اتيان المدينة

إذا دخلت المدينة(2) فاغتسل أن تدخلها أو حين تدخلها، ثم ائت قبر -


______________
(2) رواه الكلينى ج 4 ص 550 في الصحيح عن معاوية عمار أبى عبدالله عليه السلام، و اعلم أيدك الله أن جماعة قليلة من العامة ينكرون علينا زيارة المشاهد لاسيما مشاهد العترة الطاهرة والدعاء عندها والصلاة فيها والتوسل والتبرك بها قال استاذنا الامينى رضوان الله تعالى عليه في كتابه الغدير الاغر: قد جرت السيرة المطردة من صدر الاسلام منذ عهد الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان على زيارة قبور ضمنت في كنفها نبيا مرسلا، أو اماما طاهرا، أو وليا صالحا أو عظيما من عظماء الدين وفى مقدمها قبر النبى الاقدس صلى الله عليه وآله.
وكانت الصلاة لديها، والدعاء عندها، والتبرك والتوسل بها، والتقرب إلى الله وابتغاء الزلفة لديه باتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين من دون أى نكير من أحادهم وأى غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم حتى ولد الدهر ابن تيمية الحرانى، فجاء كالمغمور مستهترا يهذى ولا يبالى، فترة وأنكر تلك السنة الجارية سنة الله التى لا تبديل لها ولن تجد لسنة الله تحويلا، وخالف هاتيك السيرة المتبعة وشذ عن تلك الآداب الاسلامية الحميدة، وشدد النكير عليها بلسان بذى وبيان تافه ووجوه خارجة عن نطاق العقل السليم، بعيدا عن أداب العلم، أدب الكتابة، أدب العفة، وأفتى بحرمة شد الرحال لزيارة النبى صلى الله عليه وآله وعد السفر لاجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن الشديد فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفا حافلا (كشفاء السقام في زيارة خير الانام للسبكى) و (الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية) له أيضا، والمقالة المرضية لقاضى القضاة المالكية تقى الدين أبى عبدالله الاخنائى، ونجم المهتدى ورجم المقتدى للفخر ابن المعلم القرشى، ودفع الشبه لتقى الدين الحصنى، والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهانى، وتأليف أبى عبدالله محمد بن عبدالمجيد الفاسى.
وجاء ذلك يزيف آراء‌ه ومعتقداته في طى تآليفه القيمة كالصواعق الالهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبدالوهاب في الرد على أخيه محمد بن عبدالوهاب النجدى، والفتاوى الحديثة لابن حجر، والمواهب اللدنية للقسطلانى، وشرحه للزرقانى.
وهناك آخر يترجمه بعجره وبجره ويعرفه للملاء ببدعه وضلالاته.
ثم قال: وقد أصدر الشاميون فتيا بتكفيره وعرضت الفتيا هذه على قاضى القضاة بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى " الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قول ابن تيمية " ان زيارة الانبياء والصالحين بدعة وما ذكره من نحو ذلك ومن أنه لا يرخص بالسفر لزيارة الانبياء " باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبى صلى الله عليه وآله فضيلة وسنة مجمع عليها، وهذا المفتى المذكور يعنى ابن تيمية ينبغى أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الائمة والعلماء ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به، راجع الغدير ج 5 ص 87.

[566]

النبي صلى الله عليه وآله وادخل المسجد من باب جبرئيل عليه السلام، فاذا دخلت فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قد عند الاسطوانة المقدمة من جانب القبر من عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة، ومنكبك الايسر إلى جانب القبر ومنكبك الايمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى الله عليه وآله، ثم تقول: " أشهد أن لا إله إلا الله

[567]

وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد ا عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبدالله(1)، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة، اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والارضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الاولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك و خاصتك وصفوتك من بريتك وخيرتك من خلقك، اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه بن الاولون والآخرون، اللهم إنك قلت وقولك الحق: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي ".
وإن كانت لك حاجة فاجعل النبي صلى الله عليه وآله خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك فإنك حري أن تقضى لك أن شاء الله تعالى(2).
ثم قل وأنت مسند ظهرك إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر وأنت مسند إليه مستقبل القبلة: " اللهم إليك ألجأت أمري وإلى قبر محمد عبدك رسولك صلواتك عليه وآله أسندت ظهري والقبلة التي رضيت لمحمد صلى الله عليه وآله اسقبلت، اللهم


______________
(1) أى المبشر به في كتب الله وعلى لسان أنبيائه عليهم السلام. (المرآة)
(2) إلى هنا تمام الخبر وقال المولى المجلسى رحمه الله: استدبار النبى صلى الله عليه وآله وان كان خلاف الادب لكن لا بأس به إذا كان التوجه إلى الله تعالى، وقال العلامة المجلسى (ره) يحتمل أن يكون المراد الاستدبار فيما بين القبر والمنبر بأن لا يكون استدبارا حقيقيا كما يدل عليه بعض القرائن فالمراد بالقبر في الثانى الجدار الذى أدير على القبر فانه المكشوف والقبر مستور، والله يعلم.

[568]

إني أصحبت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها، وأصبحت الامور بيدك، فلا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير فقير، اللهم ارددني منك بخير، لا راد لفضك، اللهم إني أعوذ بك من أن تبدل اسمي، وأن تغير جسمي، أو تزيل نعمتك عني، اللهم زيني بالتقوى، وجملني بالنعمة، و اغمرني بالعافية، وارزقني شكرك "(1).


______________
(1) روى الكلينى ج 4 ص 551 باسناده عن على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: " كان أبى على بن الحسين عليهم السلام يقف على قبر النبى صلى الله عليه وآله فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ ويدعوا بما حضره، ثم يسند ظهر إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلى القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلة و يقول " اللهم الخ " الا أن فيه " ألجأت ظهرى " وقال الفيض (ر ه) لعل ما في الفقيه أصوب، وفيه أيضا " اللهم كرمنى بالتقوى " مكان " اللهم زينى بالتقوى " وفيه وفى بعض نسخ الفقيه " وارزقنى شكر العافية " مكان " ارزقنى شكرك ".
والمروة في القاموس المر وحجارة بيض براقة تورى النار أو أصلب الحجارة وفى بعض نسخه " أو أصل الحجارة ".