باب صلاة العيدين

1453 - وروي جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام أنه قال: " صلاة العيدين فريضة، وصلاة الكسوف فريضة".

[505]

يعنى أنهما من صغار الفرائض، وصغار الفرائض سنن، لرواية حريز(1):


______________
(1) الظاهر أن المصنف أراد من كونهما من صغار الفرائض أنهما ليستا بمفروضتين في القرآن، والمتبادر من الفرض ما كان في القرآن، وقوله: " لرواية حريز " استشهاد على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن، وقوله: " لرواية حريز " استشهاد على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن لا على أنهما مستحبتان لان السنة يراد بها الندب، وحينئذ لا دلالة في كلامه على عدم الوجوب، ولا يخفى أن كلام الصادق عليه السلام وان كان ظاهره العموم فيتانول زمن الغيبة فيدل على وجوب العيدين مطلقا الا أنه يمكن أن يوجه بان الكلام حال وجوده عليه السلام، وبعده حكم آخر. وظاهر المنتهى أن اتفاق الاصحاب واقع على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه، واحتج له بأخبار. وفى الاجماع تأمل، وأما الاخبار فأورد عليها شيخنا - رحمه الله - بأن الظاهر أن المراد بالامام امام الجماعة لا امام الاصل كما يظهر من تنكير الامام في بعضها. (الشيخ محمد).
أقول: هذا الحمل لا يلائم قوله عليه السلام في سماعة الاتى " وان صليت وحدك فلا بأس " مع انه عليه السلام قال قبلة: " لا صلاة في العيدين الا مع امام " الا أن يقال: المراد نفى الكمال أى لا صلاة كاملة. وقال استاذنا الشعرانى: تنكير الامام لا ينافى اشتراط السلطان العادل لان من يقول بالاشتراط لا يوجب الصلاة حتما بل يقول بوجوب الصلاة مع امام من أئمة الدين لهم هذا المنصب سواء كان الامام الاصل أو من نصبه اذ ليس هو بنفسه الشريفة حاضرا في جميع البلاد في جميع الازمنة ولا يكفى اقتداء بعض الرعية ببعض ممن ليس الامامة منصبا له بل هذا هو المتبادر إلى الذهن من الامام لا امام الجماعة كما يدل عليه حديث سماعة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: متى يذبح؟ قال إذا انصرف الامام، قلت: فاذا كنت في أرض ليس فيها امام - الخ ".
ولا ريب أنه لا يتصور أرض ليس فيها رجل عادل يصح الاقتداء به بل لا يحسين أن يقال: يشترط في الفعل الفلانى ذلك الا مع امكان عدم وجوده وامام الجماعة لا يتصور عدم وجوده في زمان ومكان، وأما عدم الامام المنصوب فيمكن أن يتفق كثيرا ولذا لا تجد مثل هذا الاشتراط في اليومية وجماعتها، وبالجملة لا ريب في اشتراط السلطان العادل أو من نصبه في فرضية صلاة العيدين، ولو لم يكن لنا دليل على صحة الصلاة ندبا مع عدم الامام لقلنا بعدم مشروعية الانفراد فيها لان مفاد " لا صلاة الا بامام " عدم الماهية لكن نحملها على عدم الصلاة المعهودة المجعولة أولا الواجبة بالوجوب العينى وأنها منفية بدون الامام بقرينة الادلة الاخرى الدالة على صحتها منفردا.

[506]

1454 - عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: صلاة العيدين مع الامام سنة(1) وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ". ووجوب العيد إنما هو مع إمام عدل(2).
1455 - وروي سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا صلاة في العيدين إلا مع إمام، وإن صليت وحدك فلا بأس ".
1456 - وروي زرارة بن أعين عن أبى جعفر عليه السلام قال: " لا صلاة يوم الفطر والاضحى مع إمام [عادل] "(3).
1457 - وسئل الصادق عليه السلام " عن صلاة الاضحى والفطر فقال: صلهما ركعتين


______________
(1) الظاهر أن مراد الصدوق (ره) في الجمع بين الروايتين أنه ظهر وجوبهما من السنة لا من القرآن لانه ليس فيه ما يدل صريحا على وجوبهما كما ذكره الاصحاب اذ مراتب الوجوب مختلفة فما يكون مؤكدا يسمى بالفريضة كصلاة اليومية والجمعة وما لم يكن مؤكدا يسمى سنة، ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل الخبر الثانى على التقية أو على عدم استجماع الشرائط كما في زمن أكثر الائمة عليهم السلام من استيلاء أئمة الجور. (م ت) قال استاذنا الشعرانى: وجه الحمل على التقية أن فقهاء أهل السنة متفقون على عدم كون صلاة العيدين واجبة، والحنفية وان عبروا عنها بالوجوب لكن الوجوب في اصطلاحهم غيره في اصطلاحنا ويريدون به ما يأثم المكلف بتركه من غير أن يعاقب بالنار وانما حرم من الشفاعة.
(2) من كلام المؤلف كما يظهر من التهذيب.
(3) أى لا صلاة واجبة الا مع امام من الائمة الذين تكون الامامة لهم منصبا، وقال الفيض - رحمه الله -: يعنى لا صلاة فريضة الا مع امام مرضى يجوز الاقتداء به كما يشعر به تنكير لفظ الامام كما في أكثر النسخ وأصحها، ويجوز أن يكون المراد بالامام: المعصوم عليه السلام فلا تكون واجبة الا مع حضوره صلوات الله عليه فان الاخبار ليست محكمة في أحد المعنيين بل متشابهة فيهما وقال في الفقيه: " ووجوب العيد انما هو مع امام عادل " وهو أيضا متشابه وعلى التقديرين يجوز فعلها مع فقد هذا الشرط على جهة الاستحباب كما يظهر من الاخبار.

[507]

في جماعة أو في غير جماعة وكبر سبعا وخمسا "(1).
1458 - وروي منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " مرض أبى عليه السلام يوم الاضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى ".
1459 - وروى جعفر بن بشير، عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد، ويصلى في بيته وحده كما يصلى في جماعة "(2).
1460 - وروي هارون بن حمزة الغنوي عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " الخروج يوم الفطر والاضحى إلى الجبانه حسن لمن استطاع الخروج إليها، قال: فقلت: أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أيصلى في بيته؟ فقال: لا ".(3)
1461 - وروي ابن المغيرة عن القاسم بن الوليد قال: " سألته عن غسل الاضحى قال: واجب إلا بمنى ".(4)
1462 - وروي " أن غسل العيدين سنة ".
1463 - وروى الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المرأة عليها غسل يوم الجمعة والفطر والاضحى ويوم عرفة؟ قال: نعم عليها الغسل كله ".


______________
(1) سبعا في الركعة لاولى أولها لتكبيرة الاحرام وسابعها للركوع. وخمسا للثانية خامسها للركوع والبقية في الاولى والثانية للقنوت.
(2) قال في المدارك: استحباب الصلاة في العيدين على الانفراد مع تعذر الجماعة قول أكثر الاصحاب، ونقل عن ظاهر الصدوق (ره) في المقنع وابن أبى عقيل عدم مشروعية الانفراد فيهما.
(3) أى ليس بواجب عليه ذلك وان كان لو صلى منفردا في بيته استحق الثواب كما في التهذيب.
(4) أى سنة لازمة لا ينبغى تركها وقيل بالوجوب، والحق أن قوله: " الا بمنى " منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الاخبار في عدم وجوبه، ولعل استثناء منى لتعذر الماء فيه.

[508]

وجرت السنة أن يأكل الانسان يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى، ولا يأكل في الاضحى إلا بعد الخروج إلى المصلى.
1464 - و " كان على عليه السلام يأكل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، ولا يأكل يوم الاضحى حتى يذبح ".
1465 - وروي حريز، عن زرارة عن أبى جعفر عله السلام قال: " لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم شيئا، ولا تأكل يوم الاضحى شيئا إلا من هديك(1) واضحيتك [إن قويت عليه] وإن لم تقو فمعذور.(2) قال: وقال أبوجعفر عليه السلام: " كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يأكل يوم الاضحى شيئا حتى يأكل من اضحيته، ولا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة، ثم قال: وكذلك نحن ".
6 146 - وروي حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: " السنة على أهل الامصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام ".
1467 - وروي على بن رئاب، عن أبى بصير، عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا ينبغى أن تصلى صلاة العيدين في مسجد مسقف لا في بيت، إنما تصلى في الصحراء أو في مكان بارز ".
1468 - وروي الحلبي عن أبى عبدالله عن أبيه عليهما السلام أنه " كان إذا خرج يوم الفطر والاضحى أبى أن يؤتى بطنفسة(3) يصلي عليها يقول: هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج فيه حتى يبرز لآفاق السماء ثم يضع جبهته على الارض ".
1469 - وروي إسماعيل بن جابر عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال: ليس فيهما أذان ولا إقامة، ولكن ينادي الصلاة الصلاة - ثلاث مرات وليس فيهما منبر، المنبر لا يحرك من موضعه،


______________
(1) في بعض النسخ " الا من هديتك " ولعله تصحيف.
(2) أى ان لم تقدر على الاضجية.
(3) الطنفسة: البساط الذى له خمل رقيق وهى ما تجعل تحت الرجل على كتفى البعير.

[509]

ولكن يصنع للامام شبه المنبر من طين فيقوم عليه، فيخطب الناس ثم ينزل ".
1470 - وروي حريز، عن زرارة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تقض وتر ليلتك(1) - يعنى في العيدين - أن كان فاتك حتى تصلى الزوال في ذلك اليوم ".
1471 - وروي محمد بن الفضل الهاشمى(2) عن أبى عبدالله عيله السلام قال: " ركعتان من السنة ليس تصليان في موضع إلا بالمدينة وتصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في العيدين قبل أن يخرج إلى المصلى، ليس ذلك إلا بالمدينة لان رسول الله صلى الله عليه وآله فعله "(3).
1472 - وروي إسماعيل بن مسلم، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: " كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله عنزة في أسفلها عكاز(4) يتوكأ عليها ويخرجها في العيدين يصلى إليها "(5).
1473 - وسأل الحلبى أبا عبدالله عليه السلام " عن الفطر والاضحى إذا اجتمعا يوم


