باب صلاة الاستسقاء

8 148 روى عبدالرحمن بن كثير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة(1) نصر المشركون على المسلمين ".
1489 وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا غضب الله تعالى على أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم تزك ثمارها، ولم تغزر أنهارها(2) وحبس عنها أمطارها، وسلط عليها أشرارها ".
1490 وروى حفص بن غياث عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " إن سليمان ابن داود عليه السلام خرج ذات يوم من أصحابه ليستسقي فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السماء وهي تقول: " اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم " فقال سليمان عليه السلام لاصحابه: ارجعوا فقد سقيتم بغيركم "(3).
1491 وروى حفص بن البختري عنه عليه السلام أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى و


______________
(1) خفرت بالرجل أخفر من باب ضرب: غدرت به، وأخفرته بالالف: نقضت عهده. (المصباح)(2) زكا الزرع يزكو زكاء - ممدود - أى نما، وأزكاه الله. (الصحاح) وغزر الماء - بتقديم الزاء المعجمة المضمومة على المهملة - كثر فهو غزير، وقناة غزيرة أى كثيرة الماء. (المصباح) 0
(3) يشعر بعدم الاغترار باستجابة الدعاء لو وقعت فانها ربما كانت بسبب دعاء الحيوانات. (م ت) (*)

[525]

تعالى إذا أراد أن ينفع بالمطر أمر السحاب فأخذ الماء من تحت العرش، وإذا لم يرد النبات أمر السحاب فأخذ الماء من البحر، قيل: إن ماء البحر مالح، قال: إن السحاب يعذبه ".
1492 وروى سعدان عنه عليه السلام أنه قال: " ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يضعها الموضع الذي قدرت له ".
1493 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما أتى على أهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها الله عزوجل إلا والسماء فيها تمطر فيجعل الله عزوجل ذلك حيث يشاء ".
1494 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما خرجت ريح قط إلا بمكيال(1) إلا زمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الابرة فأهلكت قوم عاد(2) وما نزل مطر قط إلا بوزن إلا زمن نوح عليه السلام فإنه عتا على خزانه خرج في مثل خرق الابرة فأغرق الله به قوم نوح عليه السلام "(3).
1495 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " السحاب غربال المطر، لولا ذلك لافسد كل شئ وقع عليه "(4).
1496 وسأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام " عن الرعد أي شئ يقول؟ قال: إنه بمنزلة الرجل يكون في الابل فيجرها هاي هاي كهيئة ذلك، قال: قلت: جعلت فداك فما حال البرق؟ فقال: تلك مخاريق الملائكة تضرب السحاب(5) فيسوقه إلى


______________
(1) أى بمقدار صالح لاهل الارض.
(2) قال الفاضل التفرشى: شبه الريح بما حبس في مكان وله خزان بمنعونه الخروج عن ذلك المكان فيؤمر عمن ينفذ أمره فيه بالخروج وهو لا يجد منفذا الا مثل خرق الابرة فيخزج منها بشدة، وكذا الكلام في عتو الماء على خزانه.
(3) في بعض النسخ " فأغرق الله فيه قوم نوح ".
(4) رواه الحميرى في قرب الاسناد ص 84 مسندا.
(5) في النهاية: في حديث على " البرق مخاريق الملائكة " هى جمع مخراق، و هو في الاصل ثوب يلق ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه، ويفسره حديث ابن عباس " البرق من نور تزجر به الملائكة السحاب ".

[526]

الموضع الذي قضى الله عزوجل فيه المطر ".
1497 وقال عليه السلام: " الرعد صوت الملك، والبرق سوطه ".
1498 وروي " أن الرعد صوت ملك أكبر من الذباب وأصغر من الزنبور فينبغي لمن سمع صوت الرعد أن يقول: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ".
1499 وقال الصادق عليه السلام: " جاء أصحاب فرعون إلى فرعون فقالوا له: غار ماء النيل وفيه هلاكنا، فقال: انصرفوا اليوم فلما كان من الليل توسط النيل ورفع يديه إلى السماء وقال: " اللهم إنك تعلم أني أعلم أنه لا يقدر على أن يجئ بالماء إلا أنت فجئنا به " فاصبح النيل يتدفق "(1).
ولا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر إلى السماء ولا يستسقى في شئ من المساجد إلا بمكة(2).
وإذا أحببت أن تصلي صلاة الاستسقاء فليكن اليوم الذي تصلي فيه الاثنين(3)، ثم تخرج كما تخرج يوم العيد يمشي المؤذنون بين يديك حتى تنتهي إلى المصلى فتصلي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ثم تصعد المنبر وتخطب وتقلب رداء‌ك الذى على يمينك على يسارك، والذي على يسارك على يمينك، ثم تستقبل القبلة فتكبر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوتك، ثم تلتفت إلى يمينك فتسبح الله مائة مرة


______________
(1) الدفق: الصب ومنه ماء دافق. وتدفق انصب بشدة، أى يضرب من جانب إلى جانب. ثم اعلم أنه لا استبعاد في استجابة دعاء الكافر لانه سبحانه وتعالى وعد اجابة الداع في الدنيا إذا دعاه، مؤمنا كان أو كافرا، وقال عز من قائل " فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون ".
(2) كما ى رواية وهب بن وهب أبى البخترى الضعيف عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 297 وقرب الاسناد ص 64.
(3) كما في رواية مرة مولى خالد بن عبدالله القسرى عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج 3 ص 462.

