باب الصيد والذبايح

قال الله تبارك وتعالى: (يسئلونك ماذا أحل لهم(2) قال أحل لكم الطيبات(3) وما علمتم من الجوارح مكلبين(4) تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن


______________
(2) أى عما أحل لهم بعد ما بين لهم المحرمات وحصل لهم الشبهة في موضع يحتمل التحريم ولم يكتفوا بالبراء‌ة الاصلية وطلبوا النص. (زبدة البيان)
(3) المراد بالطيبات مالم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه عادة وعلى سبيل الغلبة، ويمكن أن يكون مالم يدل دليل على تحريمه من عقل أو نقل، فيكون مؤيدا للحكم العقلى فاجتمع العقل والنقل على اباحة مالم يدل دليل على تحريمه، وبمفهومه يدل على تحريم المستخبثات لمقابلة الطيبات كما دل عليه " ويحرم عليهم الخبائث " بمنطوقه. (زبدة البيان)
(4) يحتمل أن يكون عطفا على " الطيبات " ولكن بحذف مضاف أى مصيد ما علمتم من الجوارح أى الكلاب التى تصيدون بها بقرينة قوله " مكلبين " فانه مشتق من الكلب أى حالكونكم صاحبى كلاب، فيلزم كون الجوارح كلبا لان المكلب صاحب الكلب وهو وان أطلق على كل سبع كما في دعائه صلى الله عليه وآله على عتبة بن أبى لهب " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " فخرج إلى الشام فافترسه أسد. لكنه حقيقة في المعهود، وذهب بعض العلماء إلى أن المراد مطلق الجوارح من الطيور وذوات الاربع من السباع، وقالوا بان اطلاق المكلبين باعتبار أن المعلم في الغالب كلب، وهو خلاف مذهب الاصحاب ورواياتهم كما يأتى.
وقوله " تعلمونهن " أى تؤدبونهن حتى يصرن معلمة، وفيه دلالة في الجملة على حرمة صيد غير المعلم إذا لم تدرك ذكاته.

[315]

عليكم(1) واذكروا إسم الله عليه)(2).
4121 - وروى موسى بن بكر، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في صيد الكلب: إن أرسله صاحبه وسمى فليأكل كلما أمسك عليه وإن قتل، وإن أكل فكل ما بقي وإن كان غير معلم فعلمه ساعته(3) حين يرسله فليأكل منه فأنه معلم فأما ما خلا الكلاب مما تصيده الفهود والصقور وأشباهه فلا تأكل من صيده(4) إلا ما أدركت ذكاته لان الله عزوجل قال: (مكلبين) فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته).
4122 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: (كل ما أكل منه الكلب وإن أكل منه ثلثيه، كل ما أكل الكلب وإن لم يبق منه إلا بضعة واحدة)(5).
4123 - وروى هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: ((سألت أبا عبدالله عليه السلام عن كلب المجوسي يأخذه الرجل المسلم(6) فيسمي حين يرسله أيأكل


______________
(1) فيه دلالة على أنه لا يباح ما أكل منه، وهو قول أصحابنا وأكثر الفقهاء.
(2) الضمير راجع إلى " ماعلمتم " والمعنى سموا عند ارسال الكلب، أو راجع إلى " ما أمسكن " أى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته، أو عند أكله، والاول أوفق وهو المشهور.
(3) لعل المراد اكمال تعليمه في الساعة. (سلطان)
(4) هذا هو المشهور بل ادعى السيد المرتضى عليه الاجماع، وذهب ابن أبى عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد والنمر وغيرها، وتقدم الكلام فيه.
(5) " ما أكل " أى المعلم، و " ثلثيه " لعله محمول على ندرة ذلك من غير أن يكون عادة له، وهذا بناء على المشهور من اشتراط كون الكلب معلما بعدم أكله الصيد غالبا، وأما على ما ذهب اليه جماعة من الاصحاب من عدم اشتراط ذلك فلا حاجة إلى تأويل الحديث. (سلطان) والبضعة: القطعة العظيمة من اللحم.
(6) لعل الاخذ هنا بمعنى الاتخاذ والتطويع أى اتخذه وطوعه وعلمه.

