باب السلف في الطعام والحيوان وغيرهما

3934 - روى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه (سئل عن رجل أسلفته(3) دراهم في طعام: فلما حل طعامي عليه بعث إلى بدارهم، وقال: اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك، فقال: أرى أن تولي ذلك غيرك وتقوم معه حتى تقبض الذى لك ولا تول أنت شراء‌ه))(4).
3935 - وروي عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: (سألت أباجعفر عليه السلام عن الرجل يسلم في الحنطة أو التمر مائة درهم فيأتي صاحبه حين يحل له الدين فيقول: والله ما عندي إلا نصف الذي لك فخذ مني إن شئت بنصف الذى لك حنطة ونصفا ورقا، فقال: لا بأس إذا أخذ منه الورق كما أعطاه.(5)


______________
(1) طريق المصنف إلى أحمد بن محمد بن أبى نصر صحيح وهو ثقة جليل، وداود بن سرحان ثقة أيضا.
(2) لعل المراد القصار الثانى يعنى ان كان القصار الثانى ثقة مأمونا لم يفرط الاول فلم يكن ضامنا.
(3) في بعض النسخ " أسلفه ".
(4) لعله بطريق الكراهة أو لرفع توهم أخذ النقد عوض الثمن فيخرج عن حقيقة السلف ويلحقه أحكام الصرف (سلطان) وقال المولى المجلسى: حمل على الاستحباب لرفع التهمة ولئلا يخدعه الشيطان في أن يأخذ أعلا من الوصف أو لشباهته بالربا.
(5) أى مثل ماأعطاه من غير زيادة ولا نقصان فيرجع إلى فسخ النصف. (مراد) (*)

[259]

قال: سألته عن الرجل يكون لي عليه جلة من بسر، فآخذ منه جلة من رطب(1) مكانها وهي أقل منها(2)؟ قال: لا بأس، قلت: فيكون لي عليه جلة من بسر فآخذ مكانها جلة من تمر، وهي أكثر منها؟ قال: لا بأس إذا كان معروفا بينكما(3).
قال: سألته عن رجل يكون له على الآخر مائة كرمن تمر وله نخل فيأتيه فيقول: أعطني نخلك هذابما عليك، فكأنه كرهه(4).
قال: سألته عن الرجل يكون له على الآخر أحمال من رطب أو تمر فيبعث إليه بدنانير فيقول: اشتر بهذه واستوف منه الذي لك، قال: لا بأس إذا ائتمنه)(5).
3936 - وروى صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن سنان قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام في الرجل يسلم في غير زرع ولا نخل، قال: يسمي كيلا معلوما إلى


______________
(1) الجلة: وعاء التمر، والبسر - بضم الموحدة -: التمر إذا لون ولم ينضج، الواحدة بسرة والجمع بسار بكسر الباء، والرطب: مانضج قبل أن يصير تمرا، والتمر أول ما يبدو من النخل طلع ثم خلال ثم بلج ثم بسر ثم رطب ثم تمر.
(2) أى أقل منها وزنا.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 63 بسند صحيح، عن الصادق عليه السلام وقوله " لا بأس إذا كان معروفا بينكما " أى إذا كان متعارفا بينكم تتسامحون فيها، ويمكن أن يكون المراد من المعروف الاحسان، وقال المولى المجلسى: يعنى يجوز أخذ الزائد إذا كان احسانا ولا يكون شرطا، أو كان الاحسان معروفا بينكما بأن تحسن اليه و يحسن هو اليك.
(4) رواه الكلينى ج 5 ص 193 عن أبى عبدالله عليه السلام، وتقدم تحت رقم 225 و تقدم وجه كراهته عليه السلام أيضا، وقوله " أعطنى نخلك " أى ثمرة نخلك.
(5) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 في الصحيح عنه عن أبى عبدالله عليه السلام، وحمل على الجواز وما سبق من النهى في رواية الحلبى على الكراهة، ويمكن حمل هذا على تولى الغير.

[260]

أجل معلوم(1).
قال: وسألته(2) عن السلم في الحيوان والطعام ويرتهن الرجل بماله رهنا؟ قال: نعم استوثق من مالك).
3937 - وروى عن منصور بن حازم(3) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب: أبيعك هذه الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي، قال: لا بأس بذلك).
3938 - وروى عن عبدالله بن بكير(4) قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب ثمارها(5) ولم يستوف سلفه، قال: فليأخذ رأس ماله أو لينظره).
3939 - وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دوابا ورقيقا ومتاعا أيحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال: نعم يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعا)(6).
3940 - وروي عن حديد بن حكيم قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (الرجل


______________
(1) يحتمل أن يكون المراد أن المسلم فيه ليس بزرع ولا نخل أو ليس أو ان بلوغ الزرع وثمرة النخل (سلطان) ويدل على اشتراط تقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.
(2) روى هذه القطعة من الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 0 13 في الصحيح عن عبدالله بن سنان وزاد بعد قوله " من مالك " " ما استطعت ".
(3) يعنى روى صفوان، عن منصور بن حازم كما في التهذيب ج 2 ص 130، رواه في الصحيح.
(4) رواه صفوان، أيضا عن عبدالله بن بكير كما في التهذيب ج 2 ص 130 رواه عن الحسين بن سعيد، عن صفوان ومحمد بن خالد، عن عبدالله بن بكير.
(5) أى ثمار هذه السنة أى ذهب زمانها، وفى التهذيب " فذهب زمانها ".
(6) رواه الكلينى في الصحيح ج 5 ص 186 وكذا الشيخ في التهذيبين.
(7) رواه الكلينى ج 5 ص 221 في مرسل كالموثق عن أبان عن حديد.

[261]

يشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما(1)؟ فقال: لابأس [به] ".
3941 - وروى أبان أنه قال " في الرجل يسلف الرجل الدراهم ينقدها إياه بأرض اخرى، قال: لابأس به "(2).
3942 - وسأله سماعة " عن الرهن يرهنه الرجل في سلم إذا أسلم في طعام أو متاع أو حيوان، فقال: لابأس بأن تستوثق من مالك).(3)
3943 - وروى علي بن أبي حمزة(4)، عن أبي بصير قال: ((سألت أبا عبدالله عليه السلام عن السلم في الحيوان، فقال: ليس به بأس، فقلت: أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شئ معلوم من الرقيق، فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطيبة نفس منهم؟ فقال: لابأس به)(5).


______________
(1) أى شيئا معلوما من الجلود فيكون من باب السلف، قال العلامة في التحرير: " لو أسلم في شئ واحد على أن يقبضه في أوقات متفرقة أجزاء معلومة جاز " والظاهر مستنده هذا الخبر، واستشكل لجواز أن يكون المراد من الشئ المعلوم الشئ من الثمن فيكون نسيئة لا سلفا، والمشهور عدم جواز السلم في الجلود.
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 148 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن أبان، عهن عبدالرحمن بن أبى عبدالله - هكذا - قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يسلف الرجل الدراهم وينقدها اياه بأرض أخرى والدراهم عددا، قال: لا بأس " ولعل المراد بالاسلاف الاقراض.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن عن زرعة، عن سماعة، وفيه " يرتهنه الرجل في سلفه إذا أسلف في طعام - الحديث ".
(4) هو البطائنى قائد أبى بصير المكفوف وهو ضعيف وأبوبصير ثقة ومروى في الكافى ج 5 ص 230 في الصحيح عن على بن أبى حمزة ونحوه في الصحيح عن الحلبى.
(5) في التحرير: إذا حضر المسلم فيه على الصفة وجب قبوله وان أتى به دون الصفة لم يجب الا مع التراضى سواء كان من الجنس أو من غيره، وان أتى به أجود من الموصوف وجب قبوله ان كان من نوعه وان كان من غير نوعه لم يلزم ولو تراضيا عليه جاز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا.

