باب طلاق السنة

روي عن الائمة عليهم السلام أن طلاق السنة هو أنه إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته تربص بهاحتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين في موقف واحد بلفظة واحدة، فإن أشهد على الطلاق رجلا وأشهد بعد ذلك الثاني لم يجز ذلك الطلاق إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد، فإذا مضت بها ثلاثة أطهار فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب والامر إليها إن شاء‌ت تزوجته وإن شاء‌ت فلا، فإن تزوجها بعد ذلك تزوجها بمهر جديد، فإن أراد طلاقها طلقها للسنة على ما وصفت، ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك، و سمي طلاق السنة طلاق الهدم متى استوفت قروؤها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الاول


______________
(1) أى يقول: أنت على حرام.
(2) مأخوذ من عدة روايات رواها الكلينى والشيخ جلها عن الصادقين عليهما السلام.
(3) بضم القاف وسكون الباء: أى في اقبالها حين يتمكن من الدخول.
(4) روى الكلينى في الحسن كالصيح ج 6 ص 71 عن البزنطى قال: " سألت أبا - الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر، فقال: انما أمر أن يشهدا جميعا ".
(5) ظاهره أنه لا يحسب من الثلاث التى تحرم بعدها المطلقة ويحتاج إلى المحلل وهذا مذهب ابن بكير حيث قال - على المحكى -: " لو فعل هذا مائة مرة بها هدم ما قبله وحلت بلا محلل، نعم لو راجعها قبل أن ينقضى عدتها ثم يطلقها ثلاثا كذلك لم تحل بعد الثلاث الا بالمحلل ". وروى في ذلك رواية عن أبى جعفر عليه السلام خلافا للمشهور بل للاجماع حيث حكموا بالاحتياج إلى المحلل بعد الثلاث وان انقضى العدة، والرواية التى نقلها ابن بكير شاذ حكم بشذوذه الشهيد في المسالك وقال: هذا الخبر بالاعراض عنه حقيق، وظاهر المصنف اختيار مذهب ابن بكير لكن لم ينقل عنه.

[496]

وكل طلاق خالف السنة فهو باطل، ومن طلق امرأته للسنة فله أن يراجعها مالم تنقض عدتها، فإذا انقضت عدتها بانت منه وكان خاطبا من الخطاب، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق، وعلى المطلق للسنة نفقة المرأة والسكنى ما دامت في عدتها، وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة).
4751 - وروى القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: (لا طلاق إلا على السنة، إن عبدالله بن عمر طلق ثلاثا في مجلس وامرأته حائض فرد رسول الله صلى الله عليه وآله طلاقه، وقال: ما خالف كتاب الله رد إلى كتاب الله).
4752 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه (سئل عن رجل قال لامرأته: إن تزوجت عليك أو بت عنك فأنت طالق، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من شرط شرطا سوى كتاب الله عزوجل لم يجز ذلك عليه ولا له،


______________
(1) روى الكلينى ج 7 ص 391 في الموثق عن محمد بن مسلم قال: قال: " لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق - الخ ".
(2) لكونها زوجته فتجب على الزوجه النفقة والسكنى وبينهما الميراث.
(3) الطلاق في الحيض كان مخالفا لقوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " أى وقتها، واللام للتوقيت بالاجماع عند الفريقين وهو الطهر الذى لم يواقعها فيه بالاجماع.
(4) مضمون هذا الخبر متواتر في الصحيحين روى مسلم في صحيحه كتاب الطلاق تحت رقم 4 مسندا عن محمد (ابن أخير الزهرى) عن عمه قال: أخبرنا سالم بن عبدالله أن عبدالله بن عمر قال: طلقت امرأتى وهى حائض، فذكر ذلك عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلم فتغبظ رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: " مره فليراجها حتى تحيض حيضة اخرى مستقبلة سوى حيضتها التى طلقتها فيها، فان بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله ".
(5) أى ان تزوجت عليك بزوجة تكون ضرة لك أو لم أكن ليلة عندك وأكون عند غيرك.
(6) الظاهر أن هذا هو الطلاق باليمين، وربما يطلق عليه الطلاق بالشرط، وأجمع الاصحاب على بطلان الطلاق بهما. (م ت) (*)

[497]

قال: وسئل عن رجل قال: كل امرأة أتزوجها ما عاشت امي فهي طالق، فقال: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك).
4753 - وفي رواية النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في رجل قال: امرأته طالق ومماليكه أحرار إن شربت حراما أو حلالا من الطلا أبدا، فقال: أما الحرام فلا يقربه أبدا إن حلف وإن لم يحلف، وأما الطلا فليس له أن يحرم ما أحل الله قال الله عزوجل: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) فلا يجوز يمين في تحريم حلال، ولا في تحليل حرام، ولا في قطيعة رحم).
4 475 وروى [عن] محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قام رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: (إني طلقت امرأتي للعدة بغير شهود، فقال: ليس طلاقك بطلاق، فارجع إلى أهلك).
ولا يقع الطلاق بإكراه ولا إجبار ولا على سكر، ولا على غضب، ولا يمين.