[316]

ما أمسك عليه؟ قال: نعم لانه مكلب وذكر اسم الله عليه ".
4124 - وروى النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه(1) فصاد فأدركه صاحبه وقد قتله أيأكل منه؟ فقال: لا، إذا صاد وقد سمى فليأكل، وإذا صاد ولم يسم فلا يأكل، وهو(2) (مما علمتم من الجوارح مكلبين)).
4125 - وروى موسى بن بكر، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (إذا أرسل الرجل كلبه ونسي أن يسمي فهو بمنزلة من قد ذبح ونسي أن يسمي، وكذلك إذا رمى ونسي أن يسمي).(3)
4126 - وحكم ذلك(4) في خبر آخر: (أن يسمي حين يأكل).
4127 - وروى حماد بن عيسى، عن حريز قال: (سئل أبوعبدالله عليه السلام عن الرمية(5) يجدها صاحبها من الغد أيأكل منها؟ قال: إن كان يعلم أن رميته هي قتلته فليأكل، وذلك إذا كان قد سمى).
4228 - وروى أبان(6)، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: (ما أخذت الحبالة(7) وقطعت منه فهو ميتة، وما أدركت من سائر جسده حيا فذكه ثم كل منه)(8).


______________
(1) أى نفر وخرج من يده دون أن يرسله صاحبه.
(2) الضمير راجع إلى ما ذكره أولا أى مع التسمية حلال وداخل تحت هذا النوع.
(3) نسيان التسمية عند الذبح لا يقدح في الحل، كذا ذكروه.
(4) في بعض النسخ " وحل ذلك " أى حلاليته.
(5) الرمية: الصيد الذى ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك (الوافى) والطريق إلى حماد بن عيسى صحيح، ورواه الكلينى ج 6 ص 210 في الحسن كالصحيح.
(6) هو أبان بن عثمان الطريق اليه صحيح.
(7) الحبالة - بالكسر - ما يصطاد بها من أى شئ كان (النهاية) وقوله " قطعت منه " أي قطعت الحبالة منه أي من الصيد.
(8) يعنى إذا أدركت الحبالة بعض جسده والحيوان حى فذكه ثم كل.

[317]

4129 - وروى أبان بن عثمان، عن عيسى القمي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (أرمي بسهم فلا أدري أسميت أم لم اسم؟ فقال: كل ولا بأس(1)، فقلت: أرمي فيغيب عني فأجد سهمي فيه، فقال: كل ما لم يؤكل منه(2) وإن أكل منه فلا تأكل [منه]).
4130 - وسأله محمد بن علي الحلبي (عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه برمحه أو يرميه بسهمه فيقتله، وقد سمي حين فعل ذلك، قال: كله فلابأس به)(3).
4131 - وروى ابن مسكان، عن الحلبي قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله وقد سمي عليه حين رمى ولم تصبه الحديدة(4)، فقال: إن كان السهم الذي أصابه هو قتله فإذا رآه فليأكله).
4132 - وسمع زرارة أبا جعفر عليه السلام يقول: (فيما قتل المعراض(5) لابأس به إذا كان إنما يصنع لذلك)(6).


______________
(1) يعنى على تقدير نسيان التسمية.
(2) لان عدم أثر جراحة سبع وغيره قرينة قوية على أنه قتل بسهمه فيفيد الظن القوى.
(3) رواه الكلينى ج 6 ص 210 في الصحيح وكذا الشيخ في التهذيب.
(4) لعل المراد سهم فيه نصل إذا لو لم يكن فيه نصل يشترط في الحل به الخرق بأن يدخل فيه ولو يسيرا ويموت ذلك على ما هو المشهور. (سلطان)
(5) المعراض - كمحراب -: سهم بلا ريش، دقيق الطرفين، غليظ الوسط، يصيب بعرضه دون حده. (القاموس)
(6) مروى في الكافى ج 6 ص 212 بلفظ آخر، وقال العلامة المجلسى: اعلم أن الالة التى يصطاد بها اما مشتملة على نصل كالسيف والرمح والسهم، أو خالية عنه لكنها محددة تصلح للخرق أو مثقلة تقتل بثقلها كالحجر والخشبة غير المحددة، والاولى يحل مقتولها سواء مات يحرقها أم لا كما لو أصابت معترضة عند أصحابنا لصحيحة الحلبى، والثانية يحل مقتولها بشرط أن تخرقه بأن تدخل فيه ولو يسيرا ويموت ذلك فلو لم تخرق لم يحل، والثالثة لا يحل مقتولها مطلقا سواء خدشت أم لم تخدش، وسواء قطعت البندقة رأسه أو عضوا آخر منه.

