[باب المضاربة]

3842 - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المضاربة يعطى الرجل المال فيخرج به إلى أرض وينهى أن يخرج به إلى أرض غيرها، فعصى وخرج إلى أرض اخرى فعطب المال، فقال: هو ضامن، و إن سلم وربح فالربح بينهما).


______________
(1) أى أبله - بشد اللام - والندى البلل.
(2) أى تعزل قرب الانزال، والنهى تنزيهى.
(3) الظاهر أن الاستثناء منقطع وانما استثنى عليه السلام ذلك لانه كالسرقة والخيانة من حيث انه ليس لهم أخذه، وعلى هذا لا يبعد أن يكون الاستثناء متصلا. (المرآة)
(4) المضاربة مفاعلة من الضرب في الارض والسير فيها للتجارة، وهى أن يدفع الشخص إلى غيره مالا من أحد النقدين المسكوكين ليتصرف في ذلك بالبيع والشراء على أن له حصة معينة من ريحه.
(5) عطب الشئ أى تلف أو هلك.
(6) أى في صورة المخالفة فالربح حينئذ بينهما على ما شرطاه. قال في النافع: ولو أمر بالسفر إلى جهة فقصد غيرها ضمن ولو ربح كان بينهما بمقتضى الشرط، وقال في الروضة ان خالف ما عين له ضمن المال لكن لو ربح كان بينهما للاخبار الصحيحة ولولاها لكان التصرف باطلا أو موقوفا على الاجازة.

[228]

3843 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من ضمن تاجرا فليس له إلا رأس المال وليس له من الربح شئ).
3844 - وروي عن محمد بن قيس قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال، يقوم فإن زاد درهما واحدا أعتق واستسعى في مال الرجل).
3845 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: (قال علي عليه السلام في رجل يكون له مال على رجل فيتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه فيقول: هو عندك مضاربة، قال، لا يصلح حتى يقبضه منه).


______________
(1) ذلك لان بعد ما شرط عليه الضمان يخرج عن كونه مضاربة ويصير قرضا، فليس له حينئذ الا رأس ماله.
(2) كذا في نسخ الفقيه والتهذيب لكن في الكافى عن على، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن محمد بن ميسر عن أبى عبدالله عليه السلام وهو الصواب لان له كتابا رواه ابن أبى عمير كما نص عيه الشيخ والنجاشى مضافا إلى أن محمد بن قيس يروى عن أبى جعفر عليه السلام، ولعل التصحيف من النساخ للتشابه الخطى بين كتابة قيس وميسر.
(3) قوله عليه السلام " فان زاد " المشهور بين الاصحاب أنه يجوز له أن يشترى أباه فان ظهر فيه ربح حال الشراء أو بعده انعتق نصيبه لاختياره السبب ويسعى المعتق في الباقى وان كان الولد موسرا لاطلاق هذه الرواية وقيل يسرى على العامل مع يساره، وحملت الرواية على اعساره، وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء وتجدده فيسرى في الاول دون الثانى، ويمكن حمل الرواية عليه أيضا، وفى وجه ثالث بطلان البيع لانه مناف لمقصود القراض هذا ما ذكره الاصحاب، ويمكن القول بالفرق بين علم العامل بكونه أباه وعدمه فيسرى عليه في الاول لاختياره السبب عمدا دون الثانى الذى هو المفروض في الرواية لكن لم أربه قائلا. (المرآة)
(4) يدل على عدم جواز ايقاع المضاربة على ما في الذمة، ولا يدل على لزوم كونه نقدا مسكوكا، لكن نقل في التذكرة الاجماع على اشتراط كون مال المضاربة عينا وأن يكون دراهم أو دنانير، وتردد المحقق في الشرايع في غير المسكوك، قال الشهيد الثانى في الشرح لا نعلم قائلا بجوازه، لكن اعترف بعدم النص والدليل سوى الاجماع.

[229]

3846 - وقال علي عليه السلام: (المضارب ما أنفق في سفره فهو من جمع المال فإذا قدم بلدته فما أنفق فهو من نصيبه).
3847 - وكان علي عليه السلام يقول: (من يموت وعنده مال المضاربة إنه إن سماه بعينه قبل موته فقال: (هذا لفلان) فهو له، وإن مات ولم يذكره فهو اسوة الغرماء).
3848 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبى عبدالله عليه السلام (في رجلين اشتركا في مال فربحا ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال والربح لك وما توى فعلي فقال: لا بأس به إذا اشترطا وإن كان شرطا يخالف كتاب الله رد إلى كتاب الله عزوجل).
3849 - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: (لا ينبغي للرجل منكم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة).


