زيارة جامعة لجميع الائمة عليهم السلام

3213 - روى محمد بن إسماعيل البرمكي(1) قال: " حدثنا موسى بن عبدالله النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله، بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم، فقال: إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين وأنت على غسل، فاذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل: " الله أكبر، الله أكبر - ثلاثين مرة -، ثم امش قليلا، وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثم قف وكبر الله عزوجل - ثلاثين مرة - ثم ادن من القبر وكبر الله - أربعين مرة - تمام مائة تكبيرة، ثم قل:


______________
(1) المعروف بصاحب الصومعة يكنى أبا عبدالله سكن قم وليس أصله منها ووثقه النجاشى وقال: انه ثقه مستقيم، واعتمد على توثيقه اياه العلامة ويروى عنه محمد بن جعفر بن عون الاسدى المعروف بمحمد بن أبى عبدالله الكوفى وكان ثقة صحيح الحديث الا أنه يروى عن الضعفاء كما في فهرست النجاشى، ويروى المصنف عنه بواسطة ثلاثة رجال من مشايخه
1 - على بن أحمد بن موسى الدقاق،
2 - محمد بن أحمد السنانى وهو ابن أحمد بن محمد بن سنان،
3 - الحسين ابن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وهؤلاء الثلاثة من مشايخ الاجازة ولم يذكرهم المصنف في جميع كتبة الا مع الترضية واعتمد عليهم وكفى باعتماده عليهم مدحا واجتماعهم لا يقصر عن ثقة فالطريق صحيح أو حسن كالصحيح.
وأما موسى بن عبدالله النخعى وان لم يذكره الرجاليون بمدح ولا قدح لكن روايته هذه الزيارة الكاملة التى هى أكمل الزيارة المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام تعطينا خبرا بأن الرجل كان من المخلصين لهم والمتفانين في محبتهم بل صاحب أسرارهم عليهم السلام فالسند حسن كالصحيح ويؤيده اعتماد الصدوق - ره - عليه حيث قال في مقدمة هذا الكتاب لم أقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع مارووه، بل صدت إلى ايراد ما أفتى به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بينى وبين ربى - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع "، ثم اعلم أن لمؤلف روى هذه الزيارة في العيون ص 375 عن على بن أحمد الدقاق ومحمد بن أحمد السنانى وعلى بن عبدالله الوراق والحسين بن ابراهيم المكتب جميعا عن محمد بن أبى عبدالله الكوفى وأبى الحسين الاسدى عن محمد بن اسماعيل البرمكى عن موسى بن عمران النخعى ولعل عمران تصحيف عبدالله أو يكون نسبة إلى أحد أجداده والعلم عند الله وفى التهذيب كما في الفقيه.

[610]

" السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة وخزان العلم، ومنتهى الحلم، واصول الكرم، و قادة الامم، وأولياء النعم، وعناصر الابرار، ودعائم الاخيار، وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الايمان، وامناء الرحمن، وسلالة النبيين، وصفوة المرسلين، و عترة خيرة رب العالمين، ورحمة الله وبركاته، السلام على أئمة الهدى، ومصابيح الدجى وأعلام التقى، وذوي النهى، وأولي الحجى، وكهف الورى(1)، وورثة الانبياء، والمثل الاعلى، والدعوة الحسنى، وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والاولى، ورحمة الله وبركاته(3)، السلام على محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله، وحملة كتاب الله، وأوصياء نبي الله، وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته، السلام على الدعاة إلى الله، والادلاء على مرضات الله، والمستقرين في أمر الله(4) والتامين في محبة الله(5)، والمخلصين في توحيد الله، والمظهرين لامر الله ونهيه، وعباده المكرمين، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ورحمة الله وبركاته، السلام على الائمة الدعاة، والقادة الهداة، والسادة الولاة، والذادة الحماة، وأهل


