باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان

1848 روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة(1) وذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه، ووقاه الله شر ما يأتي به في تلك السنة " اللهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ(2)، وبرحمتك التي وسعت كل شئ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ، وبعظمتك التي تواضع لها كل شئ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ، يا نور يا قدوس، يا أول قبل كل شئ، ويا باقي بعد كل شئ، يا الله يا رحمن، صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تديل الاعداء(3)، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء(4)، واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام(5)، وعافني من شر


______________
(1) أى حال دخول السنة، فان شهر رمضان أول السنة عند الاكثر.
(2) أى أطاع وذل له جميع الاشياء.
(3) الادالة: الغلبة، يقال: اللهم أدلنى على فلان وانصرنى.
(4) وهى الجور في الحكم كما ورد في الاخبار منها خبر أبى ولاد الحناط المروى في الكافى ج 5 ص 290 حيث قضى أبوحنيفة في قضية بغير الحق فقال الصادق عليه السلام: " في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماء‌ها وتمنع الارض بركتها ".
(5) " تهتك العصم " المراد اما رفع حفظ الله وعصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذى ستره به عن الملائكة أو الثقلين. و " التى لا ترام " أى لا يقصد الاعادى الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر، أو لا تقصد هى بالهتك والرافع وهى عصمته تعالى وحفظه وعونه. (المرآة)
 

[103]

ما أحاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه، اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورب محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أسألك بك وبما تسميت به يا عظيم(1) أنت الذي تمن بالعظيم، وتدفع كل محذور، وتعطي كل جزيل، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل(2) وتفعل ما تشاء يا قدير.
يا الله يا رحمن صل على محمد وآل محمد، وألبسني في مستقبل سنتي هذه سترك، وأضئ وجهي بنورك، وأحيني بمحبتك(3)، وبلغ بي رضوانك وشريف كرائمك، وجسيم عطائك من خير ما عندك، ومن خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك، وألبسني مع ذلك عافيتك، يا موضع كل شكوى، وشاهد كل نجوى وعالم كل خفية، ويا دافع ما تشاء من بلية، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز توفني على ملة إبراهيم وفطرته، وعلى دين محمد وسنته، وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لاوليائك، معاديا لاعدائك، اللهم وجنبني في هذه السنة كل عمل أو قول أو فعل يباعدني منك، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة يا أرحم الراحمين، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف سوء عاقبته ومقتك إياي عليه حذرا أن تصرف وجهك الكريم عني(4) وأستوجب به نقصا من


______________
(1) في بعض النسخ " سميت " كما في الكافى.
(2) أى تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الاعمال وفى الكافى " وتضاعف من الحسنات بالقليل والكثير " أى تضاعف الاجر بسبب قليل الحسنات وكثيرها، وفى مصباح المتهجد مثل ما في الكافى.
(3) في بعض النسخ " وأحبنى بمحبتك " وفى بعضها " واحببنى ".
(4) " حذرا " مفعول مطلق أى أحذر حذرا، وفى القاموس الحذر بالكسر ويحرك: الاحتراز والفعل كعلم. وفى بعض النسخ " حذرا ". (مراد)

[104]

حظ لي عندك يا رؤوف يا رحيم، اللهم اجعلني في مستقبل سنتي هذه في حفظك و جوارك وكنفك، وجللني ستر عافيتك، وهب لي كرامتك، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.
اللهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى(1) من أوليائك، وألحقني بهم، واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي خطيئتي وظلمى وإسرافي على نفسي وإتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي فيحول ذلك بيني و بين رحمتك ورضوانك فأكون منسيا عندك(2) متعرضا لسخطك ونقمتك، اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني وقربني إليك زلفى اللهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه، وفرجت همه، وكشفت كربه، وصدقته وعدك(3) وأنجزت له عهدك، اللهم فبذلك فاكفني(4) هول هذه السنة وآفاتها وأسقامها وفتنها وشرورها وأحزانها وضيق المعاش فيها، وبلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام النعم عندي إلى منتهى أجلي، أسألك سؤال من أساء وظلم واستكان واعترف أن تغفر لي ما مضى من الذنوب التي حضرتها حفظتك، وأحصتها كرام ملائكتك علي وأن تعصمني اللهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي، يا الله يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد وآتني كلما سألتك ورغبت إليك فيه فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالاجابة يا أرحم الراحمين "(5).
1849 وكان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان(6) " اللهم