[262]

3944 - وروى أبان(1)، عن يعقوب بن شعيب قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل باع طعاما بدراهم فلما بلغ ذلك الاجل تقاضاه، فقال: ليس عندي دراهم خذ مني طعاما، قال: لابأس به إنما له دراهم يأخذ بها ما شاء)(2).
3945 - وروى عبيد الله بن علي الحلبي(3) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه (سئل عن رجل أسلم دراهم في خمسة مخاتيم(4) حنطة أو شعير إلى أجل مسمى، وكان الذي عليه الحنطة والشعير لا يقدر على أن يقضيه جميع الذي حل، فشاء صاحب الحق أن يأخذ نصف الطعام أو ثلثه أو أقل من ذلك أو أكثر ويأخذ رأس مال ما بقي من الطعام دراهم، قال، لابأس به.
قال: وسئل عن الزعفران يسلف فيه الرجل دراهم في عشرين مثقالا أو أقل من ذلك أو أكثر، قال: لابأس إن لم يقدر الذي عليه الزعفران أن يعطيه جميع ماله أن يأخذ نصف حقه أو ثلثه أو ثلثيه ويأخذ رأس مال ما بقي من حقه دراهم)(5).
3946 - وسئل(6) (عن الرجل يسلف في الغنم ثنيان وجذعان(7) وغير


______________
(1) طريق المصنف إلى أبان بن عثمان صحيح وهو موثق مقبول الرواية ويعقوب بن شعيب ثقة، ورواه الكلينى والشيخ في مرسل كالموثق.
(2) لا يخفى عدم المناسبة بين الخبر والباب فانه يدل على جواز بيع الطعام نسيئة لا سلفا، وقال العلامة المجلسى: ذهب الشيخ - رحمه الله - إلى أنه لا يجوز له أخذ الطعام أكثر مما باعه، والاكثرون على خلافه وهذا الخبر بعمومه حجة لهم، وحمله الشيخ على عدم الزيادة لاخبار أخر بعضها يدل على عدم جواز الشراء مطلقا وحملها العلامة على الكراهة جمعا وهو حسن.
(3) الطريق اليه صحيح وهو ثقة وجه.
(4) مخاتيم جمع مختوم وهو الصاع.
(5) رواه الكلينى ج 5 ص 186 والشيخ في التهذيب في الصحيح أيضا.
(6) يعنى وقال الحلبى: وسئل أبوعبدالله عليه السلام كما في الكافى ج 5 ص 221 رواه في الحسن كالصحيح عنه، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 127 في الموثق كالصحيح عن سليمان بن خالد.
(7) الثنى هو ولد الناقة الذى دخل في السادسة وسمى ثنيا لانه ألقى ثنيه، ومن ذى الظلف والحافر ما دخل في الثالثة، والجذع - بفتحتين - وهو من الابل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في الثانية.

[263]

ذلك إلى أجل مسمى، قال: لابأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع الذي عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم، ويأخذ(1) دون شرطهم ولا يأخذ فوق شرطهم(2)، قال: والاكسية أيضا مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم).
3947 - وروى الوشاء(3)، عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: (لا ينبغي للرجل إسلاف السمن بالزيت، ولا الزيت بالسمن)(4).
3948 - وروى عمر بن شمر(5)، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: (سألته عن السلف في اللحم؟ قال: لا تقربنه فإنه يعطيك مرة السمين، ومرة التاوي(6)، ومرة المهزول فاشتره معاينة يدا بيد.
قال: (وسألته عن السلف في روايا الماء(7)، فقال: لا فإنه يعطيك مرة ناقصة، ومرة كاملة، ولكن اشترها معاينة فهذا أسلم لك وله)(8).