______________
(1) تتمة لخبر السكونى كما يظهر من الكافى والتهذيب.
(2) يدل على أن جميع السفر من أصل المال كما هو الاقوى والاشهر، وقيل انما يخرج من أصل المال مازاد من نفقة السفر على الحضر، وقيل: جميع النفقة على نفسه، وأما كون نفقة الحضر على نفسه فلا خلاف فيه. (المرآة)
(3) أى صاحب مال المضاربة مثل أحد الغرماء، فيوزع المال على الجميع بقدر ديونهم. (سلطان)(4) توى - كرضى - هلك، وفى بعض النسخ " وما توى فعليك " والظاهر هو الصواب لمطابقته مع الكافى، وقوله " لا بأس به إذا اشترطا " محمول على ما إذا كان بعد انقضاء الشركة كما هو الظاهر.
(5) طريق الخبر صحيح ومروى في الكافى في الصحيح أيضا، والابضاع أن يدفع إلى أحد مالا يتجر فيه والربح لصاحب المال خاصة، ويدل على كراهة مشاركة الذمى و ابضاعه وايداعه ومصافاته، ولا يبعد في الاخير القول بالحرمة بل هو الظاهر لقوله تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله " (المرآة) أقول: فيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بمن حاد الله المنافقين بل هو الاظهر من سياق الايات في سورة المجادلة ولا شك أن المنافق أعظم خطرا من الذمى فلا مجال للتمسك بالاولوية.

[230]

3850 - وروى الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد قال، (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يكون له الغنم يحلبها لها ألبان كثيرة في كل يوم ما تقول في شراء الخمسمائة رطل بكذا وكذا درهما يأخذ في كل يوم منه أرطالا حتى يستوفي ما يشتري منه؟ قال: لابأس بهذا ونحوه).
3851 - وروى الحسن بن محبوب، عن رفاعة النخاس قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي فقبضتها على ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم، وقلت له: هذه ألف درهم على حكمي عليك فأبي أن يقبلها مني وقد كنت مسستها قبل أن أبعث إليه بالثمن، فقال: أرى أن تقوم الجارية قيمة عادلة فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت به إليه كان عليك أن ترد عليه ما نقص من القيمة وإن كان ثمنها أقل مما بعثت به إليه فهو له، قلت: جعلت فداك فإن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال: ليس لك أن تردها ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصحة والعيب منه).


______________
_____ (1) أى يشترى حالا ويأخذ منه في كل وقت ما يريد إلى أن يستوفى ما اشتراه.
(2) أى بما أقول في قيمتها.
(3) سند الخبر صحيح ورواه الكلينى ج 5 ص 209 في الصحيح أيضا، وقال الشهيد في الدروس: يشترط في العوضين أن يكونا معلومين فلو باعه بحكم أحدهما أو ثالث بطل.
و قال سلطان العلماء: لا يخفى أن البيع بحكم المشترى أو غيره في الثمن باطل اجماعا كما نقل العلامة في التذكرة وغيره لجهالة الثمن وقت البيع " فعلى هذا يكون بيع الجارية المذكورة باطلا وكان وطى المشترى لها محمولا على الشبهة، وأما جواب الامام عليه السلام للسائل فلا يخلو من اشكال لان الظاهر أن الحكم حينئذ رد الجارية مع عشر القيمة أو نصف العشر أو شراء‌ه مجددا بثمن رضى به البايع مع أحد المذكورين سواء كان بقدر ثمن المثل أولا فيحتمل حمله على ما إذا لم يرض البايع باقل من ثمن المثل، ويكون حاصل الجواب حينئذ أنه يقول بثمن المثل ان أراد شراء‌ها ويشترى به مجددا ان كان ثمن المثل أكثر مما دفع والا بما دفع ندبا واستحبابا بناء على انه اعطاء سابقا، وهذا الحمل وان كان بعيدا من العبارة مشتملا على التكلفات لكن لابد منه لئلا يلزم طرح الحديث الصحيح بالكلية.
(4) محمول على ما إذا كان العيب غير الحمل.

[231]

3852 - وروى الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن زياد الكرخي قال: (أشتريت لابي عبدالله عليه السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم قلت أستحطهم؟ قال: لا إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة).
3853 - وروى ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما؟ فقال: لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف).
3854 - وروى الحسن بن محبوب، عن زيد الشحام قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم، قال: إن


______________
(1) ظاهره التحريم وحمل على الكراهة ومعنى الاستحطاط بعد الصفقة هو أن يطلب المشترى من البايع أن يحط عنه من ثمن المبيع بعد أن يكون البيع تماما.
(2) مجهول لكن لا يضر جهالته لصحة الطريق عن ابن محبوب وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه على قول الاكثر.
(3) قال سلطان العلماء: ان كان الصوف مجزوزا فلا اشكال بعد كونه معلوم الوزن، وان كان على ظهر الانعام لابد أن يكون مستجزا أو شرط جزه على المشهور لان المبيع حينئذ مشاهد والوزن غير معتبر مع كونه على ظهرها. وقال المحقق وجماعة لا يجوز بيع الجلود والاصواف والاوبار والشعر على الانعام ولو ضم اليه غيره لجهالته، وقال في المسالك: الاقوى جواز بيع ماعد الجلد منفردا ومنضما مع مشاهدته وان جهل وزنه لانه حينئذ غير موزون كالثمرة على الشجرة وان كان موزونا لو قلع، وفى بعض الاخبار دلالة عليه وينبغى مع ذلك جزه في الحال أو شرط تأخيره إلى مدة معلومة، فعلى هذا يصح ضم ما في البطن اليه إذا مكان المقصود بالذات هو ماعلى الظهر، وهو جيد لكن في استثناء الجلد تأمل كما قاله العلامة المجلسى.
(4) رواه الكلينى ج 5 ص 223 في الصحيح وزاد هنا: " لا يشترى شيئا حتى يعلم من أين يخرج السهم فان اشترى - الحديث " وقال سلطان العلماء: لعل المراد بسهام القصابين الجزء المشاع من عدة أغنام اشتروها شركة، فالرجل إذا اشترى من أحدهم سهمه قبل القسمة والتعيين فهو بالخيار بعد الخروج والقسمة لخيار المقرر في الحيوان ان قلنا بصحة ذلك البيع، ويحتمل أن يكون المراد الخيار بأخذه ببيع جديد أو تركه بناء على بطلان ذلك البيع حيث لا يكون المنظور الجزء المشاع بل ما حصل بعد القسمة وهو مجهول فتأمل.

