باب فضل السخاء والجود

1707 قال الصادق عليه السلام: " خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران(1)، ودخول الجنان، ثم قال لجميل: يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك(2)، قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".
1708 وقال عليه السلام: " شاب سخي مرهق في الذنوب(3) أحب إلى الله عزو جل من شيخ عابد بخيل ".
1709 وروي " أن الله عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي ".(4)


______________
(1) " مرغمة " بفتح الميم مصدر، وبكسرها اسم آلة من الرغام بفتح الراء بمعنى التراب.
والتزحزح: التباعد (الوافى) والخبر رواه الكلينى باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول الخبر ".
(2) " غرر " بالغين المعجمة والمهملتين النجباء جمع الاغر.
وفى بعض النسخ هنا وما يأتى بالعين المهملة والزاء‌ين المعجمتين جمع العزيز.
(3) المرهق: المفرط في الشر ومرتكب المحارم.
وفى القاموس الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.
(4) رواه الكلينى ج 4 ص 41 عن على بن ابراهيم رفعه قال: " أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام الخ ".

[62]

1710 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس ".(1)
1711 وقال الصادق عليه السلام: " من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرأ، وأنصف الناس من نفسك(2)، وافش السلام في العالم(3) واترك المراء وإن كنت محقا "(4).
1712 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة ".
(5) وقال الله عزوجل: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين "(6).
1713 وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "(7) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله(8) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل(9) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل ".
1714 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من


______________
(1) أى بالنسبة إلى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ.
(2) أى كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك، واكره لهم ما تكره لها.
(3) أى سلم على من لقيت من اخوانك جهارا.
(4) المراء: الجدال، أى اترك الجدال في الكلام وان كان الحق لك.
والخبر مروى في الكافى بسند فيه ضعف ج 4 ص 44 عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام.
(5) الخلف بفتح المعجمة واللام: العوض.
وقوله " سخت " أى جادت وفى بعض نسخ الكافى " سمحت ".
(6) من كلام المؤلف رحمه الله كما يظهر من الكافى.
(7) الحسرات جمع الحسرة وهى أشد الندامة.
(8) في الكافى " أو في معصية الله فان عمل به في طاعة الله الخ ".
(9) في بعض النسخ والكافى " وان كان عمل به في معصية الله ".

[63]

ماله وأعطى البائنة في قومه(1) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك ".
1715 وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال: " قال لي أبو عبدالله عليه السلام: أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال: الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل ".
1716 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما محق الاسلام محق الشح شئ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك ".(2)
1717 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل ".(3)
1718 " وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم(4) فقال له: كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الضلامة على أهلها، والشحيح إذا شح منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف(5) والنفقة في سبيل الله


______________
(1) البائنة العطية، سميت بها لانها ابينت من المال (الوافى) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لانها ابينت من المال.
(2) الدبيب: المشى اللين أى حركة خفيفة لا تحس، والشرك محركة: حبائل الصيد.
وقرأه الفاضل التفرشى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج اليه.
(3) أى إذا كان غير منظور اليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل.
(4) أى عذره أشد وأكثر من عذر الظالم.
(5) اقراء الضيف: ضيافته وخدمته والاحسان اليه.
هذه الاخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج 4 ص 44 و 45.

[64]

عزوجل وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح ".
1719 وقال الصادق عليه السلام: " المنجيات إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ".