باب عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له

2558 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة(2) صليت ركعتين وأحرمت في دبرها، فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد الله عزو جل واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: " اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك، فاني عبدك وفي قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك [صلى الله عليه وآله] وتقويني على ما ضعفت عنه وتتسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية، واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم إني خرجت من شقة بعيدة، وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك(3) اللهم فتمم لي حجي، اللهم إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحسبني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة " يجزيك(4) أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم، ثم قم فامش هنيئة، فإذا


______________
(2) قال الفيض رحمه الله: يعنى وان لم يكن وقت صلاة مكتوبة وتكون صلاتك للاحرام نافلة صليت ركعتين.
(3) من قوله " اللهم انى خرجت " إلى هنا ليس في الكافى والتهذيب.
(4) في الكافى والتهذيب " قال: يجزيك الخ ".

[319]

استوت بك الارض(1) ماشيا كنت أو راكبا فلب "(2).
2559 - وسأل الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " أليلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أم نهارا؟ فقال: نهارا فقلت: أي ساعة؟ قال: صلاة الظهر، فسألته متى ترى أن نحرم، قال: سواء عليكم(3) إنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الظهر لان الماء كان قليلا، كان يكون في رؤوس الجبال فيهجر الرجل(4) إلى مثل ذلك من الغد(5) فلا يكادون يقدرون على الماء، وإنما احدثت هذه المياه حديثا ".
2560 - وروى ابن عمير، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني اريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ فقال: " اللهم


______________
(1) أى سلكت فيها ودخلت في الطريق.
(2) قال في المدارك: التلبيات الاربع وعدم انعقاد الاحرام للتمتع الا بها فقال العلامة في التذكرة والمنتهى: انه قول علمائنا أجمع والاخبار فيه مستفيضة، وانما الكلام في اشتراط مقارنتها للنية كمقارنة التحريم لنية الصلاة وبه قطع الشهيد في اللمعة لكن ظاهر كلامه في الدروس التوقف وكلام باقى الاصحاب خال من الاشتراط بل صرح كثير منهم بعدمه، وينبغى الجزم بجواز تأخير التلبية عن نية الاحرام للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة معاوية بن عمار (يعنى هذا الخبر) وغيرها، بل يظهر من صحيحة معاوية تعين ذلك لكن الظاهر أنه للاستحباب والذى يقتضيه الجمع بين الاخبار التخيير بين التلبية في موضع عقد الاحرام وبعد المشى هنيئة، وبعد الوصول إلى البيداء وان كان الاولى العمل بما تضمنه صحيحة معاوية بن عمار.
(3) أى مثل ذلك الوقت إلى نصف النهار.
وقال العلامة المجلسى: لعله محمول على التقية أو على عدم تأكد الاستحباب.
(4) في المغرب: هجر: إذا سار في الهاجرة وهى نصف النهار في القيظ خاصة ثم قال: قيل هجر إلى الصلاة: إذا بكر ومضى اليها في أول وقتها.
(5) يعنى يذهب في طلب الماء اليوم فلا يأتى به الا أن يمضى به من الغد مقدار ما مضى من اليوم.
والمراد أن السبب في احرام النبى صلى الله عليه وآله وقت الظهر انما كان حصول الماء في ذلك الوقت.(الوافى)

[320]

أني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك " وإن شئت أضمرت الذي تريد ".
2561 - وسأله حمران بن أعين(1) " عن الرجل يقول: حلني حيث حبستني قال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل ".
2562 - وروى حفص بن البختري: ومعاوية بن عمار: وعبدالرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم، ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء، فإذا استوت بك البيداء فلب"(2).
وإن أهللت(3) من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء(4) وتلبي قبل أن تصير إلي الابطح.


______________
(1) طريق المؤلف اليه غير مذكور في المشيخة والخبر في الكافى والتهذيب عن حمزة ابن حمران وسيأتى من المؤلف بعينه في باب الحصر عن حمزة بن حمران ولعل السهو من النساخ.
وطريق الصدوق إلى حمزة صحيح.
(2) يدل على استحباب تأخير التلبية إلى البيداء لمن أحرم من الشجرة كما يدل عليه غيره من الاخبار الكثيرة. (م ت)
(3) لما ذكر موضع الاحرام بالعمرة ذكر هنا موضع الاحرام بالحج.
(4) الرقطاء موضع دون الردم، والردم هو الحاجز الذى يمنع السيل عن البيت المحرم ويسمى المدعى، ويظهر من بعض الاخبار أنه ملتقى طريق الجبل وطريق العام إلى منى.
وقال الفاضل الاسترآبادى: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها ان يكون الرقطاء اسم موضع بمكة.
واما الردم فالمراد منه المدعا بفتح الميم وسكون الدال المهملة والعين المهملة بعدها ألف والعلة في التعبير عن المدعا بالردم أن الجائى من الابطح إلى المسجد الحرام كان يشرف الكعبة من موضع مخصوص وكان يدعو هناك وكانت هناك عمارة ثم طاحت وصار موضعها تلا، والظاهر عندى " الرمضاء " بالراء المفتوحة والميم الساكنة والضاد المعجمة بعدها الف انتهى كلامه رفع مقامه.
وفى الكافى " الرفضاء " وفى بعض نسخة " الروحاء ".
(5) روى الكلينى ج 4 ص 454 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل، وألبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، وأحرم بالحح، ثم امض وعليك السكينة والوقار فاذا انتهيت إلى الرفضاء دون الردم فلب، فاذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى".