[527]

رافعا بها صوتك، ثم تلتفت إلى يسارك فتهلل الله مائة مرة رافعا بها صوتك، ثم تستقبل الناس بوجهك فتحمد الله مائة مرة رافعا بها صوتك، ثم ترفع يديك فتدعو ويدعو الناس ويرفعون أصواتهم، فإن الله عزوجل لا يخيبكم إن شاء الله تعالى(1).
1500 و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا استسقى قال: " اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلادك الميتة يرددها ثلاث مرات ".
1501 وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في الاستسقاء فقال: " الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهم وبارئ النسم، الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا(2) والجبال للارض أوتادا، والارض للعباد مهادا(3) وملائكته على أرجائها، وحمله العرش على أمطائها(4) وأقام بعزته أركان العرش، وأشرق بضوئه شعاع الشمش، وأجبأ بشعاعه ظلمة الغطش(5)


______________
(1) مأخوذ كله من رواية عبدالله بن بكير ومرة عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 297. وقوله: " لا يخيبكم " من خاب يخيب يخيب خيبة أى لم يظفر بما طلب.
(2) قوله " سابغ النعم " أى ذى النعم السابغة الكاملة، وقله: " بارئ النسم " النسم - بالتحريك - جمع نسمة وهى الانسان أى خالقه. والعماد ما يعتمد عليه.
(3) الاوتاد جمع وتد - بكسر التاء المثناة من فوق - وهو مازر في الحائط أو الارض من حشى ونحوه، وامنا جعلت الجبال للارض أوتادا لئلا تميد بأهلها اذ لو لا الصخور والجبال والاحجار الصلبة (واشتباك الجبال في باطن الارض على قوله) ولم يكن القشر الظاهر من الارض متصلبا متسحكما لدامت فيها الزلازل والخسف لان باطن الارض سيال مايع حار تتولد فيه الادخنة والابخرة فتدفع القشر دائما وإذا تكسر جانب منه تغمس في المايع السيال لو كان القشر رخوا خفيفا لم يكن فيه صخر وجبل (كذا في هامش الوافى). والمهاد: الفراش.
(4) الارجاء الاطراف والجوانب والنواحى. والامطاء جمع مطا وهو الظهر والضمير في أرجائها وأمطائها راجع إلى السماوات والارض، وفى أكثر نسخ مصباح المتهجد على المحكى " وحمل عرشه على أمطائها " فالضمير راجع إلى الملائكة: وقيل: لعل الضمير راجع إلى السماوات.
(5) في القاموس: أجبا الشئ: واراه وعلى القوم أشرف. والباء في " بشعاعه " للتعدية والضمير المذكر راجع إلى العرش ويحتمل ارجاعه اليه تعالى أو إلى الشمس بتأويل النجم.
والغطش: الليل المظلم. والعل المعنى جعل شعاعه مشرقا ومستوليا ومستعليا على ظلمة الغطش.
وفى بعض النسخ " أخبأ " وفى بعضها أحيا " وفى التهذيب والمصباح " أطفأ ".

[528]

وفجر الارض عيونا، والقمر نورا، والنجوم بهورا، ثم علا فتمكن، وخلق فأتقن وأقام فتهيمن(1) فخله نخوة المتكبر(2) وطلبت إليه خلة المتمسكن(3) اللهم فبدرجتك الرفيعة، ومحلتك المنيعة، وفضلك السابغ، وسبيل الواسع(4)، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما دان لك(5)، ودعا إلى عبادتك، ووفى بعهدك (6) وأنفذ أحكامك، واتبع أعلامك، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك، القائم


