باب اللعان(5)

4851 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبدالكريم بن عمرو، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته)(6).


______________
(5) اللعان مصدر لاعن يلاعن وأصله الطرد والابعاد فكأن كل واحد من الزوجين يبعد نفسه عن صاحبه، ومعناه شرعا المباهلة بين الزوجين في ازالة حد أو نفى ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.
(6) الخبر في الكافى إلى هنا والبقية كلام المصنف ظاهرا.
ويشترط الدخول في اللعان بنفى الولد فان الولد قبل الدخول لا يتوقف نفيه على اللعان اجماعا وأما اللعان بالقذف فقد اختلفوا في اشتراطه بالدخول.

[536]

ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد(1).
وإذا قذف الرجل امرأته ولم ينتف من ولدها جلد ثمانين جلدة، فإن رمى إمرأته بالفجور وقال: إني رأيت بين رجليها رجلا يجامعها وأنكر ولدها فإن أقام عليها بذلك أربعة شهود عدول رجمت، وإن لم يقم عليها أربعة شهود لاعنها، فإن امتنع من لعانها ضرب حد المفتري ثمانين جلدة، فإن لاعنها درئ عنه الحد.
4852 - وسأل البزنطي أباالحسن الرضا عليه السلام، فقال له: (أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال: يقعد الامام ويجعل ظهره إلى القبلة، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة والصبي عن يساره)(2).
4853 - وفي خبر آخر: (ثم يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثم يقول الامام له: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثم يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثم تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثم يقول لها الامام: اتقي الله فإن غضب الله شديد، ثم تقول المرأة: غضب الله عليها أن كان من الصادقين فيما رماها به)(3).
فإن نكلت رجمت ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الاعضاء كلها ويتقى الوجه والفرج.


______________
(1) روى الكلينى ج 6 ص 166 مسندا عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " لا يكون اللعان الا بنفى ولد، وقال: إذا قذف الرجل امرأته لاعنها " ولعل المراد نفى اللعان الواجب، أو الحصر بالنسبة إلى دعوى غير المشاهدة كما حمله الشيخ ونقل عن الصدوق في المقنع أنه قال: لا يكون اللعان الا بنفى الولد فلو قذفها ولم ينكر ولدها حد. (المرآة)
(2) الخبر مروى في الكافى والتهذيب بدون ذكر الصبى، وما تضمنه من الامران محمول على الاستحباب على المشهور.
(3) ظاهره عن البزنطى ويحتمل أن يكون مستنبطا مما رواه هو عن المثنى عن زرارة عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج 6 ص 162 في تفسير قوله تعالى " والذين يرمون أزواجهم - الاية ". أو يكون خبرا آخر لم يصل الينا وفى الوسائل جعله مع ما يأتى إلى قوله " والنصرانية " في ص 538 خبرا واحدا.

[537]

وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم ولم تنكل درئ عنها الحد وهو الرجم ثم يفرق بينهما ولا تحل له أبدا)(1). فإن دعا أحد ولدها ابن زانية جلد الحد(2).
فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده ولم ترجع إليه امرأته فإن مات الاب ورثه الابن وإن مات الابن لم يرثه الاب ويكون ميراثه لامه، فان لم يكن له ام فميراثه لاخواله ولا يرثه أحد من قبل الاب(3).


______________
(1) قوله " ان لم تنكل " أى الزوجة لم تمنع عن اللعان، والمشهور جواز لعان الحامل لكن يؤخر الحد إلى أن تضع، وقيل بمنع اللعان، وروى الشيخ في الموثق كالصحيح عن سماعة بن مهران عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا كانت المرأة حبلى لم ترجم ".
ويشعر باللعان في الحمل.
(2) روى الكلينى ج 7 ص 213 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام في حديث " قلت: فان قذف أبوه أمه؟ فقال: ان قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا ولم يلزم ذلك الولد الذى انتفى منه وفرق بينهما ولم تحل له أبدا، وقال: وان كان قال لابنه - وامه حية -: يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جلد الحد لها ولم يفرق بينهما - الخ ".
(3) روى الكلينى في الحسن كالصيح ج 7 ص 160 في الحديث " ان قذف رجل أمراته كان عليه الحد وان مات ولده ورثه أخواله فان ادعاه أبوه لحق به وان مات ورثه الابن ولم يرثه الاب " وروى في الضعيف على المشهور عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل لاعن امرأته وانتفى من ولدها، ثم أكذب نفسه بعد الملاعنة وزعم أن الولد له هل يرد اليه ولده؟ قال: نعم يرد اليه، ولا أدع ولده ليس له ميراث، وأما المرأة فلا تحل له أبدا فسألته من يرث الولد؟ قال: أخواله، قلت أرأيت أن ماتت أمه فورثها الغلام، ثم مات الغلام من يرثه؟ قال: عصبة أمه، قلت: فهو يرث أخواله قال: نعم " وعن عبدالرحمن بن أبى عبد الله قال: " سألت أباعبدالله عليه السلام عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال: أمه، فقلت: ان ماتت أمه من يرثه؟ قال أخواله ".

