باب اللقطه والضالة

4047 - روى أبوعبدالله محمد بن خالد البرقي رضي الله عنه عن وهب

[292]

إبن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (لا يأكل من الضالة إلا الضالون)(1).
4048 - وفي رواية مسعدة بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام (أن عليا صلوات الله وسلامه عليه قال: إياكم واللقطة فانها ضالة المؤمن وهي حريق من حريق جهنم)(2).
4049 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام (عن اللقطة يجدها الفقير، هو فيها بمنزلة الغني؟ فقال: نعم، قال: وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: هي لاهلها لا تمسوها.
قال: وسألته(3) عن الرجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال: يعرفها سنة فإن لم يعرف(4) جعلها في عرض ماله حتى يجئ طالبها فيعطيها إياه، وإن مات أوصى بها وهو لها ضامن)(5).


______________
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 118 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن البرقى، عن أبيه، عن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام هكذا قال: " سألته عن جعل الابق والضالة، قال: لابأس، وقال: لا يأكل الضالة الا الضالون " وهو نهى عن الاكل بغير تعريف وضمان كما هو دأب أهل الفسق، أو محمول على الكراهة.
(2) قال في التذكرة: الاقرب عندى أنه يجوز لكل أحد أخذ الضالة صغيرة كانت أو كبيرة، ممتنعة عن السباع أو غير ممتنعة بقصد الحفظ لمالكها، والاحاديث الواردة في النهى عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط الملك اما قبل التعريف أو بعده، أما مع نية الاحتفاظ فالاولى - الجواز - انتهى وقال الفاضل التفرشى قوله: " فأنها ضالة المؤمن " لعل المعنى أنها أمر من شأنها واللائق بها أن يضل عن المؤمن لا يكون معه الا بحيث كانه لا يعرف مكانها، ويمكن أن يراد أنها ضلت عن مؤمن فينبغى أن لا تؤخذ حتى يأخذها صاحبها، وأما ما ورد من أن العلم ضالة المؤمن فمعناه أنه بمنزلة ضالته ولا بدله من تفحصها حتى يجدها. وفى بعض النسخ " وهى حريق من حريق النار ".
(3) السائل على بن جعفر والمسؤول موسى بن جعفر عليهما السلام.
(4) أى فان لم يعرف الواجد صاحبها بعد ما عرفها سنة، أو لم يعرفها أحد، وفى بعض النسخ " فان لم تعرف " فهو على صيغة المجهول.
(5) محمول على قدر الدرهم فما زاد فانه لا خلاف في عدم وجوب تعريف ما دون الدرهم ولا في وجوب تعريف ما زاد عنه، وفى قدر الدرهم خلاف.

[293]

4050 - وروى ابن محبوب، عن جميل بن صالح عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: (رجل وجد في بيته دينارا، فقال: يدخل منزله غيره؟ فقلت: نعم كثير، قال: هذه لقطة، قلت: ورجل وجد في صندوقه دينارا؟ قال: يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت: لا، قال: فهو له)(1).
4051 - وروى محمد بن عيسى، عن محمد بن رجاء الخياط(2) قال: (كتبت إلى الطيب عليه السلام(3) إني كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت إليه لآخذه فاذا أنا بآخر، ثم بحثت الحصى فاذا أنا بثالث فأخذتها فعرفتها ولم يعرفها أحد فما ترى في ذلك؟ فكتب عليه السلام: إني قد فهمت ما ذكرت من أمر الدنانير فان كنت محتاجا فتصدق بثلثها، وإن كنت غنيا فتصدق بالكل)(4).
4052 - وروى الحسن بن محبوب، عن صفوان بن يحيى الجمال أنه سمع أبا عبدالله عليه السلام يقول: (من وجد ضالة فلم يعرفها ثم وجدت عنده فانها لربها


______________
(1) السند صحيح، ورواه الكلينى ج 5 ص 137 في الصحيح أيضا، وعليه فتوى الاصحاب.
(2) محمد بن رجاء مجهول الحال، وفى بعض النسخ " الحناط "، وفى الكافى ج 4 ص 239 " محمد بن رجاء الارجانى ". وفى بعض النسخ " أحمد بن رجاء " وهو مهمل.
(3) يعنى الهادى عليه السلام.
(4) احتج الشيخ بهذا الخبر على أنه ان كان له حاجة اليها يجوز تملك ثلثها والتصدق بالباقى وأنكره العلامة، ويمكن أن يقال مع احتياجه يكون من مصارف الصدقة فيكون الصدقة بالثلث محمولا على الاستحباب لكن الظاهر من كلامهم وجوب التصدق على غيره الا أن يقال في تلك الواقعة لما رفع أمرها إلى الامام عليه السلام يجوز أن تصدق عليه السلام به عليه وعلى غيره فيكون مخصوصا بتلك الواقعة، ثم ان تقريره عليه السلام على أخذه يدل على جواز أخذ لقطة الحرم (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: لا منافاة بين هذا الخبر وحديث على بن جعفر من أن الفقير بمنزلة الغنى اذ يمكن حمله على أنه بمنزلته في وجوب الحفظ والتعريف لا في جواز التصدق على نفسه حين أقدم على التصدق بها عن صاحبها، ولا منافاة أيضا بينه وبين مامر من أنه يحفظها إلى أن يموت فيوصى بها لجواز التخيير بين الحفظ والايصاء وبين التصدق والضمان لو جاء صاحبها ولم يرض بالاجر كما يجيئ. أقول: والمشهور عدم تملك لقطة الحرم.