______________
(1) في بعض النسخ " صالح من مضى ".
(2) أى متروكا من رحمتك أو كالمنسى مجازا. (المرآة)
(3) أى وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الاعداء.
(4) أى بمثل ذلك الحفظ والكفاية، أو بحقه.
(5) في بعض النسخ " يا حميد يا مجيد " مكان " يا أرحم الراحمين ".
(6) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 283 والكلينى في الكافى ج 4 ص 75 بسند فيه ارسال وفيه " اللهم ان هذا شهر رمضان وهذا شهر الصيام " وزاد في بعض نسخه " كان يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من شهر رمضان ".

[105]

هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر الانابة و هذا شهر التوبة، وهذا شهر المغفرة والرحمة، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة اللهم فسلمه لي، وتسلمه مني، وأعني عليه بأفضل عونك، ووفقني فيه لطاعتك وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك، وأعظم لي فيه البركة، وأحسن لي فيه العافية، وصحح لي فيه بدني(1) وأوسع فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني، واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه رجائي، اللهم أذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة(2) والقسوة والغفلة والغرة، اللهم جنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، واصرف عني فيه السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء، إنك سميع الدعاء، اللهم أعذني فيه من الشيطان [الرجيم] وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه(3) ووسواسه وكيده ومكره وختله(4) وأمانيه وخدعه وغروره وفتنته وخيله ورجله(5) وشركائه [وأحزابه] وأعوانه وأتباعه وأخدانه(6) وأشياعه وأوليائه وجميع كيدهم، اللهم ارزقني فيه تمام صيامه، وبلوغ الامل في قيامه، واستكمال ما يرضيك عني صبرا وإيمانا ويقينا واحتسابا ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم، اللهم ارزقني فيه الجد و الاجتهاد، والقوة والنشاط، والانابة والتوبة، والرغبة والرهبة، والجزع والخشوع


______________
(1) في الكافى " وأحسن لى فيه العاقبة وأصح لى فيه بدنى ". وكذا في التهذيب.
(2) الكسل: التثاقل. والسأمة: الملال. والفترة: الانكسار والضعف.
(3) الهمز: النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم، واللمز: العيب والضرب والدفع وأصله الاشارة بالعين، والمراد بنفثه ما يلقى من الباطل في النفس، والنفخ، ايضا كذلك أو كبره وتعاظمه.
(4) الختل: الخدعة. وفى بعض النسخ والكافى " وحيله " وفى بعض نسخه " وحبائله ". ولعل ما في متن الكافى أصوب لعدم التكرار.
(5) الرجل بفتح الراء وكسر الجيم اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب. وفى الكافى " وشركه وأعوانه " والشرك محركة: حبائل الصيد.
(6) جمع خدين وهو الصديق والمصاحب.

[106]

والرقة وصدق اللسان والوجل منك(1) والرجاء لك والتوكل عليك والثقة بك، والورع عن محارمك مع صالح القول ومقبول السعي [واستكمال ما يرضيك فيه عني صبرا ويقينا وإيمانا واحتسابا، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم اللهم ارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط والانابة والتوبة والرغبة والرهبة والجزع والرقة](2) ومرفوع العمل ومستجاب الدعاء، ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم برحمتك يا أرحم الراحمين "(3).


______________
(1) الجزع إلى الله محمود كالطمع والرغبة والرهبة والخشوع والكل إلى غيره مذموم (الوافى) والوجل محركة: الخوف.
(2) من قوله " واستكمال ما يرضيك " إلى هنا موجود في جميع النسخ وليس في الكافى والظاهر أن هذه الجملة زيادة من النساخ سهوا وسبقت قبل سطرين.
(3) وزاد في التهذيب تتمة طويلة مع اختلافه فيما تقدم.