[538]

وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما(1). والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الحران(2).
ويكون اللعان بين الحر والحرة، وبين المملوك والحرة، وبين الحر و المملوكة وبين العبد والامة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية.(3)
4854 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: (سألت أباجعفر عليه السلام عن الحر يلاعن المملوكة؟ قال: نعم إذا كان مولاها الذي زوجها إياه)(4).
4855 - فأما خبر الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لا يلاعن الرجل الحر الامة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها).
فإنه يعني الامة التي يطأها بملك اليمين، والذمية التي هي مملوكة له ولم تسلم، والحديث المفسر يحكم على المجمل(5). وإذا لاعن الرجل امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعدما ولدت وزعم أنه


______________
(1) روى الكلينى ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن الحلبى ومحمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل قذف امرأته وهى خرساء، قال: يفرق بينهما ".
(2) روى الكلينى ج 6 ص 166 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه " سئل عن عبد قذف امرأته، قال: يتلاعنان كما يتلاعن الحران ".
(3) روى الكلينى ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن جميل بن دراج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال: نعم وبين المملوك والحرة، وبين العبد والامة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية، ولا يتوارثان ولا يتوارث الحر المملوكة "، وهذا قول الاكثر خلافا لابن الجنيد وجماعة فانهم اشترطوا اسلامها.
(4) يحتمل أن التقييد للاحتراز عن المزوجة بدون اذن المولى فان نكاحها يكون باطلا، وعن الموطوء‌ة بالملك أو المحللة. (سلطان)
(5) حمله الشيخ في الاستبصار على نحو هذا الحمل وعلى أن يكون المراد بالحر إذا كان تزوج بامة بغير اذن مولاها وقال: لانه إذا كان كذلك فلا لعان بينهما ويكون الاولاد رقا لمولاها ان كان هناك ولد واستدل عليه بالخبر السابق.

[539]

منه رد إليه الولد ولا يجلد لانه قد مضي التلاعن، روى ذلك البزنطي عن عبد الكريم عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام(1).
4856 - وروى محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عليه السلام(2) (في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفيت، قال: يخير واحدا من اثنين يقال له: أن شئت ألزمت نفسك الذنب(3) فيقام فيك الحد وتعطي الميراث، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك)(4).
4857 - وروى الحسن بن علي الكوفي عن الحسين بن سيف(5)، عن محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: (جعلت فداك كيف صار الرجل إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله، فإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحد أو يقيم البينة على ما قال؟ فقال: قد سئل جعفر بن محمد عليهما السلام عن ذلك، فقال: إن الزوج إذا قذف امرأته فقال: رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قال إنه لم يره قيل له أقم البينة على ما قلته وإلا كان بمنزلة غيره، وذلك إن الله عزوجل جعل للزوج مدخلا يدخله لم يجعله لغيره من والد ولا ولد ويدخله بالليل والنهار فجاز أن يقول رأيت، ولو قال غيره رأيت، قيل له: وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متهم ولابد من أن يقام عليك


______________
(1) أصل الخبر في الكافى هكذا " في رجل لاعن امرأته وهى حبلى، ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه، قال: يرد اليه الولد ولا يجلد لانه قد مضى التلاعن ".
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 303 عنه عن آبائه عن على عليهم السلام والسقط من قلم النساخ لما سيأتى هذا الخبر في باب الميراث ويصله إلى امير المؤمنين عليه السلام.
(3) وفى بعض النسخ " الذم ".
(4) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 300 باسناده عن أبى عبدالله عليه السلام في خبر قال: " ان قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له وان أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها ".
(5) في بعض النسخ " الحسن بن سيف " وفى بعضها مكان " سيف " يوسف.

[540]

الحد الذي أوجبه الله عليك).
4858 - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: (إن عباد البصري سأل أباعبدالله عليه السلام وأنا [عنده] حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: عليه السلام: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع فيهما؟ قال: فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزوجل بالحكم فيهما، قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فأتني بامرأتك فإن الله عزوجل قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أمسك ووعظه ثم قال له: إتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثم قال: أشهد الخامسة إن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد، فأمر به فنحي(1) ثم قال عليه السلام للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ثم قال لها: أمسكي ووعظها، ثم قال لها: اتقي الله فإن غضب الله شديد، ثم قال لها: اشهدي الخامسة ان غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبدا بعدما تلاعنتما)(2).


______________
(1) على يغة المجهول، ولعله على تنحية قليلة بحيث لا يخرج عن المجلس.
(2) المشهور بين الاصحاب أن الوعظ بعد الشهادة على الاستحباب.