باب ضمان من حمل شيئا فادعى ذهاب

3920 - روى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام " في جمال يحمل معه الزيت فيقول: قد ذهب أو اهرق أو قطع عليه الطريق، فإن جاء عليه ببينة عادلة أنه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شئ وإلا ضمن(1).
وفي رجل حمل معه رجل في سفينته طعاما فنقص قال: هو ضامن، قلت له: إنه ربما زاد، قال: تعلم أنه زاد فيه شيئا؟ قلت: لا، قال: هو لك).
3921 - وقال عليه السلام (في الغسال والصواغ(2) ما سرق منهم من شئ فلم يخرج ببينة على أمربين أنه قد سرق وكل قليل له أو كثير(3) فإن فعل فليس


______________
(1) قال في المسالك: القول بضمانهم مع عدم البينة هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع والروايات مختلفة، والاقوى أن القول قولهم مطلقا لانهم أمناء وللاخبار الدالة عليه، و يمكن الجمع بينها وبين مادل على الضمان بحمل مادل على الضمان على ما لو فرطوا أو أخروا المتاع عن الوقت المشترط كما دل عليه بعضها - انتهى، وقال المولى المجلسى: لعل الحكم بوجوب اقامة البينة عليه والضمان على تقدير عدم الاقامة في صورة التهمة أى ظن كذب الحمال أو ظن تفريطه أو عدم كونه عادلا كما يشعر به بعض الاخبار الاتية لا مطلقا وهذا أظهر طرق الجمع في هذه الاخبار - انتهى، وقال نحوه سلطان العلماء.
(2) الظاهر أنهما بالضم جمع الغاسل والصايغ، ويحتمل الفتح فيهما على المبالغة فرجع ضمير " منهم " اليهما باعتبار تعدد أفرادهما والاول يشمل القصار. (مراد)
(3) قوله " فلم يخرج " أى من ادعى منهم السرقة، وقوله " وكل قليل له أو كثير " عطف على الضمير في " سرق " أى مع كل قليل أو كثير، وقوله " فان فعل " أى أخرج البينة، وقال العلامة المجلسى: كأنه ليس المراد به شهادة البينة على أنه سرق المتاع بعينه فانه مع تلك الشهادة لا حاجة إلى شهادة انه سرق غيره معه، بل المراد انه شهدت البينة أنه سرق عنه أشياء كثيرة بحيث يكون الظاهر أن المسروق فيها.

[255]

عليه شئ وإن لم يقم ببينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى(1) فقد ضمنه أن لم يكن له على قوله بينة).(1)
3922 - وقال(2) (في رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فتضيع الدابة، قال إن كان جاز الشرط فهو ضامن، وإن دخل واديا فلم يوثقها فهو ضامن، وإن سقطت في بئر فهو ضامن لانه لم يستوثق منها).(3)
3923 - وروي(4) " عن رجل جمال اكتري منه إبل وبعث معه بزيت إلى أرض فزعم أن بعض زقاق الزيت انخرق واهراق الزيت، قال: إنه أشاء أخذ الزيت وقال انخرق، ولكن لا يصدق إلا ببينة عادلة(5)، وأيما رجل تكارى دابة فاخذتها الذئبة(6) فشقت عينها فنفقت(7) فهو لها ضامن إلا أن يكون مسلما


______________
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 5 ص 343 في الحسن كالصحيح عن حماد، عن الحلبى بلفظ آخر، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافى " الذى ادعى عليه " وهو الصواب.
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن أحمد بن محمد، عن رجل، عن أبى المغرا، عن الحلبى.
(3) وجه ضمانه في الصورة الاولى هو الافراط وفعل مالايجوز فعله، وفى الاخيرتين التفريط وترك ما يجب عليه فعله.
(4) رواه الكلينى ج 5 ص 243 في الحسن كالصحيح عن حماد، عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سئل عن رجل جمال استكرى - إلى قوله - ببينة عادلة ".
(5) قوله: " فزعم " أى ادعى وقوله عليه السلام " ان شاء أخذ الزيت " يعنى الجمال ان شاء أخذ الزيت ويقول انخرق الزقاق واهراق الزيت ولكن يجب عليه في ادعائه اقامة البينة.
(6) الذئبة: داء يأخذ الدواب في حلوقها فينقب عنه بحديدة في أصل أذنه فيستخرج شئ كحب الجاورس. (القاموس)
(7) أى هلكت وماتت، وفى بعض النسخ " فشقت عسها " والعس بضم العين وشد السين المهملة: الذكر والفرج، وقد يقرء في بعضها " فشقت عسنها " والعسن بفتح العين: الشحم.

