نكت في حج الانبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين

2274 - قال أبوجعفر عليه السلام: " أتى آدم عليه السلام هذا البيت ألف أتية على قدميه منها سبعمائة حجة وثلاثمائة عمرة، وكان يأتيه من ناحية الشام، وكان يحج على ثور والمكان الذي يبيت فيه عليه السلام الحطيم - وهو ما بين باب البيت والحجر الاسود - وطاف

[230]

آدم عليه السلام قبل أن ينظر حواء مائة عام، وقال له جبرئيل عليه السلام: حياك الله و بياك(1) - يعني أضحكك الله".
2275 - وقال الصادق عليه السلام: " لما أفاض آدم عليه السلام من منى تلقته الملائكة بالابطح فقالوا: يا آدم بر حجك(2) أما إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام ".
2276 - و " نزل جبرئيل عليه السلام(3) بمهاة من الجنة - وروي بياقوتة حمراء - فأدارها على رأس آدم وحلق رأسه بها "(4).
2277 - وروي أنه " كان طول سفينة نوح عليه السلام ألفا ومائتي ذراع وعرضها مائة ذراع وطولها في السماء ثمانين ذراعا فركب فيها فطافت بالبيت سبعة أشواط وسعت بين الصفا والمروة سبعا ثم استوت على الجودي(5) ".
2278 - وسئل الصادق عليه السلام " عن الذبيح من كان فقال: إسماعيل عليه السلام لان الله عزوجل ذكر قصته في كتابه، ثم قال: " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ".
وقد اختلفت الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل، ومنها ما ورد


______________
(1) " حياك الله " أى أبقاك أو فرحك أو سلم عليك، و " بياك " هو تابع حياك، معناه أصلحك أو أضحكك. وفى بعض النسخ " حياك الله ولباك " أى أجاب تلبيتك وقبل حجتك.
(2) " بر " بفتح الباء وضمها وشد الراء فهو مبرور من البر وهو الصلة والخير والاتساع في الاحسان وقيل: الحج المبرور مالا يخالطه شئ من المآثم وقيل هو المقبول المقابل بالبر و هو الثواب (الوافى) أقول: والمراد بحج الملائكة الطواف.
(3) كما في الكافى ج 4 ص 195. والمهاة: البلورة أو الدرة كما سيفسرها المؤلف.
(4) روى الكلينى ج 4 ص 265 مسندا عن على بن محمد العلوى قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن آدم حيث حج بما حلق رأسه؟ فقال: نزل عليه جبرئيل عليه السلام بياقوتة من الجنة فامرها على رأسه فتناثر شعره ".
(5) في الكافى ج 4 ص 212 " كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتى ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء مائتين ذراعا فطافت الخ ".

[231]

بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها، وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه، وكان يصبر لامر الله عزوجل ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم الله عزوجل ذلك من قبله فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك، وقد ذكرت إسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق عليه السلام.
2279 - وسئل الصادق عليه السلام " أين أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه؟ فقال: على الجمرة الوسطى ".
ولما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه صلى الله عليهما قلب جبرئيل عليه السلام المدية واجتر الكبش من قبل ثبير(1) واجتر الغلام من تحته ووضع الكبش مكان الغلام و نودي من ميسرة مسجد الخيف: " أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلؤا المبين.
وفديناه بذبح عظيم " يعني بكبش أملح يمشي في سواد، ويأكل في سواد، وينظر في سواد، ويبعر في سواد، ويبول في سواد، أقرن فحل، وكان يرتع في رياض الجنة أربعين عاما(2).
قال مصنف الكتاب - رضيه الله عنه -: لم احب تطويل هذا الكتاب بذكر القصص لان قصدي كان بوضع هذا الكتاب على إيراد النكت وقد ذكرت القصص مشروحة في كتاب النبوة.
2280 - " وإن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة(3) فكان الناس يحجون من مسجد الصفا "(4).


______________
(1) ثبير كامير جبل بمكة.
وفى الكافى ج 4 ص 20 " واجتر الغلام من تحته و تناول جبرئيل الكبش من قلة ثيبر فوضعه تحته".
(2) كما في الكافى ج 4 ص 209 عن أبى بصير ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام.
(3) في الكافى ج 4 ص 209 مسندا عن حماد بن عثمان عن الحسن بن نعمان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام بين الصفا والمروة ".
(4) لعل المراد الطواف أى يطوفون حول الكعبة إلى الصفا.
والخبر في التهذيب ج 1 ص 576 إلى هنا عن حماد عن الحسين بن نعيم عنه عليه السلام وهو الصواب.

[232]

2281 - وقد روي " أن إبراهيم عليه السلام خط ما بين الحزورة إلى المسعى(1) ".
وأول من كسا البيت إبراهيم عليه السلام(2).
2282 - وروي " أن إبراهيم عليه السلام لما قضى مناسكه أمره الله عزوجل بالانصراف فانصرف".
وماتت ام إسماعيل فدفنها في الحجر وحجر عليه لئلا يوطأ قبرها(3).
وبقي إسماعيل عليه السلام وحده، فلما كان من قابل أذن الله عزوجل لابراهيم عليه السلام في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب تحج البيت وكان ردما(4) إلا أن قواعده معروفة.
وكان إسماعيل عليه السلام لما صدر الناس جمع الحجارة وطرحها في جوف الكعبة، فلما قدم ابراهيم عليه السلام كشف هو وإسماعيل عنها فإذا هو حجر واحد أحمر، فأوحى الله عزوجل إليه ضع بناء‌ها عليه وأنزل عليه أربعة أملاك.
فلما تم بناؤه قعد على كل ركن ثم نادى هلم إلى الحج هلم إلى الحج فلو ناداهم هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكنه نادى إلى الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء لبيك داعي الله لبيك داعي الله، فمن لبى مرة حج مرة، ومن لبى عشرا حج عشرا حجج، ومن لم يلب لم يحج(5).
وكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يضعان الحجارة ويرفعان لها القواعد والملائكة


______________
(1) الحزورة وزان قسورة موضع كان به سوق مكة بين الصفا والمروة قريب من موضع النخاسين وهو معروف أو عند باب الحناطين. وقوله " إلى المسعى " أى مبتدأ السعى هو الصفا.
(2) سيأتى ما يدل على أن المراد أن ابراهيم عليه السلام أول من كسا البيت بالخصف وأن آدم عليه السلام أول من كساه وكساه بالشعر.
(3) كما روى الكلينى ج 4 ص 210 باسناده عن أبى بكر الحضرمى عن أبى عبدالله عليه السلام.
(4) كما في الكافى ج 4 ص 203، والردم ما يسقط من الجدار المنهدم، وردمت الثلمة ونحوها ردما سددتها. وفى مكة موضع يقال له الردم كأنه تسمية بالمصدر. (المصباح)
(5) كما هو مروى عن أبى عبدالله عليه السلام في العلل ص 419 والكافى ج 4 ص 203.

[233]

يناولونهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا، فلما انتهى إلى موضع الحجر ناداه أبوقبيس يا إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، وهيأ له بابين بابا يدخل منه وبابا يخرح منه وجعلا عليه عتبا وشريجا(1) من جريد على أبوابها.
وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم عليه السلام وقد سوى البيت وأقام إسماعيل عليه السلام فتزوج إسماعيل امرأة من العمالقة وخلى سبيلها، وتزوج اخرى حميرية فكانت عاقلة فتأملت بابي البيت فقالت لاسماعيل عليه السلام: هلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من ههنا وسترا من ههنا؟ فقال لها: نعم فعملت للبيت سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما إسماعيل عليه السلام على البابين فأعجبها ذلك فقالت: فهلا أحوك للكعبة ثيابا تسترها كلها فإن هذه الاحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل عليه السلام: بلى فأسرعت في ذلك وبعث إلى قومها تستغزلهم، وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذلك فكلما فرغت من شقة علقتها، فجاء الموسم وقد بقي وجه واحد من وجوه الكعبة فقالت لاسماعيل عليه السلام: كيف نصنع بهذا الوجه؟ فكسوه خصفا(2) فلما جاء الموسم نظرت العرب إلى أمر أعجبهم فقالوا: ينبغي أن نهدي إلى عامر هذا البيت فمن ثم وقع الهدي، فجعل يأتي الكعبة كل فخذ من العرب بشئ من ورق وغيره حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا الكسوة وعلقوا على البيت بابين.
ولم تكن الكعبة مسقفة فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل الاعمدة التي ترون من خشب، وسقفها بالجرائد، وسواها بالطين، فجاء‌ت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها فقالوا: ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد، فلما كان من قابل جاء‌ه الهدي فلم يدر إسماعيل عليه السلام ما يصنع به، فأوحى الله عزوجل إليه أن انحره وأطعمه الحاج.


______________
(1) الشريج ما يضم من القصب ويجعل على الحوانيت كالابواب. (المصباح)
(2) الخصف شئ يعمل من الخوص والنخل. وقيل المراد به هنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها.

[234]

وانقطع ماء زمزم فشكى إسماعيل إلى إبراهيم عليهما السلام قلة الماء فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام وأمره بالحفر فحفر هو وإسماعيل وجبرئيل عليهم السلام حتى ظهر ماؤها(1) وضرب في أربع زوايا البئر، وقال في كل ضربة بسم الله، فتفجرت بأربعة أعين فقال له جبرئيل عليه السلام: اشرب يا إبراهيم وادع لولدك فيها بالبركة وأفض عليك من الماء، وطف بهذا البيت فهذه سقيا سقاها الله تعالى لاسماعيل وولده(2).
وأما قول الله عزوجل " فيه آيات بينات مقام إبراهيم " فأحدها أن إبراهيم عليه السلام حين قام على الحجر أثر قدماه فيه، والثانية الحجر، والثالثة منزل إسماعيل عليه السلام(3).
2283 - وروي " أن موسى عليه السلام أحرم من رملة مصر(4) وأنه مر في سبعين نبيا على صفائح الروحاء عليهم العباء القطوانية(5) يقول: لبيك عبدك وابن عبديك لبيك ".
2284 - وروي في خبر آخر " أن موسى عليه السلام مر بصفائح الروحاء على جمل أحمر، خطامه من ليف عليه عباء‌تان قطوانيتان وهو يقول: " لبيك يا كريم


______________
(1) قال العلامة المجلسى في مرآة العقول: لعل ماء زمزم كان أول ظهوره بتحريك اسماعيل عليه السلام رجله على وجه الارض ثم يبس فحفر ابراهيم عليه السلام في ذلك المكان حتى ظهر الماء ويحتمل أن يكون الحفر لازدياد الماء فيكون المراد بقوله عليه السلام " حتى ظهر ماؤها " أى ظهر ظهورا بينا بمعنى كثر.
(2) راجع الكافى حديث كلثوم بن عبدالمؤمن الحرانى عن الصادق عليه السلام ج 4 ص 203 إلى 205.
(3) كما في الكافى ج 4 ص 223 مسندا عن أبى عبدالله عليه السلام.
(4) في المراصد: الرملة واحدة الرمل: مدينة بفلسطين، كانت قصبتها، وكانت رباطا للمسلمين وبينها وبين بيت المقدس اثنا عشر ميلا وهى كورة منها انتهى، وقال الجوهرى: رملة مدينة بالشام، وقال العلامة المجلسى يحتمل أن نسبتها إلى مصر لكونها في ناحيتها، أو يكون في مصر أيضا رملة اخرى انتهى.
وقيل: موضع في طريق مصر.
(5) الصفح الجانب ومن الجبل مضجعه والجمع صفاح، والصفائح: حجارة عراض رقاق.
(القاموس)، والروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة.
والقطوانية: عباء‌ة بيضاء قصيرة الخمل.

[235]

لبيك " ومر يونس بن متى عليه السلام بصفائح الروحاء وهو يقول لبيك كشاف الكرب العظام لبيك " ومر عيسى بن مريم عليهما السلام بصفائح الروحاء وهو يقول: " لبيك عبدك ابن أمتك، لبيك " ومر محمد صلى الله عليه وآله بصفائح الروحاء وهو يقول: " لبيك ذا المعارج لبيك "(1).
وكان موسى عليه السلام يلبي وتجيبه الجبال.(2) وسميت التلبية إجابة لانه أجاب موسى عليه السلام ربه عزوجل وقال: لبيك(3).
2285 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن سليمان عليه السلام قد حج البيت في الجن والانس والطير والرياح وكسا البيت القباطي(4) ".
2286 - وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن آدم عليه السلام هو الذي بنى البيت ووضع أساسه وأول من كساه الشعر، وأول من حج إليه، ثم كساه تبع بعد آدم عليه السلام الانطاع(5) ثم كساه إبراهيم عليه السلام الخصف، وأول من كساه الثياب سليمان بن داود عليهما السلام كساه القباطي ".
2287 - وقال الصادق عليه السلام: " لما حج موسى عليه السلام نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له موسى: يا جبرئيل ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة؟ قال: لا أدري حتى أرجع إلى ربي عزوجل، فلما رجع قال الله عزوجل: يا جبرئيل ما


