باب الوكالة

3381 - روي جابر بن يزيد، ومعاوية بن وهب(5) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: (من وكل رجلا على إمضاء أمر من الامور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها)(6).
3382 - وروى عن عبدالله بن مسكان، عن أبي هلال الرازي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل وكل رجلا بطلاق امرأته إذا حاضت وطهرت، وخرج الرجل


______________
(5) طريق المصنف إلى جابر بن يزيد ضعيف بعمرو بن شمر، والى معاوية بن وهب صحيح كما في الخلاصة.
(6) التشبيه اما في أصل الاعلام أو في كيفيته، فعلى الثانى لا يكفى اخبار الواحد غير العدل بل العادل، لكن صحيحة هشام بن سالم كما سيأتى تحت رقم 3385 - تدل على الاكتفاء بالثقة (سلطان) وقال المولى المجلسى: يمكن أن يقال بجواز الدخول في الوكالة أيضا بقول الثقة وان لم يثبت الا بالعدل وهو الاظهر من الاخبار. أقول: في الروضة " لا يكفى في انعزاله الاشهاد من الموكل على عزله على الاقوى خلافا للشيخ وجماعة ".

[84]

فبدا له فأشهد أنه قد أبطل ما كان أمره به وأنه قد بدا له في ذلك، قال: فليعلم أهله وليعلم الوكيل)(1).
3383 - وروي عن علاء بن سيابة قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة وكلت رجلا بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك فذهب الوكيل فزوجها ثم إنها أنكرت ذلك الوكيل وزعمت أنها عزلته عن الوكالة، فأقامت شاهدين أنها عزلته، فقال: ما يقول من قبلكم في ذلك؟ قال: قلت: يقولون ينظر في ذلك، فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة والتزويج باطل، وإن عزلته وقد زوجها فالتزويج ثابت على ما زوج الوكيل وعلى ما اتفق معها من الوكالة إذا لم يتعد شئيا مما أمرت به واشترطت عليه في الوكالة، قال: ثم قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل؟ ! فقلت: نعم يزعمون أنها لو وكلت رجلا وأشهدت في الملا و قالت في الملا اشهدوا اني قد عزلته وأبطلت وكالته بلا أن يعلم بالعزل وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة، وفي غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل ويقولون: المال منه عوض لصاحبه(2) والفرج ليس منه عوض إذا وقع منه ولد(3) فقال عليه السلام: سبحان الله ما أجور هذا الحكم وأفسده ! إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد، إن عليا عليه السلام أتته امرأة استعدته على أخيها(4) فقالت: يا أمير المؤمنين وكلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بينة أني عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البينة، فقال الاخ: يا أمير المؤمنين إنها وكلتني ولم تعلمني أنها عزلتني


______________
(1) أما اعلام الوكيل فظاهر، وأما اعلام الاهل فللتأكيد استحبابا أو لادخال السرور عليها (م ت) وظاهره أنه بدون الاعلام لا ينعزل.
(2) أى فلو كانت الوكالة باطلة كان الامر سهلا لان له عوضا.
(3) أى لو كان العقد باطلا كان الولد ولد زنا وليس النكاح من قبيل المعاوضات حتى لو كان باطلا كان المهر بازاء الوطى وكان عوضه لان الزنا لا عوض له، فالاحتياط عدم امضاء الوكالة. (م ت)
(4) استعداه: استغاثه واستنصره. (القاموس) (*)

[85]

عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني، فقال لها: ما تقولين؟ قالت: قد أعلمته يا أمير المؤمنين، فقال لها: ألك بينة بذلك؟ فقالت: هؤلاء شهودي يشهدون، قال لهم: ما تقولون؟ قالوا: نشهد إنها قالت: اشهدوا إني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا وانى مالكة لامرى قبل ان يزوجنى فلانا، فقال " اشهدتكم على ذلك بعلم منه ومحضر؟ قالوا: لا، قال: فتشهدون أنها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة؟ قالوا: لا، قال: أرى الوكالة ثابتة والنكاح واقعا أين الزوج؟ فجاء فقال: خذ بيدها بارك الله لك فيها، قالت: يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل وأنه لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح، فقال: وتحلف(1)؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين فحلف وأثبت وكالته وأجاز النكاح).
3384 - وروي عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل قال لآخر: اخطب لي فلانة فما فعلت شيئا مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت فذلك لي رضى وهو لازم لي، ولم يشهد على ذلك، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه، فلما رجع أنكر ذلك كله، قال: يغرم لها نصف الصداق عنه(2)، وذلك أنه هو