______________
(1) لعل البهور جمع باهر أى الغالب - كقعود وقاعد -. و " ثم " في قوله " ثم علا " للترقى في الرتبة (مراد) وقال العلامة المجلسى - رحمه الله - : لعل المعنى أن نهاية علوه و تجرده وتنزهه صار سببا لتمكنه في خلق ما يريد وتسلطه على من سواه وقال والدى العلامة ثم علا على عرش العظمة والجلال فتمكن بالخلق والتدبير، أو أنه مع ايجاد تلك الاشياء و تربيتها لم ينقص من عظمته وجلالته شيئا ولم يزد عليهما شئ و " أقام " كل شئ في مرتبته و مقامه " فتهيمن " فصار رقيبا وحافظا لها - انتهى. والتهيمن: الارتقاب والحفظ.
(2) في بعض النسخ " نخوة المستكبر " وفى بعضها " بجرة المتكبر " والبجرة: الوجه والعنق. والنخوة الحماسة والعظمة والتبختر.
(3) الخلة: الحاجة والفقر والخصاصة، وفى بعض النسخ " خلة المتمكن " والمسكين من لا شئ له والضعيف الذليل وتمسكن: صار مسكينا.
(4) " فبدرجتك الرفيعة " أى بعلو ذاتك وصفاتك. " ومحلتك المنيعة " أى بجلالتك وعظمتك المانعة من أن يصل اليها أحد أو يدركها عقول الخلائق وأفهامهم، " وفضلك السابغ " أى الكامل. وفى بعض النسخ " وفضلك البالغ " أى حد الكمال. " وسبيلك الواسع " أى طريقتك وعادتك في الجود الافصال الشامل للبر والفاجر أو الطريق البين الذى فتحته لعبادك إلى معرفتك والعلم بشرايعك وأحكامك. وفى بعض النسخ " سيبك الواسع " ولعل هو الاصوب والسيب العطاء.
(5) أى أطاعك أو تذلل لك.
(6) في المصباح " وفى بعهودك " أى التى عاهدته عليها من العبادات وتبليغ الرسالات كما في الاخبار.

[529]

بأحكامك، ومؤيد من أطاعك، وقاطع عذر من عصاك، اللهم فاجعل محمدا أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك،وأنضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك(1) وأقرب الانبياء زلفة يوم القيامة عندك، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جنانك كما لم يسجد للاحجار، ولم يعتكف للاشجار، ولم يستحل السباء(2) ولم يشرب الدماء، اللهم خرجنا إليك حين أجأتنا المضائق الوعرة، وألجاتنأ المحابس العسرة(3) وعضتنا [الصعبة] علائق الشين، وتأثلت علينا لواحق المين(4) واعتكرت علينا حدابير السنين وأخلفتنا مخائل الجود(5) واستظمأنا لصوارخ العود، فكنت رجاء المبتئس


______________
(1) " أجزل " أى أكمل وأعظم من حيث النصيب من رحمتك العظمى. و " أنضر " أى أحسن وأبهى. " أشرق وجهه " أضاء. والحال جمع السجل وهو الدلو العظيم المملوء.
(2) السباء - بالكسر -: الخمر أو شراؤها أو حمل من بلد إلى بلد والكل محتمل والاول أظهر.
(3) " أجأننا " في الصحاح أجأته إلى كذا ألجأته وأضطررته اليه. وفى المصباح والتهذيب " فاجأتنا " أى وردت علينا فجأة أى بغته من غير أن يشعر بها. والوعرة - بكسر العين - الصعبة، والمضائق جمع مضيق وهو ما ضاق من الاماكن والامور. والحبس: المنع كالمحبس (القاموس) والعسرة: الضيقة أى الشدائد التى صعب علينا الصبر عليها.
(4) عضه عضا: أمسكه بأسنانه، وعضه الزمان: اشتد عليه. والصعبة: الشديدة ونقيض الذلول وليست في بعض النسخ وعلى تقديرها فعلائق الشين بدل عنها. والعلائق جمع العلاقة وهى ما يتعلق بالشئ أو يعلق الشئ به. والشين العيب خلاف الزين. و " تأثلت " أى استحكمت وتأصلت وعظمت.
والمين: الكذب والافتراء.
(5) الاعتكار: الازدحام والاختلاط وفى النهاية في حديث على عليه السلام في الاستسقاء " اللهم انا خرجنا اليك حين اعتكرت علينا حدابير السنن " الحدابير جمع حدبار وهى الناقة التى بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها من الهزال، فشبه بها السنين التى يكثر فيها الجدب والقحط. وأخلفه ما وعده هو أن يقول شيئا ولا يفعله. والمخائل جمع مخيلة وهى السحابة الخليقة بالمطر أو التى يخال بها المطر. وقال الفيومى: " أخالت السحابة إذا رأيتها وقد ظهرت فيها دلائل المطر فحسبتها ما طرة، فهى مخيلة - بالضم - اسم فاعل - ومخيلة - بالفتح اسم مفعول لانها أحسبتك فحسبتها وهذا كما يقال مرض مخيف - بالضم - اسم فاعل لانه أخاف الناس ومخوف - بالفتح - لانهم خافوه ثم قال: قال الازهرى: أخالت السماء: إذا تغيمت فهى مخيلة - بالضم - فاذا أرادوا السحابة نفسها قالوا: مخيلة - بالفتح - الخ ". والجود - بفتح الجيم -: المطر الكثير الدر الواسع.

