باب التهيؤ للاحرام

2533 - روى معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام - إن شاء الله - فانتف إبطيك(2) وقلم أظفارك، واطل عانتك، وخذ من شاربك، ولا يضرك بأي ذلك بدأت، ثم استك واغتسل، والبس ثوبيك(3) وليكن فراغك من ذلك - أن شاء الله تعالى - عند زوال الشمس، وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك


______________
(2) يمكن أن يكون المراد بالنتف مطلق الازالة فعبر عنه بما هو الشايع، فان الظاهر أن الحلق أفضل من النتف والطلى أفضل من الحلق كما صرح به جماعة من الاصحاب. (المرآة)
(3) يعنى للاحرام مقدما عليه ويظهر منه ومن غيره من الاخبار أن لبس ثوبى الاحرام واجب فيه لا أنه جزء حقيقة حتى يكون المقارنة مع الاحرام شرطا في صحته. (م ت)

[308]

إلا أن ذلك أحب إلى أن يكون عند زوال الشمس "(1).
2534 - وروى معاوية بن وهب قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام - ونحن بالمدينة - عن التهيؤ للاحرام، فقال: اطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد، واغتسل إن شئت(2)، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة ".
2535 - وسأل(3) معاوية بن عمار " عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بست ليال؟ قال: لا بأس [به].
وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتى مكة بسبع ليال او ثمان ليال؟ قال لا بأس به ".
2536 - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إذا اطليت للاحرام الاول كيف لي أن أصنع في الطلية الاخيرة وكم حد ما بينهما؟ فقال: إن كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل "(4).
2537 - وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: " ارسلنا إلى أبي - عبدالله عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة: إنا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أبوعبدالله عليه السلام أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز الماء عليكم بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة(5) والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها، ثم تعالوا فرادى ومثانى(6)،


______________
(1) هذه المقدمات كلها مستحبة كما قطع به الاصحاب الا الغسل فانه ذهب به ابن أبى عقيل إلى الوجوب والمشهور فيه الاستحباب أيضا.(المرآة)
(3) في التهذيب ج 1 ص 464 " واغتسل " بدون قوله " ان شئت ".
(3) كذا، والظاهر " سأله " والسهو من النساخ بقرينة ما يأتى.
(4) ظاهر الاكتفاء بأقل من خمسة عشر يوما وعدم استحبابه لاقل من ذلك كما هو ظاهر المحقق وجماعة، وذهب العلامة وجماعة إلى أن المراد به نفى تأكد الاستحباب ويستحب قبل ذلك أيضا لغيره من الاخبار وهو أظهر.(المرآة)
(5) عز الماء يعز عزازة إذا قل ولا يكاد يوجد فهو عزيز.
ولا خلاف في جواز تقديم الغسل على الميقات مع خوف عوز الماء ويظهر من بعض الاخبار الجواز مطلقا، والمشهور استحباب الاعادة إذا وجد الماء في الميقات وهذا الخبر يدل على الحكمين معا.
(6) يدل على استحباب لبس ثوبى الاحرام بعد الغسل (م ت) ولعل منعهم عن الاتيان مجتمعين مبنى على التقية والخوف من الاعداء.(مراد)

[309]

قال: فاجتمعنا عنده فقال له ابن أبي يعفور: ما تقول في دهنة(1) بعد الغسل للاحرام فقال: قبل وبعد ومع ليس به بأس، وقال: ثم دعا بقارورة بان سليخة(2) ليس فيها شئ فأمرنا فادهنا منها، فلما أردنا أن نخرج قال: لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة "(3).
2538 - وسأله محمد الحلبي " عن دهن الخيرى(4) والبنفسج أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ قال: نعم.
وسأله عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه فقال: يجزيه ذلك


______________
(1) " دهنه " اما بتاء الوحدة أو بالضمير الراجع إلى المحرم.
(2) أى الدهن المتخذ من ثمر البان قبل أن يربب، وقوله " ليس فيها شئ " أى من الطيب الذى تبقى رائحته بعد الاحرام، ولا خلاف بين الاصحاب في حرمة استعمال الدهن المطيب بعد الاحرام، وكذا غير المطيب على المشهور وجوزه جماعة، وأما قبل الاحرام فالمشهور عدم جواز استعمال دهن تبقى رائحته بعد الاحرام.
قال في المدارك: أما تحريم استعمال أدهان الطيبة كدهن الورد والبنفسج والبان في حال الاحرام فقال في المنتهى: انه قول عامة أهل العلم ويجب به الفدية اجماعا، وأما تحريم استعمالها قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت الاحرام فهو قول الاكثر وجعله ابن حمزة مكروها والاصح التحريم لورود النهى عنه في عدة روايات كحسنة الحلبى [المروية في الكافى ج 4 ص 329]

عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فاذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".
ورواية على بن أبى حمزة [الاتية تحت رقم 2540]

ومقتضى الروايتين جواز التدهن بغير المطيب قبل الاحرام ونقل عليه في التذكرة الاجماع، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين ما يبقى أثره إلى حال الاحرام وغيره، واحتمل بعض الاصحاب تحريم الادهان مما يبقى أثره بعد الاحرام قياسا على المطيب وهو بعيد، ولا يخفى أن تحريم الادهان بالمطيب قبل الاحرام انما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته والا لم يكن الادهان محرما وان حرم إنشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح.
(3) يدل على جواز الادهان بعد الغسل وعلى استحباب الغسل في الميقات مع التمكن.
(4) كذا في بعض النسخ، وفى بعضها " دهن الحسنى " وفى أكثرها " دهن الحناء "
كما في التهذيب ج 2 ص 533 والاستبصار ج 2 ص 182.
والظاهر أن الصواب ما أخترناه وهو بكسر الخاء المعجمة دهنه معروف ويقال له بالفارسية (شب بو).

[310]

من الغسل بذي الحليفة "(1).
2539 - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: " الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس(2) قبل أن يغتسل للاحرام قال: ولا تجمر ثوبا لاحرامك ".
2540 - وروى القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: " سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم؟ فقال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعدما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".
2541 - وروى حماد، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " كان لا يرى بأسا بأن تكتحل المرأة وتدهن وتغتسل بعد هذا كله للاحرام "(3).
2542 - وفي رواية جميل أنه قال: " غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك "(4).
2543 - وسئل أبوجعفر عليه السلام " عن رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره،


______________
(1) يدل على جواز الادهان بأمثال هذه الادهان وعلى الاكتفاء بغسل المدينة.
(2) الورس: نبات كالسمسم ليس الا باليمن.
(3) يحمل على الدهن الذى لا يكون فيه الطيب الذى يبقى ريحه بعد الاحرام وكذا الاكتحال. (م ت)
(4) هذا الخبر وان لم يذكر فيه أنه للاحرام لكن ذكره المؤلف في هذا الباب كما ذكر الاصحاب نحوه أيضا وذلك اما لعمومه أو معلوم عندهم بالقرائن أن المراد غسل الاحرام ويمكن أن يستنبط منه حكم غسل الزيارات وغيرها.
وروى الكلينى ج 4 ص 327 في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك ".

[311]

قال: يمسحها بالماء(1) ولا يعيد الغسل ".
ولا بأس أن يغتسل الرجل بكرة ويحرم عشية.
وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة، وإن كنت جاهلا فلا شئ عليك(2).
وإذا اغتسل الرجل للاحرام فلا بأس أن يمسح رأسه بمنديل وإزار(3).
وإذا اغتسل الرجل للاحرام ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل استحبابا لانه قد:
2544 - روى العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين، ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: ليس عليه غسل "(4).


______________
(1) أى استحبابا لكراهة الحديد.
(2) روى الكلينى في الكافى في الحسن كالصحيح ج 4 ص 348 والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وغير واحد عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل أحرم وعليه قميص، قال: ينزعه ولا يشقه وان كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلى رجليه " والظاهر أنه لئلا يغطى رأسه.
وفى الكافى ج 4 ص 328 باسناده عن على بن أبى حمزة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يحرم قال: قد انتقض غسله ".
والمشهور استحباب اعادة الغسل بعد لبس المحرم ما لا يجوز له.
وفيه أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " من لبس ثوبا لا ينبغى له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم ".
(3) روى الكلينى في الكافى ج 4 ص 329 في الحسن كالصحيح عن ابن دراج عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يغتسل للاحرام ثم يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به ".
(4) في الكافى ج 4 ص 328 في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: عليه اعادة الغسل ".
وقال في المدارك: الاصح عدم انتقاض الغسل بالنوم وان استحب الاعادة بل لا يبعد تأكد استحباب الاعادة لصحيحة العيص بن القاسم.

[312]

ومن اغتسل أول الليل ثم أحرم آخر الليل أجزأه غسله(1).


______________
(1) تقدم الكلام فيه وروى الكلينى ج 4 ص 328 عن البطائنى عن أبى بصير قال: " سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذى الحليفة؟ قال: نعم فأتاه رجل وأنا عنده فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى، قال: يعيد الغسل، يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته " ويحمل على ما لو لم ينم.