______________
(1) الدجى جمع الدجية: الظلمة أو هى مع غيم، والمعنى انكم الهادون للناس من ظلمة الشرك والكفر والضلالة إلى نور الايمان والطاعة.
والاعلام جمع العلم: العلامة والمنار، والنهى جمع النهية وهى العقل لانها تنهى عن القبائح وذلك لانهم أولى العقول الكاملة، والحجى - كالى -: العقل والفطنة، و " كهف الورى " أى ملجأ الخلائق في الدين والدنيا والاخرة.
(2) يمكن أن يكون المراد أنهم حصلوا بدعاء ابراهيم وغيره من الانبياء عليهم السلام كما قال النبى صلى الله عليه وآله " أنا دعوة أبى ابراهيم عليه السلام ".
(3) بالرفع عطف على السلام، ويمكن أن يقرأ - بالكسر - عطفا على الجمل السابقة أى أنتم رحمته تعالى وبركاته لكنه بعيد.
(4) في بعض النسخ " المستوفرين في أمر الله " أى الساعين في الايتمار بأوامره الواجبة والمندوبة مطلقا، أوفى أمر الامامة، وما في المتن أظهر. (م ت)
(5) أى مراتبها الثلاث من محبة الذات لذاته سبحانه وتعالى ولصفاته الحسنى ولافعاله الكاملة. (م ت)

[611]

الذكر، وأولي الامر(1)، وبقية الله وخيرته وحزبه، وعيبة علمه، وحجته وصراطه ونوره، ورحمة الله وبركاته، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ورسوله المرتضى، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أنكم الائمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم بعلمه، وارتضاكم لغبيه(2)، واختاركم لسره، واجتباكم بقدرته، وأعزكم بهداه، وخصكم ببرهانه، وانتجبكم بنوره، وأيدكم بروحه، ورضيكم خلفاء في أرضه، وحججا على بريته، وأنصارا لدينه وحفظة لسره، وخزنة لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجمة لوحيه، وأركانا لتوحيده، وشهداء على خلقه، وأعلاما لعباده، ومنارا في بلاده، وأدلاء على صراطه، عصمكم الله من الزلل، وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس، وأذهب عنكم الرجس [أهل البيت] وطهركم تطهيرا، فعظمتم جلاله، وأكبرتم شأنه، ومجدتم


______________
(1) القادة جمع القائد والهداة جمع الهادى والمراد أنتم الذين قال الله سبحانه " وجعلناهم أئمة يهدون بأمره " والسادة جمع السيد وهو الافضل الاكرم، والولاة جمع الوالى فانهم عليهم السلام يقودون السالكين إلى الله والاولى بالتصريف في الخلق من أنفسهم كما في قوله تعالى " النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وقوله " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " وقول النبى صلى الله عليه وآله " من كنت مولاه فهذا على مولاه ".
والذادة جمع الذائد من الذود بمعنى الدفع، والحماة جمع الحامى، فانهم حماة الدين يدفعون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين أو يدفعون عن شيعتهم الاراء الفاسدة والمذاهب الباطلة،.
أهل الذكر الذين قال الله سبحانه " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " والذكر اما القرآن فهم أهله أو الرسول فهم عترته.
" وأولى الامر " الذين قال الله تعالى " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم ".
(2) كما في قوله تعالى " فلا يظهر على غيبة أحدا الا من ارتضى من رسوله " و " من " في قوله " من رسول " غبر بيانية أى من ارتضاه الرسول للوصاية والامامة بأمر الله تعالى.

