باب السهو في السعى بين الصفا والمروة

2848 - روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة، قال: يطاف عنه "(2).
2849 - وسئل أبوعبدالله عليه السلام " عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه إنما طاف ستة، قال: عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر "(3).
ومن لم يدر ما سعى فليبتدئ السعي(4).


______________
(2) أى يستنيب مع تعسر الرجوع (م ت) وقال سلطان العلماء: لا خلاف في أن السعى ركن يبطل بتركه الحج والعمرة عمدا وأما إذا ترك سهوا يجب الاتيان به والعود لاستدراكه أن أمكن أى بدون مشقة شديدة والا استناب انتهى وقال الشيخ في الاستبصار بعد نقل خبر المتن الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من لا يتمكن من الرجوع إلى مكة فانه يجوز له أن يستنيب غيره في ذلك ومن تمكن فلا يجوز له غير الرجوع على ما تضمنه خبر معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل نسى السعى بين الصفا والمروة، فقال: يعيد السعى، قلت: فانه يخرج قال: يرجع فيعيد السعى، ان هذا ليس كرمى الجمار ان الرمى سنة والسعى بين الصفا والمروة فريضة الخ ".
(3) رواه الشيخ في القوى في التهذيب ج 1 ص 490.
وقال صاحب المدارك: لا يحل لمن أخل بالسعى ما يتوقف عليه من المحرمات كالنساء حتى يأتى به كملا بنفسه أو بنائبه، وهل يلزمه الكفارة لو ذكر ثم واقع؟ لم أقف فيه على نص لكن الحكم بوجوبها على من ظن اتمام السعى فواقع ثم تبين النقص كما سيأتى يقتضى الوجوب هنا بطريق أولى، وفى الحاق الجاهل بالعامد أو الناسى وجهان أظهرهما الاول انتهى.
(4) قال بعض الشراح: قد قطع الاصحاب بأن الشك في النقيصة في السعى يبطل، وأما إذا كان بين الاكمال والزيادة فيقطع ويصح سعيه.
وقال فقيه عصرنا مد ظله العالى في جامع المدارك ج 2 ص 527: لزوم الاعادة مع عدم تحصيل العدد انما خصص بصورة حصول الشك في الاثناء قبل الفراغ وعدم احراز السبعة لدوران الامر بين الزيادة والنقيصة الموجبتين للبطلان والاعتماد على أصالة الاقل، واستدل أيضا بالصحيح قال سعيد بن يسار: قلت لابى عبدالله عليه السلام ": رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط؟ فقال لى: يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فان كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما، فقلت: دم ماذا؟ قال: بقرة، قال: وان لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد فليبتدء السعى حتى يكمل سبعة أشواط، ثم ليرق دم بقرة ".
ويمكن أن يقال: أما صورة الشك بعد الفراغ فمقتضى القاعدة عدم الالتفات بالشك لكن بعد التجاوز عن المحل الشرعى بالدخول فيما رتب على العمل لا مجرد الانصراف بناء على اعتبار الموالات في الاشواط، ومع ذلك مقتضى اطلاق الصحيح المذكور لزوم الاعادة، ولا استبعاد في تخصيص القاعدة بالصحيح المذكور مع فرض الخروج عن العمل في الصحيح، وأما صورة حصول الشك في الاثناء فلولا الصحيح المذكور لامكن التصحيح بدون لزوم محذور بأن يسعى عدة أشواط يقطع معها بحصول المأمور به بقصر حصول المأمور به بما كان لازما مع الغاء ما كان زائدا نظير ما قيل في الطواف لاحراز البدأة بأول البدن مع أول الحجر الاسود مع عدم تيسر احراز الجزء الاول منهما فالحكم بالاستيناف في الصحيح يمكن أن يكون من جهة عدم الاعتداد بما ذكر، ويمكن أن يكون من جهة عدم سهولة الاستيناف وعدم الاعتداد بالاشواط السابقة فالمتعين الاخذ به.

[414]

ومن سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فعليه أن يعيد، وإن سعى بينهما تسعة أشواط فلا شئ عليه(1).
وفقه ذلك أنه إذا سعى ثمانية أشواط يكون قد بدأ بالمروة وختم بها وكان ذلك خلاف السنة، وإذا سعى تسعة يكون قد بدأ بالصفا وختم بالمروة، ومن بدأ بالمروة قبل الصفا فعليه أن يعيد.


