كتاب الفرائض والمواريث
21 باب في ابطال العول والعصبة:

(958) 1 يونس بن عبدالرحمان عن عمر اذينة عن محمد بن مسلم وفضيل بن يسار وبريد بن معاوية العجلي وزرارة بن اعين عن ابي جعفر عليه السلام قال: ان السهام لا تعول.
(959) 2 عنه عن عمر بن اذينة عن محمد بن مسلم قال: اقرأني ابوجعفر عليه السلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي املاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام بيده فاذا فيها ان السهام لا تعول.
(960) 3 عنه عن سماعة عن ابى بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام ربما عالت السهام حتى تجوز على الماء‌ة أو أقل أو اكثر فقال: كان امير المؤمنين عليه السلام يقول: ان الذي احصى رمل عالج ليعلم ان السهام لا تعول لو كانوا يبصرون وجوهها.

___________________________________
- 958 - الكافى ج 2 ص 257 بزيادة فيه .
- 960 - الكافى ج 2 ص 256 الفقيه ج 4 ص 187 بتفاوت(*)

[248]


(961) 4 عنه عن موسى بن بكر عن على بن سعيد قال: قلت لزرارة ان بكير بن اعين حدثني عن ابى جعفر عليه السلام ان السهام لا تعول قال: هذا ما ليس فيه اختلاف بين اصحابنا عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام.
(962) 5 أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن سيف ابن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: ان الذى يحصي رمل عالج ليعلم ان السهام لا تعول من ستة فمن شاء لا عنته عند الحجر ان السهام لا تعول من ستة.
(963) 6 الفضل بن شاذان عن محمد بن يحيى عن على بن عبدالله عن يعقوب بن ابراهيم بن سعد، ورواه ابوطالب الانباري قال: حدثني أحمد ابن هوذة ابوبكر الحافظ قال: حدثني علي بن محمد الحضيني قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم بن سعد قال: حدثني ابي عن محمد بن اسحاق قال: حدثني الزهرى عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة قال جلست إلى ابن عباس رضي الله عنه فعرض ذكر الفرائض والمواريث فقال ابن عباس رضي الله عنه: سبحان الله العظيم اترون ان الذي احصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا وهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟ ! فقال له زفر بن اوس البصرى: يا ابا العباس فمن اول من اعال الفرائض فقال: عمر بن الخطاب لما التفت عنده الفرائض ودفع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيكم قدم الله وايكم اخر الله وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل على كل ذي حق حق ما دخل عليه من عول الفريضه، وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما

___________________________________
- 961 - الكافى ج 1 ص 257 .
- 962 - الفقيه ج 4 ص 187 .
- 963 - الكافى ج 2 ص 257 الفقيه ج 4 ص 187(*)

[249]


عالت فريضة فقال له زفر بن اوس: فايها قدم وأيها أخر؟ فقال: كل فريضة لم.يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم الله، وأما ما أخر الله فكل فريضة اذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخرها، وأما التي قدم الله فالزوج له النصف فاذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ والزوجة لها الربع فاذا زالت عنها صارت إلى الثمن لا يزيلها عنها شئ، والام لها الثلث فاذا زالت عنها صارت إلى السدس لا يزيلها شي عنه، فهذه الفرائض التي قدم الله عزوجل، واما التي اخر اله ففريضة البنات والاخوات لها النصف والثلثان فان أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لها الا ما بقي، فتلك التي اخر الله، فاذا اجتمع ما قدم الله وما اخر بدئ بما قدم الله فاعطي حقه كاملا فان بقى شئ كان لمن أخر فان لم يبق شئ فلا شئ له، فقال له زفر بن اوس: فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال: هبته فقال الزهرى: والله لو لا أنه تقدم امام عدل كان أمره على الورع امضى أمرا فمضى ما اختلف على ابن عباس في المسألة اثنان(1)
(964) 7 قال الفضل: وروى عبدالله بن الوليد المعدنى صاحب سفيان قال: حدثني ابوالقاسم الكوفى صاحب ابي يوسف عن أبي يوسف قال: حدثني ليث ابن ابى سليمان عن أبي عمرو العبدي عن علي بن ابي طالب عليه السلام انه كان يقول: الفرائض من ستة اسهم، الثلثان اربعة اسهم، والنصف ثلاثة اسهم،

___________________________________
(1) راجع المستدرك للحاكم النيسابورى ج 4 ص 340 طبع حيدر آباد الدكن، والسنن الكبرى للبيهقى ج 6 ص 253 طبع حيدر آباد الدكن، وكنز العمال لعلي المتقى الهندى ج 6 ص 7 طبع حيدر آباد الدكن، واحكام القران للجصاص ج 2 ص 109 .
- 964 - الفقيه ج 4 ص 188(32 - التهذيب ج 9)(*)

[250]