[612]

كرمه، وأدمنتم ذكره ووكدتم ميثاقه(1)، وأحكمتم عقد طاعته، ونصحتم له في السر والعلانية، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه(2)، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم في الله حق جهاده حتى أعلنتم دعوته، وبينتم فرائضه وأقتم حدوده، ونشرتم شرائع أحكامه(3)، وسننتم سنته، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء، وصدقتم من رسله من مضى، فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق، والمقصر في حقكم زاهق(4) والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه، وميراث النبوة عندكم، وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم(5) وفصل الخطاب عندكم، وآيات الله لديكم، وعزائمه فيكم(6) ونوره وبرهانه عندكم


______________
(1) في بعض النسخ " وذكرتم ميثاقة ".
والادمان الادامة، أى كنتم مداومين على ذكره ومواظبين عليه.
(2) أى في أمره ورضاه وقربه، وفى بعض النسخ " في حبه ".
(3) في بعض النسخ " فسرتم شرايع أحكامه ".
وقوله " وسننتم سنته " أى بينتم والمراد سنة الله، أو المعنى سلكتم طريقة وفى اللغه سن الطريق سارها.
(4) المارق: الخارج يعنى من رغب عن طريقتكم خرج من الدين ومن لزمها لحق بكم، والزاهق: الباطل والهالك.
(5) أى رجوعهم لاخذ المسائل والاحكام من الحلال والحرام اليكم في الدنيا.
وحسابهم عليكم في الاخرة كما قال الله تعالى " ان الينا ايابهم ثم أن علينا حسابهم " أى إلى أوليائنا المأمورين بذلك بقرينة الجمع.
(6) فصل الخطاب هو الذى يفصل بين الحق والباطل، وقوله " عزائمه فيكم " قال المولى المجلسى أى الجد والصبر والصدع بالحق، أو كنتم تأخذون بالعزائم دون الرخص، أو الواجبات اللازمة غير المرخص في تركها من الاعتقاد بامامتهم وعصمتهم ووجوب متابعتهم ومولاتهم بالايات والاخبار المتواترة، أو الاقسام التى أقسم الله تعالى بها في القرآن كالشمس والقمر والضحى بكم أو لكم، أو السور العزائم أو آياتها فيكم، أو قبول الواجبات اللازمة بمتابعتكم، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الالهية في متابعتكم. (م ت)

[613]

وأمره إليكم، من ولاكم فقد والى الله ومن عاداكم فقد عادى الله، ومن أحبكم فقد أحب الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله، أنتم الصراط الاقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء، والرحمة الموصولة، والآية المخزونة والامانة المحفوظة، والباب المبتلى به الناس، من أتاكم نجى، ومن لم يأتكم هلك إلى الله تدعون، وعليه تدلون، وبه تؤمنون، وله تسلمون، وبأمره تعملون، وإلى سبيله ترشدون، وبقوله تحكمون، سعد من والاكم، وهلك من عاداكم، وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ إليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي(1) وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة، طابت وطهرت بعضها من بعض، خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلواتنا عليكم، وما خصنا به(2) من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لانفسنا وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا، فكنا عنده مسلمين بفضلكم(3)، ومعروفين بتصديقنا إياكم، فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع، حتى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صديق ولا شهيد، ولا عالم ولا جاهل، ولا دني ولا فاضل، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح، ولا جبار عنيد، ولا شيطان، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم


______________
(1) يعنى أن هذا الحكم أى وجوب المتابعة أو كل واحد من المذكورات سابق لكم فيما مضى من الازمنة، وجار لكم فيما يأتى.
(2) مفعول ثان لجعل، أو يكون عطفا على " من علينا " وهو أظهر.
(3) في بعض النسخ " مسمين " وهو الاوفق بالباء.

[614]

وكبر شأنكم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم(1) وثبات مقامكم، وشرف محلكم ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه، وخاصتكم لديه، وقرب منزلتكم منه، بأبي أنتم وامي وأهلي ومالي واسرتي(2)، اشهد الله واشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم، موال لكم ولاوليائكم، مبغض لاعدائكم ومعاد لهم، سلم لمن سالمكم [و] حرب لمن حاربكم محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مطيع لكم، عارف بحقكم، مقر بفضلكم، محتمل لعلمكم، محتجب بذمتكم(3) معترف بكم، ومؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لامركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم، مستجير بكم، زائر لكم، لا ئذ عائذ بقبوركم، مستشفع إلى الله عزوجل بكم، ومتقرب بكم إليه، ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي واموري مؤمن بسركم وعلانيتكم، وشاهدكم وغائبكم، وأولكم وآخركم، ومفوض في ذلك كله إليكم(4) ومسلم فيه معكم، وقلبي لكم سلم(5)، ورأيي لكم تبع، ونصرتي لكم معدة، حتى يحيي الله دينه بكم ويردكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه، فمعكم معكم لا مع عدوكم(6) آمنت بكم، وتوليت آخركم بما توليت به أولكم، وبرئت إلى الله عزوجل من أعدائكم، ومن الجبت والطاغوت، والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، والجاحدين لحقكم، المارقين من ولايتكم، والغاصبين لارثكم