[321]

2563 - وفي رواية هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا أحرمت من غمرة(1) أو بريد البعث وقلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك وإن شئت لبيت من موضعك، والفضل أن تمشي قليلا ثم تلب "(2).
2564 وفي رواية ابن فضال عن أبي الحسن عليه السلام " في الرجل يأتي ذا الحليفة أو بعض الاوقات بعد صلاة العصر أو في غير وقت صلاة؟ قال: لا، ينتظر حتى تكون الساعة التي يصلي فيها وإنما قال ذلك مخافة الشهرة -"(3).
2565 - وروى حفص بن البختري(4) عن أبي عبدالله عليه السلام " فيمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة، ثم وقع على أهله قبل أن يلبي، قال: ليس عليه شئ "(5).


______________
(1) أوسط وادى العقيق أو آخره كما تقدم، وبريد البعث أوله. (م ت)
(2) قوله " صليت " أى للاحرام " قلت ما يقول المحرم " من نية العمرة المتمتع بها إلى الحج لفظا مع القصد (م ت)
(3) الظاهر أن هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله وحمل الخبر على الاتقاء عليهم أو التقية ويدل عليه خبر ادريس بن عبدالله في التهذيب ج 1 ص 468 قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يأتى بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال: يقيم إلى المغرب، قلت: فان أبى جماله أن يقيم عليه، قال: ليس له أن يخالف السنة، قلت: أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال: لا بأس به ولكنى أكرهه للشهرة وتأخير ذلك أحب الخ "
(4) الطريق اليه صحيح وهو ثقة.
(5) يدل على أن الاحرام هو نية التحريم، ولا ينعقد الا بالتلبية ويجوز الجماع قبلها (م ت) وهو مجمع عليه بين الاصحاب.

[322]

2566 - وفي رواية أبان، عن علي بن عبدالعزيز(1) قال: اغتسل أبوعبدالله عليه السلام بذي الحليفة للاحرام وصلى، ثم قال: هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد فاتي بحجلتين(2) فأكلهما قبل أن يحرم "(3).
2567 - وفي رواية عبدالرحمن بن الحجاج عنه عليه السلام " أنه صلى ركعتين وعقد في مسجد الشجرة، ثم خرج فاتي بخبيص(4) فيه زعفران فأكل - قبل أن يلبي - منه ".
2568 - وروى عنه وهب بن عبد ربه(5) " في رجل كانت معه أم ولدله فأحرمت قبل سيدها أله أن ينقض إحرامها ويطأها قبل أن يحرم؟ قال: نعم "(6).
2569 - وكتب بعض أصحابنا إلى أبي إبراهيم عليه السلام " في رجل دخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم، ثم خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي [أله] أن ينقض ذلك بمواقعة النساء؟ فكتب عليه السلام: نعم - أو لا بأس به - "(7).


______________
(1) رواه الكلينى في الصحيح عن ابن مسكان، عن على بن عبدالعزيز.
(2) الحجل الذكر من القبج معرب كبك.
(3) استدل به على عدم انتقاض الغسل بأكل لحم الصيد، ويمكن أن يكون عليه السلام اغتسل بعد ذلك، نعم يدل على جواز الاكل منه بعدهما وأن كان الظاهر الاول. (م ت)
(4) الخبيص وزان فعيل بمعنى مفعول: طعام يعمل من التمر والزيت والسمن.
(5) طريق المصنف اليه غير مذكور في المشيخة لكنه ثقة ورواه الكلينى في القوى عن ابن محبوب عنه.
(6) يدل ظاهرا على عدم انعقاد احرام المملوك بدون اذن مولاه، وعلى جواز نقضه لو قيل بالانعقاد ولا مدخل لهذا الخبر في هذا الباب وكأن المصنف رحمه الله حمله على الاحرام بدون التلبية وهو خلاف ظاهر المقام. (م ت)
(7) مروى في الكافى ج 4 ص 331 عن النظر بن سويد في الصحيح، ويدل على ما هو المقطوع به في كلام الاصحاب من أنه إذا عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ولم يلب ثم فعل ما لا يحل للمحرم فعله لم يلزمه بذلك كفارة.