[530]

والثقة للملتمس(1) ندعوك حين قنط الانام، ومنع الغمام، وهلك السوام، يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم(2)، والملائكة الصفوف، والعنان المكفوف(3)، أن لا تردنا خائبين ولا تؤخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا بذنوبنا(4)، وانشر علينا رحمتك بالسحاب


______________
(1) الصارخة: الاستغاثة وصوتها. والعود - بفتح العين -: الجمل الكبير والمسن من الشاء. يعنى صرنا عطاشا لصارخة هؤلاء البهائم، أو صرنا طالبين للعطش أو رضينا به مع زواله عن البهائم.
والمبتئس ذو البأس - وهو الضر وسوء الحال - والكاره الحزين.
(2) الغمام جمع الغمامة وهى السحابة وقيل الغمام السحاب والغمامة أخص منه وهى السحابة البيضاء. والسوام بتخفيف الميم بمعنى السائمة وهى الابل الراعية. والقيوم الكثير القيام بأمور الخلائق أو القائم بذاته الذى يقوم به غيره. " عدد الشجر " قائم مقام المفعول المطلق لقوله " ندعوك " أى دعاء عدد الشجر، أو نقول الاسمين بهذا العدد و تستحقها بازاء كل موجود أحييته أو اقمته، والنجوم جمع النجم وهو ما نجم أى طلع من الارض من النبات بغير ساق ويحتمل الكوكب والاول أنسب كما في البحار.
(3) في بعض النسخ " ملائكتك الصفوف " أى القائمين في السماوات صفوفا لا تعد ولا تحصى.
والعنان - بفتح العين -: السحاب. والمكفوف: الممنوع، وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: فيه من حسن الشكاية والطلب ما لا يخفى. واحتمل العلامة المجلسى - رحمه الله - أن يكون المراد بالمكفوف الممنوع من السقوط ونقل عن الطيبى أنه قال في شرح المشكاة في الحديث " السماء موج مكفوف " أى ممنوع عن الاسترسال حفظها الله أن تقع على الارض وهى معلقة بلا عمد، وقال وفى بعض السنخ " المعكوف " وهو الممنوع من الذهاب في جهة بالاقامة في مكانه ومنه قوله تعالى " والهدى معكوفا أن يبلغ محله " أى محبوسا من أن ببلغ منحره.
(4) " تحاصنا " المحاصة المقاسمة بالحصص والمراد المقاصة بالاعمال بأن يسقط حصة من الثواب لاجل الذنوب أو يجعل لكل ذنب حصة من العقاب (البحار) وفى بعض النسخ " ولا تخاصمنا " فالمعنى واضح.

[531]

المتئق، والنبات المونق(1) وامنن على عبادك بتنويع الثمرة(2) وأحي بلادك ببلوغ الزهرة(3) وأشهد ملائكتك الكرام السفرة، سقيا منك نافعة، دائمة غزرها، واسعا درها، سحابا وابلا سريعا عاجلا(4) تحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات، وتخرج به ما هو آت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه(5) منبجسة بروقه، مرتجسة هموعه، وسيبه مستدر، وصوبه مسبطر (6) لا تجعل ظله


______________
(1) المتئق - كمكرم على بناء اسم الفاعل - من أتأقت الاناء إذا امتلاته. أى الذى يملاء الغدران والجباب والعيون. والمونق: الحسن المعجب. وفى النسخ " المتأق ".
(2) أى باصلاح أنواعها. وقال في الوافى: لعله اريد بتنويع الثمرة تحريكها للايناع يقال: نوعته الرياح إذا ضريته وحركته.
(3) الزهرة - بالفتح وقد يحرك -: النبات ونوره - بفتح النون - أو الاصفر منه، والجمع زهر وأزهار.
(4) " أشهد " أى أحضر. والسفرة: الكتبة ولعل المراد باحضارهم هنا اما لان يكتبوا تقدير المطر وقدره وموضعه او لان يبلغوا الرسالة إلى جماعة الملائكة الموكلين بالسحاب والمطر فقوله " سقيا " أى لسقيا متعلق بأشهد أو بمحذوف. و " غزرها " - بالضم - اما جمع غزر - بفتح الغين - أو بالفتح بالافراد بتضمين معنى الكثرة. أى دائمة كثرتها. " واسعا درها " أى مطرها وخيرها. والوابل المطر الشديد الضخم.
(5) " ما هو آت " أى لم يأت أوانه بعد. " غيثا مغيثا " المغيث اما من الاغاثة أو من الغيث أى الموجب لغيث آخر بعده أو المنبت للكلاء. " ممرعا " أى ذا مرع وكلاء وخصب. " طبقا " في القاموس الطبق - محركة - من المطر: العام. والمجلجل: الشديد الصوت أو المتتابع. والخفوق: اضطراب البروق وصوت الرعود.
(6) " منبسجة بروقه " أى ينفجر الماء من بروقه أى يصب الماء عقيب كل برق وفى القاموس بجسه تبجيسا: فجره فانبجس. " مرتجسة هموعه " أى يكون جريانه ذا صوت ورعد، في القاموس: رجست السماء وارتجست: رعدت شديدا، وقال: همعت عينه همعا وهموما أسالت الدمع، وسحاب همع - ككتف -: الماطر. والسيب: العطاء والجرى، مصدر ساب أى جرى. المستدر: الكثير السيلان أو النفع. والصوب النزول والانصباب. وفى القاموس في " سبطر ": درت واسبطرت أى امتدت. وفى بعض النسخ وفى التهذيب " مستطر " بفتح الطاء وتخفيف الراء أى مكتوب مقدر عندك نزوله ولعله تصحيف.

