باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا

1884 روى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق ".(4)
1885 وروى عبدالمؤمن بن القاسم الانصاري(5) عن أبي جعفر عليه السلام " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: هلكت وأهلكت(6) فقال: وما أهلكك؟ قال: أتيت


______________
(4) ظاهره كفاية كفارة واحدة بسبب الافطار في يوم واحد سواء وقع منه الاتيان بمفطر واحد أو مختلف لترك الاستفصال. (مراد)
(5) في طريق الحكم بن مسكين وأبوكهمس وهما مجهولان.
(6) يقال لمن ارتكب أمرا عظيما: هلكت وأهلكت من باب التفعيل والافعال.

[116]

امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أطيق، قال: تصدق على ستين مسكينا، قال: لا أجد فأتي النبي صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل(1) فيه خمسة عشرا صاعا من تمر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: خذها فتصدق بها، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها(2) أهل بيت أحوج إليه منا، فقال: خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك "(3).
1886 وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبدالله عليه السلام " إن المكتل الذي أتي به النبي صلى الله عليه وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر "(4).
1887 وروى إدريس بن هلال(5) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، قال: عليه عشرون صاعا من تمر، فبذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك ".
1888 وروى محمد بن النعمان عنه عليه السلام أنه " سئل عن رجل أفطر يوما من


______________
(1) العذق بالكسر: عنقود التمر أو العنب، والقنو من النخلة.
والمكتل شبيه الزنبيل تسع خمسة عشر صاعا.
(2) اللابة: الحرة، ولابتا المدينة حرتان تكتنفانها، والحرة بالفتح والتشديد أرض ذات أحجار سود.
(3) استدل بهذا الخبر على وجوب الترتيب في الكفارة وحمل على الاستحباب وان كان ظاهره الوجوب جمعا بينه وبين سائر الاخبار الظاهرة في التخيير.
(4) يمكن تطبيق الروايتين بأن في رواية جميل انه كان في المكتل عشرون صاعا وذلك لا يدل على أنه صلى الله عليه وآله أعطى الرجل مجموع العشرين فجاز أن يكون صلى الله عليه وآله أعطى الرجل منها خمسة عشر صاعا وليس في الرواية الاولى أنه لم يكن في المكتل أزيد من خمسة عشر صاعا لينافى ذلك، وأما رواية ادريس الآتية فينبغى أن يحمل العشرون فيها على الاستحباب، ولعل الرجل الذى أمره النبى صلى الله عليه وآله بالعشرين غير الرجل الذى أعطاه خمسة عشر فيحمل الامر أيضا على الندب دون الوجوب وكذا الكلام في حديث محمد ابن النعمان. (مراد)
(5) السند ضعيف لمكان محمد بن سنان في الطريق.

[117]

شهر رمضان، فقال: كفارته جريبان من طعام وهو عشرون صاعا "(1).
1889 وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة، فقال: إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا "(2).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: لم أجد [شيئا في] ذلك في شئ من الاصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم(3).
1890 وروى الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي قال: " سئل أبوجعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال: يسئل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال: لا فإن على الامام أن يقتله، وإن قال: نعم فعلى الامام أن ينهكه ضربا "(4).
1891 وفي رواية سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات، قال: فيقتل في الثالثة "(5).


______________
(1) الضمير يرجع إلى الجريبين باعتبار أنهما مقدار من طعام.(مراد)
(2) قال في المنتهى: الرواية وان كانت ضعيفة السند الا أن الاصحاب ادعوا الاجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها.
(3) هكذا في جميع النسخ التى عندى والصواب " تفرد به على بن محمد بن بندار " كما في الكافى ج 4 ص 103 والتهذيب ج 1 ص 413.
وقال المحقق رحمه الله في المعتبرص 309 بعد نقل الرواية وتضعيف السند: " قال ابن بابوية: لم يرو هذه غير المفضل " فيظهر من هذا النقل أن في نسخته بدل على بن ابراهيم بن هاشم " المفضل".
(4) يدل على أن مستحل افطار الصوم كافى يجب قتله، وفى القاموس نهكه السلطان كسمعه نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه. (المرآة)
(5) هذه الموثقة تدل على وجوب القتل وذهب اليه جماعة وتدل عليه أخبار أخر، وقيل يقتل في الرابعة احتياطا للدماء، وهذا إذا لم يكن مستحلا والا فالقتل أولا إذا كان فطريا ومع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا. (م ت)

[118]

1892 وقال الصادق عليه السلام: " من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأنى له بمثله ".
وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات(1) فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجودي ذلك(2) في روايات أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه(3) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه.
1893 وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن رجل نسي فأكل وشرب، ثم ذكر، قال: لا يفطر إنما هو شئ رزقه الله فليتم صومه ".
1894 وسأله عمار بن موسى " عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال: يغتسل ولا شئ عليه"(4).
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روي عن الائمة عليهم السلام.
1895 وروى علي بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: " سألت أبا عبدالله


______________
(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 411 في الموثق عن سماعة قال: " سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا، فقال: عليه عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم".
(2) أى لوجدانى ذلك، أو لانى قد وجدت ذلك.
(3) يعد من البواب والوكلاء، قال الشيخ رحمه الله في كتاب الغيبة: " وقد كان في زمن السفراء أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات منهم أبوالحسين محمد بن جعفر الاسدى إلى أن قال: ومات الاسدى على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه، في شهر ربيع الاخر سنة 312 من الهجرة ".
والظاهر اتصال الرواية بصاحب الامر عليه السلام لاما ظنه بعض أنها لم يعلم أنها من الامام (الشيخ محمد)
(4) رواه الشيخ رحمه الله في الموثق وحمله على ما إذا جامع ناسيا دون العمد.

