باب التخيير

قال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: اعلم يا بني أن أصل التخيير هو أن الله تبارك وتعالى أنف لنبيه صلى الله عليه وآله في مقالة قالتها بعض نسائه: أيرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد أكفاء‌نا من قريش يتزوجونا، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يعتزل نساء‌ه تسعا وعشرين ليلة فاعتزلهن النبي صلى الله عليه وآله في مشربة ام إبراهيم ثم نزلت هذه الآية: (يا أيها النبي قل لازواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا.
وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما، فاخترن الله ورسوله فلم يقع الطلاق، ولو اخترن أنفسهن لبن(3).
4810 - وفي رواية أبي الصباح الكناني (أن زينب قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعدل وأنت رسول الله؟ ! وقالت حفصة: إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاء‌نا من قريش، فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة وعشرين يوما فأنف الله عز و جل لرسوله فأنزل الله: (يا أيها النبي قل لازواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها إلى قوله أجرا عظيما) فاخترن الله ورسوله فلم يقع الطلاق ولو اخترن أنفسهن لبن).


______________
(3) راجع الكافى ج 6 ص 137 وفيه مسندا عن عيص بن القاسم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال: لا انما هذا شئ كان لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة، أمر بذلك ففعل ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول الله عزوجل: " قل لازواجك ان كنتن تردن - الاية ".

[518]

4811 - وروى ابن اذينة، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إذا خيرها أو جعل أمرها بيدها في غير قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشئ، وإن خيرها أو جعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا، فان اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها وإن اختارت زوجها فليس بطلاق)(1).
4812 - وروى ابن مسكان، عن الحسن بن زياد(2) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (الطلاق أن يقول الرجل لامرأته: اختاري فإن اختارت نفسها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب، وإن اختارت زوجها فليس بشئ أو يقول: أنت طالق، فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه، ولا يكون طلاق ولا خلع ولا مبارأة ولا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين)(3).
4813 - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام ((في رجل يخير امرأته أو أباها أو أخاها أو وليها، فقال: كلهم بمنزلة واحده إذا رضيت).


______________
(1) اتفق علماء الاسلام ممن عدا الاصحاب على جواز تفويض الزوج أمر بالطلاق إلى المرأة وتخييرها في نفسها ناويا به الطلاق ووقوع الطلاق لو اختارت نفسها، وأما الاصحاب فاختلفوا فذهب جماعة منهم ابن الجنيد وابن أبى عقيل والسيد وظاهر ابنى بابويه إلى وقوعه به إذا اختارت نفسها بعد تخييره لها على الفور مع اجتماع شرائط الطلاق، وذهب الاكثر ومنهم الشيخ والمتأخرون إلى عدم وقوعه بذلك، ووجه الخلاف اختلاف الروايات، وأجاب المانعون عن الاخبار الدالة على الوقوع بحملها على التقية، وحملها العلامة في المختلف على ما إذا طلقت بعد التخيير وهو غير سديد، واختلف القائلون بوقوعه في أنه هل يقع رجعيا أو بائنا فقال ابن ابى عقيل: يقع رجعيا، وفصل ابن الجنيد فقال: ان كان التخيير بعوض كان بائنا والا كان رجعيا، ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل البائن على مالا عدة لها والرجعى على ما لها عدة كالطلاق. (المسالك)
(2) مشترك بين العطار الثقة والصيقل المجهول.
(3) يدل على جواز الطلاق بلفظ اختارى كما يجوز بلفظ اعتدى وهو كالسابق و ظاهره الجواز لغير النبى صلى الله عليه وآله ويدل على أنه بائن.

[519]

4814 - وروى الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال: (سألت أباعبدالله عليه السلام عن رجل قال لامرأته: قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم، قال: يجوز ذلك عليه، قلت، فلها متعة؟ قال: نعم، قلت: فلها ميراث إن مات الزوج قبل أن تنقضي عدتها؟ قال: نعم، وإن ماتت هي ورثها الزوج)(1).
4815 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: قال: (ما للنساء والتخيير(2) إنما ذلك شئ خص الله به نبيه صلى الله عليه وآله)(3).


______________
(1) يدل على أنه رجعى للميراث.
(2) في الكافى " ما للناس والتخيير ".
(3) لا يخفى منافاته ظاهرا لما سبق ولم ينعرض المصنف لجمعها، ويمكن حمله على أن المراد أنه لا ينبغى جعل التخيير للنساء وأن ذلك لا يليق بحالهن، وما فعل النبى صلى الله عليه وآله خاص به، وهذا لا ينافى أنه لو جعل التخيير لهن صح الطلاق فان كون ذلك منهيا قبيحا لا يقتضى عدم صحته، لكن هذا التأويل لا يجرى في مثل رواية عبص بن القاسم حيث سأل عن البينونة بذلك فقال عليه السلام: لا - الخ، والله أعلم. (سلطان)