كتاب النكاح .. باب بدء النكاح وأصله

4336 - وروي عن زرارة بن أعين(2) أنه قال: (سئل أبوعبدالله عليه السلام عن خلق حواء وقيل له: إن اناسا عندنا يقولون: إن الله عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصى فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، أيقول من يقول هذا(3) إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه؟ ! ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام أن يقول: إن آدم كان ينكح


______________
(2) رواه المؤلف في العلل الجزء الاول ب 17 عن شيخه ابن الوليد، عن أحمد بن ادريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعرى عن أحمد بن الحسن بن على بن فضال، عن أحمد بن ابراهيم بن عمار، عن ابن نوبة، عن زرارة. وأحمد بن ابراهيم مشترك. وابن نوبة مجهول.
(3) في بعض النسخ " يقولون: من يقول هذا - الخ ".

[380]

بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم ! ثم قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات(1) ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه(2) وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك، فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها انثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ قالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عليه السلام عند ذلك: يارب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى: يا آدم هذه أمتي حواء، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لامرك؟ فقال: نعم يارب ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله عزوجل: فاخطبها إلي(3) فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة وألقى الله عزوجل عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال: يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عزوجل: رضاي أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي، فقال عزوجل وقد شئت ذلك وقد زوجتكها، فضمها إليك، فقال لها آدم عليه السلام: إلي فاقبلي فقالت له: بل أنت فاقبل إلي، فأمر الله عزوجل آدم عليه السلام أن يقوم إليها، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن، فهذه قصة حواء صلوات الله عليها).
وأما قول الله عزوجل: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) فإنه روي أنه عزوجل خلق من طينتها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء(4) والخبر الذي روي (أن


______________
(1) المراد بالسبات هنا النوم وأصله الراحة.
(2) النقرة هى الحفرة والمراد الحفرة التى يكون فوق الدبر.
(3) يعنى اطلب منى تزويجها.
(4) نقل السيد الرضى - قدس سره - في حقايق التأويل عن المبرد أن المراد نفس واحدة الحقيقة الواحدة.

[381]

حواء خلقت من ضلع آدم الايسر(1) صحيح ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الايسر فلذلك صارت أضلاع الرجل أنقص من أضلاع النساء بضلع(2).
4337 - وروى زرارة(3) عن أبي عبدالله عليه السلام (أن آدم عليه السلام ولد له شيث وأن اسمه هبة الله، وهو أول وصي أوصي إليه من الآدميين في الارض، ثم ولد له بعد شيث يافث، فلما أدركا الله عزوجل أن يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله عزوجل من الاخوات على الاخوة أنزل بعد العصر في يوم خميس حوراء من الجنة اسمها نزلة، فأمر الله عزوجل آدم أن يزوجها من شيث فزوجها منه، ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة و اسمها منزلة فأمر الله عزوجل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه، فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية فأمر الله عزوجل آدم حين أدركا أن يزوج ابنة يافث من ابن شيث ففعل، فولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الاخوة والاخوات)(4).


______________
_____ (1) روى العياشى في تفسيره عن النبى صلى الله عليه وآله " ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - وخلق منها آدم، وفضل فضلة منه فخلق منها حواء " وروى المؤلف نحوه في العلل.
(2) قال استاذنا الشعرانى: يزعمون أن الرجل أنقص ضلعا من المرأة وليس كذلك بالحسن والتجربة بل أضلاعهم متساوية في اليمين واليسار، وتكذيب الامام عليه السلام لهذا الحديث مؤيد بالحس ولا يحتاج إلى التأويل والتكلف.
(3) رواه المؤلف في ذيل حديث طويل في العلل عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن النوفلى، عن على بن داود اليعقوبى، عن الحسن بن مقاتل، عمن سمع زرارة عنه. وعلى بن داود مجهول الحال مهمل، وكذا الحسن بن مقاتل.
(4) ظاهر هذا مستلزم لبقاء بنات آدم عليه السلام بلا زوج الا أن يجوز تزويج العمات دون الاخوات. (سلطان) (*)

[382]

4338 - روى القاسم بن عروة(1)، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إن الله تبارك وتعالى أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه، وتزوج الآخر ابنة الجان، فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء خلق فهو من ابنة الجان).


______________
(1) هو مجهول الحال، وطريق المصنف اليه فيه هارون بن مسلم بن سعد وهو وان كان ثقة الا أن له مذهبا في الجبر والتشبيه.