[294]

ومثلها من مال الذي كتمها)(1).
4053 - وروي عن أبي العلاء(2) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل وجد مالا فعرفه حتى إذا مضت السنة اشترى بها خادما فجاء طالب المال فوجد الجارية التي اشتراها بالدراهم هي إبنته، قال: ليس له أن يأخذ إلا الدراهم وليس له الابنة، إنما له رأس ماله، إنما كانت ابنته مملوكة قوم)(3).
4054 - وروى أبوخديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبدالله عليه السلام أنه (سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال: ما للمملوك واللقطة، المملوك لا يملك من نفسه شيئا، فلا يعرض لها المملوك فانه ينبغي للحر(4) أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه وإلا كانت من ماله، فان مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه، فان جاء طالبها بعد ذلك دفعوها إليه)(5).


______________
(1) قوله: " ومثلها " كذا في الكافى. وفى بعض النسخ والتهذيب " أو مثلها " وقال سلطان العلماء: " لعله محمول على صورة عدم وجدان عينها، فلزوم العين على تقدير الوجدان، ولزوم المثل على تقدير عدم الوجدان، وان كان ظاهر العبارة على نسخة " ومثلها " جمعها " أقول: ويمكن أن يكون الواو بمعنى " أو ".
(2) رواه الكلينى في الكافى ج 5 ص 139 عن القمى، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبى العلاء.
(3) قال العلامة المجلسى: حاصله أنه كما كانت ابنته قبل شراء الملتقط مملوكة قوم وكانت لا تنعتق عليه فكذا في هذا الوقت مملوكة للملتقط، أو المراد بالقوم الملتقط وعلى التقادير اما مبنى على أن اللقطة بعد الحول تصير ملكا للملتقط، أو محمول على الشراء في الذمة، أو مبنى على أنه بدون تنفيذ الشراء لا تصير ملكا وان اشتريت بعين ماله.
(4) مروى في الكافى ج 5 ص 309 وفيه " فانه ينبغى له " وما في المتن أظهر.
(5) يعنى اللقطة لها أحكام ولوازم لا يناسب حال العبد لان التعريف مثلا ينافى حق مولاه، وتملكه بعد التعريف واليأس لا يتصور منه، ولكن الخبر ليس بصريح في المنع، ويمكن حمله على الكراهة، ومورد الكلام ما إذا كان بغير اذن مولاه، ومع اذنه فلا اشكال فيه وفاقا.

[295]

4055 - وسأله داود بن أبي يزيد (عن الاداوة(1) والنعلين والسوط يجده 6 الرجل في الطريق أينتفع به؟ قال: لا يمسه)(2).
4056 - وقال عليه السلام(3): (لابأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد(4) والحبل والعقال وأشباهه).
4057 - وسئل(5) (عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل: هي لك أو لاخيك أو للذئب قال: وما أحب أن أمسها، وعن البعير الضال أيضا قال: مالك وله(6) بطنه وعاؤه، وخفه حذاؤه، وكرشه سقاؤه، خل عنه).
4058 - وروي عن حنان بن سدير قال: (سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام عن اللقطة وأنا أسمع، فقال: تعرفها سنة، فان وجدت صاحبها وإلا فأنت أحق بها. يعني لقطة غير الحرم)).(7)


______________
(1) الاداوة - بالكسر -: هى المطهرة، وقيل: هى اناء صغير من جلد يتطهر به و يشرب.
(2) حمل عند الاكثر على الكراهة، ويجوز أن يحمل على أنه مبنى على نجاسة الجلد المطروح.
(3) رواه الشيخ في التهذيب، والكلينى ج 5 ص 140 في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز، عن أبى عبدالله عليه السلام.
(4) الشظاظ خشبة محددة الطرف تدخل في عروتى الجو القين ليجمع بينهما عند حملهما على البعير والجمع أشظة. (النهاية)
(5) كذا وظاهره أن المسؤول هو أبوعبدالله عليه السلام، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 117 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشاة الضالة - الخ ".
(6) في التهذيب " فقال للسائل: مالك وله، خفه حذاؤه - الخ " بدون قوله " بطنه وعاؤه ".
(7) اختصاصه بغير الحرام من المؤلف وليس في التهذيب وزاد فيه بعد قوله " فأنت أحق بها " " وقال هى كسبيل مالك، وقال: خيره إذا جاء‌ك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها " وقوله " أنت أحق بها " أى بالتصرف فيها اما بالتملك والضمان أو بالتصدق معه أو بالحفظ والايصاء.

