باب الولى والشهود والخطبة والصداق

4390 - روى العلاء، عن ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لا تنكح ذوات الآباء من الابكار إلا بإذن آبائهن)(1).
4391 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا عليه السلام (عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة، ثم تكبر قبل أن يدخل بها زوجها أيجوز عليها التزويج أم الامر إليها؟ فقال: يجوز عليها تزويج أبيها)(2).
4392 - وروى ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر، فقال: الجد أولى بذلك إن لم يكن الاب زوجها من قبله)(3).
4393 - وفي رواية هشام بن سالم: ومحمد بن حكيم عن أبي عبدالله قال: (إذا زوج الاب والجد كان التزويج للاول، فإن كانا زوجا في حال واحدة فالجد أولى)(4).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: لا ولاية لاحد على المرأة إلا لابيها ما لم تتزوج وكانت بكرا، فإن كانت ثيبا فلا يجوز عليها تزويج أبيها إلا بأمرها، وإن كان لها(5) أب وجد فللجد عليها ولاية مادام أبوها حيا لانه يملك ولده


______________
(1) مروى في الكافى ج 5 ص 393 في الصحيح ويدل على عدم جواز تزويج البكر بدون اذن الاب مطلقا، و " من " في قوله عليه السلام " من الابكار " بيانية قطعا.
(2) يدل على عدم سقوط ولاية الاب بمحض التزويج من غير دخول. والخبر مروى في الكافى ج 5 ص 395 بسند صحيح.
(3) مروى في الكافى بسند موثق، ويدل على ولاية الاب والجد، ومع التعارض تقدم الجد.
(4) مروى في الكافى في الصحيح، ويدل على تقديم عقد السابق ومع اقتران قبولهما فالجد أولى، وهو مقطوع به في كلام الاصحاب.
(5) أى للبكر فان الثيب لا ولاية لاحد عليها.

[396]

وما ملك، فإذا مات الاب لم يزوجها الجد إلا بإذنها(1)
4394 - وروى حنان بن سدير، عن مسلم بن بشير(2) عن أبى جعفر عليه السلام قال: (سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يشهد، فقال: أما فيما بينه وبين الله عز وجل فليس عليه شي، ولكن إن أخذه سلطان جائر عاقبة)(3).
4395 - وروى عن عبدالحميد بن عواض(4)، عن عبدالخالق قال: (سألت أباعبدالله عليه السلام عن المرأة الثيب تخطب إلى نفسها قال: هي أملك بنفسها تولي أمرها


______________
(1) كأن المصنف - رحمه الله - يقول باشتراط وجود الاب في ولاية الجد وهو مذهب الشيخ وجماعة وقالوا بأن ولاية الجد مشروط بحياة الاب فلو مات سقط ولاية الجد، ولعل مستندهم رواية فضل بن عبدالملك المروية في الكاى والتهذيب عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان الجد إذا زوج ابنة وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز، قلنا: فان هوى أبوالجارية هوى وهوى الجد هوى وهما سواء في العدل والرضا؟ قال: أحب إلى أن ترضى بقول الجد " وهذا الخبر مع ضعفه لاشتمال سنده على الحسن بن محمد بن سماعة وجعفر ابن سماعة وهما واقفيان ولم يؤثقا لايدل على مدعاهم الا بالمفهوم وحجيته انما يثبت إذا لم يظهر للتقييد وجه سوى نفى الحكم عن المسكوت عنه، ويمكن هنا أن يكون التقييد للتنبيه على الفرد الاخفى وهو جواز عقد الجد مع وجود الاب، والدليل الذى ذكره المصنف - رحمه الله - لا يدل على فتواه. والمشهور أنه لا يشترط في ولاية الجد حياة الاب ولا موته بل ثبتت له الولاية مطلقا.
(2) طريق المصنف إلى حنان بن سدير صحيح وهو واقفى موثق، ومسلم بن بشير مجهول.
(3) يدل على عدم وجوب الاشهاد ولا استحبابه الا لرفع تهمة الزنا أو التقية من العامة لا شتراطه أو وجوبه عندهم. (م ت)
(4) ثقة والطريق اليه وان كان صحيحا لكن فرق بين أن يقال: روى فلان أو روى عن فلان فظاهر الثانى الارسال، وعبدالخالق مجهول الحال، وقال المولى المجلسى: كأنه ابن عبد ربه الثقة وروى الشيخ والكلينى نحو هذا الخبر في الصحيح.

