باب الخمس(4)

1644 سئل أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام(5) " عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال: إذا


______________
(4) الخمس حق مالى ثبت بالكاتب والسنة والاجماع لبنى هاشم بالاصل عوضا عن الزكاة ومرادنا بالاجماع هنا اجماع المسلمين.
(5) رواه الكلينى رحمه الله في الكافى ج 1 ص 547 بطريق صحيح عن البزنطى عن محمد بن على عنه (ع) ومحمد بن على مشترك لكن روايه أحمد بن أبى نصر البزنطى وهو من أصحاب الاجماع.

[40]

بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس ".(1)
1645 وسأل عبيدالله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ فقال الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ فقال: الخمس، وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها؟ فقال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة(2) ".
1646 وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة "(3).
1647 وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: " سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، فقال: ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس(4) ".


______________
(1) يدل على وجوب الخمس في المعادن إذا بلغ قيمتها دينارا وحمل على الاستحباب لما يأتى تحت رقم 1647 عن أبى الحسن الرضا (ع). وسيأتى الكلام فيه.
(2) يدل على وجوب الخمس في الكنز والمعادن جميعا. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 383 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: " سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص، فقال: عليها الخمس جميعا ". وروى الكلينى في الحسن كالصحيح نحوه.
(3) في بعض النسخ " خاصا " وفى بعضها " خاص " بالرفع أى هو خاص بها.
ان كان المراد غنائم دار الحرب فظاهر هذا الخبر التقية، ويمكن أن يكون المراد أن جميع ما فيه الخمس فهو غنيمة ونفع وداخل في كريمة " واعلموا انما غنمتم " أو المعنى أن الخمس المعتد بة خمس غنائم دار الحرب والباقى قليل بالنسبة اليها.
وقال الفاضل التفرشى: ان المراد بالغنائم المنافع المستفادة في السنة خاصة دون ما كان في ملك المالك قبلها وان حال عليها الحول، وهو مأخوذ من قوله تعالى " واعلموا انما غنمتم - الاية ".
(4) الطريق صحيح، ورواه الشيخ بسند صحيح عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا(ع) هكذا " سألت أبا الحسن عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ؟ قال: ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ".
وسند الخبر الذى تقدم في أول الباب قاصر عن مكافئة هذا الصحيح، فلذا لم يعمل بالذى تقدم عامة المتأخرين وان عمل به أكثر القدماء وحملوه على الاستح!!! باب، قال في المدارك: اختلف الاصحاب في اعتبار النصاب في المعادن وفى قدره، فقال الشيخ - رحمه الله - في الخلاف: يجب الخمس في المعادن ولا يراعى فيها نصاب، وبه قطع ابن ادريس في سرائره فقال: اجماع الاصحاب منعقد على وجوب اخراج الخمس من المعادن على اختلاف أجناسها قليلا كان أو كثيرا، ذهبا كان أو فضة، عن غير اعتبار مقدار، وهو اختيار ابن الجنيد و السيد المرتضى وابن أبى عقيل وابن زهرة وسلار وغيرهم، وقال أبوالصلاح: يعتبر بلوغ قيمته دينارا واحدا، ورواه ابن بابويه مرسلا في المقنع والفقيه، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط: لا يجب فيها شئ حتى يبلغ عشرين دينارا واختاره العلامة واليه ذهب عامة المتأخرين وهو المعتمد، ثم استدل بخبر الصفار المذكور، ورد على ابن ادريس وقال: دعوى الاجماع في موضع الخلاف ظاهرة البطلان، ثم طعن في سند الخبر المتقدم بجهالة الراوى ورجح سند الاخير بعدم الواسطة وجواز حمل الاول على الاستحباب جمعا.

[41]

1648 وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الملاحة فقال: وما الملاحة فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال: مثل المعدن فيه الخمس قلت: فالكبريت والنفط يخرج من الارض؟ فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس(1) ".
1649 وقال الصادق عليه السلام: " إن الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال(2) ".
1650 وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " أصلحك الله(3) ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم "(4).


______________
(1) الملاحة بشد اللام. والخبر يدل على وجوب الخمس مطلقا جامدا ومايعا.
(2) الخبر رواه المصنف رحمه الله في الخصال!!! باب الخمسة تحت رقم 51 باسناده عن عيسى بن عبدالله العلوى. وفيه " ان الله الذى لا اله الا هو الخ " والمراد بالكرامة التحف و الهدايا، وفى الصحاح التكريم والاكرام بمعنى، والاسم منه الكرامة.
(3) " أصلحك الله " أى جعلك الله متمكنا في الارض ظاهرا كما جعلك باطنا.
" وما أيسر " سؤال بما الاستفهامية أى أى شئ أقل ما يدخل به العبد النار.
(4) قال المؤلف بعد نقل الخبر في كمال الدين ص 522: معنى اليتيم هو المنقطع القرين في هذا الموضع، فسمى النبى صلى الله عليه وآله بهذا المعنى يتيما، وكذلك كل امام بعده يتيم بهذا المعنى، والاية في أكل أموال اليتامى ظلما نزلت فيهم وجرت بعدهم في سائر الايتام، والدرة اليتيمة انما سميت يتيمة لانها منقطعة القرين. أقول في الطريق على بن أبى حمزة البطائنى.