______________
_____ (1) الطلا: المطبوخ من عصير العنب، وحرامه ما لم يذهب ثلثاه، وحلالا ما ذهب ثلثاه ويصير دبسا، والحرام حرام أبدا ولا يحتاج إلى التحريم باليمين الباطلة. (م ت)
(2) أى ليس له أن يحرم ما كان منه حلالا.
(3) يدل على أنه يشترط في الطلاق أن يكون بمحضر عدلين يسمعانه، والخبر في الكافى هكذا عن محمد بن مسلم " قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال: انى طلقت امرأتى بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أشهدت رجلين ذوى عدل كما أمر الله عزوجل، فقال: لا، فقال: اذهب فان طلاقك ليس بشئ ".
(4) روى الكلينى ج 6 ص 127 في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " سألته عن طلاق المكره وعتقه، فقال: ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق - الحديث ".
(5) روى الكلينى في الحسن كالصحيح على الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن طلاق السكران، فقال: لا يجوز ولا كرامة " وفى القوى عن أبى الصباح الكتانى عنه عليه السلام " قال: ليس طلاق السكران بشئ ". وعن يحيى بن عبدالله عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سمعته يقول: لا يجوز الطلاق في استكراء، ولا يجوز عتق في استكراه، ولا يجوز يمين في قطيعة رحم ولا في شئ من معصية الله، فمن حلف أو حلف في شئ من هذا وفعله فلا شئ عليه قال: وانما الطلاق ما اريد به الطلاق من غير استكراء ولا اضرار على العدة والسنة على طهر بغير جماع وشاهدين فمن خالف هذا فليس طلاقه ولا يمينه بشئ يرد إلى كتاب الله عزوجل " ج 6 ص 127.

[498]

4755 - وروى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: (إذا طلق الرجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قبل عدتها فليس له أن يطلقها بعد ذلك حتى تنقضي عدتها أو يراجعها).
4756 - وجاء رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: (يا أميرالمؤمنين إني طلقت امرأتي، فقال: ألك بينة؟ فقال: لا، فقال: اعزب).


______________
(1) رواه الكلينى بسند حسن وفيه " حتى تنقضى عدتها الا أن يراجعها ".
(2) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح في ذيل حديث عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام.
(3) أى غب واذهب، وهو كناية عن عدم الوقوع. ويدل بظاهره على وجوب الاشهاد عنده عليه السلام خلافا لمذهب المجمهور في المشهور وقد ذهب منهم جماعة إلى وجوبه كعبد الملك بن جريج وعطاء بن أبى رباح وعمران بن حصين وقالوا بأنه شرط لصحة الطلاق ووقوعه، روى ابن كثير في تفسيره عن ابن جريج أن عطاء كان يقول في قوله تعالى: " واشهدوا ذوى عدل منكم " قال: لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا ارجاع الا شاهدا عدل ". وأخرج السيوطى في الدر المنثور عن عبدالرزاق وعبد بن حميد، عن عطاء قال: النكاح بالشهود، والطلاق بالشهود والمراجعة بالشهود.
وعن ابن سيرين أن رجلا سأل عمران بن حصين عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد، قال: بئس ما صنع طلق لبدعة، وراجع لغى سنة، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته وليستغفر الله. وروى أبوداود في سننه نحوه عن عمران.
وبالجملة ان القول بوجوب الاشهاد غير منحصر بالامامية، وبعد ما ثبت عندنا أن عليا عليه السلام يقول به ويفتى ويحكم به فقول من خالفه باطل لقول النبى صلى الله عليه وآله " على مع الحق والحق معه " كما رواه الفريقان.

[499]

4757 - وقال أبوجعفر () 1 عليه السلام: (لو وليت الناس لعلمتهم الطلاق وكيف ينبغي لهم أن يطلقوا، ثم قال: لو اتيت برجل قد خالفه لاوجعت ظهره، ومن طلق لغير السنة رد إلى كتاب الله عزوجل وإن رغم أنفه).
4758 - وسأل سماعة أباعبدالله عليه السلام (عن المطلقة أين تعتد؟ قال: في بيتها لا تخرج فإن أرادت زيارة خرجت قبل نصف الليل(2)، ورجعت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها "(3).
4759 - وسئل الصادق عليه السلام (عن قول الله عزوجل: (واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) قال: إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد)(4).
4760 - وكتب محمد بن الحسن الصفار رضي الله عنه إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام (في امرأة طلقها زوجها ولم يجز عليها النفقة للعدة وهي محتاجة هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة؟ فوقع عليه السلام: لابأس بذلك إذا علم الله الصحة منها).


______________
(1) رواه الكلينى ج 6 ص 57 بسند موثق عن أبى بصير عنه عليه السلام.
(2) نسخة في بعض النسخ " خرجت بعد نصف الليل ورجعت قبل نصف الليل " وفى الكافى والتهذيبين " وان أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا - الخ " مع زيادة في آخره.
(3) حمل على الرجعية ولا خلاف في عدم جواز خروجها من بيت الزوج وكذلك لا خلاف في عدم جواز خروجها من بيت الزوج وكذلك لا خلاف في عدم جواز اخراجها الا أن تأتى بفاحشة مبينة.
(4) يعنى لا تخرج الا لاقامة الحد عليها فترد بعد الحد إلى بيت الزوج.