______________
(1) في الكافى والتهذيب " يأخذون " وكذا ما يأتى.
(2) حمل على الكراهة. (المرآة)
(3) طريق المصنف إلى الحسن بن على الوشاء صحيح وهو ثقة وكذا عبدالله بن سنان ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح والكلينى ج 1905 بسند فيه معلى بن محمد البصرى وهو ضعيف على المشهور.
(4) حكى عن ابن الجنيد أنه عمل بظاهر الخبر وحكم بالتحريم، والمشهور حملوه على الكراهة.
(5) عمرو بن شمر ضعيف جدا لا يعتمد عليه في شئ، ورواه الشيخ والكلينى في التهذيب والكافى عنه أيضا.
(6) التاوى: الضعيف الهالك، والمراد هنا الذى يشرف على الموت فيذبح.
(7) روايا جمع راوية: الابل الحوامل للماء.
(8) المشهور بين الاصحاب بل المقطوع به في كلامهم عدم جواز السلف في اللحم، والخبر مع ضعفه يمكن حمله على الكراهة بقرينة آخر الخبر.

[264]

3949 - وروى وهب بن وهب(1) عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " قال علي عليه السلام: بأس أن يسلف مايوزن فيما يكال، وما يكال فيما يوزن).
3950 - وروى غياث بن إبراهيم(2)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (قال علي عليه السلام: لابأس بالسلم بكيل معلوم إلى أجل معلوم، ولا يسلم إلى دياس ولا حصاد)(3).
3951 - وروى النضر(4) عن عبدالله بن سنان قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام أيصلح أن يسلم في الطعام عند رجل ليس عنده طعام ولا حيوان إلا أنه إذا جاء الاجل اشتراه وأوفاه؟ قال: إذا ضمنه إلى أجل مسمى فلابأس، قال: قلت: أرأيت إن أوفاني بعضا وأخر بعضا أيجوز ذلك؟ قال: نعم)(5).
3952 - وروى العلاء(6)، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته


______________
(1) طريق المصنف اليه صحيح وهو ضعيف كذاب.
(2) طريق المصنف اليه صحيح وهو بترى موثق، ورواه الشيخ، في التهذيب والكلينى في الصحيح عنه.
(3) عليه الفتوى، والدياس: دق الطعام بالفدان ليخرج الحب من السنبل، والحصاد قطع الزرع بالمنجمل.
(4) الطريق اليه صحيح وهوثقة.
(5) رواه الشيخ - رحمه الله عليه - في التهذيب ج 2 ص 129 في الصحيح والكلينى في الكافى ج 5 ص 185 في الحسن كالصحيح عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سنان و زاد بعد قوله " نعم " " ما أحسن ذلك "، والمشهور بين الاصحاب أنه إذا حل الاجل في السلم ولم يوجد المسلم فيه أو وجد وتأخر البايع حتى انقطع كان له الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن وبين الصبر إلى أو انه، وأنكر ابن ادريس الخيار، وزاد بعضهم ثالثا وهو أن يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمة الان، ولو قبض بعضه ثم انقطع كان له الخيار في الفسخ في البقية والجميع لتبعض الصفقة، والخيار في الموضعين مشروط بما إذا لم يكن التأخير من قبل المشترى كما ذكره الاصحاب. (المرآة)
(6) الطريق إلى العاء بن زرين صحيح وهو ثقة صاحب محمد بن مسلم وتفقه عليه.

[265]

عن الرهن والكفيل في بيع النسيئة، قال: لابأس به)(1).
3953 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام(2) قال: (لابأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض(3)، وفي الحيوان إذا وصفت أسنانه).


______________
(1) رواه الكلينى ج 5 ص 233 في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبى حمزة، عن أبى جعفر عليه السلام وقال العلامة المجلسى: صحيح وعليه الفتوى.
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن جميل بن سعيد، عن فضالة، عن جميل بن دراج، عن زرارة عنه عليه السلام.
(3) الظاهر أن ذلك على سبيل المثالث والمراد مضبوطية الوصف بما يرجع اليه.