والثلث سهمان، واربع سهم ونصف، والثمن ثلاثة ارباع سهم، ولا يرث مع الولد الا الابوان والزوج والمرأة، ولا يحجب الام عن الثلث إلا الولد والاخوة، ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن، وان كن اربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء، ولا تزاد الاخوة من الام على الثلث ولا ينقصون من السدس وهم فيه سواء الذكر والانثى، ولا يحجبهم عن الثلث الا الولد والوالد، والدية تقسم على من أحرز الميراث.
قال الفضل: وهذا حديث صحيح على موافقة الكتاب وفيه دليل انه لا يرث الاخوة والاخوات مع الولد شيئا ولا يرث الجد مع الولد شيئا وفيه دليل ان الام تحجب الاخوة عن الميراث.
(965) 8 - علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عميرعن عمر ابن اذينه قال: قال اذا اردت أن تلقي العول فانما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولدو الاخوة من الاب وأما الزوج والاخوة من الام فانهم لا ينقصون مما سمي لهم شيئا.
(966) 9 الحسن بن محمد بن سماعة عن عبدالله بن جبلة عن ابي المعزا عن ابراهيم بن ميمون عن سالم الاشل انه سمع ابا جعفر عليه السلام يقول: ان الله ادخل الوالدين على جميع أهل المواريث فلم ينقصهما الله شيئا من السدس وأدخل الزوج والمرأة فلم ينقصهما من الربع والثمن.
(967) 10 على بن ابراهيم عن ابيه عن عبدالله بن المغيرة عن اسحاق بن عمار عن ابى بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال: اربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث الوالدان والزوج والمرأة.

___________________________________
- 965 - 966 - 967 - الكافى ج 2 ص 257(*)

[251]


(968) 11 علي عن ابيه عن ابن ابي عمير عن درست عن ابى المعزا عن رجل عن ابى جعفر عليه السلام قال: ان الله ادخل الابوين على جميع أهل الفرائض فلم ينقصهما من السدس لكل واحد منهما، وادخل الزوج والمرأة على جميع أهل المواريث فلم ينقصها من الربع والثمن.
(969) 12 أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابى ايوب الخزاز وغيره عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: لا يرث مع الام ولا مع الاب ولا مع الابن ولا مع البنت الا زوج أو زوجة، وان الزوج لا ينقص من النصف شيئا اذا لم يكن ولد، ولا تنقص الزوجة من الربع شيئا اذا لم يكن ولد، فاذا كان معهما ولد فللزوج الربع وللمرأة الثمن.
(970) 13 عنه عن أحمد بن محمد بن ابي نصر عن جميل بن دراج عن زرارة قال: اذا ترك الرجل امه واباه وابنه وابنته فاذا ترك واحدا من الاربعة فليس بالذي عنى الله في كتابه(يفتيكم في الكلالة)(1) ولا يرث مع الام ولا مع الاب ولا مع الابن ولا مع البنت أحد خلقه الله غير زوج أو زوجة.
قال محمد بن الحسن: و قد ذكر الفضل بن شاذان رحمه الله إلزامات للمخالفين لنا اوردناها على وجهها لانها واقعة موقعها.فمن ذلك انه قال: اوجبوا ان الله تعالى فرض المحال المتناقض فقالوا في ابوين وابنتين وزوج للابوين السدسان وللابنتين الثلثان و للزوج الربع فزعموا ان الله عزوجل أوجب في مال ثلثين وسدسين وربعا وهذا محال متناقض فاسد، لان

___________________________________
(1) سورة النساء الآية: 176 .
- 968 - 969 - الكافى ج 2 ص 257 .
- 970 - الكافى ج 2 ص 258(*)

[252]


هذا لا يكون في مال ابدا والله لا يتكلم بالمحال ولا يوجب التناقض.ثم زعموا ان للابنتين الثلثين أربعة من سبعة ونصف وثلثا سبعة ونصف يكون خمسة لا اربعة قسموا نصفا وثلث عشر ثلثين، وهذا محال متناقض.وزعمواان للزوج واحداو نصفا من سبعة ونصف وهذاهو خمس لاربع فسموا الخمس ربعا، وهذاكله محال متناقض وزعموا ان للابوين السدسين اثنين من سبعة ونصف، وانما يكون السدسان من سبعة ونصف اثنين فسموا ربعا وسدس عشر ثلثا، وهذا محال متناقض.وكذلك قالوا في زوج واخت لاب وام واختين لام فقالوا: للزوج النصف ثلاثة من ثمانية وذلك انما يكون ربعا وثمنا فسموا ثلاثة اثمان نصفا.وقالوا: للاختين للام: الثلث اثنان من ثمانية، وذلك انما هو ربع فسموا الربع ثلثا.
وقالوا: للاخت من الاب والام النصف ثلاثة من ثمانية، ونصف الثمانية انما يكون اربعة لا ثلاثة فسموا ثلاثة اثمان نصفا، وهذ اكله محال متناقض واذا ذهب النصفان فاين موضع الثلث؟ ! وكذلك قالوا في زوج واختين لاب وام واختين لام فقالوا للزوج النصف ثلاثه من تسعة وذلك هو ثلث لا نصف فسموا الثلث نصفا.
وقالوا: للاختين للاب والام الثلثان اربعة من تسعة، وثلثا تسعة انما هو ستة لا اربعة فسموا الثلث وثلث الثلث ثلثين.وقالوا: للاختين من الام الثلث اثنان من تسعة الثلث من تسعة يكون ثلاثة لا اثنين فسموا أقل من الربع ثلثا وهذا كله محال متناقض.