______________
(1) بطريق الاستفهام ولعل المراد أنه هل يقدر على الحلف أو تنكل عنه لا أن المراد تخييره في الحلف، وفائدة هذا الحلف غير ظاهر لان النكاح قد ثبت ولا معنى للحلف لاثبات حق الغير فلو قال الوكيل بعد ذلك انها أعلمتنى لم يسمع في حق الزوج فكيف إذا نكل نعم لو أقر بالاعلام لغرر. (سلطان)
(2) للاصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الاول لزوم كل المهر على الوكيل وهو اختيار الشيخ في النهاية، والثانى وهو المشهور بين الاصحاب واختاره الشيخ في المبسوط - لزوم نصف المهر على الوكيل مستندا بهذه الرواية وبأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق والثالث - وهو مختار المحقق - بطلان النكاح ظاهرا وانتفاء المهر ظاهرا، ويمكن حمل الرواية بناء على هذا المذهب على ضمان الوكيل المهر وفى الرواية اشعار به. (سلطان) (*)

[86]

الذي ضيع حقها(1)، فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له(2)، حل لها أن تتزوج، ولا تحل للاول فيما بينه وبين الله عزوجل إلا أن يطلقها(3) لان الله تعالى يقول: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين الله عزوجل وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام، وقد أباح الله عز وجل لها أن تتزوج).
3385 - وروى محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الامور وأشهد له بذلك شاهدين، فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر، فقال: اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة،


______________
(1) حيث ترك الاشتهاد.
(2) " عليه " أى على الموكل " بذلك الذى قال " أى التوكيل.
قال في الشرايع " إذا زوجه امرأة فأنكر الوكالة ولا بينة كان القول قول الموكل مع يمينه، ويلزم الوكيل مهرها وروى نصف مهرها وقيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر ويجب على الموكل أن يطلقها ان كان يعلم صدق الوكيل وأن يسوق اليها نصف المهر وهو قوى " وقال في المسالك: وجه الاول أن المهر يجب بالعقد كلا وانما ينتصف بالطلاق وليس.
وقد فوته الوكيل عليها بتقصيره بترك الاشهاد فيضمنه وهو اختيار الشيخ في النهاية، والثانى هو المشهور بين الاصحاب و اختاره الشيخ أيضا في المبسوط ومستنده ما رواه عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام، لانه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق، وفى الاخير منع وفى سند الحديث ضعف ولو صح لم يمكن العدول عنه، والقول الثالث الذى اختاره أقوى ووجهه واضح، فانه إذا أنكر الوكالة وحلف على نفيها انتفى النكاح ظاهرا، ومن ثم يباح لها أن تتزوج وقد صرح به في الرواية فينتفى المهر أيضا لان ثبوته يتوقف على لزوم العقد ولانه على تقدير ثبوته انما يلزم الزوج لانه عوض البضع والوكيل ليس بزوج، نعم لو ضمن الوكيل المهر كله أو نصفه لزمه حسب ما ضمن، ويمكن حمل الرواية عليه، وأما وجوب الطلاق على الزوج مع كذبه في نفس الامر ووجوب نصف المهر عليه فواضح.
(3) انما يجوز للمرأة التزويج مع حلف الموكل إذا لم يصدق الوكيل عليها ولم تعلم. والا لا يجوز لها التزويج قبل الطلاق. (سلطان) (*)

[87]

فقال: إن كان الوكيل أمضى الامر الذي وكل عليه(1) قبل أن يعزل عن الوكالة فإن الامر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل، كره الموكل أم رضي، قلت: فإن الوكيل أمضى الامر قبل أن يعلم بالعزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة فالامر على ما أمضاه؟ قال: نعم(2)، قلت: فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الامر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ؟ قال: نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة)(3).
3386 - وروى حماد: عن الحلبي(4) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: (في رجل ولته امرأة أمرها إما ذات قرابة أو جارة له لا يعلم دخيلة أمرها(5) فوجدها قد دلت عيبا هو بها، قال: يؤخذ المهر منها(6) ولا يكون على الذي زوجها شئ، وقال: في امرأة ولت أمرها رجلا فقالت: زوجني فلانا، قال: لا زوجتك حتى تشهدي


