الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الاساطين

إن كان لك بالمدينة مقام ثلاثة أيام(1) صمت ليلة الاربعاء وصليت ليلة الاربعاء


______________
(1) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 6 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الاربعاء وساق مثل ما في المتن بادنى اختلاف في اللفظ وزاد في آخره " فانك حرى أن تقضى حاجتك ان شاء الله "، وقال المولى المجلسى رحمه الله: فيستحب الاعتكاف الشرعى بالشرائط المتقدمة، وظاهر كلام المصنف الاعتكاف اللغوى وهو ملازمة المسجد، وعلى أى حال يجوز الصوم في السفر بخصوص هذه الثلاثة الايام وان قلنا بحرمة صيام النافلة فيه، ولو تيسر أن يكون اقامته فيها في الاربعاء والخميس والجمعة كان أحسن، وربما قيل باختصاص الصوم بهذه الثلاثة لانها مورد الروايات وهو أحوط انتهى.

[571]

عند اسطوانة التوبة وهي اسطوانة أبي لبابة(1) التي ربط نفسه إليها وتقعد عندها يوم الاربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس الاسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله


______________
(1) هو أبولبابة بن عبدالمنذر الانصارى المدنى، واختلف في اسمه، فقيل: رفاعة، و قيل مبشر، وقيل بشير، وهو أحد النقباء وقصته معروفة في التواريخ والتفاسير، ذيل قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " وهى أن بنى قريظة لما حوصروا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن ابعث الينا أبا لبابة بن عبدالمنذر أخا بنى عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الاوس لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وآله اليهم، فلما رأوه قام اليه الرجال وجهش اليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم، و قالوا له: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد، قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح قال أبولبابة: فو الله ما زالت قدماى من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله صلى الله عليه وآله ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وآله فذهب إلى المسجد وارتبط نفسه إلى عمود من عمده وقال: لا أبرح مكانى هذا حتى يتوب الله على وعاهد الله أن لا أطأ بنى قريظة أبدا، فانزل الله تعالى الاية، فلما بلغ خبره رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أما انه لو جاء‌نى لاستغفرت له فأما إذا قد فعل ما فعل فما أنا بالذى اطلقه حتى يتوب الله عليه، فلم يزل مرتبطا بالجذع ست ليال وتأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط، ونزلت توبته ورسول الله في بيت أم سلمة قالت: سمعت رسول الله في السحر وهو يضحك، فسألته مم تضحك أضحك الله سنك؟ قال: تيب على أبى لبابة، قلت: أفلا أبشره ! قال: بلى ان شئت، قالت: فقمت إلى باب الحجرة وقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس اليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذى أطلقنى بيده فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حين خرج لصلاة الصبح وأطلقه.
ووهم بعض الشراح فعده من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.

[572]

فتقعد ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة، وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ هذه الايام إلا بما لا بد منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار إلا القليل فافعل، واحمد الله عزوجل يوم الجمعة واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله، ثم سل حاجتك، ثم قل: " اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت في طلبها والتماسها أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها، فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة في قضاء حوائجى صغيرها وكبيرها ".