الماء و الريح يفرق السحاب و الإنسان يتقي من الريح

223- إنما الناس في نفس معدود و أمل ممدود و أجل محدود فلا بد للأجل أن يتناهى و للنفس أن يحصى و للأمل إن ينقضي ثم قرأ وَ

إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ

224- اللهم لا تجعل الدنيا لي سجنا و لا فراقها علي حزنا أعوذ بك من دنيا تحرمني الآخرة و من أمل يحرمني العمل و من حياة

تحرمني خير الممات

225- تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم رائحة الذنوب

226- للنكبات غايات تنتهي إليها و دواؤها الصبر عليها و ترك الحيلة في إزالتها فإن الحيلة في إزالتها قبل انقضاء مدتها سبب

لزيادتها

227- لا يرضى عنك الحاسد حتى يموت أحدكما

228- لا يكون الرجل سيد قومه حتى لا يبالي أي ثوبيه لبس

229- كتب إلى عامل له اعمل بالحق ليوم لا يقضى فيه إلا بالحق

230- نظر إلى رجل يغتاب آخر عند ابنه الحسن فقال يا بني نزه سمعك عنه فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك

231- احذروا الكلام في مجالس الخوف فإن الخوف يذهل العقل الذي منه نستمد و يشغله بحراسة النفس عن حراسة المذهب الذي

نروم نصرته و احذر الغضب ممن يحملك عليه فإنه مميت للخواطر مانع من التثبت و احذر من تبغضه فإن بغضك له يدعوك إلى

الضجر به و قليل الغضب كثير في أذى النفس و العقل و الضجر مضيق

[20 : 282 ]

للصدر مضعف لقوى العقل و احذر المحافل التي لا إنصاف لأهلها في التسوية بينك و بين خصمك في الإقبال و الاستماع و لا أدب

لهم يمنعهم من جور الحكم لك و عليك و احذر حين تظهر العصبية لخصمك بالاعتراض عليك و تشييد قوله و حجته فإن ذلك يهيج

العصبية و الاعتراض على هذا الوجه يخلق الكلام و يذهب بهجة المعاني و احذر كلام من لا يفهم عنك فإنه يضجرك و احذر استصغار

الخصم فإنه يمنع من التحفظ و رب صغير غلب كبير

232- لا تقبل الرئاسة على أهل مدينتك فإنهم لا يستقيمون لك إلا بما تخرج به من شرط الرئيس الفاضل

233- لا تهزأ بخطإ غيرك فإن المنطق لا يملكه و أقلل من الخطإ الذي أنت فيه بقدر الصبر و اجعل العقل و الحق إماميك تنل

البغية بهما

234- الرأي يريك غاية الأمر مبدأه

235- الخير من الناس من قدر على أن يصرف نفسه كما يشاء و يدفعها عن الشرور و الشرير من لم يكن كذلك

236- السلطان الفاضل هو الذي يحرس الفضائل و يجود بها لمن دونه و يرعاها من خاصته و عامته حتى تكثر في أيامه و يتحسن بها

من لم تكن فيه

237- للكريم رباطان أحدهما الرعاية لصديقه و ذوي الحرمة به و الآخر الوفاء لمن ألزمه الفضل ما يجب له عليه

238- إذا تحركت صورة الشر و لم تظهر ولدت الفزع فإذا ظهرت ولدت الألم و إذا تحركت صورة الخير و لم تظهر ولدت الفرج فإذا

ظهرت ولدت اللذة

[20 : 283 ]

239- الفرق بين الاقتصاد و البخل أن الاقتصاد تمسك الإنسان بما في يده خوفا على حريته و جاهه من المسألة فهو يضع الشيء

موضعه و يصبر عما لا تدعو ضرورة إليه و يصل صغير بره بعظيم بشره و لا يستكثر من المودات خوفا من فرط الإجحاف به و البخيل

لا يكافئ على ما يسدى إليه و يمنع أيضا اليسير من استحق الكثير و يصبر لصغير ما يجري عليه على كثير من الذلة

240- لا تحتقرن صغيرا يمكن أن يكبر و لا قليلا يمكن أن يكثر

241- ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه حتى يوم الناس هذا و لقد كنت أظلم قبل ظهور الإسلام و لقد كان أخي عقيل يذنب أخي

جعفر فيضربني

242- لو كسرت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم و بين أهل الفرقان بفرقانهم حتى تزهر

تلك القضايا إلى الله عز و جل و تقول يا رب إن عليا قضى بين خلقك بقضائك

243- مر بدار بالكوفة في مراد تبنى فوقعت منها شظية على صلعته فأدمتها فقال ما يومي من مراد بواحد اللهم لا ترفعها قالوا فو الله