______________
(1) في التهذيب " وكل فيه ".
(2) يدل على أن ما فعله الوكيل صحيح ماض إلى أن يبلغه الثقة بالعزل، والمشهور بين الاصحاب أن الثقة: العدل الضابط، والظاهر من اللفظ: المعتمد عليه في القول كما ذكره الشيخ في الراوى وما ذكره أحوط، وهل يكفى الثقة في الفعل؟ ظاهر المساواة ذلك، والمشهور أن الوكالة لا تثبت الا بعدلين، وظاهر الخبر السابق أيضا ذلك، فان شهادة العدل يفيد العلم الشرعى والفرق بين الفعل والترك بين، فان التصرف في مال الغير يحتاج إلى اذن الشرعى بخلاف الترك فان بناء‌ه على الاحتياط، ومن هذا يظهر أن المعتمد عليه كاف فيه. (م ت)
(3) ظاهره كفاية ثقة واحدة في التبليغ وهو مختار الشهيد الثانى في شرحه على اللمعة. (سلطان)
(4) رواه الشيخ أيضا بسند صحيح.
(5) أي لا يعلم الوكيل باطن أمرها.
(6) أى بعد الفسخ لو دفع اليها المهر استرجع منها، وهذا على تقدير عدم الدخول ظاهر، وان كان بعد الدخول فلها المسمى لانه ثبت المهر بالدخول ثبوتا مستقرا فلا يسقط بالفسخ ان كان المدلس غيرها، ولو كان هو المرأة رجع عليها أيضا بمعنى أنه لا يثبت لها مهر اذ لا معنى لاعطائها وأخذها الا أن وقع الاعطاء قبل العلم بالعيب فيسترجع.(سلطان) (*)

[88]

بأن أمرك بيدي، فأشهدت له، فقال: عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذاوكذا؟ قال: نعم، فقال هو للقوم(1): اشهدوا إن ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي، فقالت المرأة: ما كنت أتزوجك ولا كرامة ولا أمري إلا بيدي و ما وليتك أمري إلا حياء من الكلام، قال: تنزع منه ويوجع رأسه)(2).
3- وفي نوادر محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام (في رجل قبض صداق ابنته من زوجها، ثم مات هل لها أن تطالب زوجها بصداقها؟ أو قبض أبيها قبضها(3)؟ فقال عليه السلام: إن كانت وكلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها أن تطالبه، وإن لم تكن وكلته فلها ذلك، ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك إلا أن تكون حينئذ صبية في حجره فيجوز لابيها أن يقبض صداقها عنها، ومتى طلقها قبل الدخول بها فلابيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا(4)، وليس له أن يدع كله وذلك قول الله عزوجل: (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) يعني الاب والذي توكله المرأة وتوليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما).


______________
(1) أى قال الوكيل للقوم الحاضرين.
(2) يدل على ما هو المشهور من أن الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه، ومعنى؟ العبارة أنه ليس له ذلك سواء أطلقت الاذن أم عممته على وجه يتناوله العموم لان المتبادر كون الزوج غيره، ونقل عن العلامة - قدس سره - أنه احتمل في التذكرة جوازه مع الاطلاق.
و قوله " يوجع رأسه " أى بالضرب واللطمة للتدليس في كيفية أخذ الاذن، وقال الفاضل التفرشى: الظاهر من التفويض تفويض المهر وغيره إلى رأى الوكيل لا التزويج من غير الزوج المذكور.
(3) أى أو يكون قبض أبيها بمنزلة قبضها فلا لها أن تطالبه.
(4) أى يأخذ بعض الصداق الذى استحقت أخذه وهو النصف فيأخذ بعض النصف ويعفو بعضه، ولعل هذا مبنى على عدم لزوم مراعاة الغبطة على الولى أو الوكيل. (سلطان) (*)