______________
(1) هذا مبالغة في أن لا يصلى قبل صلاة العيد ولا بعده حتى تزول الشمس حيث انه إذا منع من قضاء الوتر مع كونه مرفوعا فيه كان ممنوعا من غيره بطريق أولى. (مراد)
(2) في بعض النسخ " محمد بن الفضيل الهاشمى " وهو تصحيف.
(3) لعل المراد أن المنع من التنفل قبل صلاة العيد عام واستثناء الركعتين من ذلك العموم للتأسى بالنبى صلى الله عليه وآله، وقد يستثنى منه صلاة التحية لمن صلاها في المساجد. (مراد) وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال الا بمسجد المدينة فان يصلى فيه ركعتين للرواية، وألحق ابن الجنيد المسجد الحرام وكل موضع شريف يجتاز به.
(4) العنزة بالتحريك - أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح.
والعكازة: عصا ذات زج (الصحاح) فلعل المراد بالعكازة هنا الزج وهو الحديدة التى في أسفل الرمح. (مراد)
(5) أى ينصبها أو يضعها عند الصلاة في جانب القبلة. (مراد) وفى بعض النسخ " يصلى عليها " أقول: ذلك للسترة المتسحبة وقد تقدم استحبابها سيما في الصحارى.

[510]

الجمعة قال: اجتمعا في زمان على عليه السلام فقال: من شاء أن يأتى الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر، وخطب عليه السلام خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة "(1).
1474 - وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " قد أفلح من تزكى " قال: من أخرج الفطرة، فقيل له: " وذكر اسم ربه فصلى ": خرج إلى الجبانه فصلى ".
1475 - وفى رواية السكونى " أن النبى صلى الله عليه وآله كان إذا خرج إلى العيد لم يرجع في الطريق الذي بدأ فيه، يأخذ في طريق غيره ".
1476 - وروي أبوبصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا أردت الشخوص في


______________
(1) فكان عليه السلام قد أخر خطبة العيد إلى وقت يصح معه خطبة الجمعة وذكر فيها ما لخطبة العيد كالحث على الفطرة في الفطر وعلى الضحية في الاضحى وما لخطبة الجمعة مثل قوله عليه السلام فيها: " وقد أمركم الله في كتابه بالسعى فيه ". (مراد) وقال في الشرايع: إذا اتفق عيد وجمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة، وعلى الامام أن يعلمهم ذلك في خطبته، وقيل: الترخيص مختص بمن كان نائبا عن البلد كأهل السواد دفعا لمشقة العود وهو أشبه.
أقول روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 292 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب، عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) " أن على بن أبى طالب عليه السلام كان يقول: إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فانه ينبغى للامام أن يقول للناس في خطبته الاولى: انه قد اجتمع لكم عيدان فأنا اصليهما جميعا، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الاخر فقد اذنت له ".
وقال محمد بن أحمد بن يحيى: وأخذت هذا الحديث من كتاب محمد ابن حمزة بن اليسع رواه عن محمد بن الفضيل ولم أسمع أنا منه.
وقال المولى المجلسى: الظاهر أنه عليه السلام اكتفى بخطبتين لهما لان خطبة العيد بعد صلاته وخطبة الجمعة قبلها فاكتفى بخطبتين لهما، ويحتمل أن يكون المراد بالجمع فراغه عليه السلام عن خطبة العيد عند الزوال فلما فرغ زالت وشرع في خطبة الجمعة لئلا يلزم المحذور ان ويكون الجمع تجوزا.

[511]

يوم العيد فانفجر الفجر وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد "(1).
1477 - وروى سعد بن سعيد عن الرضا عليه السلام " في المسافر إلى مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والاضحى؟ قال: نعم إلا بمنى يوم النحر ".
1478 - وروى جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال: " قال النبى صلى الله عليه وآله: إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد يا أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك، ثم قال: هو يوم الجوائز ".
1479 - و " نظر الحسن بن على عليه السلام إلى اناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون فقال لاصحابه والتفت إليهم: إن الله عزوجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون، وأيم الله لو كشف الغطاء(2) لشغل محسن بأحسانه ومسئ بأساء‌ته ".
1480 - وقال أبوجعفر عليه السلام: " ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد فيه لال محمد حزن، قيل: ولم ذلك؟ قال: لانهم يرون حقهم في يد غيرهم "(3).
وصلاة العيدين ركعتان في الفطر والاضحى وليس قبلهما ولا بعدهما شئ ولا يصليان الا مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه وليس لهما أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس، يبدأ الامام فيكبر واحدة، ثم


______________
(1) أى إذا أردت المسافرة في يوم العيد فلا تخرج الا بعد الاتيان بالصلاة. فيدل على كراهة السفر أو حرمته بعد الصبح يصل العيد كما قال المولى المجلسى رحمه الله.
(2) أى لو ازيل الانهماك في الاشتغال بالامور الدنيوية الذى هو كالغطاء في المنع عن رؤية الحقائق بالموت. (مراد)
(3) أورد أيضا في باب النوادر من كتاب الصوم تحت رقم 2058 عن حنان بن سدير عن عبدالله بن دينار عنه عليه السلام.