[318]

4133 - وفي رواية حماد، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام (أنه سئل عما صرع المعراض من الصيد، فقال: إن لم يكن له نبل غير المعراض وذكر اسم الله عزوجل عليه فليأكل مما قتل، وإن كان له نبل غيره فلا).
4134 - وكان أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: (إذا كان ذلك سلاحه الذي يرمي به فلابأس).
4135 - وفي خبر آخر: ((إن كانت تلك مرماته فلابأس)(1).
4136 - وروي (أنه إن خرق اكل وإن لم يخرق لم يؤكل(2)).
4137 - وقال علي عليه السلام (في رجل له بنال ليس فيها حديد وهي عيدان كلها فيرمي بالعود فيصيب وسط الطير معترضا فيقتله ويذكر اسم الله عليه وإن لم يخرج دم(3) وهي نبالة معلومة(4) فيأكل منه إذا ذكر اسم الله عزوجل).
4138 - وروى حماد بن عثمان، عن الحلبي، وحماد بن عيسى، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام (أنه سئل عن قتل الحجر والبندق أيؤكل؟ فقال: لا)(5).


______________
(1) لعله خبر زرارة واسماعيل الجعفى المروى في الكافى وفيه " لابأس إذا كان هو مرما تك أوصنعته لذلك ".
(2) رواه الكلينى ج 6 ص 312 في الصحيح عن أبى عبدالله عليه السلام هكذا: " قال: إذا رميت بالمعراض فخرق فكل وان لم يخرق واعترض فلا تأكل " وخرق في النسخ بالخاء المعجمة والراء المهملة وورد أحاديث العامة نحو هذا الحديث عن النبى صلى الله عليه وآله وضبطوها بالخاء المعجمة والزاى، في النهاية: في حديث عدى " قلت يا رسول الله انا نرمى بالمعراض فقال: كل ما خزق وأصاب بعرضه فلا تأكل " وقال ابن الاثير خزق السهم وخسق: إذا أصاب الرمية ونفذ فيها، وسهم خازق وخاسق.
(3) قوله " وهى عيدان كلها " يدل على عدم اشتراط كون آلة الصيد من الحديد، بل يجزى كل قاطع ويشترط فيه القطع والخرق فقط وان لم يخرج دم كثير. (قاله الاستاد في هامش الوافى)
(4) لعل المراد أن تلك النبال معمولة للصيد.
(5) لان الحجر والبندق ان قتل فانما يقتل بالثقل والصدمة لا بالخرق وهو يكسر السن ويفقأ العين كما في الخبر، وأما ان خرق وأسال الدم فالظاهر الحلية كما في الصيد - المقتول بالسلاح الذى يقال له التفنك في هذه الاعصار لعموم قوله في الحديث الاتير " من جرح بسلاح - الخ " والبندق - بضم الياء الموحدة وسكون النون كل ما يرمى به والرصاص الكروى الذى يرمى به.

[319]

4139 - وقال أميرالمؤمنين عليه السلام(1) (في صيد وجد فيه سهم وهو ميت لا يدري من قتله، فقال: لا تطعموه(2).
وقال(3): من جرح بسلاح وذكراسم الله عزوجل ثم بقي الصيد ليلة أو ليلتين ثم وجده لم يأكل منه سبع وعلم أن سلاحه قتله فليأكل منه إن شاء [الله]).
4140 - وقال عليه السلام (في ايل(4) اصطاده رجل فيقطعه الناس والذي اصطاده يمنعه ففيه نهي؟ فقال: ليس فيه نهي وليس به بأس)(5).
4141 - وروى أبان، عن محمد الحلبي قال: (سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصرعه فيبتدره القوم فيقطعونه، فقال: كله)(6).


