أبواب القضايا والاحكام .. باب من يجوز التحاكم اليه ومن لايجوز

قال أبوجعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى الفقيه مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه:
2316 - روى أحمد بن عائذ(1) عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: (إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل


______________
(1) طريق المؤلف اليه صحيح وهو ثقة كما في " جش "، وأما سالم بن مكرم أبوخديجة وقد يكنى أبا سلمة فهو ثقة عند النجاشى أيضا، وقال العلامة في الخلاصة: " قال الشيخ انه ضعيف وقال في موضع آخر: انه ثقة، والوجه عندى التوقف فيما يرويه لتعارض الاقوال " أقول: تضعيف الشيخ اياة مبنى على زعمه اتحاد الرجل مع سالم بن أبى سلمة الكندى السجستانى الذي ضعفه النجاشى وابن الغضائرى والعلامة، والدليل على ذلك أن الشيخ رضوان الله عليه - ذكر الرجلين في عنوان وقال: " سالم بن مكرم يكنى أبا خديجة ومكرم يكنى أبا سلمة " مع أن أبا سلمة نفس سالم دون أبيه كما في فهرست النجاشى ورجال البرقى ويؤيد ذلك مارواه الكلينى في الكافى ج 5 ص 218 في شراء العبدين المأذونين كل واحد منهما الاخر باسناده عن أحمد ابن عائذ عن أبى سلمة عن أبى عبدالله (ع) كما سيجئ عن المؤلف، تحت رقم 3247 وفى التهذيب ج 2 ص 138 باسناده عن أحمد بن عائذ عن أبى خديجة وعليه فلا وجه لتوقف العلامة قدس سره فيه (راجع لمزيد التحقيق قاموس الرجال ج 4 ص 297).

[3]

الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه(1)).
3217 - وروى معلى بن خنيس عن الصادق عليه السلام قال: (قلت له: قول الله عز وجل (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) قال: على الامام(2) أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده، وأمرت الائمة أن يحكموا بالعدل، وأمر الناس أن يتبعوهم).
3218 - وروى عطاء بن السائب عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: (إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم)


______________
(1) يستفاد منه أولا حرمة الترافع إلى أهل الجور، والظاهر دخول الفساق في أهل الجور، وثانيا وجوب الترافع إلى العالم من الشيعة وقبول قوله، والمشهور الاستدلال بهذا الحديث على جواز التجزى في الاجتهاد حيث اكتفى عليه السلام بالعلم بشئ من الاحكام، وقال سلطان العلماء: ولى فيه تأمل اذ ربما كان المراد بالعلم بشئ من الاحكام ما هو الحاصل بعد احاطة جميع الادلة والمآخذ لحصول الظن القوى بعدم المعارض في هذا الحكم كما هو مذهب من قال بعدم جواز التجزى فانه لا يدعى وجوب العلم بجميع الاحكام حتى ينافيه اكتفاؤه عليه - السلام بالعلم شئ منها بل يدعى وجوب الاحاطة على جميع الادلة والمآخذ حتى يعتبر حكمه وظنه وان كان في مسألة خاصة.
(2) كذا في بعض النسخ والتهذيب ج 2 ص 70 أيضا، وفى الكافى ج 1 ص 277 " قال: أمر الله الامام أن يدفع ".
وفي بعض نسخ الفقيه " عدل الامام " والظاهر تصحيفه، ويؤيد صحة ما في الكافى قوله " أمرت الائمة " و " أمر الناس ".
(3) في الطريق أبان بن عثمان الاحمر وهو وان كان ناووسيا ولم يوثق صريحا لكن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وأما عطاء فلم يذكر في كتب رجالنا ومعنون في كتب العامة ووثقه بعضهم وقال صاحب منهج المقال، " ربما يشهد له بعض الروايات بالاستقامة " أقول: وهذا الحديث يدل في الجملة على كونه اماميا مأمورا بالتقية ومثله كثير في أصحابنا.
(4) لعل المراد الصيرورة قاضيا بأمرهم وجبرهم.

[4]

3219 - وروى الحسن بن محبوب(1)، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله عزوجل فقد شركه في الاثم(1) ".
3220 - وروى حريز، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ((أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به الآية(3)).


______________
(1) الطريق اليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.
(2) يدل على حرمة التحاكم اليهم مع وجود حاكم العدل وامكان أخذ الحق به، وأما في صورة التعذر أو عدم وجود العدل فان كان الحق ثابتا بينه وبين الله فغير معلوم حرمته.
(3) المراد بالطاغوت هنا كل من لم يحكم بما أنزل الله، أو من حكم بغير ما أنزل الله.