باب نوادر الحج

3111 - روي عن بكير بن أعين، عن أخيه زرارة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاما فتفتيني(1)، فقال: يا زرارة بيت يحج قبل آدم عليه السلام بألفي عام(2) تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاما ".
3112 - وقال الصادق عليه السلام: " أودية الحرم تسيل في الحل، وأودية الحل لا تسيل في الحرم "(3).
وروي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت أنه قال: لو لا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم.
3113 - وذكر الماء عند الصادق عليه السلام في طريق مكة وثقله قال: " الماء لا يثقل إلا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه غير الماء "(4).


______________
(1) أى أسألك مع أبيك أو كان سأل عنه عليه السلام في زمان أبيه أيضا والا فالظاهر أنه كان في زمان امامته عليه السلام اربعا وثلاثين سنة أو على المبالغة والتجوز، وقوله " في الحج " أى عن مسائله منذ أربعين عاما فتفتينى وما يفنى مسائله. (م ت)
(2) أى كان يحجه الملائكة أو مع بنى الجان. (م ت)
(3) لعل المراد انه تعالى رفعه صورة كما رفعه معنى.
والخبر رواه الكلينى ج 4 ص 540 باسناده عن أصرم بن حوشب وهو عامى موثق له كتاب، ولعله مخصوص بما إذا جرى السيل من غير عمل فلا ينافى جريان الماء من عرفات إلى مكة.
(4) رواه الكلينى ج 4 ص 542 بسند فيه ارسال.
ولعل المراد أن الماء لا يبقى ثقله ولا يحس به إذا كان في حمل البعير مع غيره من الاحمال فينبغى أن لا ينفرد به البعير (مراد) وقال سلطان العلماء: أى لا ينبغى اكثار حمله وثقله على الجمل مزيدا على سائر ما حمله فانه ظلم عليه، نعم لو انفرد بحمله فلا بأس، وقال العلامة المجلسى: لعله محمول على المياه القليلة التى تشرب في الطريق وما يعلق على الاحمال منها.

[520]

3114 - و " كان علي عليه السلام يكره الحج والعمرة على الابل الجلالات "(1).
3115 - وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: " إذا كان أيام الموسم بعث الله تبار الله تعالى ملائكة في صور الآدميين يشترون متاع الحاج والتجار، قيل: ما يصنعون به؟ قال: يلقونه في البحر"(2).
وروي عن محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - أنه قال: والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.
وروي عن عبدالله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - فقلت له: رأيت صاحب هذا الامر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: " اللهم انجز لي ما وعدتني " قال محمد بن عثمان - رضي الله عنه وأرضاه -: ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: " الهم انتقم لي من أعدئك ".
3116 - وروي عن داود الرقي قال: " دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ولي على رجل مال قد خفت تواه(3) فشكوت ذلك إليه، فقال لي: إذا صرت بمكة فطف عن عبدالمطلب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن عبدالله طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن آمنة [أم محمد] طوافا وصل عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا، وصل عنها ركعتين، ثم ادع الله عزو جل أن يرد عليك مالك، قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمي


______________
(1) مروى في الكافى ج 4 ص 543 في الموثق عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن آبائه عليهم السلام.
(2) رواه الكلينى ج 4 ص 547 عن أحمد بن محمد، عن على بن ابراهيم التيملى عن ابن اسباط، عن رجل من أصحابنا، وعلى بن ابراهيم التيملى مجهول الحال وليس له عنوان في كتب الرجال والتيملى المعروف هو الحسن بن على بن فضال فان صح فيدل على كون الملائكة أجسام لطيفه يمكنهم التشكل بشكل الادميين وأنه يمكن لغير النبى والوصى أن يراهم ولا يعرفهم وعلى استحباب التجارة بمنى ومكة وان أمكن المناقشة فيه كما قاله العلامة المجلسى.
(3) توى يتوى توى المال: هلك وضاع وتلف.

[521]

واقف، يقول: يا داود حبستني تعال فاقبض مالك "(1).
3117 - وقال أبوعبدالله عليه السلام وأبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " من سهى عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله، ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب منه السعي "(2).
3118 - وروى سعد بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: قلت: " المحرم يشتري الجواري أو يبيع؟ فقال: نعم "(2).
3119 - وفي رواية حريز عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل قدم مكة في وقت العصر، فقال: يبدأ بالعصر ثم يطوف "(4).
3120 - وروى السكوني باسناده قال: قال علي عليه السلام " في امرأة نذرت أن تطوف على أربع، فقال: تطوف اسبوعا ليديها واسبوعا لرجليها "(5).
3121 - وقيل للصادق عليه السلام: " رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله


______________
(1) الخبر رواه الكلينى ج 4 ص 544 بسند مجهول، ويدل على استحباب الطواف عن الموتى لاسيما الاكابر، ويدل على ايمان هؤلاء المذكورين كما هو مذهب الامامية وعلى جلالة مقامهم ورفعة شأنهم، وكذا يدل على أن الطواف عنهم يوجب استجابة الدعاء وتيسر الامور.
(2) يدل على أنه من نسى الهرولة رجع القهقرى ولم نطلع على سنده وعمل به الاصحاب (م ت) أقول: ورواه الشيخ والتهذيب ج 1 ب 576 هكذا مرسلا.
(3) رواه الكلينى ج 4 ص 373 في الصحيح وعليه الفتوى.
(4) الطريق صحيح ويدل على تقديم اليومية على الطواف. (م ت)
(5) الطريق إلى السكونى فيه النوفلى ولم يوثق ورواه الكلينى ج 4 ص 429 بسند مجهول وعمل به الشيخ وجماعة في الرجل والمرأة وقالوا بوجوب الطوافين، وقال ابن ادريس ببطلان النذر، وفى المنتهى بالبطلان في الرجل والتوقف في المرأة لورود النص فيها، ولا يبعد القول بوجوب طواف واحد على الهيئة الشرعية لانعقاد النذر في أصل الطواف وعدمه في الهيئة لمرجوحيتها ولم أر من قال به هنا وان قيل في نظائره. (المرآة)

[522]

فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر "(1)
3122 - وقال الصادق عليه السلام: " دع الطواف وأنت تشتهيه "(2).
3123 - وقال الهيثم بن عروة التميمي(3) لابي عبدالله عليه السلام " إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة وإني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فها يجزيني؟ فقال: نعم ".
3124 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: " إن أصحابنا يروون أن حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة، فقال:


______________
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 482 في الصحيح عن البزنطى عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام والمشهور اشتراط طهارة الثوب والبدن في الطواف الواجب والمندوب وذهب بعض الاصحاب إلى العفو ههنا عما يعفى عنه في الصلاة، ونقل عن ابن الجنيد وابن حمزة أنهما كرها الطواف في الثوب النجس، وقال في المدارك: هنا مسائل: الاول من طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لم يعف عنها مع العلم بها يبطل طوافه وهو موضع وفاق من القائلين باعتبار طهارة الثوب والجسد.
الثانية من لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من طوافه كان طوافه صحيحا، وهو مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا.
الثالثة من لم يعلم بالنجاسة ثم علم في أثناء الطواف وجب عليه ازالة النجاسة واتمام الطواف، واطلاق عبارة المحقق يقتضى عدم الفرق بين أن يقع العلم بعد اكمال أربعة أشواط أو قبل ذلك، وجزم الشهيدان بوجوب الاستيناف ان توقفت الازالة على فعل يستدعى قطع الطواف ولما يكمل أربعة أشواط نظرا إلى ثبوت ذلك مع الحدث في أثناء الطواف، ولو قيل بوجوب الاستيناف مطلقا مع الاخلال بالموالاة الواجبة بدليل التاسى وغيره أمكن لقصور الروايتين المتضمنتين للبناء من حيث السند والاحتياط في البناء والاكمال ثم الاستيناف مطلقا.
(2) أى لا تبالغ في كثرته حيث تمله فتطوف من غير نشاط، ورواه الكلينى ج 4 ص 429 في الصحيح عن ابن أبى عمير عن محمد بن أبى حمزة عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام.
(3) هو ثقة وتقدم الخبر مع بيانه تحت رقم 2836 في باب نوادر الطواف بنحو آخر ورواه الكلينى ج 4 ص 428 نحوه في الصحيح عنه.

[523]

كان أبوالحسن عليه السلام إذا قضى نسكه عدل إلى قرية يقال لها ساية فحلق "(1).
3125 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لاعدائكم وجمال لكم"(2).
3126 - وروى محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من ركب زاملة(3) ثم وقع منها فمات دخل النار "(4).
قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه - كان الناس يركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع عن راحلته من غير أن يتعلق بشئ من الرحل فنهوا عن ذلك لئلا يسقط أحدهم متعمدا فيموت فيكون قاتل نفسه ويستوجب بذلك دخول النار، فهذا معنى الحديث، وذلك أن الناس في أيام النبي صلى الله عليه وآله والائمة صلوات الله عليهم كانوا يركبون الزوامل فلا يمنعون ولا ينكر عليهم ذلك.
3127 - وأما الحديث الذي روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من ركب زاملة فليوص"(5).
فليس بنهي عن ركوب الزاملة، وإنما هو أمر بالاحتراز من السقوط وهذا مثل قول القائل: من خرج ألى الحج أو إلى الجهاد في سبيل الله فليوص، ولم يكن فيما مضى إلا الزوامل وإنما المحامل محدثة، ولم تعرف فيما مضى.