[253]


و كذلك قالوا: في زوج وام واختين لاب وام واختين لام فقالوا: للزوج النصف ثلاثة من عشرة ونصف عشرة يكون خمسة لا ثلاثة فسموا اقل من الثلث نصفا وقالوا: للام السدس واحد من عشرة، فسموا العشر سدسا.وقالوا: للاختين من الاب والام الثلثان اربعة من عشرة فسموا خمسين ثلثين.
وقالوا: للاختين من الام الثلث اثنان من عشرة واثنان من عشرة يكونان خمسا فسموا الخمس ثلثا، وهذا كله محال متناقض فاسد، وهو تحريف الكتاب كما حرفت اليهود والنصارى كتبهم، وذلك ان الله عزوجل لا يفرض المحال ولا يغلط في الحساب ولا يخطئ في اللفظ والقول والتسمية، ولا يموه على خلقه ولا يلبس على عباده ولا يكلفهم المجهول الذي لا تضبطه العقول، وقد أوجبوا كل هذا على رب العزة ولو كان مراد الله عزوجل الذي قالوا لقدر ان يسمي السبع والثمن والعشر كما سمى الربع والثلث والنصف الا أن يكون الله عزوجل اراد عندهم أن يتعمد الخطأ وانيغالط العباد ويموه على الخلق ويدخل في السخف والجهل والعبث وكل هذا محال في ثقة الله تعالى ومنزه عزوجل عما وصفه به الجاهلون، وفيما بينا كفاية ان شاء الله تعالى.
ويقال لهم: ان جاز هذا الذي قلتم فما تنكرون ان يكون قوله عزو جل في كفارة اليمين(فاطعام عشرة مساكين) انما هو واحد في المعنى لقوله عزوجل(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فالعشرة هاهنا واحد في المعنى وكذلك قوله(فاطعام ستين مسكينا) فالستون هاهنا في المعنى ستة وكذلك قوله(الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) فالمائة هاهنا في المعنى ثمانون التي هي الحد المعروف، فان قالوا: كيف يكون العشرة واحدا؟ والستون ستة؟ والماء‌ة ثمانين؟

[254]


قيل لهم: كما جاز أن يكون النصف ثلثا والثلث عندكم ربعا والربع خمسا والمتعارف من الخلق على خلاف ذلك وهذا لازم على قياد قولهم، وفيه دليل ان الصحيح ما قاله ابن عباس رضي الله عنه والائمة الهادية من آل محمد عليهم السلام انتهى كلام الفضل رحمه الله قال محمد بن الحسن: فان قيل جميع ما شنعتم به على مخالفيكم راجع عليكم ولازم لكم والا بينوا وجه الانفصال منهم؟ قيل له: الفصل بيننا وبين من خالفنا أنا قد بينا انه محال ان يكون اصحاب هذه السهام مرادين بالظاهر على وجه الاجتماع لاستحالة ذلك فيه، وانما يصح أن يكون كل واحد منهم أو اثنين مرادا على وجه لا يؤدي إلى المحال، ولم يبق بعد هذا إلا أن نبين من الذي يحصل مرادا عند الاجتماع؟ ومن الذي يسقط؟.
أما المسألة الاولى: و هي اجتماع الابوين والزوج والبنتين فعندنا انه يكون للزوج الربع من أصل المال وللابوين السدسان، ولا تتناول التسمية في هذا الموضع البنتين بل يكون لهما الباقي.وأما اجتماع الزوج والاختين للاب والام والاختين للام فيكون للزوج النصف من أصل المال: وكذلك الثلث للاختين من قبل الام، ولا تتناول التسمية للاختين من قبل الاب بل يكون لهما ما يبقى.
وكذلك المسألة الثالثة يكون للزوج النصف وللاختين من الام الثلث وما يبقى للاختين للاب والام.
والمسألة الرابعة وهي اجتماع زوج وام واختين لاب وام واختين لام فيكون للزوج النصف من اصل المال وما يبقى فللام، ولا تتناول التسمية هاهنا للاختين من قبل الاب والام ولا للاختين من قبل الام على حال.فان قيل: هذا الذى ذكرتموه كله تشه وتمن وخلاف لظاهر القرآن، لانه

[255]


ليس في ظاهره من المتناول له؟ ومن الذي لم يتناوله؟ قيل له: الذي نعلم عند اجتماع هؤلاء ذوى الاسهام انه لا يجوز ان يكونوا مرادين على الاجتماع لما يؤدي اليه من وجوه الفساد والتناقض والمحال، وانما يعلم من منهم المراد دون صاحبه بدليل غير الظاهر والذي يدل على صحة ما ذهبنا إلى تناول الظاهر له ما قدمناه من الاخبار من أن الزوج لا ينقص عن الربع، والزوجة لا تنقص عن الثمن والابوان لا ينقصان عن السدسين والاخوة من الام لا ينقصون عن الثلث، وإذا ثبت ذلك فاذا اجتمع هؤلاء مع غيرهم وفيناهم حقوقهم التي استقر انهم لا ينقصون عنها وادخلنا النقصان على من عداهم، وهذا بين لا اشكال فيه، ويدل على ذلك ايضا انه لا خلاف بين الامة أن من ذهبنا إلى تناول الظاهر لهم مرادون به واختلفوا فيمن عداهم فقلنا نحن إن من عدا المذكورين الذين ذكرناهم ليس بمراد وقال مخالفونا انهم ايضا مرادون ونحن مستمسكون بما اجمع معنا مخالفونا عليه إلى ان يقوم دليل على صحة ما خالفونا فيه، وإن شئت أن تقول: لا خلاف بين الامة ان من ذكروه ان الظاهر متناول لهم سوى من نذكره انه ليس به فرضه على الكمال بل النقصان داخل عليهم فقلنا نحن ان النقصان داخل عليهم لان لهم ما يبقى وقالوا هم النقصان داخل عليهم من حيث دخل على جميع ذوي السهام، وما اجتمعت الامة على دخول النقصان على من قلنا ان الظاهر متناول لهم، لانا نقول إن لهم سهامهم على الكمال وإنما يقول مخالفونا انهم منقوصون من حيث اعتقدوا أن النقصان داخل على الكل، ونحن على ما اجمعنا عليه واتفقنا إلى أن تقوم دلالة على ما قالوه وهذا ايضا بين بحمد الله ومنه وقد استدل من خالفنا على صحة ما ذهبوا اليه بما ذكره الفضل رحمه الله عن ابى ثور أنه قال: لا خلاف بين أهل العلم في رجل مات وعليه لرجل الف درهم ولآخرين خمسمائة وترك الف درهم انهم يقتسمون الالف على قدر اموالهم فيضرب

