باب الوصية بالعتق والصدقة والحج

5491 روى محمد بن ابى عمير، عن معاوية بن عمار قال: (اوصت الي امرأة من اهل بيتى بمالها وأمرت ان يعتق عنها ويحج ويتصدق فلم يبلغ ذلك فسألت ابا حنيفة فقال: يجعل ذلك اثلاثا: ثلثا في الحج وثلثا في العتق وثلثا في الصدقة فدخلت على ابى عبدالله عليه السلام فقلت له: ان امرأة من اهلى ماتت وأوصت الي بثلث مالها وامرت ان يعتق عنها ويحج عنها ويتصدق عنها فنظرت فيه فلم يبلغ، فقال عليه السلام: ابدأ بالحج فانه فريضة من فرائض الله عزوجل واجعل ما بقى طائفة في العتق وطائفة في الصدقة(3)، فأخبرت أبا حنيفة بقول ابى عبدالله عليه السلام فرجع عن قوله وقال بقول ابى عبدالله عليه السلام.
5492 وروى الحسن بن على بن فضال، عن داود بن فرقد(4) قال: (سئل ابوعبدالله عليه السلام عن رجل كان في سفر ومعه جارية له وغلامان مملوكان فقال لهما: أنتما احرار لوجه الله فاشهدا ان ما في بطن جاريتى هذه منى، فولدت غلاما فلما قدموا على الورثه انكروا ذلك واسترقوهم، ثم ان الغلامين اعتقا بعد فشهدا


______________
(3) حاصله أن تحصيل الحج مقدم فان بقى شئ يصرف في الامرين الباقيين، ولعل في تقديم العتق في الذكر ايماء إلى تقدمه ويجب أن يكون بحيث يبقى شئ للصدقة.
(4) هو داود بن أبي يزيد الثقة كما في بعض النسخ فالسند موثق بابن فضال.

[212]

بعدما اعتقا ان موليهما الاول اشهدهما ان ما في بطن جاريته منه، قال: تجوز شهادتهما للغلام ولا يسترقهما الغلام الذى شهدا له انهما اثبتا نسبه)(1).
5493 وروى الحسن بن محبوب، عن ابى جميلة(2)، عن حمران عن ابى جعفر عليه السلام (في رجل اوصى عند موته وقال: اعتق فلانا وفلانا وفلانا حتى ذكر خمسة فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه اثمان قيمة المماليك الخمسة الذين امر بعتقهم(3) قال: ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون وينظر إلى ثلثه فيعتق منه اول شئ ذكر ثم الثانى والثالث، ثم الرابع، ثم الخامس، فان عجز الثلث كان في الذى سمى آخرا لانه اعتق بعد مبلغ الثلث بما لايملك فلايجوز له ذلك).
5494 وروى العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصية فكان اكثر من الثلث، قال: يمضى عتق الغلام ويكون النقصان فيما بقى)(4).
5495 وروى احمد بن محمد بن عيسى، عن ابى همام اسماعيل بن همام عن ابى الحسن عليهم السلام (في رجل اوصى عند موته بمال لذوى قرابته واعتق مملوكا فكان جميع ما اوصى به يزيد على الثلث كيف يصنع في وصيته؟ فقال: يبدأ بالعتق فينفذ)(5).


______________
(1) أكثر الاصحاب أفتوا بظاهره، واختلف في أن المنع من استرقاقهما هل هو على الحرمة أو الكراهة.
(2) هو الفضل بن صالح وقال العلامة ضعيف كذاب يضع الحديث.
(3) اضافة الاثمان إلى القيمة بيانية. (مراد)
(4) سنده صحيح وكذا في الكافي والتهذيب، ويدل على أن المنجزات من الثلث وعلى تقديمها على الوصية.
(5) السند صحيح كما في الكافي أيضا، وقال الفاضل التفرشي: قوله: " يبدأ بالعتق فينفذ - الخ " لان الموصى به لا ينتقل إلى الموصى له بمجرد الوصية بل له أن يرجع عنها فلا يمنع العتق المنجز لانه تصرف ناجز في ملكه من غير مانع للاصل فيكون صحيحا، ولما كان في مرض الموت يحسب من الثلث فينتقل الوصية إلى مابقى منه.