______________
(1) قوله " مثلة " أى قبيح كالعقوبة والنكال، أو لا يكون الا في العقوبة كما في حلق رأس الزانى، فقال عليه السلام: لو كان مثلة لما فعله أبوالحسن موسى عليه السلام مع أنه كان دأبه أن يحلق رأسه بعد المراجعة عن مكة في قرية يقال لها: ساية مع قربها من مكة. (م ت)
(2) تقدم تحت رقم 288 وللمؤلف بيان له هناك.
(3) الزاملة: ما يحمل عليه من المطايا سواء كان من الابل أو من غيره، وفى النهاية الزاملة: البعير الذى يحمل عليه الطعام والمتاع.
(4) ربما يحمل على ما إذا استكراه للحمل لا للركوب.
(5) رواه الكلينى ج 4 ص 542 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب ابن يزيد، عن ابن أبى عمير، عن بعض رجاله عن أبى عبدالله عليه السلام وفيه " من ركب راحلة فليوص ".

[524]

3128 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل أفرد الحج فلما دخل مكة طاف بالبيت ثم إتى أصحابه وهم يقصرون فقصر معهم ثم ذكر بعد ما قصر أنه مفرد للحج، فقال: ليس عليه شئ إذا صلى فليجدد التلبية "(1).
3129 - وروي عن علي بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن رجل يعطي خمسة نفر حجة واحدة، ويخرج فيها واحد منهم ألهم أجر؟ قال: نعم لكل واحد منهم أجر حاج.
قال: فقلت: فأيهم أعظم أجرا؟ فقال: الذي نابه الحر والبرد(2)، وإن كان صرورة لم يجز ذلك عنهم، والحج لمن حج".
3130 وروي عن منصور بن حازم قال: " سأل سلمة بن محرز أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إني طفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أتيت منى فوقعت على أهلي ولم أطف طواف النساء، فقال: بئس ما صنعت فجهلني، فقلت: ابتليت فقال: لا شي ء عليك "(3).
3131 وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: " امرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم "(4).


______________
(1) يدل على وجوب تجديد التلبية لو فعل ذلك ناسيا وتقدم.
(2) إلى هنا تقدم بلفظ آخر باب فضائل الحج تحت رقم 1 224 مع بيانه وروى الكلينى نحوه في الكافى ج 4 ص 312 إلى قوله " والبرد " ويحتمل قريبا أن يكون الباقى من كلام المؤلف.
(3) تقدم وقوله " فجهلنى " أى نسبنى إلى الجهل وقال: ان فعلك هذا وقع بسبب الجهالة ويمكن أن يراد بالابتلاء توجه ضرر لا يندفع الا بالجماع، وأن يراد به الفقر وعجزه عن البدنة (مراد) أقول: روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 585 في الموثق كالصحيح عن زرارة قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال: عليه جزور سمينة، قلت: رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هى، قال: عليه دم يهريقه من عنده ".وعليه الفتوى.
(4) يمكن أن يكون التخيير بالنظر إلى من يجب عليه أحدهما أووقع تقية أو اخبارا بأنكم لا تبالون وان كان الواجب على المجاور تقديم الحج وعلى غيره تقديم العمرة وما ذكره المصنف أيضا حسن.(م ت)

[525]

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله -: يعني العمرة المفردة فأما العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فلا يجوز إلا أن يبدأ بها قبل الحج، ولا يجوز أن يبدأ بالحج قبلها إلا أن لا يدرك المتمتع ليلة عرفة فيبدأ بالحج ثم يعتمر من بعده.
3132 وقال الصادق عليه السلام: " أول ما يظهر القائم عليه السلام من العدل أن ينادي مناديه أن يسلم أصحاب النافلة لاصحاب الفريضة الحجر الاسود والطواف بالبيت "(1)
3133 وروي عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " مقام يوم قبل الحج أفضل من مقام يومين بعد الحج"(2).
وقد أخرجت هذه النوادر مسندة مع غيرها من النوادر في كتاب جامع نوادر الحج.


______________
(1) رواه الكلينى ج 4 ص 427 مسندا عن البزنطى عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام ويدل على استحباب عدم مزاحمة من يطوف مستحبا لمن يطوف واجبا في استلام الحجر وفى أصل الطواف إذا كان الطائف كثيرا. (م ت)
(2) أى بمكة، ولعل وجه ذلك أنه حينئذ اما محرم باحرام العمرة أو مرتبط باحرام الحج (مراد) وقال سلطان العلماء: لعله لاجل التلبس بالاحرام وما في حكمه انتهى، أقول: روى الكلينى ج 4 ص 430 في الصحيح عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج " يعنى بالعشر عشر ذى الحجة.