[532]

علينا سموما، وبرده علينا حسوما(1) وضوء‌ه علينا رجوما، وماء‌ه أجاجا، ونباته رمادا رمددا(2) اللهم إنا نعوذ بك من الشرك وهواديه، والظلم ودواهيه، والفقر ودواعيه(3)، يا معطي الخيرات من أماكنها، ومرسل البركات من معادتها، منك الغيث المغيث، وأنت الغياث المستغاث(4) ونحن الخاطئون وأهل الذنوب وأنت المستغفر الغفار،


______________
(1) الظل من السحاب ما وارى الشمس منه أو سواده. والسموم - بالفتح -: الريح الحارة. و - بالضم - جمع السم القاتل (القاموس) أى لا تجعل سحابه سببا لعذبنا كما عذب به أقوام من الامم الماضية عذاب يوم الظلة قالوا غيما تحته سموم. والحسوم - بالضم - الشوم أو المتتابع اشارة إلى اهلاك قوم عاد بالريح الباردة كما قال تعالى " فأما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال البيضاوى أى متتابعات جمع حاسم أو نحسات حسمت كل خير واستأصله أو قاطعات قطعت دابرهم.
(2) " ضوء‌ه علينا رجوما " أى برقه أو صاعقته أو عدم امطاره. وفى الصحيفة السجادية " صوبه ".
والرجم: الرمى بالحجارة والقتل والعيب. " وماء‌ه اجاجا " أى ملحا مرا ويحتمل أن يكون كناية عن ضرره أو عدم نفعه و " رمادا " بكسر الراء وسكون الميم وكسر الدال وفتحها معا. وفى بعض النسخ " رمدادا " على وزن فعلال - بالكسر. في القاموس رمدد - كزبرج ودرهم - ورمديد: كثير دقيق جدا أو هالك.
(3) " هواديه " أى مقدماته من الرياء وسائر المعاصى، في القاموس: الهادى: المتقدم والعنق والهوادى الجمع، يقال: أقبلت هوادى الخيل إذا بدت أعناقها، ودواهيه أى ما يلزمه من مصيبات الدنيا وعقوبات الاخرة، وفى القاموس: دواهى الدهر نوائبه وحدثانه. ودواعى الدهر: صروفه ونوائبه اريد ما يستلزم الفقر من الافعال والنيات.
(4) " من أماكنها " أى من محالها التى قررها الله سبحانه فيها كالمطر من السماء والبركات زيادات الخيرات. و " معادنها " محالها التى هى مظنة حصولها منها. والغياث الاسم من الاغاثة والمستغاث الذى يفزع اليه في الشدائد. (البحار) (*)

[533]

نستغفرك للجمات من ذنوبنا، ونتوب إليك من عوام خطايانا(1)، اللهم فأرسل علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا مغزارا(2)، غيثا واسعا، وبركة من الوابل نافعة يدافع الودق بالودق، ويتلو القطر منه القطر، غير خلب برقه(3) ولا مكذب رعده، ولا عاصفة جنائبه بل ريا يغص بالري ربابه، وفاض فانصاع به سحابه(4) و جرى آثار هيدبه جنابه، سقيا منك محيية مروية، محفلة، مفضلة(5) زاكيا نبتها


______________
(1) " للجمات " أى الكثيرات أو جملتها، ونسخة في جميع النسخ " للجهالات من ذنوبها ". و " من " للبيان فان كل ذنب تلزمه جهالة بعظمة الرب أو شدائد عقوبات الاخرة " من عوام خطايانا " أى جميعها أو الشاملة لجميع الخلق أو أكثرهم أو لجميع الجوارح والاول أظهر. (البحار)
(2) الديمة - بالكسر -: المطر الذى ليس فيه رعد ولا برق يدوم في سكون. وفى القاموس: در السماء بالمطر ودرورا فهى مدرار، ففى الاسناد هنا مجاز. والواكف: المتقاطر. والغزار: الكثير.
(3) " نافعة " في بعض النسخ بالقاف أى ثابتة في الارض ينتفع بها طول السنة. والودق - بسكون الدال -: المطر. ومدافعة الودق هى أن تكثر المطر بحيث تتلاقى القطرات في الجو يدفع بعضها بعضا. والخلب - بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة - البرق الذى لا غيث معه كانه خادع، أو السحاب الذى لا مطر فيه.
(4) الجنائب جمع الجنوب وهى ريح تخالف الشمال مهبوبة من مطلع السهيل إلى مطلع الثريا، وهى مهلكة مفسدة. والرى - بالكسر: الارتواء من الماء. والغص بالغين المعجمة -: الامتلاء، والغصة: ما اعترض في الحلق. والرباب - بالفتح -: السحاب الابيض أو السحاب الذى تراه كأنه دون السحاب قد يكون ابيض وقد يكون أسود والواحد ربابة (الصحاح) في القاموس انصاع: انفتل راجعا مسرعا. أى عيثا يفيض ويجرى منه الماء كثيرا ثم يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله " به " راجع إلى الفيضان المفهوم من قوله: " فاض " وفى الوافى " ايضاع " بالمعجمة قبل المهملة أى فانساق.
(5) الهيدب المتدلى او ذيله يعنى الذى يدنو من الارض وتراه كأنه خيوط عند انصباب المطر.
والجناب: الفناء والناحية. وفى بعض النسخ " خبابة " بالموحدتين كما في التهذيب وهو بالفتح معظم الماء. ومحفلة أى مالئا للحياض، وحفل الوادى بالسيل جاء بمل‌ء جنبيه وحفل السماء: اشتد مطرها (القاموس) و " مفضلة " في بعض النسخ " مخضلة " أى مبتلة وأخضل الشئ بله ونداه.