______________
(1) رواه الكلينى ج 6 ص 211 في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام عنه صلوات الله عليه وآله.
(2) في بعض النسخ " فلا تطعمونه " وفى الكافى فلا " تطعمه " وذلك لان صيده غير معلوم هل هو على وجه شرعى من لزوم ايمان الرامى والتسمية أم لا.
(3) يعنى قال أبوجعفر عليه السلام كماهو صريح الكافى في ج 6 ص 210 فهو تتمة للخبر السابق.
(4) الايل - كقنب وخلب، أو كسيد وميت، أو كبقم -: التيس الجبلى.
(5) في الكافى " والرجل يتبعه أفتراء نهبة؟ فقال عليه السلام: ليس بنهبة وليس به يأس " وذلك لان النبى صلى الله عليه وآله نهى عن النهبة.
(6) رواه الكلينى ج 6 ص 211 وظاهر قوله " فيقطعونه " أى قبل الذبح والمشهور انما يجوز أكله إذا كانوا صيروه جميعا في حكم المذبوح أو الرامى صيره كذلك، فان لم يصيره الرامى في حكم المذبوح بل أدر كوه وفيه حياة مستقرة ولم يذكوه في موضع ذكاته بل تناهبوه وتوزعوه من قبل ذكاته فلا يجوز لهم أكله لان كان مقدورا على ذكاته ولم يذك.

[320]

4142 - وروى المفضل بن صالح(1)، عن أبان بن تغلب قال: (سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان أبي عليه السلام يفتي في زمن بني امية أن ما قتل الباز والصقر فهو حلال وكان يتقيهم وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل الباز والصقر).
4143 - وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: (إن أرسلت بازا أو صقرا أو عقابا فقتل فلا تأكل حتى تذكيه).
4144 - وقال عليه السلام: (إن أرسلت كلبك على صيد فأدركته ولم تكن معك حديدة تذبحه بها فدع الكلب يقتله ثم كل منه)(2).
فإذا أرسلت كلبك على صيد وشاركه كلب آخر فلا تأكل منه إلا أن تدرك ذكاته(3).
وإن رميته وهو على جبل فسقط ومات فلا تأكله.
وإن رميته فأصابه سهمك ووقع في الماء [فمات] فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله(5).


______________
(1) هو أبوسمينة الصيرفى كان ضعيفا جدا، ورواه الكلينى في الضعيف عنه أيضا.
(2) هذا ليس من خبر أبى بصير بل هنا مرسل، ورواه الكلينى في الكافى ج 6 ص 204 في الصحيح عن جميل بن دراج هكذا " قال: سألت أبا عبدالله (ع) الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذ ولا يكون معه سكين يذكيه بها أيدعه حتى يقتله ويأكل منه قال: لابأس. الحديث ".
(3) روى الكلينى ج 6 ص 203 في الصحيح عن عبيدة الحذاء قال: " سألت أبا عبدالله (ع) عن الرجل يسرح كلبه المعلم ويسمى إذا سرحه فقال يأكل مما أمسك عليه فاذا أدركه قبل قتله ذكاه، وان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه - الحديث " ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 345.
(4) محمول على ما إذا لم يخرق فيه السهم كما يدل عليه الخبر الحلبى.
(5) روى الشيخ في الصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله (ع) أنه " سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموث فقال: كل منه وان وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه، وفى المقنعة: وان وقع الصيد في الماء فمات فيه أو وقع من جبل فانكسر ومات لم يؤكل.

[321]

والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه(1).
4145 - و (نهى أميرالمؤمنين عليه السلام عن صيد الحمام بالامصار)(2).
ولا يجوز أخذ الفراخ(3) من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض.(4)
4146 - وروى ابن أبي عمير، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن أعين أنه قال: (والله ما رأيت مثل أبي جعفر عليه السلام قط سألته فقلت: أصلحك الله ما يؤكل من الطير فقال: كل ما دف ولا تأكل ما صف، قال: قلت: البيض في الآجام؟ قال: كل ما استوى طرفاه فلا تأكل(5)، وكل ما اختلف طرفاه فكل، قلت فطير الماء؟ قال: كل ما كانت له قانصة فكل، وما لم تكن له فانصة فلا تأكل)(6).


