باب طلاق العدة

طلاق العدة هو أنه إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته طلقها على طهر من غير

[500]

جماع بشاهدين عدلين، ثم يراجعها من يومه ذلك أو بعد ذلك قبل أن تحيض(1) و يشهد على رجعتها حتى تحيض، فإذا خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك، ثم يراجعها متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثانية، فإذا خرجت من حيضتها طلقها الثالثة وهي طاهر من غير جماع ويشهد على ذلك، فإن فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره(2)، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق فيكون إنكار الطلاق مراجعة، وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج، و إنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان(3)، ومن طلق امرأته للعدة ثلاثا واحدة بعد واحدة كما وصفت فتزوجت المرأة زوجا آخر و لم يدخل بها فطلقها أو مات عنها قبل الدخول بها فاعتدت المرأة لم يجز لزوجها الاول أن يتزوجها(4) حتى يتزوجها رجل آخر ويدخل بها ويذوق عسيلتها،


______________
(1) ينبغى حمل كلامه على الحيض الذى بها يخرج عن العدة، قال سلطان العلماء: لعل مراده الحيضة الثالثة التى هى انقضاء العدة فهو كناية عن أنه لابد أن يكون المراجعة قبل انقضاء العدة، وأما اشتراط كون المراجعة في طهر الطلاق لم ينقل عن أحد بل المشهور اعتبار المراجعة في العدة وان كان في الطهر الثانى أو الثالث.
(2) الظاهر أن المؤلف لم يعتبر المواقعة في الرجعة الاولى وهو خلاف المشهور ولعله اكتفى بذكره في الطلاق الثانى، وأخذ كلامه هذا من خبر زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في الكافى وفيه " ويراجعها من يومه ذلك ان أحب أو بعد ذلك بأيام (او) قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها ويكون معها حتى تحيض فاذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة اخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ثم يراجعها - إلى آخر الكلام " وعلى هذا، الذى يترتب على طلاق العدة أنها في التاسعة تحرم مؤبدا بخلاف طلاق السنة فانها لا تحرم أبدا إذا تحلل في كل ثالثة.
(3) الاشهاد على الرجعة غير واجب عندنا للاصل، ولكن يستحب لحفظ الحق ودفع النزاع، وقوله " وجهة الحدود " اى اسقاطها، فان المخالفين يحدونهما وان قالوا بالرجعة.
(4) لاشتراط الدخول في المحلل، وعدم كفاية مجرد العقد.

[501]

ثم يطلقها أو يموت عنها فتعتد منه، ثم إن أراد الاول أن يتزوجها فعل، فإن تزوجها رجل متعة ودخل بها وفارقها أو مات عنها لم يحل لزوجها الاول أن يتزوج بها(1) حتى يتزوجها رجل آخر تزويجا بتاتا ويدخل بها فتكون قد دخلت في مثل ما خرجت منه(2) ثم يطلقها أو يموت عنها وتعتد منه، ثم إن أراد الاول أن يتزوجها فعل، فإن تزوجها عبدا فهو أحد الازواج(3)، وكل من طلق امرأته للعدة فنكحت زوجا غيره، ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فنكحت زوجا غيره ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فقد بانت منه، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا)(4).
4761 - وروى المفضل بن صالح، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن قول الله عزوجل: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) قال: الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عزوجل عن ذلك)(5).
4762 - وروى البزنطي، عن عبدالكريم بن عمرو، عن الحسن بن زياد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته، ثم يراجعها وليس له


______________
(1) لاشتراط دوام العقد في المحلل اجماعا.
(2) يعنى النكاح الدائم الذى خرجت منه بالطلاق. والزوج الثانى لا يصير محللا بالطلاق ان نواه حين العقد لقصده عدم الدوام.
(3) روى الكلينى ج 5 ص 425 في الضعيف المنجير عن اسحاق بن عمار قال: " سألت أباعبدالله عليه السلام عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها عبد ثم طلقها هل يهدم الطلاق؟ قال: نعم لقول الله عزوجل في كتابه " حتى تنكح زوجا غيره " وقال: هو أحد الازواج " ورواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أحمد بن محمد وكأنه البزنطى.
(4) لان المطلقة للعدة ثلاثا لا تحل للرجل حتى تنكح زوجا غيره وتحرم عليه في التاسع في عدة من الاخبار، ولا خلاف فيه.
(5) يدل على حرمة الضرار بل امسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وظاهره وقوع الطلاق كذلك وان أثم. (م ت) (*)

[502]

فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار الذى نهى الله عزوجل عنه إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الامساك).
4763 - وروى القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: (علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضب إن كان، وليكن ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن، فاستحقت المراة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغى من ترك طاعة زوجها، وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له عقوبة لئلا يستخف بالطلاق(1) ولا يستضعف المرأة وليكون ناظرا في امور متيقظا معتبرا، وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات).
4764 - وروى علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: (سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي مو أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره، فقال: إن الله عزوجل إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عزوجل: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسرى باحسان "(2) يعني في التطليقة الثالثة فلدخوله فيما كره الله عزوجل له من الطلاق الثالث حرمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضاروا النساء(3).
والمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت من زوجها ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
4765 - وروى موسى بن بكر، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها ولا سكنى، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة).


______________
(1) في بعض النسخ " لئلا يتلاعب بالطلاق ".
(2) " مرتان " لم يرخص في الزائد الا على سبيل الضرورة.
(3) كأن إلى هنا تمام الخبر كما في العلل.