[119]

عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة والصوم "(1).
1896 وروي في خبر آخر " أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك "(2).
1897 وفي رواية ابن أبي نصر، عن أبي سعيد القماط أنه " سئل أبوعبدالله عليه السلام عمن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح(3) قال: لا شئ عليه وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال ".
1898 وروى ابن أبى يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ، ثم ينام، ثم يستيقظ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم صومه ويقضي يوما آخر، فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه


______________
(1) أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه وانما الخلاف في قضاء الصوم، فذهب الاكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبى عن الصادق عليه السلام " سألته عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسى أن يغتسل حتى خرج رمضان قال: عليه أن يقضى الصلاة والصيام " (التهذيب ج 1 ص 440 و 443) وقال ابن ادريس رحمه الله: لا يجب قضاء الصوم لانه ليس من شرطه الطهارة في الرجال الا إذا تركها الانسان متعمدا من غير اضطرار، وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرايع والنافع (المرآة) أقول: المراد بالجمعة الاسبوع.
(2) هذا يؤيد كفاية الغسل المندوب عن الواجب والتداخل مطلقا كما هو قول بعض الاصحاب وعلى قول من خص التداخل بما إذا ضم اليه الواجب، ربما يؤيد وجوب غسل الجمعة كما هو مذهب المصنف (سلطان) وقد يحمل على من اغتسل بنية ما في الذمة وهو بعيد.
(3) أى في النوم الاول أو الاعم، بل الاعم من أن يكون بنية الغسل أولا، بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها الله تعالى بقوله " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " ونومه أيضا حلال ولكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا. لكن يحمل على النومة الاولى جمعا بين الاخبار. (م ت)

[20]

وجاز "(1).
1899 وسأله عبدالله بن سنان " عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع، قال: لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره "(2).
1900 وسأله العيص بن القاسم " عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم، ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل، قال: لا بأس "(3).
1901 وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم


______________
(1) طريق المصنف إلى عبدالله بن أبى يعفور حسن، ورواه الشيخ في الصحيح.
وقوله " يجنب " أى يحتلم كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون المراد به يجامع ثم ينام ثم يستيقظ.
وقوله " فان لم يستيقظ " أى من النومة الاولى.
وقوله: " أتم صومه " في بعض النسخ " أتم يومه " (م ت) وقيل قوله " يتم صومه ويقضىيوما آخر " ينافى مذهب من قال بعدم اشتراط الصوم بالطهارة الا أن يحمل على الندب.
(2) يدل على أن مع أدرك الصبح جنبا لا يصح له قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الاولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق، واحتمل الشهيد الثانى قدس سره جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح، ويحتمل مساواته لصوم شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الاولى خاصة، وقال السيد المحقق في المدارك: قال المحقق في المعتبر بعد ايراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة: ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام، وأقول: الحق أن قضاء شهر رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للاخبار الصحيحة، ويبقى الاشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للاصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته. (المرآة)
(3) يدل على عدم حرمة النوم ثانيا ولا ينافيه وجوب القضاء بالاخبار المتقدمة، وان أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب. (م ت)

[121]

إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، قال: قد تم صومه ولا يقضيه "(1).
1902 وروى حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: " وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئا ".
وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبدالله عليه السلام(2).
وبهذه الاخبار أفتي، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لانه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا(3).


______________
(1) قال في المدارك ص 275: لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم، وانما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن، فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن بابوية في من لا يحضره الفقيه وجمع من الاصحاب إلى أنه غير واجب، وقال المفيد وأبوالصلاح بالوجوب واختاره المحقق في المعتبر والمعتمد الاول، ثم تمسك رحمه الله لمختاره بالروايات الاتية.
(2) في التهذيب ج 1 ص 428 عن أبى جميلة عن الشحام عن أبى عبدالله عليه السلام نحو حديث أبى الصباح الكنانى المتقدم.
(2) في الكافى ج 4 ص 100 عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن عثمان ابن عيسى عن سماعة قال: " سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم ان السحاب انجلى فاذا الشمس، فقال: على الذى أفطر صيام ذلك اليوم، ان الله عزوجل يقول: " ثم أتموا الصيام إلى الليل " فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لانه أكل كتعمدا " ورواه العياشى عن أبى بصير في التفسير ج 1 ص 82 فالطريق غير منحصر بسماعة.
وفى الكافى أيضا عن أبى بصير وسماعة.
وعلى أى حال نوقش في السند لاشتماله على محمد بن عيسى عن يونس وباشتراك أبى بصير بين الثقة والضعيف و قول المصنف " لانه رواية سماعة " يعنى من متفرداته أو المراد لا أعمل به عند التعارض والا فهو يروى عنه كثيرا، ويمكن حملها على الاستحباب جمعا وتوفيقا بين الادلة.