[397]

من شأت إذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك(1))
4396 - وروى داود بن سرحان(2) عن أ بي عبدالله عليه السلام (أنه قال في رجل يريد أن يزوج أخته، قال: يؤامرها فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوجها، فإن قالت: زوجني فلانا فليزوجها ممن ترضى، واليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها إلا ممن ترضى)(3).
4397 - وروى الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وزرارة، وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: (المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير ولي جائز)(4).
4398 - وخطب أبوطالب رحمة الله لما تزوج النبي صلى الله عليه وأله سلم خديجة بنت خويلد رحمها الله بعد أن خطبها إلى أبيها ومن الناس من يقول إلى عمها(5) فأخذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضورفقال: (الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما أمنا، يجبى إليه ثمرات كل شئ، وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه، ثم إن


______________
(1) يدل على أن الثيبوبة المعتبرة في الاستقلال انما هو إذا كانت بالنكاح والتزويج دون ازالة البكارة بغير ذلك.
(2) رواه الكلينى ج 5 ص 393 بسند فيه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور.
(3) المشهور بين الاصحاب أنه يكفى في اذن البكر سكوتها، ولا يعتبر النطق، وخالف ابن ادريس، ولو ضحكت فهو اذن، ونقل عن ابن البراج أنه ألحق بالسكوت والضحك البكاء وهو مشكل، وأما الثيب فيعتبر نطقها بلا خلاف، وألحق العلامة بالبكر من زالت بكارتها بطفرة أو سقط أو نحو ذلك لان حكم الابكار انما يزول بمخالطة الرجال، وهو غير بعيد وان كان الاولى اعتبار النطق في غير البكر مطلقا. (المرآة)
(4) صحيح ومروى في الكافى بسند حسن كالصحيح وقال العلامة المجلسى: لا خلاف في عدم ثبوت الولاية على الثيب، وظاهر الروايات المراد بالثيب من زالت بكارته بوطى مستند إلى تزويج صحيح لا غيره كما قاله بعض الفقهاء من المتأخرين.
(5) مروى في الكافى مع اختلاف كثير وفيه " حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة ".

[398]

ابن أخي محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رجح، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه، وإن كان في المال قل فإن المال رزق حائل(1)، وظل زائل، وله في خديجة رغبة، والصداق ماسألتم عاجله وآجله من مالي، وله خطر عظيم، وشأن رفيع، ولسان شافع جسيم) فزوجه ودخل بها من الغد، فأول ما حملت ولدت عبدالله بن محمد صلوات الله عليه وآله)(2).
4399 - ولما تزوج أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام إبنة المأمون خطب لنفسه فقال: (الحمد لله متم النعم برحمته، والهادي إلى شكره بمنه، وصلى الله على محمد خير خلقه، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله(3)، وجعل تراثه إلى من خصة بخلافته(4)، وسلم تسليما.
وهذا أميرالمؤمنين زوجني إبنته على ما فرض الله عزوجل للمسلمات على المؤمنين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله صلى الله عليه وآله لازواجه وهو إثنتا عشرة أوقية ونش(5) وعلي تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف، زوجتني يا أميرالمؤمنين؟ قال: بلى، قال: قبلت ورضيت)(6).
4400 - وقال الصادق عليه السلام: (من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها


______________
(1) أى متغير زائل لا يدوم وفى الكافى " فان المال رفد جار " أى عطاء يجرى على عباد الله بقدر ضروراتهم.
(2) قال ابن حزم في كتابه المسمى بجمهرة أنساب العرب ص 16 " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الولد سوى ابراهيم:القاسم وآخر اختلف في اسمه فقيل: الطاهر، وقيل الطيب، وقيل عبدالله ".
(3) أي أنه صلى الله عليه وآله جامع لجميع الكمالات التى كانت متفرقة في الانبياء عليهم السلام.
(4) أى وراثته للكمالات وغيرها أو الوصاية. (م ت)
(5) الاوقية كما جاء في الاخبار أربعون درهما، والنش - بالفتح والشد - النصف من كل شئ فهو عشرون درهما ويصير المجموع خمسمائة درهم، وهو مهر السنة.
(6) يدل على صحة العقد إذا كان على هذا الترتيب.

[399]

فهو عندالله عزوجل زان)(1).
4401 - وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: (إن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج).
والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم فمن زاد على السنة رد إلى السنة، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم واحدا أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شئ لها بعد ذلك إنما لها ما أخذت منه قبل أن يدخل بها(2).


______________
(1) رواه الكلينى في الصحيح هكذا " في الرجل يتزوج المرأة ولا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها فهو زنا " أى فهو كالزنا في العقوبة وإذا أدى بعد ذلك لعله لا يعاقب بنيته.
(2) هذه الفتوى بلفظها تقريبا رواية رواها الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: " دخلت على أبى عبدالله عليه السلام فقلت له: أخبرنى عن مهر المرأة الذى لا يجوز للمؤمن أن يجوزه؟ قال: فقال.
السنة المحمدية خمسمائة درهم فمن زاد على ذلك رد إلى السنة ولا شئ عليه أكثر من الخمسمائة درهم فان أعطاها من الخمسمائة درهم درهما أو أكثر من ذلك فدخل بها فلا شئ عليه، قال: قلت: فان طلقه بعد ما دخل بها، قال: لا شئ عليه انما كان شرطها خمسمائة درهم فلما أن دخل بها قبل أن تستوفى صداقها هدم الصداق ولا شى لها وانما لها ما أخذت من قبل أن يدخل بها، فاذا طلبت بعد ذلك في حياة منه أو بعد موته فلا شئ لها ".
قال الشيخ: " فأول ما في هذا الخبر أنه لم يروه غير محمد بن سنان عن المفضل ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا وما يختص بروايته ولا يشاركه فيه غيره لا يعمل عليه ".
أقول: هذا الخبر مع ضعف سنده يعارض الاخبار المعتبرة كصحيحة الكتانى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المهر، ماهو؟ قال: ما تراضى عليه الناس " وصحيحة فضيل عنه عليه السلام قال: " سألته عن المهر، فقال: هو ماتراضى عليه الناس " وصحيحة أخرى له عن أبى جعفر عليه السلام " الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير "، وصحيحة زرارة عنه عليه السلام أيضا " الصداق كل شئ تراضى عليه الناس قل أو كثر ".
وصحيحة الوشاء عن الرضا عليه السلام " لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لابيها عشرة آلاف كان المهر جائزا، والذى جعل لابيها فاسدا ".
" فمن زاد على ذلك رد إلى السنة " ينافى أيضا قوله تعالى: " وان آتيتم احديهن قنطار أفلا تأخذوا منه شيئا " وأما قوله: فان أعطاه من الخمسمائة درهما أو أكثر من ذلك - الخ " حمل على ما إذا رضيت بذلك عن صداقها والظاهر أن المتعارف في ذاك العصر من تريد أن تأخذ المهر كانت تأخذ ومن لا تأخذ بعضه يبرأ زوجها من بقية الصداق وان صح هذا الحمل فهو، والا ينافى قوله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " والاخبار المعتبرة كحسنة الحلبى أو صحيحته عن أبى عبدالله عليه السلام قال " في رجل دخل بامرأته، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة " وغيره من أخبار الحسان أو الصحاح التى يقول باستقرار المهر بالدخول وبالجملة لم يعلم بهذا الخبر أحد من العلماء الا الصدوق وأفتى بمضمونه في كتبه السيد المرتضى أيضا حيث قال في الانتصار " ومما انفردت به الامامية أنه لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جياد قيمتها خمسون دينارا فما زاد على ذلك رد إلى هذه السنة " وقالوا: ان السيد منفرد في ذلك مع أنه فتوى الصدوق صريحا في المقنع والهداية والفقيه.

[400]

وكلما جعلته المرأة من صداقها دينا على الرجل فهو واجب لها عليه في حياته وبعد موته أو موتها، والاولى أن لا يطالب الورثة بما لم تطالب به المرأة في حياتها ولم تجعله دينا لها على زوجها، وكل ما دفعه إليها ورضيت به عن صداقها قبل الدخول بها فذاك صداقها(1).
وإنما صار مهر السنة خمسمائة درهم لان الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه إن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة، ولا يسبحه مائة تسبيحة، ولا يهلله مائة تهليلة ولا يحمده مائة تحميدة، ولا يصلي على النبي [وآله] صلى الله عليه وآله مائة مرة، ثم يقول: (اللهم زوجني من الحور العين) إلا زوجه الله حوراء من الجنة وجعل ذلك مهرها(2).


______________
_____ (1) يظهر منه أن المصنف قائل بوجوب المهر إذا كان دينا، وروى الكلينى ج 5 ص 413 في الموثق وفى الصحيح عن عبدالحميد بن عواض قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام أتزوج المرأة أيصلح لى أن أواقعها ولم أنقدها من مهرها شيئا؟ قال: نعم انما هو دين عليك " وفى الحسن كالصحيح عن البزنطى قال: " قلت لابى الحسن عليه السلام: الرجل يتزوج المرأة على الصداق المعلوم يدخل بها قبل أن يعطيها؟ قال: يقدم اليها ما قل أو كثر الا أن يكون له وفاء من عرض (أى متاع) ان حدث به حدث أدى عنه فلابأس ".
(2) روى الكلينى ج 5 ص 376 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن البزنطى عن أبى الحسن عليه السلام بهذا المضمون رواية.

[401]

وإذا زوج الرجل ابنته فليس له أن يأكل صداقها(1).


______________
(1) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 217 في الصحيح عن البزنطى قال: " سئل أبو - الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يزوج ابنته، أله أن يأكل صداقها؟ قال: لا ليس ذلك له " وذلك لان المهر مال المرأة، والاب وان كانت له ولاية النكاح في بعض الصور والعقو عن الصداق في بعضها، لكن ليست هذه الولاية سببا لجواز الانتفاع له من مالها.