لقد رأينا تلك الدار بين الدور كالشاة الجماء بين الغنم ذوات القرون

244- أقتل الأشياء لعدوك ألا تعرفه أنك اتخذته عدوا

245- الخيرة في ترك الطيرة

246- قيل له في بعض الحروب إن جالت الخيل أين نطلبك قال حيث تركتموني

247- شفيع المذنب إقراره و توبته اعتذاره

[20 : 284 ]

248- قصم ظهري رجلان جاهل متنسك و عالم متهتك

249- أ لا أخبركم بذات نفسي أما الحسن ففتى من الفتيان و صاحب جفنة و خوان و لو التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب

غناء عصفور و أما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو و ظل باطل و أما أنا و الحسين فنحن منكم و أنتم منا

250- قال في المنبرية صار ثمنها تسعا على البديهة و هذا من العجائب

251- جاء الأشعث إليه و هو على المنبر فجعل يتخطى رقاب الناس حتى قرب منه ثم قال يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحمراء على

قربك يعني العجم فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان ما لنا و للأشعث ليقولن أمير المؤمنين ع اليوم في العرب قولا لا

يزال يذكر فقال ع من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار و يهجر قوما للذكر أ فتأمرونني أن أطردهم

ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا

252- كان إذا رأى ابن ملجم يقول أريد حياته البيت فيقال له فاقتله فيقول كيف أقتل قاتلي

253- إلهي ما قدر ذنوب أقابل بها كرمك و ما قدر عبادة أقابل بها نعمك و إني لأرجو أن تستغرق ذنوبي في كرمك كما استغرقت

أعمالي في نعمك

[20 : 285 ]

254- إذا غضب الكريم فألن له الكلام و إذا غضب اللئيم فخذ له العصا

255- غضب العاقل في فعله و غضب الجاهل في قوله

256- رأى رجلا يحدث منكر الحديث فقال يا هذا أنصف أذنيك من فمك فإنما جعل الأذنان اثنتين و الفم واحدا لتسمع أكثر مما

تقول

257- إياك و كثرة الاعتذار فإن الكذب كثيرا ما يخالط المعاذير

258- اشكر لمن أنعم عليك و أنعم على من شكرك

259- سل مسألة الحمقى و احفظ حفظ الأكياس

260- مروا الأحداث بالمراء و الجدال و الكهول بالفكر و الشيوخ بالصمت

261- عود نفسك الصبر على جليس السوء فليس يكاد يخطئك

262- يا بني إن الشر تاركك إن تركته

263- لا تطلبوا الحاجة إلى ثلاثة إلى الكذوب فإنه يقربها و إن كانت بعيدة و لا إلى أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك و لا إلى

رجل له إلى صاحب الحاجة حاجة فإنه يجعل حاجتك وقاية لحاجته

264- إياك و صدر المجلس فإنه مجلس قلعة

265- احذروا صولة الكريم إذا جاع و صولة اللئيم إذا شبع

266- سرك دمك فلا تجرينه إلا في أوداجك

267- و سئل عن الفرق بين الغم و الخوف فقال الخوف مجاهدة الأمر المخوف قبل وقوعه و الغم ما يلحق الإنسان من وقوعه

[20 : 286 ]

268- المعروف كنز فانظر عند من تودعه

269- إذا أرسلت لبعر فلا تأت بتمر فيؤكل تمرك و تعنف على خلافك

270- إذا وقع في يدك يوم السرور فلا تخله فإنك إذا وقعت في يد يوم الغم لم يخلك

271- إذا أردت أن تصادق رجلا فانظر من عدوه

272- الانقباض من الناس مكسبة للعداوة و الانبساط مجلبة لقرين السوء فكن بين المنقبض و المسترسل فإن خير الأمور أوساطها

273- إنا عبد الله و أخو رسول الله لا يقولها بعدي إلا كذاب

274- أخذ رسول الله ص بيدي فهزها و قال ما أول نعمة أنعم الله بها عليك قلت أن خلقني حيا و أقدرني و أكمل حواسي و مشاعري

و قواي قال ثم ما ذا قلت أن جعلني ذكرا و لم يجعلني أنثى قال و الثالثة قلت أن هداني للإسلام قال و الرابعة قلت وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ

اللّهِ لا تُحْصُوها

275- اللهم إني أسألك إخبات المخبتين و إخلاص الموقنين و مرافقة الأبرار و العزيمة في كل بر و السلامة من كل إثم و الفوز

بالجنة و النجاة من النار

276- لما ضربه ابن ملجم و أوصى ابنيه بما أوصاهما قال لابن الحنفية هل فهمت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال فإني أوصيك

بمثله و بتوقير أخويك و اتباع أمرهما و ألا تبرم أمرا دونهما ثم قال لهما أوصيكما به فإنه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما أن أباكما كان يحبه فأحباه

277- أما هذا الأعور يعني الأشعث فإن الله لم يرفع شرفا إلا حسده و لا أظهر فضلا إلا عابه و هو يمني نفسه و يخدعها يخاف و يرجو فهو بينهما لا يثق

السابق

التالي