[534]

ناميا زرعها، ناضرا عودها، ممرعة آثارها، جارية بالخير والخصب على أهلها، تنعش بها الضعيف من عبادك(1)، وتحيي بها الميت من بلادك، وتنعم بها المبسوط من رزقك، وتخرج بها المخزون من رحمتك، وتعم بها من نأى من خلقك، حتى يخصب لا مراعها المجدبون، ويحيا ببركتها المسنتون، وتترع بالقيعان غدرانها، وتورق ذرى الاكمام زهراتها، ويدهام بذرى الآكام شجرها(2) وتستحق علينا بعد اليأس شكرا، منة من مننك مجللة، ونعمة من نعمك مفضلة، على بريتك المرملة، وبلادك المغربة وبهائمك المعملة، ووحشك المهملة(3). اللهم منك ارتجاؤنا، وإليك مآبنا، فلا تحبسه


______________
(1) الخصب - بالكسر -: كثرة العشب وبلد خصيب ومخصب. وتنعش بها الضعيف أى تقيمه من صرعته وتنهضه من عثرته وتجبر فقره وضعفه.
(2) المجدبون الذين أصابهم الجدب. والمسنتون - بتقديم النون - الذين أصابتهم شدة السنة. وتترع أى تملئ من قولهم ترع الاناء - كعلم - يترع ترعا: امتلا. والقيعان جمع القاع وهى الارض المطئنة السهلة. والغدران - بالضم ثم السكون - جمع الغدير. وذرى الاكمام رؤوسها وهى جمع الكم - بالكسر - وهو وعاء الطلع وغطاء النور - بالفتح -. و " يدهام " بشد الميم أى يسود، ورضة مدهام أى شديدة الخضرة المتناهية فيها. والاكام: الاجام. وفى بعض النسخ " الاكمام ".
(3) " مجللة " بكسر اللام أى عامة، في الصحاح جلل الشئ تجليلا أى عم والمجلل أى السحاب الذى يجلل الارض بالمطر أى يعم متصلة. و " مفضلة " اسم مفعول من الافضال والمرملة الذين أصابتهم الحاجة والمسكنة وهو على صيغة اسم الفاعل. والمغربة - بالغين المعجمة والراء المهملة من الغروب بمعنى البعد والغيبة. وفى بعض النسخ " المعرنة " بالعين والراء المهملتين والنون، بفتح الراء أو كسرها بعنى البعيدة، وفى بعضها " المعزبة " - بالعين المهملة والزاى - والعازب: الكلاء البعيد، وفى القاموس أعزب بعد وأبعد. والمعملة اسم مفعول من الاعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم. والمهملة التى لا راعى لها ولا صاحب ولا مشفق.

[535]

عنا لتبطنك سرائرنا(1) ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد ".
ثم بكى وقال: " سيدي ساخت جبالنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا وقنط الناس منا أو من قنط منهم، وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها، وعجت عجيج الثكالى على أولادها(2) وملت الدوران في مراتعها، حين حبست عنها قطر السماء، فدق لذلك عظمها وذهب لحمها، وذاب شحمها، وانقطع درها، اللهم ارحم أنين الآنة، وحنين الحانة(3) ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها ".
1502 وقال أبوجعفر عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي للاستسقاء ركعتين ويستسقي وهو قاعد، وقال: بدأ بالصلاة قبل الخطبة وجهر بالقراء‌ة ".
1503 وسئل الصادق عليه السلام " عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله رداء‌ه إذا استسقى، قال: علامة بينه وبين أصحابه تحول الجدب خصبا(4) ".
1504 وجاء قوم من أهل الكوفة إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا له: " يا أمير المؤمنين ادع لنا بدعوات في الاستسقاء فدعا علي عليه السلام الحسن والحسين


