باب التدبير(1)

3456 - سأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام (عن الرجل يعتق مملوكه عن دبر، ثم يحتاج إلى ثمنه، قال: يبيعه، قال: قلت فإن كان له عن ثمنه غنى(2) قال: إذا رضي المملوك فلا بأس).
7 345 وروى جميل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن المدبر أيباع؟ قال: إن أحتاج صاحبه إلى ثمنه ورضي المملوك فلا بأس)(3).
3458 - وروي عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه، ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ قال: لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته)(4).
3459 - وسئل أبوإبراهيم عليه السلام(5) (عن إمرأة دبرت جارية لها فولدت


______________
(1) التدبير هو التفعيل من الدبر، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة، وقيل: سمى تدبيرا لانه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه وأمر آخرته باعتاقه هذا راجع إلى الاول لان التدبير في الامر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا لانه نظر في عواقب الامور. (المسالك)
(2) أى لا يحتاج اليه فهل يجوز بيعه.
(3) لا يخفى صحة الرواية وهى تدل على اشتراط الاحتياج ورضى المملوك في جواز بيعه وهى تنافى الرواية السابقة واللاحقة، ولم ينقل من واحد من الاصحاب العمل بها والجمع بى الروايات المذكورة لا يخلو من اشكال والله اعلم. (سلطان)
(4) في المحكى عن المسالك: قال الصدوق: لا يجوز بيعه الا أن يشترط على الذى يبيعه اياه أن يعتقه عند موته، وقريب منه قول ابن أبى عقيل.
والمشهور جواز بيعه مطلقا كأنهم حملوا الروايات الدالة على اشتراط الشرائط المذكورة على الاستحباب والكراهة بدونها ولذا اختلف في الروايات ذكر الشرائط وهو بعيد. وقال الفاضل التفرشى: محمول على الكراهة بدون الاشتراط، والظاهر رجوع ضمير " موته " إلى البايع ليبقى معنى التدبير.
(5) رواه الكلينى ج 6 ص 184 عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى الكلانى عنه عليه السلام.

[121]

الجارية جارية نفيسة فلم يدر أمدبرة هي مثل أمها أم لا؟ فقال: متى كان الحمل(1)؟ كان وهي مدبرة أو قبل التدبير؟ قلت: جعلت فداك لا أدري أجنبي فيهما جميعا، فقال: إن كانت الجارية حبلي قبل التدبير ولم يذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة و ما في بطنها رق، وإن كان التدبير قبل الحمل ثم حدث الحمل فالولد مدبر مع امه لان الحمل إنما حدث بعد التدبير)(2).
3460 - وسأل الحسن بن علي الوشاء أبا الحسن عليه السلام (عن رجل دبر جارية وهي حبلي، فقال: إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق(3)، قال: وسألته عن الرجل يدبر المملوك وهو حسن الحال ثم يحتاج أيجوز له أن يبيعه؟ قال: نعم إذا أحتاج إلى ذلك)(4).
3461 - وروي عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ((المدبر من الثلث، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصي في صحة أو مرض)(5).
3462 - وروي أبان، عن أبي مريم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سئل عن الرجل


______________
(1) استفهام وما بعده تفصيل لذلك.
(2) حمل على أنه لم يعلم ذلك وانما ينكشف له بعد ذلك أنها كانت حاملا في حال ما دبرها، فلاجل ذلك صار ولدها رقا، ولو علم في حال التدبير أنها حامل كان حكم الولد حكم الام على ما تضمنه الخبر الاتى.
(3) في المسالك: المشهور بين الاصحاب أن الحمل لا يتبع الحامل، وذهب الشيخ في النهاية إلى أنه مع العلم يتبعها والا فلا، استنادا إلى رواية الوشاء وقيل بسراية التدبير إلى الولد مطلقا، وقال: عمل بضمون خبر الوشاء كثير من المتقدمين والمتأخرين ونسبوها إلى الصحة، والحق أنها من الحسن، وذهب المحقق والعلامة وقبلهما الشيخ في المبسوط وابن ادريس إلى عدم تبعيته لها مطلقا للاصل وانقصاله عنها حكما كنظائره.
(4) يدل على جواز الرجوع عن التدبير كما هو المذهب. (المرآة)
(5) رواه الكلينى بسند موثق ويدل على أن التدبير من الثلث كما ذكره الاصحاب، وقيل كأنه حمل المصنف الشرائط السابقة من رضى العبد والاحتياج على الاستحباب.

[122]

يعتق جاريته عن دبر أيطأها إن شاء، أو ينكحها، أو يبيع خدمتها حياته؟ قال: نعم أي ذلك شاء فعل)(1).
3463 - وروي عاصم(2)، عن أبي بصير قال: (سألته عن العبد والامة يعتقان عن دبر، فقال: لمولاه أن يكاتبه إن شاء(3) وليس له أن يبيعه إلا أن يشاء العبد أن يبيعه مدة حياته(4)، وله أن يأخذ ماله إن كان له مال))(5).
3464 - وسأله عبدالله بن سنان (عن إمرأة أعتقت ثلث خادمها عند موتها أعلى أهلها إن يكاتبوها أن شاؤوا وإن أبوا(6) قال: لا ولكن لها من نفسها ثلثها و للوارث ثلثاها، يستخدمها بحساب الذي له منها ويكون لها من نفسها بحساب ما أعتق منها).
3465 - وروى أبان، عن عبدالرحمن قال: (سألته عن الرجل قال: لعبده