[232]

اشترى سهما فهو بالخيار إذا خرج).
3855 - وروى الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر فيقول: حللتي من ضربى إياك أو من كل ما كان مني إليك أو مما أخفتك وأرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى أحلال هي له؟ فقال: لا، فقلت له: أليس العبد وماله لمولاه؟ قال: ليس هذا ذاك، ثم قال عليه السلام: قل له: فليردها عليه فإنه لا يحل له فإنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة فقلت له: فعلى العبد أن يزكيها إذا حال عليها الحول؟ قال: لا إلا أن يعمل له بها، ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا).
3856 - وروي عن يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (الرجل يشتري من الرجل البيع فيستوهبه بعد الشراء من غير أن يحمله على الكره؟ قال: لا بأس به)).
3857 - وروي عن زيد الشحام قال: (أتيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بجارية أعرضها عليه فجعل يساومني وأنا اساومه ثم بعتها إياه فضمن على يدي


______________
(1) ظاهره يشعر بعدم مالكية العبد في غير ذلك. (سلطان)
(2) يدل على تملك العبد أرش الجناية وعلى أنه ليس عليه في ماله زكاة لعدم تمكنه من التصرف
(م ت) وقال في المدارك: لاريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك وانما الخلاف على القول بملكه والاصح أنه لا زكاة عليه.
(3) فيؤدى زكاة التجارة استحبابا كالطفل. (سلطان)
(4) في كثير من النسخ " يوسف بن يعقوب " فالطريق ضعيف بمحمد بن سنان والى يونس فيه الحكم بن مسكين.
(5) المراد بالبيع المبيع ويستوهبه أى يطلب منه الاستحطاط ظاهرا.
(6) أى ضرب على يدى وهو الصفقة (مراد) وفى الكافى " فضم على يدى " وهو سريح في المقصود.

[233]

فقلت: جعلت فداك إنما ساومتك لانظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي فقلت: قد حططت عنك عشرة دنانير، قال: هيهات ألا كان هذا قبل الضمة؟ أما بلغك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (الوضيعة بعد الضمة حرام)؟.
3858 - وروى روح عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (تسعة أعشار الرزق في التجارة).
3859 - وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إن سمرة ابن جندب كان له عذق في حائط رجل من الانصار وكان منزل الانصاري فيه الطريق إلى الحائط فكان يأتيه فيدخل عليه ولا يستأذن، فقال: إنك تجئ وتدخل ونحن في حال نكره أن ترانا عليه، فإذا جئت فاستأذن حتى نتحرز ثم نأذن لك وتدخل، قال: لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا أستأذن، فأتى الانصاري رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه وأخبره، فبعث إلى سمرة فجاء‌ه، فقال له: استأذن عليه، فأبى وقال له مثل ما قال للانصاري، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وآله أن يشتري منه بالثمن فأبى عليه وجعل يزيده فيأبى أن يبيع، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: لك عذق في الجنة فأبى أن يقبل ذلك فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله الانصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه وقال لا ضرر ولا إضرار).
3860 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن الرجل يدفع الطعام إلى الطحان فيقاطعه على أن يعطي صاحبه لكل عشرة أمنان


______________
(1) الضمة ان ضم أحدهما يد الاخر كما هو الداب في البيع والشراء وفى كثير من النسخ " قيل الضمنة " بالنون أى لزوم البيع وضمان كل منهما لما صار اليه.
(2) الوضعية أن توضع من الثمن وحمل على الكراهة الشديدة أو عدم رضى البايع، وفى كثير من النسخ " الوضيعة بعد الضمنة حرام ".
(3) لعله روح بن عبدالرحيم وفى نسخة " ذريح " وتقدم نحوه تحت رقم 3722 مع بيان له.
(4) تقدم تحت رقم 3423 بلفظ آخر ونقلنا كلام الشراح هناك مبسوطا.

[234]

عشرة أمنان دقيق؟ قال: لا، فقلت: فرجل يدفع السمسم إلى العصار فيضمن له بكل صاع أرطالا مسماة؟ فقال: لا).