[512]

يقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى، ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين(1) ثم يركع بالسابعة ويسجد سجدتين، فاذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد الشمس وضحيها، ثم كبر تمام أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام، ثم ركع بالخامسة.
1481 - وقد روى محمد بن الفضيل، عن أبى الصباح الكنانى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن التكبير في العيدين، فقال: اثنتا عشرة تكبيرة، سبع في الاولى


______________
(1) يتراء‌ى منه الاكتفاء باربع قنوات إذا القنوت الخامس لا يقع بين تكبيرتين من الخمس الا أن يجعل التكبيرات التى تقع بينها القنوت شاملة لتكبيرة الركوع وهى السابعة، والمذاهب المنقولة في موضع التكبيرات التسع الزائدة ثلاثة: المشهور أن الخمس التى في الاولى والاربع التى في الثانية موضعها بعد القراء‌ة، وعن ابن الجنيد أن الخمس قبل القراء‌ة والاربع التى في الثانية بعدها ويشهد له حديث أبى الصحاح الاتى، وقيل ان واحدة في الثانية قبل القراء‌ة وهى تكبيرة القيام والثلاث الباقية بعدها، وهو الظاهر من كلام المؤلف - رضى الله عنه - هنا حيث قال: " فاذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد - الخ " ولو حمل الاخبار الواردة فيها على التخيير لم يبعد (مراد) وقال العلامة المجلسى - رحمه الله - في البحار: لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الاولى وأربع في الاخيرة، واخبار به متظافرة وقد وقع الخلاف في موضع التكبيرات فأكثر الاصحاب على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراء‌ة، وقال ابن الجنيد: التكبير في الاولى قبل القراء‌ة وفى الثانية بعدها، ونسب إلى المفيد أنه يكبر إذا نهض إلى الثانية، ثم يقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة، ويقنت ثلاثة مرات، وهو المحكى عن السيد والصدوق وأبى الصلاح، والاول أقوى وان كان يدل على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة، فانها موافقة لمذاهب العامة فينبغى حملها على التقية، ولولا ذلك لكان القول بالتخيير متجها، ولم أر رواية تدل على مذهب المفيد ومن وافقه.
ثم قال - رحمه الله - والمشهور وجوب التكبيرات وظاهر المفيد استحبابها، وكذا المشهور وجوب القنوتات، وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابها والاحتياط في الاتيان بهما، والظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص.

[513]

وخمس في الاخرى.
فإذا قمت في الصلاة فكبر واحدة(1) وتقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، واهل الجود والجبروت، والقدرة والسلطان والعزة، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا، إن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تصلى على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين، وأن تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات، اللهم إنى أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون(2) وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المخلصون الله أكبر أول كل شئ وآخره، وبديع كل شئ ومنتهاه، وعالم كل شئ ومعاده، مصير كل شئ إليه ومرده، ومدبر الامور وباعث من في القبور، قابل الاعمال ومبدئ الخفيات، ومعلن السرائر.
الله أكبر عظيم الملكوت شديد الجبروت، حى لا يموت دائم لا يزول، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
الله أكبر خشعت لك الاصوات وعنت لك الوجوه وحارت دونك الابصار وكلت الالسن عن عظمتك(3)، والنواصى كلها بيدك ومقادير الامور كلها إليك لا يقضى فيها غيرك، ولا يتم منها شئ دونك(4). الله أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك، ولا يتم منها شئ أمرك، وقام كل شئ بك، وتواضع كل شئ لعظمتك، وذل كل شئ لعزتك، واستسلم كل شئ لقدرتك، وخضع كل شئ لملكتك(5). الله أكبر وتقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وتكبر السابعة وتركع وتسجد، وتقوم وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتقول: الله


______________
(1) يدل على تقديم التكبير في الركعة الاولى قبل القراء‌ة وهو مذهب ابن الجنيد (سلطان) وحمله الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 289) على التقية لموافقته لمذهب العامة والحمل على التخيير أظهر وان كان العمل على المشهور أولى. (م ت)
(2) في النسخ " عبادك المرسلون " كما في التهذيب.
(3) أى عن وصفها أو بسبب عظمتك عن وصفك. (م ت)
(4) أى لا تصير تماما الا بمشيتك.
(5) في بعض النسخ " لملكك ".

[514]

أكبر أشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، تتمه كله كما قلته أول التكبير، يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى يتم خمس تكبيرات
1482 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الفطر فقال: " الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، لا نشرك بالله شيئا، ولا نتخذ من دونه وليا، والحمد لله الذي له ما في السموات وما في الارض وله الحمد في [الدنيا و] الاخرة وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور، كذلك الله لا إله إلا هو إليه المصير، والحمد لله الذي يمسك السماء(1) أن تقع على الارض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤف رحيم، اللهم ارحمنا برحتمك وأعممنا بمغفرتك، إنك أنت العلى الكبير، والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته(2) ولا مخلو من نعمته، ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته [الذي] بكلمته قامت السماوات السبع(3) واستقرت الارض المهاد، وثبتت الجبال الرواسى وجرت الرياح اللواقح(4) وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار(5) وهو إله لها وقاهر، يذل له المتعززون، ويتضاء‌ل له المتكبرون (6)، ويدين له طوعا وكرها العالمون، نحمده كما حمد نفسه وكما هو أهله ونستعينه ونستغفره ونستهديه


______________
(1) قيل: المراد المطر أو تقديرات السماء: وقوله " الا باذنه " أى بارادته لاقتضاء الحكمة. (م ت)(2) المقنوط هنا بمعنى القانط لان القنوط لازم وفى الصحاح القنوط: اليأس. (مراد)
(3) اشارة إلى قوله تعالى " انما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ".
(4) الرواسى: الجبال الثوابت، والرياح اللواقح اللاتى تلقح الاشجار بها وتحمل.
(5) الظاهر أن الضمير راجع إلى الارض لان البحار تطلب المركز والارض تمنعها عنه بالمقاومة (مراد) أقول: يمكن أن يكون راجعا إلى البحار فيلزم الاضمار قبل الذكر لفظا لا رتبة استقرت البحار في مواضعها.
(6) رجل ضئيل الجسم أى نحيف، والتضاؤل التصاغر.

[515]

ونشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، يعلم ما تخفي النفوس، وما تجن البحار(1) وما توارى منه ظلمة، ولا تغيب عنه غائبة، وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبة في ظلمات إلا يعلمها، لا إله إلا هو ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، ويعلم ما يعمل العاملون وأي مجرى يجرون، وإلى أي منقلب ينقلبون، ونستهدي الله بالهدى، ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه، وأمنيه على وحيه، وأنه قد بلغ رسالات ربه، وجاهد في الله الحائدين عنه، العادلين به(2) وعبدالله حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وآله.
أوصيكم [عباد الله] بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة ولا تنفد منه رحمة(3) ولا يستغني العباد عنه، ولا يجزي أنعمه الاعمال، الذي رغب في التقوى، وزهد في الدنيا، وحذر المعاصى، وتعزز بالبقاء، وذلل خلقه بالموت والفناء، والموت غاية المخلوقين، وسبيل العالمين، ومعقود بنواصي الباقين، لا يعجزه إباق الهاربين، وعند حلوله(4) يأسر أهل الهوى، يهدم كل لذة، ويزيل كل نعمة، ويقطع كل بهجة، والدنيا دار كتب الله لها الفناء، ولاهلها منها الجلاء، فأكثرهم ينوي بقاء‌ها ويعظم بناء‌ها، وهي حلوة خضرة، وقد عجلت للطالب، والتبست بقلب الناظر(5) ويضن ذو الثروة الضعيف، ويجتويها الخائف الوجل (6) فارتحلوا منها يرحمكم الله بأحسن


______________
(1) جن يجن أى ستر وأجنه يجنه أى ستره وأخفاه. والميت كفنه ودفنه.
(2) الحيد: الميل، وحاد عن الشئ يحيد حيدا: مال عنه وعدل. والعادلين به أى الذين يعدلون به تعالى غيره أى يساوونه ويشاركونه. (سلطان)
(3) " لا تربح " أى لا تزول. و " لا تنفد " أى لا تنقطع ولا تذهب.
(4) أبق أباقا أى هرب. والضمير في حلوله راجع إلى الموت.
(5) " عجلت " أى صارت معجلة لمن طلبها نقدا. " والتسبت بقلب الناظر " أى اختلطت به وتمكنت فيه. ويضن أى يبخل. وفى كثير من النسخ " ويضنى " من الضنى بمعنى المرض ولعله تصحيف. (6) " يجتويها " أى يكره المقام بها واجتوى البلد: كره المقام به، فالخوف من الله سبحانه أو القيامة.

[516]

ما بحضرتكم(1) ولا تطلبوا منها أكثر من القليل، ولا تسألوا منها فوق الكفاف، وارضوا منها باليسير، ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به(2) واستهينوا بها، ولا توطنوها، وأضروا بأنفسكم فيها(3) وإياكم والتنعم والتهلى والفاكهات(4) فإن في ذلك غفلة واغترار، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت(5) وآذنت بوداع، ألا وإن الآخرة قد رحلت أفبلت وأشرفت وآنت باطلاع (6) ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار(7) ألا فلا تائب


______________
(1) أى بالاعمال الصالحة أى كونوا بحيث إذا ارتحلتم يكون معكم أحسن الاعمال، وقوله عليه السلام " يرحمكم الله " جملة دعائية معترضة.
(2) المترف - بفتح الراء - المتنعم الموسع في ملاذ الدنيا وشهواتها. (الوافى)
(3) في الصحاح: أضر بى فلان أى دنا منى دنوا شديدا فمعنى " أضروا بانفسكم " ادنوا منها دنوا شديدا والتفتوا اليها التفاتا عظيما لئلا يصدر عنها ما كان فيه هلاككم. (مراد)
(4) الفكاهة - بالضم -: المزاح.
(5) احلولت افعيعال من الحلول أى انقضت، والايذان الاعلام والمراد سرعة تصرف الدنيا وتطرق النقص والفناء إلى متاعها. والوداع بالكسر أو بفتح الواو اسم من التوديع.
(6) في الصحاح: رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل، وفيه رحل فلان وارتحل وترحل بمعنى، والاسم الرحيل. ورحيل الاخرة استعارة من رحل الركب الذين يصلون عن قريب (مراد) والاطلاع الاشراف من مكان عال، والمقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول.
(7) المضمار: مدة تضمير الفرس وموضعه أيضا وهو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت وذلك في أربعين يوما، والسباق: المسابقة جمعا للسبقة بالضم أى الذى يسبق اليه كما توهم. والسبقة - بضم السين وسكون الموحدة - الخطر أى المال يوضع بين أهل السباق. وقوله " والغايه النار " أى منتهى سعى العصاة اليها. وقال السيد الرضى - رحمه الله - في قوله عليه السلام " ان السبقة الجنة والغاية النار ": خالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، ولم يقل: السبقة النار كما قال " السبقة الجنة " لان الاستباق انما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب وهذه صفة الجنة وليس هذا المعنى موجودا في النار - نعوذ بالله منها - فلم يجز أن يقول والسبقة النار بل قال: والغاية النار، لان الغاية ينتهى اليها من لا يسره الانتهاء، ومن يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الامرين معا فهى في هذا الموضع كالمصير والمآل قال الله تعالى: " قل تمتعوا فان مصيركم إلى النار "

[517]

من خطيئته قبل يوم منيته(1)، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه وفقره(2) جعلنا الله وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه.
ألا وإن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا، وجعلكم له أهلا، فاذكروا الله يذكركم، وادعوه يستجب لكم، وأدوا فطرتكم، فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة من ربكم، فليؤدها كل امرئ منكم عنه وعن عياله كلهم ذكرهم وانثاهم، صغيرهم وكبيرهم، وحرهم ومملوكهم، عن كل إنسان منهم صاعا من بر أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، وأطيعوا الله فيما فرض الله عليكم وأمركم به من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، وأطيعوا الله فيما نهاكم عنه من قذف المحصنة، وإتيان الفاحشة، وشرب الخمر، وبخس المكيال، ونقص الميزان، وشهادة الزور، والفرار من الزحف، عصمنا الله وإياكم بالتقوى، وجعل الآخرة خيرا لنا ولكم من الاولى، إن أحسن الحديث وأبلغ موعظه المتقين كتاب الله العزيز الحكيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، " بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ". ثم يجلس جلسة كجلسة العجلان، ثم يقوم بالخطبة التي كتبناها(3) في آخر خطبة يوم الجمعة بعد جلوسه وقيامه.
1483 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في عيد الاضحى فقال: " الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، وله الشكر فيما


______________
(1) في الصحاح المنية الموت لانها مقدرة.
(2) البؤس: الحاجة وشدتها.
(3) في بعض النسخ " ذكرناها " راجع ص 432.

[518]

أولانا(1) والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الانعام ".
1484 وكان علي عليه السلام يبدأ بالتكبير إذا صلى الظهر من يوم النحر، وكان يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة(2)، وكان يكبر في دبر كل صلاة فيقول " الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد " فإذا انتهى إلى المصلى تقدم فصلى بالناس بغير أذان ولا إقامة، فإذا فرغ من الصلاة صعد المنبر، ثم بدأ فقال: " الله أكبر، الله أكبر الله أكبر زنة عرشه ورضى نفسه وعدد قطر سمائه(3) وبحاره، له الاسماء الحسنى، والحمد لله حتى يرضى، وهو العزيز الغفور، الله أكبر كبيرا متكبرا، وإلها متعززا، ورحيما متحننا(4) يعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمته إلا الضالون، الله أكبر كبيرا، ولا إله إلا الله كثيرا، وسبحان الله حنانا قديرا، والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونشهد أن لا إله إلا هو، وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى، وفاز فوزا عظيما، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا. أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت والزهر في الدنيا التي لم يتمتع بها من كان فيها قبلكم، ولن تبقى الاحد من بعدكم، وسبيلكم فيها سبيل الماضين ألا ترون أنها قد تصرمت وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها، وأدبرت حذاء فهي(5)


______________
(1) في بعض النسخ " على ما أبلانا " وفى الصحاح بلاه الله بلاء وأبلاه ابلاء حسنا وابتلاه أى اختبره.
(2) كان عليه السلام يكبر عقيب خمس عشرة صلوات ان كان بمنى أولها عقيب الظهر يوم العيد وآخرها الصبح في اليوم الثالث من أيام التشريق، وفى غير منى يكبر عقيب عشر صلوات يكون آخرها صبح ثانى أيام التشريق. (م ت)
(3) في بعض النسخ " سماواته ".
(4) أى ذو الرحمة أو وصف ذاته بها. (م ت)
(5) الصرام: القطع وتصرمت الدنيا أى خرجت، وآذنت أى أعلمت عن حالها بانقضاء وتنكر أى صار منكرا وهو ضد المعروف الذى يعرفه الناس ويحسنونه، أو تغير معروفها وما يأنس به كل أحد. وأدبرت حذاء بالحاء المهملة والذال المعجمة - أى أدبرت سريعة. وفى بعض النسخ بالجيم وهو تصحيف، وفى نهج البلاغة " فهى تحفز بالفناء سكانها، وتحدو بالموت جيرانها " والحفز بالرمح: الطعن به.

[519]

تخبر بالفناء، وساكنها يحدى بالموت(1) فقد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان صفوا، فلم يبق منها إلا سلمة كسلمة الاداوة(2)، وجرعة كجرعة الاناء(3)، يتمززها الصديان لم تنفع غلته، فأزمعوا عباد الله بالرحيل من هذه الدار(4) المقدور على أهلها الزوال، الممنوع أهلها من الحياة، المذللة أنفسهم بالموت فلا حي يطمع في البقاء ولا نفس إلا مذعنة بالمنون، فلا يغلبنكم الامل، ولا يطل عليكم الامد، ولا تغتروا فيها بالآمال وتعبدوا الله أيام الحياة، فوالله لو حننتم حنين الواله العجلان(5) ودعوتهم بمثل دعاء الانام وجأرتم جؤار متبتل الرهبان (6)، وخرجتم إلى الله من الاموال والاولاد التماس القربة


______________
(1) " يحدى " على صيغة المجهول، ولعل الباء بمعنى " إلى " أو لفظة " إلى " مقدرة في نظم الكلام (مراد) وفى الصحاح الحدو - كفلس -: سوق الابل والغناء لها، وقد حدوت الابل حدوا وحداء - بضم الاخير -.
(2) السملة - محركة -: القليل من الماء يبقى من الاناء. والاداوة - بكسر الهمزة -: المطهرة واناء صغير من جلد يتطهر به ويشرب.
(3) في النهج " كجرعة المقلة " - بفتح الميم - وهى حصاة القسم توضع في الاناء إذا عدموا الماء في السفر ثم يصب الماء عليه حتى يغمر الحصاة فيعطى كل أحد سهمه.
(4) التمزز: تمصمص الماء قليلا قليلا، والمزة: المصة، والصدى: العطش، وقد صدى يصدى صدى فهو صد، وصاد، وصديان، ونقع الماء العطش نقعا ونقوعا أى سكته - بشد الكاف -. والغلة والغل شدة العطش وحرارته. وأزمعوا أى أجمعوا، وفى بعض النسخ " فأجمعوا ".
(5) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب " الوله العجال " بضم الواو وكسر العين - كما في النهج - والعجال: كل انثى فقدت ولدها فيه واله ووالهة والعجول من الابل التى فقدت ولدها.
(6) وجأر - كمنع - جأرا وجؤارا - كصراخ -: تضرع واستغاث رافعا صوته بالدعاء. والمتبتل: المنقطع للعبادة أو عن النساء أو عن الدنيا، أى لو تضرعتم إلى الله كهؤلاء بأرفع أصواتكم كما يعل الراهب المتبتل - لكان كذا وكذا.

[520]

إليه في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله(1) لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من أليم عقابه، وبالله لو انماثت(2) قلوبكم انمياثا وسالت عيونكم من رغبة إليه ورهبة منه دما، ثم عمرتم في الدنيا ما كانت الدنيا باقية ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم وهداه إياكم إلى الايمان ما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته(3)، ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون، وبهما إلى جنته تصيرون، جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين.
وإن هذا يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة، والمغفرة فيه مرجوة، فأكثروا ذكر الله تعالى واستغفره وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم، ومن ضحى منكم بجذع من المعز(4) فإنه لا يجزي عنه، والجذع من الضأن يجزي.
ومن تمام الاضحية استشراف عينها وأذنها(5) وإذا سلمت العين والاذن


______________
(1) المراد بالرسل هنا الملائكة الموكلون باعمال العباد.
(2) انماث الملح في الماء انمياثا أى ذاب.
(3) " ما جزت أعمالكم " بالرفع على الفاعلية أى التى ذكرت من أعمالكم لا تجزى لما عليكم من النعم العظام حذف المجزى بقرينة ذكره عن قريب. وقوله " لنعمه العظام - الخ " أى لجزاء تلك النعم، وقوله عليه السلام " ما كنتم لتستحقوا " جزاء " لو لم تبقوا " فليست " لو " هذه وصلية. وقوله " بأعمالكم " متعلق بقوله " لتستحقوا "، و " ما " في قوله " ما الدهر قائم " مثلها في مادام. (مراد)
(4) الجذع قبل الثنى والجمع جذعان وجذاع والانثى جذعة والجمع جذعات، تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية، ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة، وللابل في السنة الخامسة أجذع وقد قيل في ولد النعجة انه يجذع في ستة أشهر أو تسعة أشهر وذلك جائز في الاضحية (كذا في الصحاح) واما الذى ذهب اليه الفقهاء فالمشهور أن المعز يجزى إذا دخل في الثالثة والضأن إذا دخل في الثانية. يعنى تم له سنة كاملة.
(5) الاضحية الشاة التى طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد الاضحى (*)

[521]

تمت الاضحية، وإن انت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا تجزي(1).
وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا الله على ما رزقكم من بهيمة الانعام وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة، وأقيموا الشهادة وارغبوا فيما كتب عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام، فإن ثواب ذلك عظيم لا ينفد، وتركه وبال لا يبيد(2)، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وأخيفوا الظالم، وانصروا المظلوم، وخذوا على يد المريب(3) وأحسنوا إلى النساء وما ملكت أيمانكم، واصدقوا الحديث، وأدوا الامانة، وكونوا قوامين بالحق، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، إن أحسن الحديث ذكر الله، وأبلغ موعظة المتقين كتاب الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد .
ويقرأ قل يا أيها الكافرون إلى آخرها أو الهيكم التكاثر إلى آخرها أو والعصر، وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد، فكان إذا قرأ إحدى هذه السور جلس جلسة كجلسة العجلان، ثم ينهض، وهو عليه السلام كان أول من حفظ عليه الجلسة بين