______________
(1) قال العلامة في المختلف: يحمل بيع الخدمة على اجارتها فانها في الحقيقة بيع المنافع مدة معينة فاذا انقضت المدة جاز أن يوجره أخرى وهكذا مدة حياته، وحمل ابن ادريس بيع الخدمة على الصلح مدة حياته، والمحقق قطع ببطلان بيع الخدمة لانها مجهولة. (سلطان)
(2) الطريق اليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم، وعاصم بن حميد ثقة والمراد بابى بصير ليث المرادى ظاهرا.
(3) لانه تعجيل للعتق لان معنى الكتابة كما في النهاية أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه اليه منجما، فاذا أداه صار حرا، وسميت كتابة لمصدر كتب، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه ويكتب مولاه له عليه العتق، وقد كاتبة والعبد مكاتب.
(4) محمول على الاستحباب.
(5) يدل على أن العبد لا يملك.
(6) أى أيحب على أهلها أن يكاتبوها ويمهلوها لتؤدى قيمتها سواء رضوا بذلك أم لا، بل لهم استخدامها بقدر حصتهم (مراد) وقال سلطان العلماء قوله " أن يكاتبوها " أى في الثلثين الباقيين ولعل المكاتبة كناية عن عتقها أجمع وسعيها في قيمة باقيها. وقال المولى المجلسى. لاريب في عدم وجوب المكاتبة فيحمل على ما ترد إلى ذمة ويحمل على ما لو يكن لها سواها والا فالظاهر انعتاقها بانعتاق جزء منها كما تقدم في السراية وان كان أكثر الاخبار في السراية في حصة الشريك لكن تدل على نفسه بالطريق الاولى.

[123]

إن حدث بي حدث فهو حر، وعلى الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق إن حدث به حدث في كفارة تلك اليمين؟ قال: لايجوز الذي يجعل له في ذلك)(1).
3466 - وروي وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل دبر غلامه وعليه دين فرارا من الدين، قال: لا تدبير له، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه)(2).
3467 - وروي ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن بريد بن معاوية قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل دبر مملوكا له تاجرا موسرا(3) فاشترى المدبر جارية بأمر مولاه فولدت منه أولادا، ثم إن المدبر مات قبل سيده، فقال: أرى


______________
(1) أى لا يجوز التدبير الذي جعل للعبد في الكفارة بأن يحسب منها (مراد) وقال سلطان العلماء: لعل من قال بجواز الرجوع في التدبير مطلقا حمل ذلك على الكراهة فانه إذا جوز بيعه فالعتق أولى لانه تعجيل لما تشبث به من الحرية، ويمكن حمله بناء على مذهب من اشترط في جواز الرجوع أحد الشرائط المذكورة على صورة فقدان الشرائط المذكورة فتأمل.
(2) قال في المسالك: لما كان التدبير كالوصية اعتبر في نفوذه كونه فاضلا من الثلث بعد أداء الدين وما في معناه من الوصايا الواجبة والعطايا المنجزة والمتقدمة عليه لفظا، ولا فرق في الدين بين المتقدم منه على ايقاع صيغة التدبير والمتأخر على الاصح للعموم كالوصية والقول بتقديمه على الدين مع تقدمه عليه الشيخ في النهاية استنادا إلى صحيحة أبى بصير عن الصادق عليه السلام، وصحيحة ابن يقطين (المروية في التهذيب ج 2 ص 321) قال: " سألت أباالحسن عليه السلام عن المدبر قال: إذا أذن في ذلك فلا بأس وان كان على مولى العبد دين فدبره فرارا من الدين فلا تدبير له وان كان دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ويمضى تدبيره، وأجيب بحمله على التدبير الواجب بنذر وشبهه فانه إذا وقع كذلك مع سلامة من الدين لم ينعقد نذره لانه لم يقصد به الطاعة وهو محمل بعيد
(3) صفتان للمملوك.

[124]

أن جميع ما ترك المدبر من متاع أو ضياع فهو للذي دبره، وأري أن أم ولده رق للذي دبره، وأرى أن ولدها مدبرين كهيئة أبيهم فإذا مات الذي دبر أباهم فهم أحرار).
3468 - وقال علي عليه السلام(1): (المعتق عن دبر هو من الثلث، وما جني هو و المكاتب وأم الولد فالمولى ضامن لجنايتهم)(2).


______________
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 321 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبى جعفر عن أبى الجوزاء (منبه بن عبدالله) عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد عن زيد بن على، عن آبائه، عن على عليه السلام والحسين بن علوان وعمرو بن خالد عدا من رجال العامة والثانى بترى.
(2) في المسالك جناية المدبر على غيره كجناية القن فاذا جنى على انسان تعلق برقبته فان كان موجبا للقصاص فاقتص منه فات التدبير، وان عفى عنه أو رضى المولى بالمال أو كانت الجناية توجب مالا ففداه السيد بأرش الجنابة أو بأقل الامرين على الخلاف المقرر في جناية القن بقى على التدبير وله بيعه فيها أو بعضه فيبطل فيما بيع منه. والمولى المجلسى حمل الخبر على التقية لان رواته من الزيدية.