باب حق الحصاد والجذاذ(1)

قال الله تعالى: " وآتوا حقه يوم حصاده " وهو أن تأخذ بيدك الضغث بعد الضغث(2) فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى تفرغ منه، وعند الصرام الحفنة بعد الحفنة(3) حتى تفرغ منه، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ منه(4) ويترك


______________
(1) الجذاذ بالمعجمتين: الصرام وهو قطع الثمرة وصرام النخل قطع ثمرتها.
وفى بعض النسخ، الجداد بالمهملتين وهو بمعنى القطع أيضا وقال ابن ادريس هو الصواب ونسب قراء‌ة الجذاذ بالذالين إلى المتفقهة.
(2) الضغث بالكسر والفتح قبضة من الحشيش يختلط فيها الرطب واليابس.
(3) تقدم أن الصرام بمعنى القطع. والحفنة بالفتح: مل‌ء الكفين ومنه اعطاء حفنة من دقيق (النهاية) وفى أقرب الموارد بضم الحاء وقالوا: الحفنة مل‌ء الكف دون الكفين.
(4) قال في المدارك: المشهور بين الاصحاب أنه ليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس، وقال الشيخ في الخلاف في المال حق سوى الزكاة المفروضة وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة.
احتج الموجبون بالاخبار وقوله تعالى " و آتوا حقه يوم حصاده " وأجيب عن الاخبار بأنها انما تدل على الاستحباب لا الوجوب، وعن الآية باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة كما ذكره جمع من المفسرين وأن يكون المعنى فاعزموا على أداء الحق يوم الحصاد واهتموا به حتى لا تؤخروه عن أول وقت فيه يمكن الايتاء لان قوله: " وآتوا حقه " انما يحسن إذا كان الحق معلوما قبل ورود الآية، لكن ورد في أخبارنا انكار ذلك روى السيد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار عن أبى جعفر (ع) في قوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " قال: ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه قال " ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين " قال المرتضى: وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر والزكاة مقدرة، وثانيا بحمل الامر على الاستحباب كما تدل عليه رواية معاوية بن شريح وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الكافى.
وجه الدلالة أن المتبادر من قوله عليه السلام في حسنة الفضلاء " هذا من الصدقة " الصدقة المندوبة.

[47]

للحارس(1) يكون في الحائط أجرا معلوما، ويترك من النخلة معافارة، وأم جعرور(2) ويترك للحارس العذق والعذقين والثلاثة لحفظه له(3) وأما قوله تعالى: " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " فالاسراف أن تعطي بيديك جميعا(4).
1664 وقال الصادق عليه السلام: " لا تحصد بالليل، ولا تصرم بالليل، ولا تجذ بالليل، ولا تضح بالليل(5) ولا تبذر بالليل لانك تعطي في البذر كما تعطي في الحصاد و متى فعلت ذلك بالليل لم يحضرك المساكين والسؤال ولا القانع ولا المعتر "(6).
1665 وروي عن مصادق قال: " كنت مع أبي عبدالله عليه السلام في أرض له وهم يصرمون فجاء سائل يسأل فقلت: الله يرزقك، فقال: مه ليس ذاك لكم حتى تعطوا ثلاثة فإن


______________
(1) هو الذى يحرس الزرع ويحفظه، وفى بعض النسخ " الخارص " بالمعجمة والصاد وهو الذى يخرص الثمرة أى يقدرها، وصوبه بعض لكن في الكافى كما في المتن.
(2) معافارة وأم جعرور: ضربان رديان من أردى التمر. (مجمع البحرين)
(3) العذق: النخلة بحملها، والقنو من النخلة والعنقود من العنب (القاموس) والى هنا مأخوذ من خبر معاوية بن شريح وخبر الفضلاء: محمد بن مسلم وأبى بصير وزرارة المرويين في الكافى ج 3 ص 564 و 565.
(4) كما في قرب الاسناد في حديث البزنطى عن الرضا عليه السلام قال: " من الاسراف في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا قال وكان أبى عليه السلام إذا حضر حصد شئ ومن هذا فرأى أحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به وقال: أعطه بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل الحديث " ورواه العياشى في التفسير ج 1 ص 379.
(5) من ضحى يضحى تضحية أى لا تذبح الاضحية بالليل " ولا تبذر " من البذر وبذر الحب بذرا ألقاه في الارض للزراعة.
(6) الخبر في الكافى ج 3 ص 565 بسند قوى مع زيادة واختلاف في اللفظ.
وفيه " فقلت: ما القانع والمعتر؟ قال: القانع الذى يقنع بما أعطيته، والمعتر الذى يمر بك فيسألك "الخ.

[48]

أعطيتم بعد ذلك فلكم، وإن أمسكتم فلكم "(1)


______________
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 566 بسند ضعيف.