[42]

1651 وسأل زكريا بن مالك الجعفي(1) أبا عبدالله عليه السلام " عن قول الله عزوجل " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل " قال: أما خمس الله فللرسول يضعه في سبيل الله، وأما خمس الرسول صلى الله عليه وآله فلاقاربه(2) وخمس ذي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم(3) وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل "(4).
1652 وفي توقيعات الرضا عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد الهمداني " إن الخمس بعد المؤونة"(5).
1653 وروى أبوعبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أيما ذمي


______________
(1) الطريق اليه فيه الحسين بن أحمد بن ادريس وهو من مشايخ الاجازة له ورواه في الخصال عن محمد بن ماجيلويه.
(2) أى بالارث وقيامهم عليهم السلام مقامه صلى الله عليه وآله، وفيه اشعار بأن سهم الله عزوجل الذى كان للرسول صلى الله عليه وآله أيضا لهم لقيامهم مقامه وسيصرح بذلك في قوله " فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم ". (مراد)
(3) قوله " وخمس ذى القدبى الخ " في قوة قوله وخمس ذى القربى أيضا لاقاربه صلى الله عليه وآله لان المراد بذوى القربى أقرباؤه فيكون قد جعل الله لهم. (مراد)
(4) أى فلابد أن يكون لمساكيننا وأبناء سبيلنا ما يعيشون به عوضا عن الصدقة فجعل الله عزوجل هذين السهمين لهم (مراد) أقول: راجع بيان هذا الخبر الشريف في الجزء الثالث (جزء الزكاة) من مصباح الفقيه للفقيه الهمدانى قدس سره ص 145.
(5) الظاهر أن المراد بالمؤونة مؤونة السنة كما تقدم وسيجئ (م ت) أقول: قد صرح جماعة كثيرة من الفقهاء بأن المراد من المؤونة كل ما ينفقه على نفسه وعياله وغيرهم للاكل والشرب واللباس والمسكن والتزويج والخادم وأثاث البيت والكتب وغير ذلك مما يعد مؤونة عرفا، فتعم مثل الهبة والصدقة والصلة والنذر من الامور الواجبة والمندوبة ما لم يتجاوز عن الحد ولم يعد اسرافا أو تبذيرا أو يكون فوق الشأن.
(6) طريق المؤلف إلى أبى عبيدة الحذاء وهو زياد بن عيسى الكوفى الثقة غير مذكور في المشيخة، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 389 بسند صحيح.
وهو المعمول به عند فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم.

[43]

اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس ".
1654 وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب خمسي. وقد طيبنا(1) ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم أو لتزكوا ولادتهم "(2).
1655 وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: " يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه أفلي توبة(3)؟ قال: ائتني بخمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه "(4).
1656 وسئل أبوالحسن عليه السلام(5) " عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته، أو خمس ما يخرج له من المعادن أيحسب ذلك له في زكاته وخمسه؟ فقال: نعم "(6).
1657 وروي عن أبي علي بن راشد(7) قال: قلت لابي الحسن الثالث عليه السلام: " إنا نؤتى بالشئ فيقال: هذا كان لابي جعفر عليه السلام عندنا، فكيف نصنع؟ فقال: ما كان لابي جعفر عليه السلام بسبب الامامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله


______________
(1) في بعض النسخ " وقد أحللنا ".
(2) يمكن أن يكون الترديد من الراوى، ورواه الكلينى ج1 ص546 والشيخ في التهذيب ج1ص388. وفى بعض النسخ الفقيه مكان " ولادتهم " " أولادهم ".
(3) أى مالاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء، فخلطت الحلال بالحرام.
(4) رواه الشخ باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام مع اختلاف في اللفظ راجع التهذيب ج 1 ص 384 و 389 وحمل على ما إذا كان قدر المال وصاحبه مجهولين ولعل مصرفه مصرف الصدقات.
(5) في بعض النسخ " سئل أبوعبدالله عليه السلام ".
(6) تقدم الكلام فيه في أبواب الزكاة.
(7) هو من وكلاء الهادى عليه السلام أقامه مقام الحسين بن عبد ربه وكتب عليه السلام إلى الموالى ببغداد والمدائن والسواد وما يليها: قد أقمت أبا على بن راشد مقام الحسين بن عبد ربه ومن قبله من وكلائى وأوجبت في طاعته طاعتى وفى عصيانه الخروج إلى عصيانى.