[213]

5496 وروى النضربن شعيب، عن خالد بن ماد، عن الجازى(1) عن ابى عبدالله عليه السلام (في رجل توفى فترك جارية اعتق ثلثها فتزوجها الوصى قبل ان يقسم شئ من الميراث انها تقوم وتستسعى هى وزوجها بقية ثمنها بعد ما تقوم فما اصاب المرأة من عتق او رق جرى على ولدها))(2).
5497 وروى احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى، عن احمد بن زياد(3) قال: (سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل تحضره الوفاة وله مماليك لخاصة نفسه ومماليك في الشركة مع رجل آخر فيوصى في وصيته مماليكى احرار ما خلا مماليكى الذين في الشركة(4)، فكتب عليه السلام: يقومون عليه ان كان ما له يحتمل(5) ثم هم


______________
(1) في كثير من النسخ " عن الحارثي " وفي الكافي ج 7 ص 20 " عن النضر بن شعيب المحاربي عن أبي عبدالله عليه السلام " وفي التهذيبين " عن النضر بن شعيب، عن الحارثي عنه عليه السلام وكأن في الكافي سقطا أو تصحيفا والصواب مافي التهذيبين غير أن الحارثي تصحيف الجازي والمراد به عبدالغفار الجازى الثقة وروى عنه النضر تارة بلا واسطة وتارة بواسطة خالد بن ماد كما هو كثير في كتب الحديث.
(2) يدل على الاستسعاء إذا تحرر منها شئ وعلى أن حكم وطي الشبهة حكم الصحيح وعلى أن المنجز من الثلث، ويحمل على عدم خروج الامة من الثلث (م ت) وقال العلامة المجلسي: لعله محمول على ماإذا لم يخلف سوى الجارية فلذا لايسرى العتق فتستسعي في بقية ثمنها وتزوج الوصي اما لشبهة الاباحة أو باذن الورثة، وعلى التقديرين الولد حر ويلزمه على الاول قيمة الامة والولد وانما يلزمه ههنا لتعلق الاستسعاء بها سابقا، وبالجملة تطبيق الخبر على قواعد الاصحاب لايخلو من الاشكال.
(3) هوأحمد بن زياد الخزاز وكان واقفيا من أصحاب الكاظم عليه السلام.
(4) في الكافي والتهذيب " ماحال مماليكه الذين في الشركة " والظاهر هو الصواب ولعل التصحيف في النساخ، وقال المولى المجلسي: يمكن اصلاحه بأن يكون مراده عدم السراية في حصص الشركاء ويكون الجواب بأن العتق يسرى وان قصد خلافه.
(5) الظاهرأن المراد بماله الثلث ولهذا عبر عنه بذلك والا لكان الانسب قوله مع يساره ونحوه كماورد في أخبار أخر في السراية.

[214]

احرار)(1).
5498 وروى محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن على بن النعمان، عن سويد القلاء، عن ايوب بن الحر، عن ابى بكر الحضرمى(2) عن عبدالله عليه السلام قال: قلت له: (ان علقمة بن محمد اوصى ان اعتق عنه رقبة فأعتقت عنه امرأة افتجزية او اعتق عنه من مالى؟ قال: يجزيه، ثم قال: ان فاطمة ام ابنى اوصت ان اعتق عنها رقبة، فأعتقت عنها امرأة)(3).
5499 وروى معاوية بن عمار عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل مات واوصى ان يحج عنه، قال: ان كان صرورة حج عنه من وسط المال(4)، وان كان غير صرورة فمن الثلث)(5).
5500 و (قال في امرأة اوصت بمال في عتق وحج وصدقه فلم يبلغ، قال: ابدأ بالحج فانه مفروض فان بقى شئ فاجعل في الصدقه طائفة وفي العتق طائفة)(6).
5501 وروى ابن ابى عمير، عن على بن ابى حمزة قال: (سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اوصى بثلاثين دينارا يعتق بها رجل من اصحابنا فلم يوجد بذلك قال: يشترى