[256]

عدلا).(1)
3924 - وروي عن جعفر بن عثمان(2) قال: (حمل أبي متاعا إلى الشام مع جمال فذكر أن حملا منه ضاع، فذكرت ذلك لابي عبدالله عليه السلام فقال: (أتتهمه؟ فقلت: لا، قال: فلا تضمنه).(3)
3925 - وروى ابن مسكان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين ثيابه، قال: عليه أن يقيم البينة أن ذلك سرق من بين متاعه وليس عليه شئ، وإن سرق مع متاعه فليس عليه شئ).(4)
3926 - وروى عثمان بن زياد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: (إن جمالا لنا كان يكارينا فحمل على غيره(5) فضاع، قال: ضمنه وخذ منه).
3927 - و (كان(6) أميرالمؤمنين عليه السلام: يضمن الصباغ(7) والقصار والصائغ


______________
(1) الظاهر أن من قوله " وأيما رجل - إلى هنا " من تتمة خبر الحلبى ولم يخرجه الشيخان، ويحتمل أن يكون عن غيره.
(2) في الكافى ج 5 ص 244 عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبى عمير عن جعفر بن عثمان، وجعفر بن عثمان مشترك فان كان الرواسى فهو ثقة، وان كان ابن شريك الكلابى أو صاحب أبى بصير فهما مهملان، وان كان جعفر بن عثمان الطائى فلم يوثق، لكن نقل الوحيد عن خاله العلامة المجلسى أنه قال: الغالب المراد به الثقة. يعنى الرواسى، وفى طريق المصنف إلى جعفر بن عثمان على بن موسى الكمتدانى وأبوجعفر الشامى وهما غير مذكورين.
(3) يدل على عدم التضمين مع عدم التهمة أما وجوبا أو استحبابا. (المرآة)
(4) تقدم الكلام في مثله.
(5) أى على جمال آخر أو أنه حمل متاعتا على غير ماكرينا منه من الابل.
(6) رواه الكلينى ج 5 ص 242 باسناده عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام، و كذا الشيخ أيضا في التهذيب.
(7) قوله " يضمن " من باب التفعيل أى يحكم بضمانهم.

[257]

احتياطا على أمتعة الناس، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب،(1) وإذا غرقت السفينة ومافيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لاهله وهم أحق به، وماغاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم).
3928 - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيجيثون بالبينة [فيخوف] ويستحلف لعله يستخرج منه شئ).(2)
3929 - و (أتي علي عليه السلام(3) بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه، وقال: إنما هو أمين)(4).
3930 - و (إن عليا عليه السلام ضمن رجلا مسلما أصاب خنزيرا لنصراني قيمته)(5).
3931 - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام (في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه، قال: إن كان مأمونا فليس عليه شئ، وإن كان غير مأمون فهو ضامن).


______________
(1) لعل المراد الكثير الوقوع أو مالا يقدرون على دفعه ومالا اختيار لهم فيه أو الغالب كونه سببا للتلف.
(2) ظاهره جمع الحلف مع البينة ولعل وجهه عدم اطلاع البينة على تقصيرة ويحتمل كون الحلف على تقدير التهمة فيكون كل من البينة والحلف على تقدير آخر. (سلطان)
(3) رواه الكلينى 5 ج ص 243 بسند موثق عن أبى عبدالله عن أبيه عليهما السلام قال: ان عليا عليه السلام أتى بصاحب حمام - الخ ورواه الشيخ في التهذيب أيضا.
(4) يدل على ما هو المشهور من أن صاحب الحمام لا يضمن الا ما أودع عنده وفرط فيه. (المرآة)(5) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 178 باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن احمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن ابراهيم عن أبى عبدالله، وعن أبيه عليهما السلام، وقوله: " أصاب " أى قتل.

[258]

3932 - وروى ابن أبي نصر(1)، عن داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه شئ فهو ضامن).
3933 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال: (كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل دفع ثوبا إلى القصار ليقصره فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأمونا؟ فوقع عليه السلام: هو ضامن له إلا أن يكون ثقة مأمونا(2) أن شاء الله.