باب المحصور والمصدود (1)

3104 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " المحصور غير المصدود، وقال المحصور هو المريض، والمصدود هو الذي يرده المشركون(2) كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء"(3).
وإذا قرن الرجل الحج والعمرة فاحصر بعث هديا مع هديه(4) ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله، فإذا بلغ محله أحل وانصرف إلى منزله وعليه الحج من قابل ولا يقرب النساء، وإذا بعث بهديه مع أصحابه فعليه أن يعدهم لذلك يوما فإذا.
كان ذلك اليوم فقد وفى فإن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء الله تعالى(5).


______________
_____ (1) المحصور هو الممنوع بعد الاحرام عن الوصول والاتمام بالمرض، والمصدود هو الممنوع بعد الاحرام من مكة أو الموقفين بالعدو.
(2) لعله كناية عن العدو، وخصوص ذكر المشركين من باب التمثيل.
(3) أى بعد الذبح والتقصير والحلق، والخبر رواه الشيخ والكلينى ج 4 ص 369 في الصحيح مع زيادة ورواه المصنف في معانى الاخبار ص 222 باسناده عن ابن أبى عمير وصفوان ابن يحيى رفعاه إلى أبى عبدالله عليه السلام كما في المتن بدون الزيادة.
(4) اختلف الاصحاب في أنه هل يكفى هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فذهب ابنا بابوبه وجمع من الاصحاب إلى عدم الاكتفاء والمشهور الاكتفاء، ففى الدروس: قال ابنا بابويه لا يجزى هدى السياق عن هدى التحلل وأطلق المعظم التداخل.
(5) روى المصنف في المقنع ص 77 عن سماعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل احصر في الحج قال: فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه، ومحله منى يوم النحر إذا كان في حج وان كان في عمرة نحر بمكة فانما عليه أن يعدهم لذلك يوما، فاذا كان ذلك اليوم فقد وفى، فان اختلفوا في الميعاد لم يضره ان شاء الله " ورواه الشيخ في الموثق ج 1 ص 568 من التهذيب عن زرعة.
وقوله " وعليه الحج من قابل " أى وجوبا ان كان واجبا عليه وندبا ان كان ندبا، لكن يجب طواف النساء لتحليلها.

[515]

3105 - وقال الصادق عليه السلام: " المحصور والمضطر ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطر ان فيه "(1).
3016 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام " في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسك ويرجع، قيل: فان لم يجد هديا؟ قال: يصوم "(2).
وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جائر بمكة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر فإن عليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، فإن خلي عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ويسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة، وإن كان دخل مكة مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه(3).


______________
(1) لعل المراد بالمضطر هنا المصدود وحكمه واضح، وأما المحصور ففيه اشكال من حيث وجوب بعث الهدى عليه كما هو المشهور ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله، ويمكن حمله على عدم امكان البعث أو على التخيير كما هو مذهب ابن الجنيد فانه خير المحصور بين البعث والذبح حيث حصر، وقال سلار: المتطوع ينحر حيث يحصر ويتحلل حتى من النساء والمفترض يبعث ولا يتحلل من النساء. (سلطان)
(2) أى يذبح أو ينحر هناك ويرجع، وفى الكافى " فان لم يجد ثمن هدى صام " والخبر يدل على أن الصوم في المحصور بدل من الهدى مع العجز عنه وهو خلاف المشهور، وفى المدارك: المعروف من مذهب الاصحاب أنه لا بدل لهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه بقى على احرامه ونقل عن ابن الجنيد أنه حكم بالتحلل بمجرد النية عند عدم الهدى، نعم ورد بعض الروايات في بدلية الصوم في هدى الاحصار كحسنة معاوية بن عمار وهى مجملة المتن.
(3) روى الكلينى في الموثق كالصحيح عن الفضل بن يونس عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف فبعث به إلى مكة فحسبه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف إلى منى فيرمى ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، قلت: فان خلى عنه يوم النفر كيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحج ان كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ثم يسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذيح شاة، فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه " ولزوم الهدى على من صد عن التمتع حتى فاته الموقفان خلاف المشهور، وحكى عن الشيخ أنه نقل في الخلاف قولا بوجوب الدم على فائت الحج.
وظاهر الخبر عدم لزوم العمرة لو فات عنه الافراد للتحلل وهو خلاف ما عليه الاصحاب.

[516]

3107 - وروى رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم(1) فحلق رأسه ونحرها مكانه ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب، فقال علي عليه السلام: ابني ورب الكعبة افتحوا له وكانوا قد حموا له الماء فأكب عليه فشرب، ثم اعتمر بعد "(2).
والمحصور لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بن الصفا والمروة.
(3) والقارن إذا احصر وقد اشترط وقال: فحلني حيث حبستني فلا يبعث بهديه ولا يتمتع من قابل ولكن يدخل في مثل ما خرج منه(4).


______________
(1) البرسام بالكسر علة شديدة، برسم الرجل فهو مبرسم أى أصيب بالبرسام.
(2) روى الكلينى ج 4 ص 369 في الصحيح في ذيل حديث رواه عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام " فان الحسين بن على صلوات الله عليهما خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا وهو مريض بها، فقال: يا بنى ما تشتكى؟ فقال: أشتكى رأسى، فدعا على عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة، فلما برأ من وجعه اعتمر، قلت: أرأيت حين برء من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة حلت له النساء؟ قال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، قلت: فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء كان النبى صلى الله عليه وآله مصدودا والحسين عليه السلام محصورا ".
(3) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار التى تقدمت.
(4) قوله " فلا يبعث بهديه " أى لا حاجة إلى البعث بل يذبح هناك وهذا فائدة الاشتراط، وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 568 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام وعن فضالة عن ابن أبى عمير عن رفاعة عن أبى عبدالله عليه السلام أنهما قالا " القارن يحصر وقد قال واشترط فحلنى حيث حبستنى، قال: يبعث بهديه، قلنا: هل، يتمتع في قابل؟ قال: لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه " والمشهور استحباب القضاء قارنا الا إذا كان واجبا عليه بالنذر وشبهه، وفى المحكى عن المنتهى قال: ونحن نحمل هذه الرواية على الاستحباب أو على أنه قد كان القران متعينا عليه لانه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء فعدم وجوب الكيفية أولى.
وقال في المدارك وهو حسن والقول بوجوب الاتيان بما كان واجبا عليه والتخيير في المندوب لابن ادريس وجماعة وقوته ظاهرة.

[517]

3108 - وسأل حمزة بن حمران أبا عبدالله عليه السلام " عن الذي يقول: حلني حيث حبستني، فقال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل(1) ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل"(2).


______________
(1) أى سواء قال باللفظ أو نوى، قال سلطان العلماء: يكمن أن يراد بذلك أن القول ليس له دخل بل الاعتداد بالقصد.
(2) أى ان كان الحج واجبا عليه لا يسقط بالاشتراط.