______________
واستشراف الاذن تفقدها حتى لا يكون مجدوعة أو مشقوقة. وقد يراد من استشراق الاذن طولها وانتصابها، فيراد بذلك سلامتها من العيب، العضباء: المكسورة القرن، والمنسك: المذبح. أقول: من قوله عليه السلام: " ومن تمام الاضحية - إلى هنا " منقول في النهج بدون قوله: " فلا تجزى " وقد سقط من النهج.
(2) قال الجوهرى: نفد الشئ - بسكر الفاء -: نفادا: فنى، وباد الشئ يبيد بيدا وبيودا: هلك.
(3) أى الذى يوقع الانسان في الريب بذكر الشبه والاباطيل والقصص التى يوجب التردد في الاعتقاد، والكلام تمثيل فيه تشبيه حال المريب المفسد للاعتقاد بحال من بيده سيف أو نحوه يريد افساد والاموال، ويمكن أن يكون من الريب بمعنى الحاجة أى يحوج الانسان بغصب أمواله من الاضرار (مراد) أقوله: في اللغة أخذ على يده أى منعه عما يريد فعله، فالمناسب بقرينة الفقرات السابقة المعنى الاول.

[522]

الخطبتين(1) ثم يخطب بالخطبة التي كتبناها بعد الجمعة.
1485 وفي العلل التي تروى عن الفضل بن شاذان النيسابوري رضي الله عنه ويذكر أنه سمعها من الرضا عليه السلام أنه " إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه، ويبرزون لله عزوجل، فيمجدونه على ما من عليهم، فيكون يوم عيد، ويوم اجتماع، ويوم فطر، ويوم زكاة، ويوم رغبة، ويوم تضرع، ولانه أول يوم من السنة يحل فيه الاكل والشرب لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان فأحب الله عزوجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه وإنما جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلاة لان التكبير إنما هو تعظيم لله وتمجيد على ما هدى وعافا كما قال الله عزوجل: " ولتكبروا الله على ما هداكم لعلكم تشكرون " وإنما جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة لانه يكون في [كل] ركعتين اثنتا عشرة تكبيرة(2)، وجعل سبع في الاولى وخمس في الثانية ولم يسو بينهما لان السنة في الصلاة الفريضة أن تستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدأ ههنا بسبع تكبيرات، وجعل في الثانية خمس تكبيرات لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة(3) خمس تكبيرات وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
1486 ورورى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة(4) كما يصنعون يوم الجمعة،


______________
(1) أى كانت الجلسة محفوظة عليه لم ينفك عنه عليه السلام قط بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بخلاف من كان قبله من الخلفاء فانه قد يقع منه تلك الجلسة وقد لا يقع. (مراد)
(2) لان في كل ركعة تكبيرة للركوع وأربع تكبيرات للسجدتين لكل سجدة تكبيرتان في الركعة الاولى تكبيرة الافتتاح وفى الثانية تكبيرة القنوت. (مراد)
(3) أى من جملة جنس التكبيرة تكبيرة الاحرام خمس، لكل صلاة من الصلوات الخمس واحدة. (مراد)
(4) من التجميع أى يصلونها جماعة. وقوله " كما يصنعونها يوم الجمعة " ظاهره يفيد اعتبار جميع شرائط الجمعة فيها الا ما أخرجه الدليل. (مراد) (*)

[523]

وقال: يقنت في الركعة الثانية، قال: قلت: يجوز بغير عمامة؟ قال: نعم والعمامة أحب إلي ".
1487 وورى أبوالصباح الكناني(1) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن التكبير في العيدين، فقال: اثنتا عشرة سبع في الاولى وخمس في الاخرى فإذا قمت إلى الصلاة فكبر واحدة، ثم تقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، والقدرة والسلطان والعزة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلواتك عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصلي على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين، وأن تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات، اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبادك المرسلون، وأعوذ بك من شهر ما عاذ منه عبادك المخلصون.
الله أكبر أول كل شئ وآخره، وبديع كل شئ ومنتهاه، وعالم بكل شئ ومعاده، ومصير كل شئ إليه ومرده، ومدبر الامور، وباعث من في القبور، قابل الاعمال مبدئ الخفيات، معلن السرائر.
الله أكبر عظيم الملكوت، شديد الجبروت، حي لا يموت دائم لا يزول إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
الله أكبر خشعت لك الاصوات وعنت لك الوجوه، وحارت دونك الابصار، وكلت الالسن عن عظمتك، والنواصي كلها بيدك، ومقادير الامور كلها إليك، لا يقضي فيها غيرك، ولا يتم منها شئ دونك.
الله أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك، ونفذ كل شئ أمرك وقام كل شئ بك، وتواضع كل شئ لعظمتك، وذل كل شئ لعزتك، واستسلم كل شئ لقدرتك، وخضع كل شئ لملكتك.
الله أكبر وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتركع بالسابعة، وتقول في الثانية: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، تتمه كله كما قلت أول


______________
(1) هذا الخبر تقديم آنفا تحت رقم1481 برواية محمد بن الفضل عن أبى الصباح.

[524]

التكبير، يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى تتم خمس تكبيرات ".
والخطبة في العيدين بعد الصلاة.