[256]


صاحب الالف فيها بعشرة وصاحب الخمسمائة بخمسة فيصير لصاحب الالف خمسمائة درهم وللآخرين بينهما خمسمائة درهم، وذلك ان لكل واحد منهما حقا فلا يجوز أن يسقط واحد منهما، وكذلك أهل الميراث لكل حق قد فرضه الله فلما ان اجتمعوا ضربوا في الميراث بقدر حصصهم قال الفضل رحمه الله: فاقول: بالله التوفيق ان هذا يفسد عليهم من وجوه فمنها: أن يقال له اخبرنا أليس حقوق هؤلاء لازمة للميت في حياته واجب عليه الخروج منها لهم كملا بلا نقصان؟ فان قال: بلى قيل له: افهكذا القول في الميراث هو شي ء ثابت لازم يجب عليه الخروج منه لاهل العول وتوفيره عليهم؟ فان قال: لا، قيل: فما يشبه العول مما قست به عليه ومثلت، ثم يقال لهم: أليس حقوق الغرماء ثابتا لازما قائما ان بطل عنهم في الدنيا لم يبطل عنهم في الآخرة وعوضوا من ذلك بقدر ما يدخله عليهم من النقص في الدنيا؟ فان قال نعم، قيل له: افهكذا العول يبطل عنهم حق هو لهم يعوضون منه في الآخرة؟ فان قال: نعم: فالامة مجتمعة على ابطالهم وان قال: لا قيل له: فما يشبه العول مما قلت؟ ثم يقال له اخبرنا عن هذا الرجل اليس اخذ من القوم ما لم يكن عندهم بذلك وفاء‌ا؟ فان قال نعم، قيل له: فالله عزوجل أوجب للقوم ما لا وفاء لهم فيما اوجبه وقسمه لهم قسمة لا يمكن تصحيحها لهم؟ فان قال: بلى فقد عجز الله ونسبه إلى العبث والجهل، وان قال: لا قيل له: فما يشبه ما مثلت من العول.
ثم يقال له اخبرنا أمحال أن يكون لرجل على رجل الف درهم واقل وأكثر ولآخر عنده خمسمائة درهم ولاخر عنده عشرة آلاف درهم ولا يكون عنده لشئ من ذلك وفاء أم ذلك جائز صحيح؟ فان قال: ان ذلك ليس بمحال وهو جائز صحيح، قيل له: أفجائز أن يكون للمال نصف ونصف وثلث؟ أو يكون للمال ثلثان ونصف وثلث فان قال:

[257]


جائز أكذبه الوجود وقيل له أوجد لنا ذلك ولا سبيل له إلى ذلك، وان قال: محال ذلك غير جائز قيل له: فكيف تقيس الصحيح الجائز بالمحال الفاسد !؟ وهل هذا الا قياس ابليس الذي ضل به واضل؟ ثم يقال له أليس جائز لهذا الميت الذي لم يخلف إلا ألف درهم أن يكون عليه عشرة آلاف درهم متفرقة لا قوام شتى واقل من ذلك واكثر؟ فان قال: بلى قيل له: فهم لا يجوز أن يكون مال له نصف ونصف وعشرون ثلثا وثلاثون ربعا، وكذلك يكون مال له ثلثان وثلث وخمسون نصفا ومائتا ثلث لانه ان جاز ان يكون بعد نصفين ثلث وبعد الثلث وثلثين نصف جاز عشرون ثلثا وخمسون نصفا هذا كله دليل على فساد قوله وابطال قياسه والحمد لله كثيرا، انتهى حكاية كلام الفضل.
قال محمد بن الحسن: وقد استدلوا بمثل هذه الطريقة التي ذكرناها في الوصية بان قالوا قد علمنا ان رجلا لو أوصى لاثنين أو ثلاثة أو ما زاد على ذلك من العدد بسهام لم تبلغ التركة قدرما يوفى كل واحد ما سمي له فانه يدخل النقصان على الكل ولا يسقط منهم واحد وهذا اقوى شبهة من الدين، لان كثيرا من الالزامات التي ذكرناها في الدين لا تلزم على الوصية وان لزم عليها بعض ذلك.
واستدلوا ايضا بخبر رواه عبيدة السلمانى عن امير المؤمنين عليه السلام حيث سئل عن رجل مات وخلف زوجة وابوين وابنتيه فقال عليه السلام: صار ثمنها تسعا قالوا وهذا صريح بالعول لانكم قد قلتم انها لا تنقص عن الثمن وقد جعل عليه السلام ثمنها تسعا.
والجواب عن الوصية ان مذهبنا في الوصية يسقط ما قالوه لانهم انما حملوا الفرائض عليها حيث قالوا ان الموصى لهم يدخل النقصان عليهم باجمعهم، ونحن

___________________________________
(33 - التهذيب ج 9)(*)

[258]