______________
(1) يدل - بناء على نسخة الكافي والتهذيب - على أنه إذا أوصى بعتق مماليكه يدخل فيها المختصة والمشتركة ويعتق نصيبه منها، وأما تقويم حصة الشركاء عليه فقد قال به الشيخ في النهاية وتبعه بعض المتأخرين ونصره في المختلف، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه لا يعتق منها الا حصة منها لضعف الرواية كما في المرآة.
(2) السند حسن بابي بكر الحضرمي والبقية ثقات.
(3) يدل على جواز عتق الانثى عن الرقبة الموصى بها ولا ريب فيه (م ت) كما ذكره الاصحاب. (المرآة)
(4) أى من أصله لامن ثلثه، أو يخرج الوسط ممن يناسب حال الموصي أو الاعم. (م ت)
(5) يدل على أنه إذا أوصى بمال في الحج وغيره وكان عليه حجة الاسلام فهو يتعلق بذلك المال وان كان من الاصل لولم يكن أوصى به. (م ت)
(6) رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار، وتقدم الكلام فيه ص 211.

[215]

من الناس فيعتق)(1).
5502 وروى على بن ابى حمزة عنه عليه السلام ايضا انه قال: (فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبيا)(2).
5503 وروى ابان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عن الشيخ يعنى موسى ابن جعفر عن ابيه عليهما السلام انه قال: (ان ابا جعفر عليه السلام مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم، فأقرعت بينهم وأعتقت الثلث).
5504 وروى القاسم محمد الجوهرى، عن على بن ابى حمزة، عن ابى بصير قال: (سألت ابا جعفر عليه السلام عن محررة كان اعتقها اخى وقد كانت تخدم الجوارى وكانت في عياله، فأوصانى ان انفق عليها من الوسط، فقال: ان كانت مع الجوارى واقامت عليهم فأنفق عليها واتبع وصيته(3).
5505 وروى الحسن بن محبوب، عن ابى ايوب، عن سماعة قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام (عن رجل اوصى ان يعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم فاشترى الوصى نسمة باقل من خمسمائة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟ قال: تدفع إلى النسمة من قبل ان تعتق، ثم تعتق عن الميت)(4).


______________
(1) يدل على أنه إذا أوصى بعتق رقبة مؤمنة ولم توجد تجزى عنها غير المؤمن، ويحمل على المستضعف. (م ت)
(2) رواه الكليني ج 7 ص 18 هكذا قال: " سألت عبدا صالحا عليه السلام عن رجل هلك فأوصى بعتق نسمة مسلمة بثلاثين دينارا فلم يوجد له بالذى سمى، قال: ماأرى لهم أن يزيدوا على الذى سمى، قلت: فان لم يجدوا؟ قال: فليشتروا من عرض الناس مالم يكن ناصبا " والظاهر أن ذلك مع اليأس.
(3) لعله محمول على ما إذا دلت القرائن على الاشتراط، وعلى ماإذا وفي الثلث بمجموع الانفاق. (المرآة)
(4) قال في المسالك: الرواية مع ضعف سندها بسماعة تدل على أجزاء الناقصة وان أمكنت المطابقة لانه لم يستفضل فيها هل كانت المطابقة ممكنة أم لا الا أن الاصحاب نزلوها على تعذر الشراء بالقدر، ولابأس بذلك مع اليأس من العمل بمقتضى الوصية لوجوب تنفيذها بحسب الامكان واعطاء النسمة الزائدة صرف له في وجوه البر - انتهى، وقال المولى المجلسي: يحمل على أنه لا يوجد بقيمة ماوصى والا أنه يضمن بالمخالفة كما تقدم.