باب حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له

3344 - روى شعيب(3)، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام (أنه ذكرأن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم(4) لم يبيعوا ولم يهبوا، وقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم لم يبيعوا و


______________
(3) شعيب هذا هو العقرقوفى ابن اخت أبى بصير يحيى بن القاسم وهو ثقة عين ولم يذكر المؤلف طريقه اليه، ورواه الكلينى مع الخبر الاتى في الكافى ج 7 ص 418 في الصحيح كليهما في خبر.
(4) أى اتخذوها بالنتاج، والمذود - كمنبر - معتلف الدابة.

[65]

يهبوا، فقضى عليه السلام بها لاكثرهم بينة واستحلفهم)(1).
3345 - قال أبوبصير:(2) (وسألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يده الدار البينة أنها ورثها عن أبيه و لايدري كيف أمرها، فقال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: لو قال الذي في يده الدار: إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة(3) وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي لان الله عزوجل إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه(4)، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها فلهذا


______________
(1) وجوب اليمين على من رجحت بينته هو مختار الشهيد في الدروس، وظاهر عبارة اللمعة عدم وجوب اليمين. (سلطان)
(2) رواه الكلينى في صدر الخبر المتقدم.
(3) في بعض النسخ " على ذلك البينة ".
(4) ظاهره أنه لا فرق بين كون بينة ذى اليد أكثر أو أعدل أم لا في ذلك وهذا يخالف مفهوم ما سيأتى من قوله " واستوى الشهود في العدالة " الا أن يقال: أن ذلك من كلام أبيه ولا يرتضى به (سلطان) وقال استاذنا الشعرانى - مدظله العالى -: ظاهر كلام الصدوق يدل على أن ذا اليد لا يقبل بينته إذا كانت خالية عن ذكر السبب، وأما إذا ذكر السبب فتقبل بينته كما تقبل بينة غير ذى اليد فيعارض بينهما فيرجح الاكثر عددا وقال بعد ذلك فيما لو كان المتداعيان غير ذوى أيدى يرجح الاعدل ثم الاكثر عددا، ولا فرق بين كون المتصرف أحدهما أو خارجا عنهما والى هذا الاختلاف في الكلام أشار سلطان العلماء، وأما قبول بينة ذى اليد إذا كانت مستندة إلى سبب فغير بعيدة لان الزام البينة على المنكر ينتفى في الشرع لكونه حرجا فاذا رضى المنكر باقامة البينة والتزم بالحرج فهو له، وانما قلنا الزامه بالبينة حرج لانه لا يمكن لاحد أن يحفظ الشهود على براء‌ة ذمته من كل دين محتمل وكون ما في يده من الاموال مما لا حق لاحد عليه، وأيضا فان من شرط شهادة الشهود أن يزيد بها على علم القاضى وظاهر أن الشهود انما يشهدون على ملك الناس لما في أيديهم باستناد تصرفهم وتقلبهم فيها فلا يزيد بشهادة الشهود على علم القاضى شئ فانه يعرف تصرفه وتقلبه فيما بيده ولا ينكره المدعى أيضا فلا فائدة في الشهادة الا إذا شهدوا بالسبب فانه يزيد على الاعتماد على التصرف وهو شئ ينافى شهود المدعى فرضا كما في الحديث اذ شهد كل من البينتين بالانتاج على ندور من شهدت له وحينئذ فلا وجه لرد شهادة ذى اليد مطلقا والحكم بشهادة غير ذى اليد فالصحيح أن يقال: إذا شهدت بينة ذي اليد بالسبب ولم يكتف بالاعتماد على التصرف في الشهادة على الملك قبل منه وعارضت بينه الخارج.
وقال سلطان العلماء - رحمه الله - في وجه الحديث: ان بينة الداخل مع ذكر السبب فيه خاصة مقدم على الخارج وهو مختار بعض الاصحاب.
راجع المختلف

[66]

أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه.
ولو أن رجلا ادعى على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة لكان الحكم أن يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي لان البينة عليه، فإن لم يكن الشئ في يدي أحد وادعى فيه الخصمان جميعا فكل من أقام البينة فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منهما البينة فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه، فان استوى الشهود في العدالة فأكثرهما شهودا يحلف بالله ويدفع إليه الشئ هكذا ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته إلي.