نقول ان كان الموصي بدأ بذكر واحد بعد واحد وسمى له فانه يعطى الاول فالاول إلى أن لا يبقى من المال شئ ويسقط من يبقى بعد ذلك، لانه يكون قد وصى له بشئ لا يملكه فتكون وصيته باطلة، وقد ذكرنا ذلك في كتاب الوصايا اوردنا فيه الاخبار، وان كان قد ذكر جماعة ثم سمى لهم شيئا فعجز عنه مقدارما ترك فانه يدخل النقصان على الجميع لانه ليس لكل واحد منهم سهم معين، بل انما استحقوا على الاجتماع قدرا مخصوصا فقسم فيهم كما يقسم الشئ المستحق بين الشركاء، وان كان الموصي قد ذكرهم واحدا بعد واحد الا أنه قد نسى الموصى اليه ذلك فالحكم فيه القرعة فمن خرج اسمه حكم له أولا.لما روي عن ابى عبدالله وابى الحسن موسى عليهما السلام ان كل أمر مجهول أؤ مشكوك فيه يستعمل فيه القرعة، وعلى هذا المذهب يسقط حمل أرباب السهام في المواريث عليه، لانه لا يجوز استعمال القرعة فيه بالاجماع، ولا يقول خصومنا انهم مترتبون بعضم على بعض في التقديم والتأخير، ولا هم ذكروا موضعا واحداوسمي لهم سهم فيكون بينهم بالشركة كما سمي الاخوة والاخوات من الام في انهم شركاء في الثلث فقسمنا بينهم بالسواء، واذا كانت هذه كلها منتفية عنه لم يمكن حمله على الوصية على حال.وأما الخبر ألذي رووه اذا سلمناه احتمل وجهين،
احدهما،: أن يكون خرج مخرج النكير لا مخرج الاخبار كما يقول الواحد منا اذا احسن إلى غيره فقابله ذلك بالاساء‌ة وبالذم على فعله فيقول قد صار حسني قبيحا !؟ وليس يريد بذلك الخبر عن ذلك على الحقيقة وانما يريد الانكار حسب ما قدمناه.
والوجه الآخر: أن يكون امير المؤمنين عليه السلام قال ذلك لانه كان قد تقرر ذلك من مذهب المتقدم عليه فلم يمكنه المظاهرة بخلافه كما لم يمكنه المظاهرة

[259]


بكثير من مذاهبه، حتى قال لقضائه: وقد سألوه بم نحكم يا امير المؤمنين؟ فقال: اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو اموت كما مات اصحابى.وقد روى هذا الوجه المخالفون لنا.
(971) 14 روى ابوطالب الانباري قال: حدثني الحسن بن محمد بن ايوب الجوزجانى قال: حدثنا عثمان بن ابى شيبة قال: حدثنا يحيى بن ابي بكر عن شعبة عن سماك عن عبيدة السلمانى قال: كان على عليه السلام على المنبر فقام اليه رجل فقال: يا امير المؤمنين رجل مات وترك ابنتيه وابويه وزوجة فقال علي عليه السلام: صار ثمن المرأة تسعا قال سماك: قلت لعبيدة: وكيف ذلك؟ قال: ان عمر بن الخطاب وقعت في امارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع وقال: للبنتين الثلثان وللابوين السدسان وللزوجة الثمن قال: هذا الثمن باقيا بعد الابوين والبنتين فقال له اصحاب محمد صلى الله عليه وآله: اعط هؤلاء فريضتهم للابوين السدسان وللزوجة الثمن وللبنتين ما يبقى فقال: فأين فريضتهما الثلثان؟ فقال له علي بن ابي طالب عليه السلام: لهما ما يبقى فأبى ذلك عليه عمرو ابن مسعود فقال علي عليه السلام: على مارأى عمر قال عبيدة: واخبرني جماعة من اصحاب علي عليه السلام بعد ذلك في مثلها انه اعطى للزوج الربع مع الابنتين وللابوين السدسين والباقي رد على البنتين وذلك هو الحق وان اباه قومنا.فاما القول بالعصبة فانه من مذاهب من خالفنا وهو انهم يقولونه اذا استكمل أهل السهام سهامهم في الميراث فما يبقى يكن لاول عصبة ذكر ولا يعطون الانثى وان كانت اقرب منه في النسب شيئا مثال ذلك: انه اذا مات رجل وخلف بنتا او ابنتين وعما وابن عم فانهم يعطون البنت او البنتين سهمهما اما النصف اذا كانت واحدة والثلثين اذا كانت اثنتين فما زاد عليهما والباقى يعطون العم وابن العم ولا

[260]


يردون على البنات شيئا وما اشبه هذا من المسائل التي يذكرونها.وتعقلوا في صحة مذهبهم بخبر رووه عن وهيب عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: الحقوا الفرائض فما ابقت الفرائض فلاولي عصبة ذكر.
وبخبر رواه عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر ان سعد بن الربيع قتل يوم احد وان النبي صلى الله عليه وآله: زارامرأته فجاء‌ت بابنتي سعد فقالت يارسول الله ان اباهما قتل يوم احد واخذ عمهاالمال كله ولاتنكحان إلا ولهما مال فقال النبي صلى الله عليه وآله: سيقضي الله في ذلك فانزل الله تعالى(يوصيكم الله في اولادكم) حتى ختم الآية فدعا النبي صلى الله عليه وآله عمها وقال له: اعط الجاريتين الثلثين واعط امهما الثمن وما بقي فلك واستدلوا ايضا بقوله تعالى(واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتى عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني)(1) وانما خاف ان يرثه عصبته فسال الله تعالى أن يهب له وليا يرثه دون عصبته ولم يسأل ولية فترث.
قال محمد بن الحسن: تحتاج اولا أن ندل على بطلان القول بالعصبة فاذا بيناه علمنا ان جميع ما تعلقوا به ليس فيه دلالة وان لم نتعرض للكلام عليه ثم نشرع فنتكلم على جميع ما تعلقوا به ونبين أنه لا وجه لهم في التعلق بشئ من ذلك لنكون قد استظهرنا على الخصم من جميع الوجوه، والذي يدل على بطلان القول بالعصبة قوله تعالى(للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا)(2) فذكر تعالى ان للنساء نصيبا مما ترك الوالدان والاقربون كما أن للرجال نصيبا مثل ذلك فلئن

___________________________________
(1) سورة مريم الاية: 5.
(2) النساء الاية: 7(*)

[261]


جاز لقائل أن يقول ليس للنساء نصيب جاز أن يقول آخر ليس للرجال نصيب، واذا كان القول بذلك باطلا فما يؤدى اليه ينبغي أن يكون باطلا، ويدل عليه ايضا قوله تعالى(واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله)(1) فحكم الله تعالى ان ذوي الارحام بعضهم اولى ببعض وانما اراد ذلك الاقرب فالاقرب بلا خلاف، ونحن نعلم ان البنت اقرب من ابن ابن ابن اخ ومن ابن العم ايضا ومن العم نفسه، لانها انما تتقرب بنفسها إلى الميت وابن العم يتقرب بالعم والعم بالجد والجد بالاب والاب بنفسه ومن يتقرب بنفسه اولى ممن يتقرب بغيره بظاهر التنزيل، واذا كان الخبر الذي رووه يقتضي أن من يتقرب بغيره اولى ممن يتقرب بنفسه فينبغي أن نحكم ببطلانه.
وقد طعن في هذه الاخبار بما يرجع إلى سندها، وقيل في الخبر الاول انه رواه يزيد بن هارون عن سفيان عن ابن طاوس عن ابيه عن النبى صلى الله عليه وآله مرسلا، ولم يذكر فيه ابن عباس رضي الله عنه وانما ذكر فيه ابن عباس رضي الله عنه وهيب، وسفيان اثبت من وهيب واحفظ منه ومن غيره، قالوا: وهذا يدل على أن الرواية غير محفوظة، هذا الذى ذكرناه حكاية عن الفضل بن شاذان رحمه الله وليس هذا طعنا لان هذه الرواية قد رووها مسندة من غير طريق وهيب: روى ابوطالب الانباري عن الفرايابي والصاغانى جميعا قالا حدثنا ابوكريب عن علي بن سعيد الكندى عن علي بن عابس عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: الحقوا بالاموال الفرائض فما أبقت الفرائض فلاولي عصبة ذكر.
قال محمد بن الحسن: والذى يدل على بطلان هذه الرواية انهم رورا عن

___________________________________
(1) سورة الانفال الاية: 75(*)

[262]


طاوس خلاف ذلك وانه تبرأ من هذا الخبر وذكر انه لم يروه وانما هو شئ القاه الشيطان على السنة العامة.
روى ذلك ابوطالب الانبارى قال: حدثنا محمد بن أحمد البربري قال: حدثنا بشر بن هارون قال: حدثنا الحميدي قال: حدثني سفيان عن ابي اسحاق عن قارية ابن مضرب قال: جلست عند ابن عباس وهو بمكة فقلت: يا ابن عباس حديث يرويه أهل العراق عنك وطاوس مولاك يرويه ان ما ابقت الفرائض فلاولى عصبة ذكر قال: امن أهل العراق انت؟ قلت: نعم قال: ابلغ من وراء‌ك اني اقول ان قول الله عزوجل(آباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله)(1) وقوله(واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله) وهل هذه الا فريضتان وهل ابقتا شيئا، ما قلت هذا ولا طاوس يرويه علي، قال: قارية بن مضرب فلقيت طاوسا فقال: لا والله ما رويت هذا على ابن عباس قط وانما الشيطان القاه على السنتهم، قال سفيان: اراه من قبل ابنه عبدالله بن طاوس فانه كان على خاتم سليمان بن عبدالملك وكان يحمل على هؤلاء القوم حملا شديدا يعني بنى هاشم.
ثم لا خلاف بين الامة ان هذا الخبر ليس هو على ظاهره لان ظاهره يقتضي ما أجمع المسلمون على خلافه ألا ترى ان رجلا لو مات وخلف بنتا واخا واختا فمن قولهم اجمع ان للبنت النصف وما بقي فللاخ والاخت للذكر مثل حظ الانثيين، والخبر يقتضي ان ما بقي للاخ لانه الذكر ولا يكون للاخت شئ، وكذلك لو أن رجلا مات وترك بنتا وابنة ابن وعما ان يكون للبنت النصف وما بقي للعم لانه اولي ذكر ولا تعطى بنت الابن شيئا، وكذلك في اخت لاب وأم

___________________________________
(1) سورة النساء الاية: 11(*)

[263]