______________
(1) روى الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 2 ص 490 عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد ويطرح ثمانية وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستانف السعى، وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا ".
وقال المولى المجلسى: هذا الخبر يحتمل وجوها منها أن يجعل السبعة مندوبا ويبنى على واحد ويتمه بستة كما فهمه الشيخ لان الشوط الذى وقع من المروة إلى الصفا باطل فيبنى على التاسع ويتمه بستة، ولو بنى على السبعة و أبطل الزائد كان صحيحا لما سيجيئ من الاخبار وعلى هذا يكون في المروة ويكون الثمانية باطلا لانه ينكشف أنه كان الابتداء منها، والظاهر أن المصنف عمل بابطال الزائد لانه قال لا شئ عليه.
ومنها أن يكون على المروة ويكون باطلا للزيادة التى وقعت منه عمدا أو جهلا ويحمل الصحة على ما وقع منه نسيانا ولا يضر حينئذ البناء على التاسع باعتبار أنه لم ينوه لانه مشترك بين الجميع، ويدل هذا الخبر أيضا على المساهلة فيها شرعا لانها هى القصد لله ولا يخلو العبد منه سيما في أفعال الحج، يحتمل أن يكون على المروة وكان لم يحسب الشوط الذى من المروة إلى الصفا أولا أو ثانيا كما ذكر سابقا في الزيادة سهوا.

[415]

ومن ترك شيئا من الرمل(1) في سعيه فلا شئ عليه(2).
2850 - وروى عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام " في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط، فقال: إن كان خطأ طرح واحدا واعتد بسبعة "(3)


______________
(1) الرمل بالتحريك: الهرولة وهى المشى بالاسراع من تقارب الخطا دون الوثب والعدو.
(2) روى الكلينى ج 4 ص 436 في الصحيح عن سعيد الاعرج قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة، قال: لا شئ عليه الحديث ".
يدل على أنه إذا زاد على السعى سهوا لا يبطل سعيه، وبمفهومه يدل على أنه إذا كان عامدا يبطل سعيه، والثانى مقطوع به في كلام الاصحاب وحكموا في الاول بالتخيير بين طرح الزائد والاعتداد بالسبعة وبين اكمالها اسبوعين فيكون الثانى مستحبا، وقالوا: انما يتخير إذا لم يتذكر الا بعد اكمال الثامن والا تعين القطع ولم يحكموا باستحباب السعى الا هنا (المرآة) وقال صاحب جامع المدارك: استشكل في المقام بأن التخيير المذكور في كلام الاصحاب مستلزم لامرين يشكل الالتزام بهما، أحدهما وقوع السعى كالطواف واجبا ومستحبا وهذا غير معهود ولم نقف على دليل يدل عليه غير الخبر المذكور في هذا الباب، والثانى كون الابتداء من المروة واطلاق الاخبار وكلمات الاصحاب يقتضى كون الابتداء من الصفا، واجب بأن ما ذكر كالاجتهاد في قبال النص فانه بعد وجود الدليل نلتزم بما ذكر، قلت: مقتضى صحيح معاوية بن عمار المتقدم عدم الاعتداد بالشوط المبتدأة من المروة فيكون هذا صحيح معارضا في المقام لما دل على الاعتداد به فبعد المعارضة يكون عموم ما دل على لزوم البدأة من الصفا مرجعا أو مرجحا، وبالجملة المسألة غير خالية عن شوب الاشكال انتهى كلامه أدام الله ظله.

[416]

وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: يضيف إليها ستة(1).


______________
(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 489 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " ان في كتاب على عليه السلام قال: إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف اليها ستا وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أشواط أضاف اليها ستا الخ " وقال في الاستبصار بعد نقله: الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من فعل ذلك ساهيا على ما قدمناه ويكون مع ذلك إذا سعى ثمانية يكون عند الصفا، فأما اذ علم أنه سعى ثمانية وهو عند المروة فتجب عليه الاعادة على كل حال لانه يكون بدأ بالمروة ولا يجوز لمن فعل ذلك البناء عليه، ثم استدل له بخبر معاوية بن عمار المتقدم.