باب ما جاء في مانع الزكاة

1583 روى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر(3) وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه(4) فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل(5) ثم يصير طوقا في عنقه، وذلك قول الله عزوجل


______________
(3) في الصحاح القاع: المستوى من الارض. والقرقر: القاع الاملس.
ولا يبعد أن يراد به هنا مالا شجر فيه ولا كلاء ولا ماء.
(4) الشجاع والاشجع ضرب من الحيات أو الذكر منها، والاقرع من الحيات المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه يعنى قد تمعط وذهب شعر رأسها لكثرة سمها وطول عمرها " وهو يحيد عنه " أى يميل ويتنفر عنه.
(5) القضم: كسر الشئ بأطراف الاسنان. وفى بعض النسخ " كما يقضم الفحل " بالحاء المهملة.

[10]

" سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر، يطأه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها(1) وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة إلا طوقه الله تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة "(2).
1584 وروى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال: " أقيموا الصلوة وآتوا الزكوة " فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة "(3).
1585 وروى أيوب بن راشد عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء(4) تأكل من دماغه، وذلك قول الله عزوجل: " سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة ".
1586 روى مسعدة عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ملعون ملعون مال لا يزكى "(5).
1587 وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عزوجل: " سيطوقون ما بخلوا به


______________
(1) ينهشه كيمنعه أى يلسعه وعضه أو أخذه بأضراسه.
(2) المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التى فيها الكرم والنخل والزراعة الواجبة فيها الزكاة.
أى تصير الارض طوقا في عنقه إلى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الارض " إلى سبع أرضين " أى إلى منتهاها وفى الكافى " قلده الله تربة أرضه ".
(3) فيه دلالة على اشتراط قبول الصلاة بايتاء الزكاة.
(4) القرعاء مؤنث الاقرع.
(5) المراد باللعن هنا عدم البركة والرحمة من الله فيه.
أوليس له بركة بل يذهب بصاحبه إلى النار كما في رواية.

[11]

يوم القيامة " يعنى ما بخلوا به من الزكاة "(1).
1588 وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه(2)، وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيامة ".
1589 وروى أبان بن تغلب(3) عنه عليه السلام أنه قال: " دمان في الاسلام حلال من الله تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد(4) حتى يبعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله عزوجل: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه "(5).
1590 وروى عنه عمرو بن جميع أنه قال(6): " ما أدى أحد الزكاة فنقصت من ماله، ولا منعها أحد فزادت في ماله".
1591 وفي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من منع قيراطا من


______________
(1) قوله " يعنى " من كلام لامام عليه السلام كما يظهر من الكافى وفيه " قال: ما بخلوا به من الزكاة " ج 3 ص 4. 5 ويحتمل كونه قول الراوى.
(2) أى يمنع منه اللطف ويتسلط عليه الشيطان بان ينفقه في الباطل أو بأن يأخذ الظالم منه قهرا.
(3) في الطريق أبوعلى صاحب الكلل وهو مجهول الحال ورواه الكلينى بسند ضعيف.
(4) قال المولى المجلسى رحمه الله: قوله " لا يقضى فيهما أحد " أى موافقا للحق والا فأبو بكر قاتل مانع الزكاة ومنعه عمر ولم يسمع قوله.
(5) في المدارك نقلا عن التذكرة: أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة في جميع الاعصار وهى أحد أركان الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن على فطرة بل اسلم عقيب كفر استتيب مع علمه بوجوبها ثلاثا فان تاب والا فهو مرتد وجب قتله وان كان ممن يخفى عليه وجوبها لانه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره هذا كلامه رحمه الله وهو جيد، وعلى ما ذكره تحمل رواية أبان بن تغلب.
(6) يعنى أبا عبدالله عليه السلام كما صرح به في الكافى.

[12]

الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قول الله عزوجل(1): حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "(2).
وفي رواية أخرى " ولا تقبل له صلاة ".
1592 وروى ابن مسكان(3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر، فقال: أخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون ".
1593 وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وسأل الرجعة عند الموت، وهو قول الله عزوجل: " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "(4).
1594 وقال الصادق عليه السلام: " صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به في بر حتى ينفد، ثم قال: ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما، فقيل له: وما معنى خمسة وعشرين [درهما]؟ قال: من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي ".
1595 وقال عليه السلام: " ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بتضييع الزكاة، ولا يصاد


______________
(1) لعـل الاستشهاد بالاية الشريفة أن مانع الزكاة تتمنى الرجوع إلى الدنيا كالكافر فكان مثله في ذلك. (مراد)
(2) " رب ارجعون " على صيغة الجمع في قوة تكرير رب ارجعنى، رب ارجعنى على الحاح في سؤال الرجعة. (م ح ق)
(3) فيه ارسال لان عبدالله بن مسكان لم يلق أبا جعفر عليه السلام بل قيل: انه لم يرو عن أبى عبدالله عليه السلام الا حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " وفى رجال الكشى " زعم ابوالنضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبى عبدالله (ع) شفقة أن لا يوفيه حق اجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا واعظاما له عليه السلام ".
وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، والخبر رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 523 باسناده عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن أبى جعفر عليه السلام.
(4) متحد مع الخبر الاسبق ولعل وجه التكرار اختلاف اللفظ.

[13]

من الطير إلا ما ضيع تسبيحه "(1).


______________
(1) تقدم في ذيل حديث مسندا وفى الكافى ج 505.