واخت لاب وابن عم ان لا تعطى الاخت من الاب شيئا بل تعطى الاخت من قبل الاب والام النصف وما يبقى لابن العم لانه اولى ذكر، وكذلك في بنت وابن ابن وابنة ابن وكذلك في بنت وبنت ابن واخوة واخوات لاب وام وامثال ذلك كثيرة جدا.
فان قالوا: جميع ما ذكرتموه لا يلزمنا شئ منه لانا لم نقل في هذه المواضع إلا لظواهر دلت عليه صرفتنا عن استعمال الخبر فيه، الا ترى ان البنت مع بنت الابن والعم انما اعطينا لابنة الابن السدس لان الظاهر يقتضي أن للبنتين الثلثين، وإذا علمنا ان للبنت من الصلب النصف علمنا ان ما يبقى وهو السدس لبنت الابن كذلك القول في الاخت للاب والام والاخت للاب والعم، وكذلك في بنت وبنت ابن وابن عم لان للاختين الثلثين وقد علمنا أن للاخت من قبل الاب والام النصف فما بقي بعد ذلك وهو السدس للاخت من قبل الاب وكذلك قوله تعالى(يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)(1) يقتضي ان بنت الصلب وبنت الابن وابن الابن المال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، واذا علمنا ان للبنت من الصلب النصف علمنا ان ما يبقي للباقين على ما فرض.
قيل لهم: هذا الذي يتناول الاختين الثلثين يقتضي أن لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها وليس فرض كل واحدة منهما مع الانضمام فرضها مع الانفراد، وكذلك القول في البنت من الصلب مع بنت الابن فان كان الظاهر يتناولها يقتضي أن يكون لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، واذا لم يفعلوا ذلك علمنا انهم مناقضون ومتعلقون بالاباطيل، وكذلك القول في المسائل الاخر جار هذا المجرى، على أن هذا انما الزمناهم على اصولهم ومذاهبهم لان عندنا أن هذه المسائل كلها الامر فيها بخلاف ذلك لان

___________________________________
(1) سورة النساء الاية: 11(*)

[264]


مع البنت لا يرث احد من الاخوة والاخوات على حال ولا يرث معها احد من ولد الولد، ولا مع الاخت من الاب والام يرث العم ولا الاخت من قبل الاب لقوله تعالى(وأولو الارحام بعضهم اولى ببعض) والبنت للصلب أولى اقرب من جميع من ذكروه لكن على تسليم ذلك قد بينا انهم تاركون لظاهر الخبر وإذا تركوا ظاهره إلى ما قالوه جاز لنا أن نحمله على ما نقوله بان نقول هذا الخبر على تسليمه يحتمل اشياء، منها: أن يكون مقدرا في رجل مات وخلف اختين من قبل الام وابن اخ وابنة اخ لاب وام واخا لاب فللاختين من الام الثلث فريضتهما وما بقي فلاولى ذكر وهو الاخ للاب، وفي مثل امراة وخال وخالة وعم وعمة وابن اخ فللمرأة فريضتها الربع وما بقي فلاولى ذكر وهو ابن الاخ وسقط الباقون.
فان قيل: ليس ما ذكرتموه صحيحا لانه انما ينبغي ان تبينوا ان اولى ذكر يحوز الميراث مع التساوي في الدرج، فاما اذا كان احدهما اقرب فليس بالذي يتناوله الخبر.
قلنا: ليس في ظاهر الخبر ان ما ابقت الفرائض فلاولي عصبة ذكر مع التساوي في الدرج بل هو عام في المتساويين وفي المتباعدين واذا حملناه على شئ من ذلك برئت عهدتنا، على انه لو كان المراد به مع التساوي في الدرج لم يجز لهم ان يورثوا ابن العم والعم مع البنت لان البنت اقرب منهما ولا محيص عن ذلك الا بالتعلق بعموم الخبر، مع ان ذلك ايضا ممكن مع التساوي في الدرج بان نقول هذا مقدر في رجل مات وخلف زوجة واختا لاب واخا لاب وام، فان للزوجة سهمها المسمى الربع والباقى فللاخ للاب والام ولا ترث معه الاخت من قبل الاب، وفي مثل امرأة ماتت وخلفت زوجا وعما من قبل الاب والام وعمة من قبل الاب فان للزوج النصف سهمه المسمى، وما بقي فللعم للاب والام ولا يكون للعمة من

[265]


قبل الاب شئ وهذان وجهان وما يجري مجراهما صحيح.وليس يلزم ان يتأول الخبر على ما يوافق الخصم عليه لانه لو كان كذلك لما جاز تأويل شئ من الاخبار لمخالفة من يخالف في ذلك.
وقد ألزم القائلون بالعصبة من الاقوال الشنيعة ما لا يحصى كثرة من ذلك: انهم الزموا ان يكون الولد الذكر للصلب اضعف سببا من ابن ابن ابن عم بان قيل لهم اذا قدرنا ان رجلا مات وخلف ثمانية وعشرين بنتا وابنا كيف يقسم المال؟ فمن قول الكل ان للابن سهمين من ثلاثين سهما، ولكل واحدة من البنات جزء من الثلاثين، وهذا بلا خلاف، فقيل لهم فلو كان بدل الابن ابن ابن ابن العم فقالو: لابن ابن ابن العم عشرة اسهم من ثلاثين سهما وعشرين سهما بين الثمانية والعشرين بنتا، وهذا على ما ترى تفضيل للبعيد على الولد للصلب وفي ذلك خروج عن العرف والشريعة وترك لقوله تعالى(واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض) ثم قيل لهم: فما تقولون ان ترك هذا الميت هؤلاء البنات ومعهم بنت ابن؟ فقالوا: للبنات الثلثان وما بقي فللعصبة وليس لبنت الابن شئ لان البنات قد استكملن الثلثين وانما يكون لبنات الابن اذا لم تستكمل البنات الثلثين فاذا استكملن فلا شئ لهن، قيل لهم: فان المسألة على حالها الا انه كان مع بنت الابن ابن ابن قالوا: للبنات الثلثان وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الانثيين قلنا لهم: فقد نقضتم اصلكم وخالفتم حديثكم فلم لا تجعلون ما بقي للعصبة في هذه المسألة كما جعلتموه في التي قبلها فتجعلون ما بقي لابن الابن الذي هو عصبة اذ كن البنات قد استكملن الثلثين كما استكملن في التي قبلها؟ ! ولم لم تأخذوا في هذه المسألة بالخبر الذي رويتموه فتعطوا ابن الابن ولا تعطون ابنة الابن شيئا،