______________
(1) الخطر: القدر والمنزلة، والمقاعد: المراتب والمعنى أنكم صادقون في هذه المرتبة وأنها حقكم كما في قوله تعالى " في مقعد صدق عند مليك مقتدر "
(2) الاسرة - بالضم -: عشيرة الرجل ورهطه الادنون.
(3) أى مستتر أو داخل في الداخلين تحت أمانكم، والذمة العهد والامان والحق والحرمة.
(4) أى أعتقد الجميع بقولكم، " ومسلم فيه معكم " أى كما سلمتم لله تعالى أوامره عارفين اياها فأنا أيضا مسلم وان لم يصل عقلى اليها.
(5) في بعض النسخ " فقلبى لكم مسلم " من باب التفعيل.
(6) في بعض النسخ " لا مع غيركم ".

[615]

الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم، ومن كل وليجة دونكم، وكل مطاع سواكم، ومن الائمة الذين يدعون إلى النار، فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم، ووفقني لطاعتكم، ورزقني شفاعتكم، وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه، وجعلني ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرف في عافيتكم، ويمكن في أيامكم، وتقر عينه غدا برؤيتكم، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلى ومالي، من أراد الله بدأ بكم، ومن وحده قبل عنكم، ومن قصده توجه بكم(1) موالي لا احصي ثناء‌كم(2) ولا أبلغ من المدح كنهكم، ومن الوصف قدركم، وأنتم نور الاخيار، وهداة الابرار، وحجج الجبار، بكم فتح الله وبكم يختم(3) وبكم ينزل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه(4) وبكم ينفس الهم ويكشف الضر، وعندكم ما نزلت به رسله، وهبطت به ملائكتة، وإلى جدكم بعث الروح الامين (وان كانت الزيارة لامير المؤمنين عليه السلام فقل: " والى أخيك بعث الروح الامين ") آتاكم الله مالم يؤت أحدا من العالمين، طأطأ كل شريف لشرفكم، وبخع كل


______________
(1) أى كل من يقول بتوحيد الله على وجهه يقبل قولكم، فان البرهان كما يدل على التوحيد يدل على وجوب نصب الامام من عند الله الحكيم. أو المعنى على ما قاله بعض الشراح أن من قال أو اعتقد بالتوحيد الصحيح أخذ عنكم لان كثيرا ممن يدعى العلم في الصدر الاول كان يقول بالتشبيه والتجسيم دون أن يعلم فساد اعتقاده حتى أن جماعة كثيرة منهم يقولون بامكان الرؤية في الدنيا وما كانوا يفهمون وجود موجود غير جسمانى ولا يتعقلون روحانيا مجردا أصلا فبتعليمهم عليهم السلام اياهم يعرفون التوحيد.
(2) " موالى " منادى، و " لا احصى ثناء‌كم " لانه لا يمكن لنا أن نعرف جميع كمالاتهم المعنوية.
(3) أى بكم فتح الله الولاية الكبرى في الاسلام وبكم يختم.
(4) " بكم ينرل الغيث " أى من أجلكم ينزل الله الغيث لعباده وهكذا من أجلكم يمسك الله السماء أن تقع على الارض والا " لو يؤاخذ الله الناس بظلم ما ترك على ظهرها من دابة ".