[44]

وسنة نبيه صلى الله عليه وآله "(1).
1658 وروى عبدالله بن بكير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا(2) ما أريد بذلك إلا أن تطهروا "(3).
1659 وروي عن يونسبن يعقوب قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين(4) فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الارباح والاموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون؟ فقال عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم "(5).
1660 وروي عن علي بن مهزيار أنه قال: " قرأت في كتاب لابي جعفر عليه السلام إلى رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس، فكتب عليه السلام بخطه: من أعوزه شئ من حقي فهو في حل "(6).
1661 وروى أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يموت ولا وارث


______________
(1) يعنى ما كان فيه من سهم الامام عليه السلام فهو للامام الذى بعده وما كان من الاموال الشخصية له دون السهم فهو لورثته يقسم فيهم على ما فرض الله وسن نبيه صلى الله عليه وآله وذلك لان مال الغنيمة لا يصير ملكا لاربابها ما لم يصل اليهم وكذا حصة الامام عليه السلام.
(2) أى انى لمن الذين هم أكثر مالا في أهل المدينة. (مراد)
(3) أى من الاثام التى تحصل بسبب منع الخمس أو مطلقا. ويمكن أن يقرء " تطهروا " بالتخفيف أى تطهروا من حقنا كما قال الفاضل التفرشى.
(4) القماط كشداد: من يصنع القمط للصبيان والقمط بضمتين: الحبال. وقيل: القماط من يعمل بيوت القصب.
(5) أى ما عملنا معكم بالعدل ان كلفناكم ذلك أى اعطاء حقنا ايانا اليوم الذى أنتم في التقية، وأيدى الظلمة. في الصحاح نصف أى عدل يقال: أنصفه من نفسه.
(6) " من الخمس " أى فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الارباح. و " اعوزه " في الصحاح أعوزه الشئ إذا احتاج اليه فلم يقدر عليه ولعل معنى الاعواز هنا الاحتياج الشديد أى أحوجه شئ من حقنا اليه والاسناد مجازى. (مراد)

[45]

له ولا مولى له؟ فقال: هو من أهل هذه الآية: " يسلونك عن الانفال ".(1).
1662 وروى عنه داود بن كثير الرقي أنه قال: " إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك "(2).
1663 وروى حفص بن البختري(3) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن جبرئيل عليه السلام كرى برجله خمسة أنهار(4) ولسان الماء يتبعه: الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهر بلخ(5) فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا " وهو أفسيكون(6).


______________
(1) يعنى وارثه الامام، فهو الوارث لمن لا وارث له.
(2) الظاهر أن اضافة الفضل إلى المظلمة بيانية أى فضل مال هو مظلمتنا. وفى الصحاح الظلامة والمظلمة والظليمة: ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك.
(3) رواه المصنف رحمه الله في الخصال بسند صحيح.
(4) كرى كرضى: استحدث نهره، وكريت النهر كريا: حفرته.
(5) الفرات هو النهر المشهور الذى ينبع في ارمينيا ويمر بسوريا إلى العراق حتى ينتهى إلى الخليج الفارسى. ونهر دجلة مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن هناك معروف بحصن ذى القرنين ومن تحته تخرج عين دجلة وكلما امتد انضم اليه مياه جبال ديار بكر وغيرها وينتهى إلى البحر بعد أن يقترن بالفرات ويشترك في مصبه في الخليج.
والنيل نهر يخرج من بحيرة فيكتوريا فيجتاز السودان وينتهى إلى بلاد النوبة ثم إلى مصر حيث يبلغ القاهرة ومنها يتشعب بالدلتا فينصب في البحر المتوسط.
ومهران شبهه الاصطخرى بالنيل في الكبر والنفع، مخرجه من ظهر جبل في الشمال وهو في بلاد السند وعليه كثير من المدن وأهمها الملتان.
ونهر بلخ وهو جيحون ومنبعه منم بحيرة في التبت الصغرى وعليه روافد كثيرة، وهو يصب في جنوب بحر آرال " بحيرة قزوين " وهذه الانهار الخمسة هى التى يستقى منها كثير من الخلق.
(6) هذا الخبر رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 409 وليس فيه " وهو أفسيكون " والظاهر أنه من كلام الصدوق رحمه الله فسربه البحر المطيف بالدنيا، وقال بعض الشراح المراد بالمطيف بالدنيا المحيط بالدنيا وهو لا يلائم تفسير المؤلف ولا تساعد عليه الخرائط الجغرافية الحديثة لان أفسيكون معرب آبسكون وهو بحر الخزر، قال في المراصد ومعجم البلدان آبسكون بفتح لهمزة وسكون الالف وفتح الباء الموحدة وسين مهملة ساكنة و كاف مضمونة وواو ساكنة ونون وقيل: بغير ألف ولا مد: بليدة على ساحل بحر طبرستان وبيها وبين جرجان ثلاثة أميال " فسمى البحر باسم البلدة. وقيل: المشهور أنه شعبة من البحر المحيط. والعلم عند الله.