باب العتق وأحكامه

3433 - قال رسول الله صلى الله عليه واله: (من أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، وإن كانت انثى أعتق الله بكل عضوين منها عضوا من النار، لان المرأة بنصف الرجل)(2).
3434 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (يستح‍ ب للرجل أن يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة).
3435 - وروي عن أبي بصير، وأبي العباس، وعبيد بن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (إذا ملك الرجل والديه أو اخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة اخته وذكر أهل هذه الآية(3) من النساء عتقوا جميعا، ويملك الرجل عمه وابن


______________
(2) هذا إذا كان المعتق - على صيغة الفاعل - رجلا، أما إذا كانت امرأة فالظاهر من العلة المذكورة أن يعتق بكل عضو منها عضوا منها من النار، وفى صورة العكس ينعتق بكل عضو منه عضوان بمعنى تضاعف الاجر، وفى المجلد الاول من الكافى ص 453 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام " أن فاطمة بنت اسد قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: انى اريد أن أعتق جاريتى هذه، فقال لها: أن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار ". والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 309 والكلينى ج 6 ص 180.
(3) المراد قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم - الاية ".

[114]

أخيه وابن أخته وخاله، ولا يملك امه من الرضاعة ولا اخته ولا عمته ولا خالته، فإذا ملكهن عتقن، قال: وما يحرم من النسب من النساء فإنه يحرم من الرضاع(1)، وقال: يملك الذكور ما خلا الوالد والولد، ولا يملك من النساء ذات محرم، قلت: وكذلك يجري في الرضاع؟ قال: نعم يجري في الرضاع مثل ذلك "(2).
3436 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام " في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال: إن كان موسرا كلف أن يضمن وإن كان معسرا اخدمت بالحصص "(3).
3437 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر أحدهما نصفه وهو صغير وأمسك الآخر نصفه(4)، قال: يقوم قيمة يوم حرر الاول وامر المحرر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه ".
3438 - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما لامة فيعتق أحدهما نصفه فتقول الامة للذي لم يعتق نصفه: لا اريد أن تقومني ذرني كما أنا أخدمك وإنه أراد أن يستنكح النصف


______________
(1) اختلف الاصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه لو كان بالنسب هل ينعتق أم لا، فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين إلى الانعتاق، وذهب المفيد وابن أبى عقيل وسلار وابن ادريس - رحمهم الله - إلى عدم الانعتاق. (المرآة)
(2) ظاهر الحديث يدل على انعتاق كل من بين تحريمها في الاية وان كان بالمصاهرة كام الزوجة وزوجة الولد، ولكنهم خصصوا الحكم بالمحرمات بالنسب والرضاع. (مراد)
(3) كذا في الاستبصار، وفى بعض النسخ " اخذت " وفى التهذيب " اخدمت بالحصة "، وقيل: يمكن أن يحمل ذلك على ما إذا لم يقدر على السعى في تحصيل قيمة ما بقى لها من الرق أو لم يسع بقرينة ما يجيئ.
(4) في الكافى ج 6 ص 183 " وأمسك الاخر نصفه حتى كبر الذى حرر نصفه ".

[115]

الآخر، قال لا ينبغي له أن يفعل إنه لايكون للمرأة فرجان ولا ينبغي له أن يستخدمها ولكن يقومها ويستسعيها)(1).
وفي رواية أبي بصير مثله إلا أنه قال: (وإن كان الذي أعتقها محتاجا فليستسعها).
3439 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه (سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه، قال: إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله و إلا استسعى العبد في النصف الآخر)(2).
3440 - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه، فقال: إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة، وإذا أعتق نصيبه لوجه الله عزوجل كان الغلام قد اعتق منه حصة من أعتق، ويستعملونه على قدر ما لهم فيه، فإن كان فيه نصفه عمل لهم يوما وله يوم، وإن أعتق الشريك مضارا فلا عتق له لانه أراد أن يفسد على القوم و يرجع القوم على حصتهم).
3441 - وقال الصادق عليه السلام: (لا عتق إلا ما اريد به وجه الله عزوجل)(3).
3442 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن الرجل تكون له الامة، فيقول: متى آتيها فهي حرة، ثم يبيعها من رجل، ثم يشتريها بعد ذلك، قال: لا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه).
3443 - وروي عن سماعة قال: (سألته عن رجل قال لثلاثة مماليك له: أنتم أحرار، وكان له أربعة فقال له رجل من الناس: أعتقت مماليكك؟ قال: نعم أيجب


______________
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 5 ص 482 وفيه " فيستسعيها ".
(2) أى إذا كان قصده بذلك الاضرار على شريكه فيلزمه العتق فيما بقى ويؤخذ بما بقى لشريكه، والخبر رواه الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 4 والتهذيب ج 2 ص 310.
(3) كذا في جميع النسخ كما في الكافى ج 6 ص 178 وفى التهذيب ج 2 ص 309 " ولا أعتق الا ما أريد به وجه الله تعالى ".