___________________________________
(34 - التهذيب ج 9)(*)

[266]


وفي أي كتاب أو سنة وجدتم ان بنات الابن اذا لم يكن معهن اخوهن لا يرثن شيئا فاذا حضر اخوهن ورثن بسبب اخيهن الميراث؟ !.
ثم يقال لهم: أليس قد فضل الله البنين على البنات في كل الفرائض؟ فلا بد من نعم فيقال له: فما تقول في زوج وابوين وعشر بنين هل يكون للبنين إلا ما يبقى؟ فان قال: ليس للبنين إلا ما بقي، قيل له: أفلا ترضى للبنات ان يقمن مقام البنين وياخذن مثل ما يأخذ البنون وقد فضل الله تعالى البنين على البنات بالضعف؟ فان قيل: ان البنتين لا تشبهان هاهنا البنين لان البنات ذوات سهام مسماة مثل الابوين وليس للبنين سهم مسمى انما هم عصبة ولهم ما فضل فينبغي ان يوفر على البنات سهامهم كما يوفر على الابوين سهماهما أو العول، قلنا له: ان الابن انما لم يكن له سهم لان له الكل والبنت لها النصف، ومتى اجتمعا كان للابن مثلان وللبنت مثل واحد لان هذا النصف والثلثين هو اكثر سهم البنت المسمى لها وليس هو سهمها الاقل لانه لم يسم لها سهم اقل، والابوان انما لهما في هذه الفريضة سهمهما الاقل فلا ينقصان من سهمها الاقل، ولكن انما ينقص البنتان من سهمهما الاكثر المسمى لهما إلى فرضهما الاقل وهو ما بقي لهن بينهن بالسوية وبالله التوفيق.وأما الكلام على الخبر الثاني مما استحجوا به فهو ان راويه رجل واحد وهو عبدالله بن محمد بن عقيل وهو عندهم ضعيف واهن لا يحتجون بحديثه وهو منفرد بهذه الرواية وما هذا حكمه لا يعترض به ظاهر القرآن الذي بينا وجه الاحتجاج منه، وأما ما تعلقوا به من قوله عزوجل(واني خفت الموالي من ورائي) فانما هو تأويل على خلاف الظاهر، وذلك انه لم يكن له بنو العم فيرثوه بسبب ذوي الارحام لا بسبب العصبة لانه لو لم يكن بنو العم وكان بدلهم بنات العم لورثنه بسبب ذوي الارحام، وليس في هذا ما يدل على العصبة، واما قوله انه

[267]


سأل وليا ولم يسأل ولية فانما ذلك لان الخلق كلهم يرغبون في البنين دون البنات فهو عليه السلام انما سأل ما عليه طبع البشر كلهم وهو كان يعلم انه لو ولد له أنثى لم يكن ترث العصبة البعداء مع الولد الاقرب، ولكن رغب فيما يرغب الناس كلهم فيه، على أن الآية دالة على أن العصبة لا ترث مع الولد الانثى لقوله تعالى(وكانت امرأتي عاقرا) والعاقر هي التي لا تلد ولو لم تكن امرأته عاقرا وكانت تلد لم يخف الموالي من ورائه، لانها متى ولدت ولدا ما، كان ذكرا او انثى ارتفع عقرها وأحرز الولد الميراث ففي الآية دلالة واضحة على ان العصبة لا ترث مع أحد من الولد ذكورا كانوا أو اناثا على انا لا نسلم أن زكريا عليه السلام سأل الذكر دون الانثى بل الظاهر يقتضي انه طلب الانثى كما طلب الذكر الا ترى إلى قوله تعالى(وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب * هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء)(1) فانما طلب زكريا عليه السلام حين رأى مريم عليها السلام على حالها ان يرزقه الله مثل مريم لما رأى من منزلتها عند الله ورغب إلى الله في مثلها وطلب اليه عزوجل ان يهب له ذرية طيبة مثل مريم فاعطاه الله افضل مما سأل فامر زكريا حجة عليهم في ابطال العصبة ان كانوا يعقلون.
(972) 15 علي بن ابراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن عبدالله بن بكير عن حسين البزاز قال: امرت من يسأل ابا عبدالله عليه السلام المال لمن هو للاقرب أم للعصبة؟ فقال: المال للاقرب والعصبة في فيه التراب.

___________________________________
(1) سورة آل عمران الاية: 37 .
- 972 - الكافى ج 2 ص 256(*)

[268]


(973) 16 وفي كتاب ابى نعيم الطحان رواه عن شريك عن اسماعيل بن ابى خالد عن حكيم بن جابر عن يزيد بن ثابت انه قال: من قضاء الجاهلية ان يورث الرجال دون النساء.

___________________________________
- 973 - الاستبصارج 4 ص 170 الكافى ج 2 ص 256 .