______________
(1) " لتبطنك سرائرنا " أى لعلمك ببواطننا وما نسره فيها.
(2) و " ساخت " أى انخسفت وفى النهج " انصاحت جبالنا " أى صاحت ورفعت أصواتها.
و " هامت " أى عطشت من الهيام بمعنى العطش قال الجوهرى " الهيمان " العطشان وقوم هيم أى عطشان. أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل من الهيمان. و " تاهت " أى تحيرت أو ضاعت. والعجيبج رفع الصوت. والثكل - بالضم - فقد الولد. وفى بعض النسخ " الثكلى ".
(3) الانة - بتشديد النون -: الشاة، والحانة أيضا الناقة، يقال: ماله حانة ولا آنة أى ماله ناقة ولا شاة والانين: التأوه. والحنين: الشوق وشدة البكاء. ومرابض الغنم كمعاطن الابل وهو مبركها حول الحوض واحدها مربض - بكسر الباء وفتحها -.
(4) أراد بذلك أن تحول الجدب خصبا كما رواه المصنف في العلل ص 122 بسند فيه ارسال عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته لاى علة حول رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاة الاستسقاء رداء‌ه الذى على يمينه على يساره والذى على يساره على يمينه قال: اراد بذلك تحول الجدب خصبا ".

[536]

عليهما السلام فقال: ياحسن ادع، فقال الحسن عليه السلام: " اللهم هيج لنا السحاب بفتح الابواب بماء عباب ورباب(1) بانصباب وانسكاب يا وهاب، واسقنا مطبقة مغدقة مونقة، فتح أغلاقها وسهل إطلاقها، وعجل سياقها بالاندية في الاودية يا وهاب، بصوت الماء(2) يافعال اسقنا مطرا قطرا، طلا مطلا، طبقا مطبقا، عاما معما، رهما بهما رحما(3)


______________
(1) " بفتح الابواب " أى أبواب رحمتك أو أبواب سمائك. وفى القاموس: العباب - كغراب -. معظم السيل وارتفاعه وكثرة أمواجه. وفى النهاية. الربابة - بالفتح -: السحابة التى يركب بعضها بعضا.
(2) الانسكاب: الانصباب. والتطبيق: تعميم الغيم بمطرة وتغشيته الجو وتغشية الماء وجه الارض.
وأغدق المطر: كثر قطره. والاغلاق جمع الغلق وهو ما يغلق به الباب وفتحها كناية عن رفع موانعها التى منها المعاصى. و " سهل اطلاقها " أى ارسالها. والسياق من سابق الماشية سياقا ولعل الباء زائدة. والاندية جمع الندى وهو المطر أى عجل أجراء المطر أو المياه في بطون الاودية. والمراد بالصوب: الانصباب.
(3) في الصحاح: القطر - بسكون القاف -: المطر وجمع قطره، وفى القاموس: وسحاب قطور ومقطار أى كثير القطر كغراب عظيمه. والطل - بشد اللام -: المطر الضعيف أو أخف المطر وأضعفه أو الندى، والحسن والمعجب من ليل وشعر وماء وغير ذلك، وأطل عليه أشرف - انتهى.
والمراد بالطل اما المطر الضعيف فيكون طلبا للمطر بنوعيه فان لكل منهما فائدة في الاشجار والزرع، أو المراد ذا طل فانه ما يقع على الارض من الندى بعد المطر بالليل أو المراد به الحسن المعجب. " مطلا " - بفتح الميم والطاء تأكيد. أى يكون مظنة للطل، أو بضم الميم وكسر الطاء بهذا المعنى أو مشرفا نازلا علينا، أو طلا يكون سببا لطل آخر. " مطبقا " تأكيد لقوله " طبقا " قال في النهاية: في حديث الاستسقاء " اللهم اسقنا غيثا طبقا " أى مالئا للارض مغطيا لها، يقال: غيث طبق: أى عام واسع. وفى القاموس. عم الشئ عموما: شمل الجماعة، يقال: عمهم بالعطية، وهو معم خير - بكسر الميم وفتح العين - يعم بخيره وعقله. وفى النهاية: الرهام - بكسر الراء - هى الامطار الضعيفة، وحدتها رهمة، وقيل الرهمة أشد وقعا من الديمة. وفى القاموس الرهمة - بالكسر -: المطر الضعيف الدائم. وفى بعض النسخ " دهما " بالدال المهملة من قوله: دهمك أى غشيك أو من الدهمة وهى السواد فان المطر يسود الارض. ولعله تصحيف. وقوله " بهما " في بعض النسخ " بهميا " وفى بعضها " يهمارا " وفى القاموس البهيم: الاسود والخالص الذى لم يشبه غيره، ويحشر الناس بهما - بضم الباء - أى ليس بهم شئ مما كان في الدنيا نحو البرص والعرج، وفى مجمل اللغة هو المطر الصغير القطر. وفى القاموس اليهمور: الدفعة من المطر، وهمار - كشداد - السحاب السيال، وانهمر الماء: انسكب وسال. والبيهم المصمت الذى لا يخالط لونه لون غيره. وقوله " رحما " في بعض النسخ و التهذيب " رحيما " وكلاهما بعيد ولعله " رجما " بالجيم كناية عن سرعته وشدة وقعه كما في البحار.