[116]

عتق الاربعة حين أجملهم؟ أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ قال: إنما يجب العتق لمن أعتق).
3444 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل زوج أمته من رجل وشرط له أن ما ولدت من ولد فهو حر، فطلقها زوجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر ما منزلة ولدها؟ قال: بمنزلتها إنما جعل ذلك للاول(1) وهو في الآخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء أمسك).
3445 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ((لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك)(2).
3446 - وسأله عبدالرحمن بن أبي عبدالله (عن رجل قال لغلامه: أعتقك على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أعليه مائة دينار ويجوز شرطه؟ قال: يجوز عليه شرطه)(3).
3447 - وقال أبوعبدالله عليه السلام (في رجل أعتق مملوكه على أن يزوجه ابنته وشرط عليه إن تزوج أو تسرى عليها فعليه كذا وكذا، قال: يجوز).(4)


______________
(1) في التهذيب ج 2 ص 311 " قال منزلتها ما جعل ذلك الا للاول - الخ، وقال سلطان العلماء: ينبغى حمل ذلك على صورة يفيد فيها هذا الشرط ويصح كون الولد بمنزلة الام مع عدم الاشتراط كما إذا كان الزوج عبدا أو كما ذهب اليه ابن الجنيد من كون الولد رقا وان كان الزوج حرا الا مع اشتراط الحرية، والمشهور كون ولد الزوج الحر حر الامع اشتراط الرقية، وقيل: لا تأثير لشرط الرقية.
(2) رواه الكلينى في الكافى ج 6 ص 179 في الحسن كالصحيح. ويمكن حمله على أن المراد لا يصح عتق يكون انعتاقه قبل الملك لئلات ينافى الاخبار الدالة ظاهرا على صحة تعليقه بالملك ولكن حملها الشيخ على النذر.
(3) أجمع الاصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد شرطا سائغا في العتق لزمه الوفاء، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك، قيل: لا، وهو اختيار المحقق، وقيل: يشترط مطلقا وهو اختيار العلامة في التحرير وفصل في القواعد وقال بلزومه في شرط المال دون الخدمة.
(4) روى نحوه الكلينى في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

[117]

3448 - وسأله يعقوب بن شعيب (عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم أن يستخدموها؟ قال: لا).(1)
3449 - وروى جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام (في رجل أعتق عبدا له مال لمن مال العبد؟ قال: إن كان علم أن له مالا تبعه ماله وإلا فهو للمعتق(2).
وفي رجل باع مملوكا وله مال، قال: إن علم مولاه الذي باعه أن له مالا فالمال للمشتري، وإن لم يعلم البايع فالمال للبايع).
3450 وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو يعلم(3) أن له مالا ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه فهو للعبد).
3451 - وسأله عبدالرحمن بن أبي عبدالله(4) (عن رجل أعتق عبدا له و


______________
(1) مروى في الكافى ج 6 ص 179 في الصحيح، وعليه الاصحاب، وقوله " فأبقت " من الاباق أى هربت من سيدها.
(2) إلى هنا رواه الكلينى في الكافى ج 6 ص 190 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 311.
(3) كذا، وفى الكافى ج 6 ص 190 والتهذيب " قال: إذا كاتب الرجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم - الخ، وفى الاستبصار كما في المتن وزاد في بعض نسخه بعد قوله " فهو للعبد " " والا فهو له - أى وان لم يعلم أن له مالا فالمال للسيد - ".
(4) رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن على بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضاله، عن أبان، عن عبدالرحمن بن أبى عبدالله، عن أبى عبدالله عليه السلام، وقال بعده: هذه الاخبار عامة مطلقة ينبغى أن نقيدها بأن نقول انما يكون له المال إذا بدأ به في اللفظ قبل العتق بأن يقول: لى مالك وأنت حر، فان بدا بالحرية لم يكن له من المال شئ، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن أبى جرير قال: " سألت أباالحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه: أنت حر ولى مالك، قال: لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له: لى مالك وأنت حر برضا المملوك فان ذلك أحب إلى ".