[616]

متكبر لطاعتكم(1)، وخضع كل جبار لفضلكم، وذل كل شئ لكم، وأشرقت الارض بنوركم(2) وفاز الفائزون بولايتكم، بكم يسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي، ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الاسماء، وأجسادكم في الاجساد، وأرواحكم في الارواح، وأنفسكم في النفوس، وآثاركم في الآثار، وقبوركم في القبور، فما أحلى أسماء‌كم(3) وأكرم أنفسكم، وأعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم، كلامكم نور، وأمركم رشد، ووصيتكم التقوى، وفعلكم الخير وعادتكم الاحسان، وسجيتكم الكرم، وشأنكم الحق والصدق والرفق، وقولكم حكم وحتم، ورأيكم علم وحلم وحزم، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه، بأبي أنتم وامي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم، واحصي جميل بلائكم، وبكم أخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار، بأبي أنتم وامي ونفسي، بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا، وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة، والدرجات الرفيعة، والمقام المحمود، والمقام المعلوم عند الله عزوجل، والجاه العظيم، والشأن كبير، والشفاعة المقبولة، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، سبحان ربنا أن كان وعد ربنا لمفعولا، يا ولي الله إن بيني وبين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها(4) إلا رضاكم، فبحق من ائتمنكم على سره، واسترعاكم أمر خلقه، وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي، وكنتم شفعائي


______________
(1) البخوع بالموحدة والخاء المعجمة والعين المهملة -: الخضوع والاقرار.
(2) أى بنور وجودكم وهدايتكم وتعاليمكم الناس.
(3) أى وان كان بحسب الظاهر ذكركم مذكورا بين الذاكرين ولكن لا نسبة ولا ربط بين ذكركم وذكر غيركم فما أحلى أسماء‌كم وكذا البواقى (م ت) وقال الفاضل التفرشى: لعل الخبر محذوف أى أحسن الذكر وكذا في نظائره بقرينة قوله بعد ذلك " فما أحلى أسماكم ".
(4) أى لا يهلكها ولا يمحوها. وأتى عليه الدهر أى أهلكه.

[617]

فاني لكم مطيع، من أطاعكم فقد أطاع الله، ومن عصاكم فقد عصى الله، ومن أحبكم فقد أحب الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الاخيار الائمة الابرار لجعلتهم شفعائي، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم، إنك أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم [تسليما] كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل ".
(الوداع) إذا أردت الانصراف فقل: " السلام عليك سلام مودع لاسئم ولا قال ولا مال(1) ورحمة الله وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة، إنه حميد مجيد، سلام ولي لكم غير راغب عنكم، ولا مستبدل بكم، ولا مؤثر عليكم، ولا منحرف عنكم، ولا زاهد في قربكم، لا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم، وإتيان مشاهدكم، والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم، وأوردني حوضكم، وجعلني في حزبكم، وأرضاكم عني ومكنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملكني في أيامكم، وشكر سعيي بكم وغفر ذنبي بشفاعتكم، وأقال عثرتي بمحبتكم، وأعلى كعبي بموالاتكم، وشر فني بطاعتكم، وأعزني بهداكم، وجعلني ممن انقلب مفلحا منجحا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان الله وفضله وكفايته بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم، ورزقني الله العود ثم العود أبدا ما أبقاني ربي، بنية صادقة وإيمان وتقوى وإخبات، ورزق واسع حلال طيب، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم، وأوجب لي المغفرة والرحمة والخير والبركة والفوز والنور والايمان، وحسن الاجابة كما أوجبت لاوليائك العارفين بحقهم، الموجبين طاعتهم، الراغبين في زيارتهم، المتقربين إليك وإليهم، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي


______________
(1) سئم الشئ - كفرح -: مل من الملالة، ومنه قوله " مال "

[618]

ومالي اجعلوني في همكم(1) وصيروني في حزبكم، وأدخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربكم، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل ".


______________
(1) أى فيمن تهتمون به في الشفاعة في الدنيا والاخرة.