[537]

رشا مرشا واسعا كافيا، عاجلا طيبا مباركا، سلاطح بلاطح، يناطح الاباطح مغدودقا مطبويقا مغرورقا(1) واسق سهلنا وجبلنا، وبدونا وحضرنا(2) حتى ترخص به أسعارنا وتبارك به في ضياعنا ومدننا، أرنا الرزق موجودا والغلاء(3) مفقودا آمين يا رب العالمين ".
ثم قال للحسين عليه السلام: ادع فقال الحسين عليه السلام: " اللهم معطي الخيرات من مظانها، ومنزل الرحمات من معادنها، ومجري البركات على أهلها، منك الغيث المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار، لا إله إلا أنت، اللهم أرسل السماء علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا مغزارا، غيثا مغيثا، واسعا مسبغا مهطلام(4) ريئا مريعا غدقا مغدقا(5) عبابا مجلجلا


______________
(1) " رشا مرشا " في الصحاح الرش: - بشم الراء - المطر القليل الجمع رشاش، ورشت السماء أى جاء‌ت بالرش. " سلاطح بلاطح " بالسين المهملة في الاول والباء الموحدة في الثانى واللام والطاء المهملة فيهما اتباع يريدكثرة الماء. وقوله " يناطح الاباطح " في بعض النسخ بالنون وفى بعضها بالباء: فعلى الاول لعله كناية عن جريه في الاباطح - وهو جمع الابطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى - بكثرة وقوة كناه ينطحها بقرنه. وعلى الثانى - أعنى بالباء - المراد أن يجعل الابطح أبطحا أو يوسعه. واغدودق المطر: كثر قطره، وعين الماء: غزرت وعذبت. و " مطبوبقا " مفعوعلا للمبالغة في تطبيق الارض بالمطر، وكذا " مغرورقا " من قولهم اغروقت عيناه أى غرقتا بالدموع وهو افعوعل من الغرق.
(2) السهل ضد الجبل. والبدو: البادية.
(3) والغلاء: ارتفاع الثمن.
(4) الهطل: تتابع المطر والدمع وسيلانه.
(5) في النهاية: في حديث الاستسقاء " اسقنا غيثا مريئا مريعا " يقال: مرأنى الطعام وأمرأنى إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. وتقدم معنى العباب والغدق والمجلجل.

[538]

سحا سحساحا، بسا بساسا، مسبلا عاما، ودقا مطفاحا(1) يدفع الودق بالودق دفاعا ويطلع القطر منه غير خلب البرق، ولا مكذب الرعد، تنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، منا علينا منك آمين [يا] رب العالمين ".
فما تم كلامه حتى صب الله الماء صبا، وسئل سلمان الفارسي رضي الله عنه فقيل له: يا أبا عبدالله هذا شئ علماه؟ فقال: ويحكم ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: أجريت الحكمة على لسان أهل بيتي ".
1505 وروي عن ابن عباس " أن عمر بن الخطاب خرج يستسقي فقال: للعباس قم فادع ربك واستسق وقال: " اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك " فقال العباس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " اللهم إن عندك سحابا وإن عندك مطرا فانشر السحاب وأنزل فيه الماء ثم أنزله علينا، واشدد به الاصل، واطلع به الفرع(2)، واحي به الزرع(3)، اللهم إنا شفعاء إليك عمن لا منطق له من بهائمنا وأنعامنا شفعنا في أنفسنا وأهالينا، اللهم إنا لا ندعو إلا إياك، ولا نرغب إلا إليك، اللهم اسقنا سقيا وادعا(4) نافعا طبقا مجلجلا، اللهم إنا نشكو إليك جوع كل جائع،


______________
(1) قوله " سحا سحساحا " في الضحاح سح الماء سحا أى سال من فوق وكذلك المطر والدمع، وقال: تسحسح الماء أس سال، ومطر سحساح أى يسح شديدا. والبس: السوق اللين. وبست الابل أبسها - بالضم - بسا وبست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته فتفرق فيها مثل بثثته فانبث. أى يكون ذا سوق لين يبس المطر في البلاد. وأسبل المطر والدمع إذا هطل، وقال أبوزيد: أسبلت السماء والاسم السبل وهو المطر بين السحاب والارض حين يخرج من السحاب ولم يصل إلى الارض. وتقدم معنى الودق. وطفح الاناء - كمنع طفحا وطفوحا امتلاء وارتفع، والمطفاح: الممتلئ.
(2) أى اجعل فروعه وأغصانه ذا ثمرة.
(3) في بعض النسخ " واحى به الضرع ".
(4) أى واسعا، وفى بعض النسخ " وارعا " أى ساكنا مستقرا.

[539]

وعرى كل عار، وخوف كل خائف، وسغب كل ساغب يدعو الله(1) ".


______________
(1) السغب: الجوع من التعب والعطش.