[296]

4059 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (قضى علي عليه السلام في رجل ترك دابته من جهد، قال، إن تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها حيث أصابها، وإن تركها في خوف وغير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها)(1).
4060 - وروي عن وهب بن وهب(2)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (سألته عن جعل الآبق والضالة، قال: لابأس)).
4061 - وروى الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الضالة يجدها الرجل فينوي أن يأخذ لها جعلا فتنفق قال: هو ضامن لها(3) فإن لم ينو أن يأخذ لها جعلا فنفقت فلا ضمان عليه).
4062 - وروي عن عبدالله بن جعفر الحميري قال: (سألته عليه السلام(4) في كتاب عن رجل اشترى جزورا أو بقرة أو شاة أو غيرها للاضاحي أو غيرها فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع، لمن يكون ذلك، وكيف يعمل به؟ فوقع عليه السلام: عرفها البائع فإن لم يعرفها فالشئ لك رزقك الله إياه).
4063 - وروى الحجال(5) عن داود بن أبي يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (قال له رجل: إني قد أصبت مالا وإني قد خفت فيه على نفسي، فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه، قال له: فو الله لو أصبته كنت تدفع إليه؟ قال: إي والله،


______________
(1) رواه الكلينى ج 5 ص 140 في الضعيف. ولا ضمان، وفى رد العين مع طلب المالك اشكال ولعل مبناه على أن صاحبها حينئذ أخرجها من ملكه وأعرض عنها فمن أخذها فهى له.
(2) طريق المصنف اليه صحيح ولكن هو ضعيف جدا، وقصته مع الرشيد في قتل يحيى ابن عبدالله بن الحسن معروف. راجع مقاتل الطالبيين عنوان يحيى بن عبدالله بن الحسن.
(3) لانه حينئذ بمنزلة الاجير، ولعل المراد أن عليه البينة ان كان متهما بالتفريط.
(4) يعنى العسكرى عليه السلام فان عبدالله بن جعفر الحميرى من أصحابه، وهو شيخ القميين ثقة وجه، والخبر مروى في الكافى عن محمد بن يحيى عنه.
(5) مروى في الكافى ج 5 ص 138 بسند مجهول عنه.

[297]

قال عليه السلام: فلا والله ماله صاحب غيري؟ [قال:] واستحلفه أن يدفع إلى من يأمره، قال: فحلف، قال: إذهب فاقسمه في إخوانك ولك الامان فيما خفت، قال: فقسمه بين إخوانه).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: كان ذلك بعد تعريفه سنة(1).
4064 - وقال الصادق عليه السلام: (أفضل ما يستعمله الانسان في اللقطة إذا وجدها ألا يأخذها ولا يتعرض لها، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه)(2). وإن كانت اللقطة دون درهم فهي لك لا تعرفه(3). وإن وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه(4). وإن وجدت طعاما في مفازة فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله فإن جاء صاحبه


______________
(1) هذا البيان مبنى على كون الملتقط من مال غيره عليه السلام وكانه حمل قوله عليه السلام " ماله صاحب غيرى " على كونه أولى بالتصرف فيه، أو على الاموال التى له التصرف فيها، ويجوز أن يقال: ان المراد بقوله عليه السلام " ماله صاحب غيرى " كون الملتقط من أمواله، مع أنه لا تصريح في الحديث بأن ما أصابه الرجل هو لقطة، ولعله أصاب المال من جهة أخرى حراما ولم يعرف صاحبه.
(2) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 116 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن الحسين بن أبى العلاء قال: " ذكرنا لابى عبدالله عليه السلام اللقطة، فقال: لا تعرض لها فان الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتى يأخذها ".
(3) روى الكلينى ج 5 ص 137 بسند مرسل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن اللقطة، قال: تعرف سنة، قليلا كان أو كثيرا، قال: وما كان دون الدرهم فلا يعرف ".
(4) المطلس والاطلس هو الدينار الذى لا نقش فيه. وكأنه مع ما تقدمه وما يأتى خبر مروى عن الصادق عليه السلام ولم أجده بهذا اللفظ، نعم روى الكلينى ج 4 ص 239 مسندا عن فضيل بن غزوان قال: " كنت عند أبى عبدالله عليه السلام فقال له الطيار: انى وجدت دينارا في الطواف قد اسحق كتابته، فقال هو لك ".

[298]

فرد عليه القيمة(1).
وإن وجدت لقطة في دار وكانت عامرة فهي لاهلها، وإن كانت خرابا فهي لمن وجدها(2).


______________
(1) روى الكلينى ج 6 ص 297 باسناده عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام " أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يقوم ما فيها ثم يؤكل لانه يفسد وليس له بقاء، فان جاء طالبها غرموا له الثمن - الحديث " ويدل على أحكام.
(2) روى الكلينى ج 5 ص 138 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: " سألته عن الدار يوجد فيها الورق، فقال: ان كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم، وان كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذى وجد المال فهو أحق به ". واعلم أن صاحبا الوسائل والوافى جعلا من قوله " وان كانت اللقطعة دون درهم " إلى قوله " فهى لمن وجدها " تتمة للخبر السابق، وهى عندي من كلام المؤلف أخذها من أحاديثهم صلوات الله عليهم كما هو دأبه، والعلم عندالله.