[118]

للعبد مال فتوفي الذي أعتق العبد لمن يكون مال العبد؟ أيكون للذي أعتق العبد، أو للعبد؟ قال: إذا أعتقه وهو يعلم أن له مالا فماله له، وإن لم يعلم فماله لولد سيده).
3452 - وروى جميل، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين، قال: إن كان قيمة العبد مثل الذي عليه ومثله(1) جاز عتقه وإلا لم يجز).(2)


______________
(1) في بعض النسخ " ومثليه " والظاهر أنه من النساخ كما في جميع كتب الاخبار والفقه وكما سيجيئ أيضا مفردا يعنى إذا اعتق سدس الغلام يستسعى في الباقى الا إذا كان أقل منه فانه اضرار على الورثة وأصحاب الديون ويؤيده، موثقة الحسن بن الجهم في الكافى والتهذيب.
(2) قال في المسالك: إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا على أن المنجزات من الثلث وعليه دين فان كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في ما بقى من قيمته، هذا هو الذى تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذى اعتق في مرض الموت فان كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف إلى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس وهو ثلث التركة بعدالدين وللورثة سدسان، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطلت العتق فيه أجمع، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق، والمحقق اقتصر على الحكم في المنجز، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى ويرد على القائل بتعديتها إلى الوصية معارضتها فيها لصحيحة الحلبى (الاتى) حيث تدل باطلاقها باعتاقه متى زادت قيمته عن الدين فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه، ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك كما اختلفا في كثير من الاحكام على تقدير تسليم حكمها في المنجز ويبقى في رواية الحلبى أنه عليه السلام حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة مع أن لهم في قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر الا أن ترك ذكرهم لا يقدح لا مكان استفادته عن خارج وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه. (*)

[119]

وروى حماد، عن الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: (في الرجل يقول: إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين قال: إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد، وإن لم يكن أحاط [بثمن العبد] استسعي العبد في قضاء دين مولاه وهو حر به إذا أوفاه).(1)
3454 - وروى محمد بن خروان عنه عليه السلام أنه قال: (أن أبي عليه السلام ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم، فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم)(2).
3455 - وروى حريز، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر فشهد أحدهم أن الميت أعتقه، قال: إن كان الشاهد مرضيا لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه، واستسعى العبد فيما كان للورثة)(3).


______________
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 313، وقال سلطان العلماء: قوله " إذا مت فعبدى حر " هذا بطريق الوصية والسابق بطريق التخيير، ولعل الحكم فيها مختلف كما هو مذهب بعض الاصحاب، فلا منافاة - انتهى، وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وهو موجود في التهذيب.
(2) مروى في التهذيب ج 2 ص 314.
(3) الظاهر أنه الفرد الخفى أى مع أنه مرضى لا يصير اقراره سببا للسراية لانه لم يعتق، فكيف إذا لم يكن مرضيا، ويمكن أن يكون مفهومه إذا لم يكن مرضيا يضمن القيمة للورثة كما في السراية إذا كان مضارا، وفيه بعد، ويمكن أن لا يسمع قوله مع عدم كونه مرضيا في السراية وان سمع اقراره على نفسه في عتق حصته (م ت) وقال سلطان العلماء: لو كانا اثنين يظهر فائدة كونهما مرضيين اذ بشهادتهما يحكم بعتق الكل أما في الواحد فلا يظهر وجهه الا أن يقال لدفع احتمال قصد الاضرار المبطل وهو بعيد وفيه تأمل - انتهى، وقال العلامة في المختلف: الوجه أن نقول: الاقرار يمضى في حق المقر سواء كان مرضيا أم لا ولا يجب السعى، وبالجملة فلا فرق بين المرضى وغيره، ويمكن أن يقال: ان عدالته ينفى التهمة فيمضى الاقرار في حقه خاصة وأما في حق الشركاء فيستسعى العبد كمن أعتق حصة من عبد ولم يقصد الاضرار مع الاعسار وأما إذا لم يكن مرضيا فانه لا يلتفت إلى قوله الا في حقه فلا يستسعى العبد بل يبقى حصص الشركاء على العبودية ويحكم في حصته بالحرية، وهذا عندى محمول على الاستحباب عملا بالرواية. (*)