باب ولاء المعتق

3494 - روي أسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (قال النبي صلى الله عليه واله: الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب)(1).
3495 - وقيل للصادق عليه السلام: (لم قلتم مولى الرجل منه؟ قال: لانه خلق من طينه(2) ثم فرق بينهما فرده السبي إليه، فعطف عليه ما كان فيه منه فأعتقه، فلذلك هو منه).
3496 - وروي عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يعتق الرجل في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال: للذي أعتق)(3).


______________
_____ (1) اللحمة - بضم اللام - القرابة، وقوله صلى الله عليه وآله " كلحمة النسب " أى اشتراك واشتباك كالسدى مع اللحمة في النسج فلا تباع ولا توهب أى أن الولاء بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال منها لا يمكن الانفصال عنه، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع فأبطله الشارع، وقال بعض: معنى أنه كلحمه النسب أنه تعالى أخرجه بالحرية إلى النسب حكما كما أن الاب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا لان العبد كالمعدوم في حق الاحكام لا يقضى ولا يملك ولا يلى فأخرجه السيد بالحرية من ذل الرق إلى عز وجود هذه الاحكام فجعل الولاء له والحق برتبة النسب في منع البيع وغيره.
(2) يعنى هما مخلوقان من طينة واحدة، وفى بعض النسخ " من طينته ".
(3) المشهور أنه لا ولاء الا في العتق تبرعا أما إذا كان العتق واجبا بكفارة أو نذر أو شبهه فلا ولاء للمعتق. فلا بد من حمل الخبر وقال الشيخ: فالوجه أن نحمله على أنه يكون ولاؤه له إذا توالى العبد اليه بعد العتق لانه لم يتوال العبد اليه كان سائبة - انتهى، ويمكن أن يقرء " أعتق، بصيغة المجهول فالمعنى أن العبد كان ولاؤه لنفسه يتولى من يشاء.

[134]

3497 - وفي رواية عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه ذكر " أن بريرة كانت عند زوج لها وهى مملوكة فإشترتها عائشة فأعتقتها، فخيرها رسول الله صلى الله عليه واله إن شاء‌ت تقر عند زوجها، وإن شاء‌ت فارقته، وكان مواليها الذين باعوها قد إشترطوا ولاها على عائشة، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: الولاء لمن أعتق(1)، وصدق على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول الله صلى الله عليه واله، فعلقته عائشة وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه واله لا يأكل الصدقة، فجاء رسول الله صلى الله عليه واله واللحم معلق، فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ قالت: يا رسول الله صدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة، فقال صلى الله عليه واله: هو لها صدقة ولنا هدية، ثم أمر بطبخه فجرت فيها ثلاث من السنن)(2).
3498 - وروي صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اشترى عبدا وله أولاد من إمرأة حرة فأعتقه، قال: ولاء أولاده لمن أعتقه)(3).


______________
(1) أى ليس للبايع وان اشترط، ويدل على عدم فساد البيع بفساد الشرط.
(2) في بعض النسخ " فجاء فيها ثلاث من السنن " وهذه الجملة من كلام الصادق عليه السلام والسنة الاولى يتخير المعتقة في فسخ نكاحها.
والثانية أن الولاء لمن أعتق لا للذى اشترط لنفسه، والثالثة حل الصدقة لبنى هاشم إذا أهداها لهم المتصدق عليه لانها ليست لهم بصدقة.
(3) ظاهره أن الام كانت حرة أصلية فعلى المشهور بين الاصحاب بل ظاهرهم الاتفاق عليه أن لا ولاء لاحد على الولد، وظاهر كثير من الاخبار أن الولاء ينجر إلى موالى الاب إذا اعتق ولو كانت الام حرة أصلية، ويمكن حمل هذا الخبر على أن الام كانت معتقة فبعد عتق الاب ينجر ولاء الاولاد من موالى الام إلى الاب كما هو المشهور، ويمكن ارجاع الضمير إلى الولد بناء على صحة اشتراط رقية الولد لكنه بعيد، وقال في المسالك: لو كانت الام حرة أصلية والاب معتق ففى ثبوت الولاء عليه لمعتق الاب من حيث الانتساب إلى الاب وهو معتق أو عدم الولاء عليه كما لو كان الاب حرا بناء على أنه يتبع أشرف الابوين وجهان أشهرهما عند الاصحاب الثانى، بل ظاهرهم الاتفاق عليه وعلى هذا فشرط الولاء أن لا يكون في أحد الطرفين حر أصلى.

[135]

4399 - وروي عن بكر بن محمد أنه قال: (دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ومعي علي بن عبدالعزيز فقال لي: من هذا؟ قلت: مولانا، فقال: أعتقتموه أو أباه؟ فقلت: بل أباه، فقال: ليس هذا مولاك هذا أخوك وابن عمك(1)، وإنما المولي الذي جرت عليه النعمة، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وإبن عمك.
قال: وسأله رجل وأنا حاضر فقال: يكون لي الغلام ويشرب ويدخل في هذه الامور المكروهة فاريد عتقه فاعتقه أحب إليك؟ أم أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال: إن العتق في بعض الزمان أفضل، وفي بعض الزمان الصدقة أفضل، العتق أفضل إذا كان الناس حسنة حالهم، وإذا كان الناس شديدة حالهم فالصدقة أفضل، وبيع هذا أحب إلي إذا كان بهذه الحال).
3500 - وروي الحسن بن محبوب، عن سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال: لا يصلح له بيعه ولا يتخذه عبدا وهو مولاه وأخوه في الدين، وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون له وارث أقرب إليه منه).
3501 - وروي حذيفة بن منصور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (المعتق هو المولي