______________
(1) رواه الكلينى ج 4 ص 213 من حديث هشام بن الحكم عن أبى عبدالله عليه السلام.
(2) كما في العلل ص 418 رواه عن أبى جعفر عليه السلام.
(3) في الكافى ج 4 ص 214 باسناده عن زيد الشحام عمن رواه عن أبى جعفر عليه السلام قال: " حج موسى بن عمران عليه السلام ومعه سبعون نبيا من بنى اسرائيل " خطم ابلهم من ليف، يلبون وتجيبهم الجبال، وعلى موسى عباء‌تان قطوانيتان يقول: لبيك عبدك ابن عبدك ".
(4) القباطى جمع القبطى منسوب إلى القبط بالكسر: ثوب يعمل في القبط و هى بلدة أو ناحية.
(5) الانطاع جمع نطع وهو بساط من الاديم.

[236]

قال لك موسى؟ وهو أعلم بما قال، قال: يا رب قال لي: ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة، قال الله عزوجل: ارجع إليه وقل له: أهب له حقي وارضي عنه خلقي، قال: فقال: يا جبرئيل فما لمن حج هذا البيت بنية صادقة ونفقة طيبة؟ قال: فرجع إلى الله تعالى فأوحى الله إليه قل له: أجعله في الرفيق الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك وفيقا ".
2288 - ونزلت المتعة(1) على النبي صلى الله عليه وآله عند المروة بعد فراغه من السعي(2) فقال: يا أيها الناس هذا جبرئيل - وأشار بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لقعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدي(3) وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكناني(4) فقال: يا رسول الله علمتنا ديننا فكأننا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو للابد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا بل لابد الابد، وإن رجلا قام(5) فقال: يا رسول الله نخرج حاجا ورؤوسنا تقطر(6)


______________
(1) راجع الكافى ج 4 ص 245 إلى 247 رواه في الصحيح عن الصادق عليه السلام.
(2) قال سلطان العلماء رحمه الله: كان صلى الله عليه وآله محرما بالحج وهذه الواقعة قبل الوقوف بعرفات فالمراد بالسعى اما الندب فلا خلاف في جواز تقديمه وتقديم الطواف المندوب على الوقوفين إذا دخل المفرد والقارن مكة، أو الواجب بناء على مذهب الاكثر من تقديم الطواف والسعى الواجب لهما على الوقوفين إذا دخلا مكة.
(3) يعنى لو جاء‌نى جبرئيل بحج التمتع وادخال العمرة في الحج قبل سياقى الهدى كما جاء‌نى بعد ما سقت الهدى لصنعت مثل ما أمرتكم يعنى لتمتعت بالعمرة وما سقت الهدى.
(4) هو سراقة بن مالك بن جعشم بن ملك بن عمرو بن مالك ينتهى نسبه إلى كنانة المدلجى يكنى أبا سفيان من مشاهير الصحابة وهو الذى لحق النبى صلى الله عليه وآله حين خرج مهاجرا إلى المدينة وقصته معروفة مشهورة وقد صحف في بعض النسخ " بسراقة بن مالك ابن خثعم ".
(5) هو عمر بن الخطاب ثانى الخلفاء كما صرح به في غير واحد من المصادر العامية كالصحاح.
(6) أى من ماء غسل الجنابة.

[237]

فقال: إنك لن تؤمن بهذا أبدا، وكان علي عليه السلام باليمن فلما رجع وجد فاطمة عليها السلام قد أحلت فجاء النبي صلى الله عليه وآله مستفتيا ومحرشا على فاطمة عليها السلام(1)، فقال له: أنا أمرت الناس بذلك فبم أهللت(2) أنت يا علي؟ فقال: إهلالا كإهلال النبي صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله: كن على إحرامك مثلي فأنت شريكي في هديي، وكان النبي صلى الله عليه وآله ساق معه مائة بدنة فجعل لعلي عليه السلام منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده ثم أخذ من كل بدنة جذوة(3) وطبخها في قدر وأكلا منها وتحسيا من المرق(4) فقال: قد أكلنا الآن منها جميعا ولم يعطيا الجزارين جلودها و لاجلالها ولا قلائدها ولكن تصدقا بها ".
2289 - و " كان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول: من فيكم مثلي وأنا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في هديه، من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله هديي بيده ".
2290 - وروي " أن رسول الله صلى الله عليه وآله غدا من منى في طريق ضب(5) ورجع من بين المأزمين(6) وكان عليه السلام إذا سلك طريقا لم يرجع فيه(7) ".
2291 - وروي " أنه عليه السلام حج عشرين حجة مستسرا وفي كلها يمر بالمأزمين


______________
(1) في النهاية: ومنه حديث على في الحج " فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله محرشا على فاطمة عليها السلام " أراد بالتحريش ههنا ذكر ما يوجب عتابه لها.
(2) أى بم أحرمت؟ بالحج أو العمرة.
(3) الجذوة القطعة وهى مثلثة.
(4) أى شربا المرق شيئا بعد شئ، والحسوة بالضم والفتح: الجرعة من الشراب مل‌ء الفم.
وفى الكافى " وحسيا من مرقها ".
(5) الضب بفتح المعجمة وشد الباء الموحدة واحد ضباب: اسم الجبل الذى مسجد الخيف في أصله.
(6) المأزم: كل طريق ضيق بين جبلين، ومنه سمى الموضع الذى بين المشعر وبين عرفة مأزمين (الصحاح).
(7) رواه الكلينى ج 4 ص 248 في الصحيح عن اسماعيل بن همام عن أبى الحسن (ع).

[238]

فينزل ويبول(1) ".
واعتمر عليه السلام تسع عمر(2) ولم يحج حجة الوداع إلا وقبلها حج.
2292 - وروى محمد بن أحمد السناني، وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق، قالا: حدثنا أبوالعباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبدالله ابن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي(3) عن سليمان بن مهران قال: قلت لجعفر بن محمد عليهما السلام: " كم حج رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: عشرين حجة مستسرا في كل حجة يمر بالمأزمين فينزل فيبول، فقلت له: يا ابن رسول الله ولم كان ينزل هناك فيبول؟ قال: لانه موضع عبد فيه الاصنام ومنه أخذ الحجر الذي نحت هبل الذي رمى به علي عليه السلام من ظهر الكعبة لما علا ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر به فدفن عند باب بني شيبة فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنة لاجل ذلك، قال سليمان: فقلت: فكيف صار التكبير يذهب


______________
(1) رواه الكلينى ج 4 ص 244 في الحسن عن ابن أبى يعفور عن الصادق عليه السلام وفيه " عشر حجات " وفى الضعيف ج 4 ص 252 كما في المتن وروى في الموثق كالصحيح عن عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال: " حج رسول الله صلى الله عليه وآله عشرين حجة " وفى الموثق عن غياث بن ابراهيم عنه عليه السلام قال: " لم يحج النبى صلى الله عليه وآله بعد قدومه المدينة الا واحدة وقد حج بمكة مع قومه حجات ". والظاهر أن المراد بالعشر بعد البعثة وبالعشرين ما يعم ما قبلها وما بعدها. وسبب الاستسرار النسئ الذى يعمله قريش.
(2) لم نعثر على رواية تدل عليه، وفى الكافى ج 4 ص 251 " ثلاث عمر " ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ حيث فسرت في الكافى عمرة الحديبية وعمرة القضاء ومن الجعرانة حين أقبل من الطائف وكلهن في ذى القعدة.
وفى الخصال ص 200 بسند عامى عن ابن عباس قال: " ان النبى صلى الله عليه وآله اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة (يعنى حين منصرفه من غزوة الطائف)، والرابعة التى مع حجته " يعنى حجة الوداع وهو غريب، وسيأتى من المؤلف في باب العمرة في أشهر الحج حديث بأنه صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذى القعدة.
(3) في بعض النسخ " أبى الحسن القندى " والسند عامى.

[239]

بالضغاط هناك(1)؟ قال: لان قول العبد: " الله أكبر " معناه الله أكبر من أن يكون مثل الاصنام المنحوتة والالهة المعبودة دونه، وأن إبليس في شياطينه يضيق على الحاج مسلكهم في ذلك الموضع فإذا سمع التكبير طار مع شياطينه وتبعتهم الملائكة حتى يقعوا في اللجة الخضراء.
قلت: وكيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ فقال: لان الصرورة قاضي فرض مدعو إلى حج بيت الله فيجب أن يدخل البيت الذي دعي إليه ليكرم فيه(2) فقلت: وكيف صار الحلق عليه واجبا دون من قد حج؟ فقال: ليصير بذلك موسما بسمة الامنين، ألا تسمع قول الله عزوجل يقول: " لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون " فقلت: فكيف صار وطأ المشعر الحرام عليه فريضة(3)؟ قال: ليستوجب بذلك وطأ بحبوحة الجنة ".
2293 - وروي معاوية بن عمارعن أبي عبدالله عايه السلام قال: " الذى كان على بدن النبي صلى الله عليه وآله ناجية بن الخزاعي الاسلمي، والذي حلق رأسه عليه السلام يوم الحديبية خراش بن امية الخزاعي، والذي حلق رأسه في حجته معمر بن عبدالله ابن حارث(4) بن نصر بن عوف بن عويج بن عدي بن كعب فقيل له وهو يحلقه: يا معمر اذن رسول الله صلى الله عليه وآله في يدك(5) قال: والله إني لاعده فضلا علي من الله عظيما، و


______________
(1) يدل على استحباب التكبير لرفع الضغاط بالازدحام.
(2) يدل على استحباب دخول الكعبة للصرورة وعلى وجوب الحلق.
(3) الظاهر أن المراد بالمشعر الحرام المسجد الذى على قزح أو أصل جبل قزح والمراد بوطئه أن يكون راجلا وان لم يكن حافيا فان لم يمكنه فراكبا ببعيره كما سيجيئ.
(4) في الكافى " الحراثة " مكان حارث، وفى أسماء آباء معمر اختلاف راجع الاصابة واسد الغابة وجمهرة أنساب العرب لابن حزم وتهذيب التهذيب وغيرها.
(5) زاد في الكافى " وفى يدك الموسى " وقال الفيض رحمه الله كأن قريشا كنوا بما قالوا عن قدرة معمر على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتمنوا أن لو كانوا مكانه فقتلوه، وربما يوجد في بعض نسخ الكافى " أذى " بدل " أذن " والمعنى حينئذ أن ما يوجب الاذى.

[240]

كان معمر بن عبدالله يرجل شعره(1) عليه السلام(2) وكان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار(3) وقطع التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة(4) ".
2294 - و " قد أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله في ثوبي كرسف(5) ".
2295 - و " إن رسول الله صلى الله عليه وآله طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة وقال: " الحمد لله الذي شرفك وعظمك، والحمد لله الذي بعثني نبيا وجعل عليا إماما، اللهم اهد له خيار خلقك، وجنبه شرار خلقك(6) ".


______________
(1) في الكافى ج 4 ص 250 " يرحل لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معمر ان الرحل الليلة لمسترخى " وهكذا في التهذيب، وقال في الصحاح: رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل.
ويمكن أن يكون أصل نسخة الفقيه " يرحل بعيره " فصحف بيد النساخ لقرب الكتابة.
(2) إلى هنا مروى في الكافى في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في باب حج النبى صلى الله عليه وآله مع زيادة لم يذكرها المصنف رحمه الله.
(3) العبر بالكسر: ما أخذ على غربى الفرات إلى برية العرب يسمى العبر، واليه ينسب العبريون من اليهود لانهم لم يكونوا عبروا الفرات حينئذ، والظفار بفتح أوله والبناء على الكسر كقطام وحذام: مدينتان باليمن أحداهما قرب صنعاء ينسب اليها الجزع الظفارى، بها كان مسكن ملوك حمير، وقيل: ظفار مدينة صنعاء نفسها. (المراصد)
(4) إلى هنا من حديث معاوية بن عمار كما في الكافى ج 4 ص 339 و 462 والظاهر أن المصنف أخذه من كتاب حج معاوية بن عمار رأسا، لكن الكلينى نقله بتقطيع في تضاعيف أبواب كتاب الحج في كل باب ما يناسبه.
(5) رواه الكلينى في الكافى ج 4 ص 339 بسند فيه ارسال عن بعض الائمة عليهم السلام.
ويمكن أن يكون من تتمة خبر معاوية بن عمار.
(6) رواه الكلينى ج 4 ص 410 بسند مرسل عن أبى الحسن موسى عليه السلام.