______________
____ (1) روى الكلينى ج 6 ص 222 بسند فيه ارسال عن أبى عبدالله (ع) قال: " إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه ". وروى في الصحيح " سأل البزنطى عن الرضا (ع) عن رجل يصيد الطير يساوى دراهم كثيرة، وهو مستوى الجناحين، ويعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه، فقال: لا يحل له امساكه يرده عليه، فقلت له: فان صاد ما هو مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا؟ قال: هوله ".
(2) دعائم الاسلام مرسلا عنه عليه السلام.
(3) لانه لا يملك جناحيه. ولعل المراد بالاخذ الاصطياد.
(4) في الدروس: يكره أخذ الفراخ من أعشاشها.
(5) حمل على الاشتباه والا فهو تابع للحيوان.
(6) رواه الكلينى ج 6 ص 247 في الحسن كالصحيح. وقال في الصحاح: " القانصة واحدة القوانص وهى للطير بمنزلة المصارين لغيرها ". والمراد المعاء، وفى القاموس نحوه، وفى مجمع البحرين " هى للطير بمنزلة الكرش والمصارين لغيره " وقال بعض اللغويين: القانصة اللحمة الغليظة جدا يجتمع فيها كل ما تنقر من الحصى الصغار بعد ما انحدر من الحوصلة، ويقال له بالفارسية " سنگدان " كما يقال للحوصلة " چينه دان ". و هذا المعنى هو الصواب لموافقتها للاخبار، ففى الكافى في الصحيح عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله (ع) قال: " قلت له: الطير ما يؤكل منه؟ فقال: لا يؤكل منه مالم تكن له قانصة " والمعدة موجودة في كل الطيور. والمعروف أن الطير إذا كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة أو كان دفيفه أكثر من صفيفه حلال سواء كان من طير الماء أو البر، وأما ما نص على تحريمه فلا عبرة بالعلامات.

[322]

وفي حديث آخر: إن كان الطير يصف ويدف فكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلم يؤكل، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية ولا يؤكل ماليست له قانصة أو صيصية(1).
4147 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام)(2).
4148 - وروى صفوان بن يحيى، عن محمد بن الحارث(3) قال: (سألت أبا الحسن عليه السلام عن طير الماء مما يأكل السمك منه يحل؟ قال: لابأس به كله).
4149 - وسأل كردين المسمعي أبا عبدالله عليه السلام (عن الحبارى(4) فقال: لوددت أن عندي منه فآكل حتى أمتلي).
4150 - وسأل زكريا بن آدم(5) أبا الحسن عليه السلام (عن دجاج الماء، فقال: إذا كان يلتقط غير العذرة فلابأس به).
4151 - وسأل عبدالله بن سنان(6) أبا عبدالله عليه السلام (عن بيض طير الماء، فقال:


______________
(1) كأن المراد بالحديث ما يأتى في المجلد الرابع باب النوادر - آخر أبواب الكتاب - في وصية النبى لعلى عليهما السلام " يا على كل من البيض ما اختلف طرفاه، ومن السمك ما كان له قشور، ومن الطير مادف واترك ما صف، وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيمية " والصيصية - بكسر أوله بغير همز - الاصبع في باطن جل الطائر بمنزلة الابهام من بنى آدم لانها شوكة ويقال للشوكة: الصيصية أيضا.
(2) رواه الكلينى في الكافى ج 6 ص 245 في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أبى - عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 343 في الحسن كالصحيح عن نجبة بن الحارث.
(4) الحبارى - بضم المهملة مقصورا -: طائر معروف يضرب به المثل في البلاهة
(5) طريق المصنف إلى زكريا بن آدم صحيح وهو ثقة جليل القدر من أصحاب أبى الحسن الرضا عليه السلام، قبره بفم المشرفة.
(6) الطريق اليه صحيح وهو ثقه. والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 342 في ذيل حديث عنه.

[323]

ما كان منه مثل بيض الدجاج يعني على خلقته فكل).
4152 - وقال الصادق عليه السلام: (كل من السمك ما كان له فلوس، ولا تأكل منه ما ليس له فلس)(1).
4153 - وروى حماد، عن أبي أيوب أنه سأل أباعبدالله عليه السلام (عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء فماتت أتؤكل؟ قال: لا)(2).
4154 - وسأله عبدالرحمن بن سيابة(3) " عن السمك يصاد ثم يجعل في شئ ثم يعاد في الماء فيموت فيه، فقال: لا تأكل لانه مات في الذي فيه حياته).(4)
4155 - وروى أبان، عن زرارة قال: قلت له: (سمكة ارتفعت فوقعت على الجدد فاضطربت حتى ماتت آكلها؟ قال: نعم)(5).
4156 - وروى القاسم بن بريد(6)، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام


______________
(1) روى الكليني ج 6 ص 219 نحوه في ذيل حديث عن أبي جعفر عليه السلام كالصحيح.
(2) الطريق صحيح ومروى في الكافى في الحسن كالصحيح.
(3) طريق المصنف اليه غير مذكور في المشيخة، ورواه الكلينى بسند فيه عبدالله بن محمد وهو مشترك بين جماعة أكثرهم غير موثقين.
(4) في بعض النسخ " مات في الذى منه حياته " ويدل على حرمة ما مات في الماء وان اخرج قبل ذلك والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الاصحاب.
(5) في التهذيبين " السمك يثب من الماء فيقع على الشط فيضطرب حتى يموت، فقال: كلها " وحمله الشيخ على أنه لما خرجت من الماء أخذها وهى حبة ثم ماتت، ولو ماتت قبل أن يأخذها لم يجز أكلها، واستدل على ذلك بصحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: " سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصلح أكلها فقال: ان أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها، وان ماتت من قبل أن تأخذها فلا تأكلها " والجد بالفك والادغام: شاطئ النهر.
(6) القاسم بن البريد ثقة والطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان، ورواه الكلينى في الكافى ج 6 ص 217 في الصحيح.

[324]

(في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع إلي بيته وتركها منصوبة، ثم أتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فموتن(1) فقال: ما عملت يده فلابأس بأكل ما وقع فيه)(2).
4157 - وسأل أبوالصباح الكناني أباعبدالله عليه السلام (عن الحيتان يصيدها المجوس، قال: لابأس بها إنما صيد الحيتان أخذها)(3).
4158 - وفي رواية عبدالله بن سنان(4) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (لابأس بكواميخ(5) المجوس، ولابأس بصيدهم السمك).
4159 - قال: (وسألته عن الحظيرة من القصب تجعل للحيتان في الماء فيدخلها الحيتان فيموت بعضها فيها، قال: لابأس)(6).
4160 - وسأله الحلبي (عن صيد الحيتان وإن لم يسم، فقال: لابأس به)(7).


______________
(1) بصيغة المجهول من التمويت، ويمكن حمله على أنهن أشرفن على الموت حتى إذا خرجت الشبكة من الماء متن، وفي بعض النسخ " متن " كما في الكافى، وقال العلامة المجلسى يعنى كلها أو بعضها فاشتبه الحى الميت كما فهمه الاكثر.
(2) عمل بظاهره ابن أبى عقيل، وأكثر المتأخرين على خلافه، وأجابوا عن هذه الصحيحة وما في معناها بعدم دلالته صريحا على الموت في الماء فلعله مات خارج الماء والاصل الاباحة كما في المسالك.
(3) أى لا يعتبر في حليتها سوى الاخذ.
(4) رواه الشيخ في التهذيبين في الصحيح عنه.
(5) الكواميخ - جمع كامخ -: ادام يؤتدم به وهو معرب.
(6) حمله الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 62 على ما إذا لم يتميز له مامات في الماء مما لم يمت فيه واخرج منه جاز أكل الجميع وأما مع التميز فلا يجوز على حال، واستدل على ذلك بصحيحة عبدالرحمن (ولعله ابن سيابة) قال: أمرت رجلا يسأل أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل صاد سمكا وهن أحياء ثم أخرجهن بعد مامات بعضهن فقال: ما مات فلا تأكله فانه مات فيما فيه حياته ".
(7) رواه الكلينى ج 6 ص 216 في الحسن كالصحيح، ويدل على ما هو المقطوع في كلام الاصحاب من عدم اشتراط التسمية في صيد السمك وأنه لا يعتبر فليه لا الاخراج من الماء حيا. (المرأة) (*)

[325]

4161 - وقال الصادق عليه السلام: (لا تأكل الجري، ولا المارماهي، ولا الزمير ولا الطافي(1) وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء).
وإن وجدت سمكا ولم تعلم أذكي هو أو غير ذكي وذكاته أن يخرج من الماء حيا فخذمنه فاطرحه في الماء فإن طفا على الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي، وإن كان على وجهه فهو ذكي.
وكذلك إذا وجدت لحما ولا تعلم أذكي هو أم ميتة فألق منه قطعة على النار فان تقبض فهو ذكي، وإن استرخى على النار فهو ميتة(2).
4162 - وروي (فيمن وجد سمكا ولم يعلم أنه مما يؤكل أولا فإنه يشق


______________
(1) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 340 في الحسن عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " الجرى والمار ماهى والطافى حرام في كتاب على عليه السلام "، وروى الكلينى ج 6 ص 220 في الموثق عنه عليه السلام قال: " لا تأكل الجريث ولا المارماهى ولا طافيا ولا طحالا لانه بيت الدم ومضغة الشيطان ". وفى القاموس الجرى - بالكسر -: سمك طويل أملس لا تأكله اليهود وليس عليه فصوص، والزمير كسكيت -: نوع من السمك، وطفا فوق الماء: علاه، و قال في المسالك: حيوان البحر اما أن يكون له فلس كالانواع الخاصة من السمك ولا خلاف بين المسلمين في كونه حلالا وما ليس على صورة السمك من أنواع الحيوان فلا خلاف بين أصحابنا في تحريمه، وبقى من حيوان البحر ما كان من السمك وليس له فلس كالجرى والمارماهى والزمار، وقد اختلف الاصحاب في حله بسبب اختلاف الروايات فيه، فذهب الاكثر ومنهم الشيخ - رحمه الله - في أكثر كتبه إلى التحريم.
(2) كما روى الكلينى في الكافى ج 6 ص 261 بسند فيه من لم يوثق عن شعيب عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل دخل قرية فأصاب بها لحما لم يدر أذكى هو أم ميت، قال: يطرحه على النار، فكل ما انقبض فهو ذكى وكل ما انبسط فهو ميت " وقال في المسالك: هذا هو المشهور خصوصا بين المتقدمين، وقال الشهيد الثانى: لم أجد أحدا خالف فيه الا المحقق في الشرايع والفاضل فانهما أورداه بلفظة " قيل " المشعر بالضعف مع أن المحقق وافقهم في النافع، وفى المختلف لم يذكره من مسائل الخلاف ولعله لذلك، وادعى بعضهم عليه الاجماع و قال الشهيد: هو غير بعيد ويؤيد موافقة ابن ادريس عليه، والاصل فيه رواية شعيب وظاهرها أنه لايحكم بحل اللحم وعدمه باختبار بعضه بل لابد من اختبار كل قطعة منه على حدة.

[326]

أصل ذنبه(1) فإن ضرب إلى الخضرة فهو مما لايؤكل، وإن ضرب إلي الحمرة فهو مما يؤكل)(2).
وإن ابتلعت حية سمكة ثم رمت بها وهي حية تضطرب، فإن كان فلوسها قد تسلخت لم تؤكل وإن لم يكن فلوسها تسلخت اكلت(3).


______________
(1) في بعض النسخ " يفشق أصل ذنبه "، والفشق: الكسر. وفى بعض النسخ " اذنيه " بدل " ذنبه " ولعله أصوب، وضرب اليه أى مال.
(2) لم أجده مسندا.
(3) روى الكلينى ج 6 ص 218 بسند فيه جهالة عن أيوب بن أعين عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهى حية تضطرب أفا كلها؟ فقال عليه السلام: ان كانت فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها، وان كانت لم تنسلخ فكلها "، وقال الشيخ في النهاية بحليتها مالم يتسلخ مطلقا ولم يعتبر ادراكها حية تضطرب لهذه الرواية وهى كما ترى لا تدل على مذهبه، واشترط المحقق وابن ادريس وجملة من المتأخرين أخذه لها حبة لان ذلك هو ذكاة السمك، أقول، لعل النهى عن أكل ما تسلخت فلوسها للتحرز عن السم أو التأثير أثير معدتها وخلطه بلحم السمكة لا لبيان حكم الحلية والحرمة من جهة الذكاة وعدمها فلا وجه للتمسك بها من هذه الجهة. والله أعلم.