______________
(1) أي بمنزلة أخيك وابن عمك لا ينبغى ان تسميه المولى بل انما ينبغى اطلاق اسم المولى على من وقعت له نعمة العتق لا أنه ليس لك بالنسبة اليه ولاء لو لم يكن له وارث يرثه (مراد) وقال الشيخ انما نفى في الخبر أن يكون الولد مولى وهذا صحيح لان المولى في اللغة هو المعتق نفسه ولا يطلق ذلك على ولده وليس إذا انتفى أن يكون مولى ينتفى الولاء أيضا لان أحد الامرين منفصل من الاخر - انتهى، فعليه لاينافى الاخبار التي جاء‌ت بان ولاء الولد لمن أعتق الاب.
(2) إلى هنا رواه الكلينى ج 6 ص 199 والباقى ص 194 في الصحيح عن بكر بن محمد.
(3) لعل المراد بالرحم أحد العمودين فيكون النهى بطريق التحريم، ويحتمل التعميم فالنهى للتنزيه. (سلطان)
(4) قال الفاضل التفرشى: ينبغى حمل قوله عليه السلام " لا يصلح " على الكراهة وأنه يستحب له اعتاقه ليتحقق التوارث بينهما.

[136]

والولد ينتمي إلى من يشاء ".
3502 - وروى الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع قال: (سئل أبوعبدالله عليه السلام عن السائبة قال: هو الرجل يعتق غلامه ثم يقول له: إذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شئ ولا علي من جريرتك شئ، ويشهد على ذلك شاهدين).
3503 - وروي عن شعيب، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام (أنه سئل عن المملوك يعتق سائبة، قال: يتولي من شاء وعلى من يتولي جريرته وله ميراثه، قال: قلت: فإن سكت حتى يموت ولم يتول أحدا؟ قال: يجعل ماله في بيت مال المسلمين).
3504 - وروي إبن محبوب، عن عمار بن أبي الاحوص قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن السائبة، قال: أنظر في القرآن فما كان فيه تحرير رقبة فذلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه إلا الله عزوجل، فما كان ولاؤه لله عزوجل فهو لرسوله، وما كان لرسوله صلى الله عليه واله فأن ولاء‌ه للامام وجنايته على الامام وميراثه له).
3505 - وروي ياسين، عن حريز، عن سليمان بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن مملوك أراد أن يشتري نفسه فدس إنسانا هل للمدسوس أن يشتريه


______________
(1) قال في الدروس: ويتبرى المعتق من ضمان الجريرة عند العتق لا بعده على قول قوى ولا يشترط الاشهاد في التبرى نعم هو شرط في ثبوته وعليه صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال: " من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شئ وليس له من ميراثه شئ وليشهد على ذلك " في الامر بالاشهاد، وظاهر ابن الجنيد والصدوق والشيخ انه شرط في الصحة.
(2) يعنى العقرقوفى كما صرح به في الكافى ج 7 ص 171 في الحسن كالصحيح.
(3) في الكافى ج 7 ص 171 " عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عمار بن أبى الاحوص ".
(4) أى أعطى مالا لرجل وقال اشترنى من سيدى بهذا المال، ويدل على تملك العبد ويحمل على الضريبة أو أرش الجناية، وقيل مبنى على أن العبد يملك ما ملكه المولى وهو قول ثالث.

[137]

كله من مال العبد ولا يخبر السيد أنه أنما يشتريه من مال العبد؟ قال: لا ينبغي وإن أراد أن يستحل ذلك فيما بينه وبين الله عزوجل حتى يكون ولاؤه له فليزد هو ما يشأ بعد أن يكون زيادة من ماله في ثمن العبد يستحل به الولاء فيكون ولا العبد له).
3506 - وروي الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد العجلي قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات من قبل أن يعتق رقبة، فإنطلق إبنه فإبتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه، وإن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات وتركه لمن يكون ميراثه؟ قال: فقال: إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في نذر أو شكر أو كانت واجبة عليه فإن المعتق سائبة لا سبيل لاحد عليه، قال: فأن كان تولي قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته و جريرته كان مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب [من المسلمين] يرثه، وإن لم يكن توالى إلي أحد حتى مات فإن ميراثه للامام إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين، قال: وإن كانت الرقبة التي على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة، فإن ولا المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت، قال: ويكون الذي إشتراه فأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه، قال: وإن كان إبنه الذي إشتري الرقبة فأعتقها


______________
(1) قيل: لعل المراد بالزيادة جميع الثمن لانه زائد على مال العبد والا أشكل الحال ويمكن أن يقال: مع اخبار السيد بأنه يشتريه من مال العبد وزيادة من ماله يجوز.
(2) في الكافى ج 7 ص 171 " في ظهار أو شكر أو واجبة عليه " وهكذا في الاستبصار والتهذيب والمراد بالشكر النذر ولعل ما في المتن تصحيف وقع من النساخ.
(3) في بعض النسخ " وحدته ".
(4) في الكافى والتهذيبين " لجميع ولد الميت من الرجال " وحينئذ ينطبق على القول المشهور.

[138]

عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فإن ولاء‌ه وميراثه للذي إشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته).