باب ثواب صلاة الليل

1360 نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال له: " يا جبرئيل عظني

[472]

فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه.
شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الاذى عن الناس "(1).
1361 وروى بحر السقاء عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن من روح الله عزوجل ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان ".
1362 وقال أبوالحسن الاول عليه السلام " في قول الله عزوجل: " ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله " قال: صلاة الليل ".(2)
1363 وقال الصادق عليه السلام: " عليكم بصلاة الليل فانها سنة نبيكم، وأدب الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم ".(3)
1364 وروى هشام بن سالم عنه أنه قال: " في قول الله عزوجل " إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا "(4) قال: قيام الرجل عن فراشه يريد به وجه الله عزوجل، لا يريد به غيره ".(5)


______________
(1) حاصل الكلمات الثلاثة أن العيش لابد وأن ينتهى إلى الموت فلا ينبغى أن تريد طوله وتهتم به، وكذا المحبوب لابد وأن تفارقه فلا ينبغى أن تطئمن قلبك به، والعمل لابد وأن تلاقيه ولا يفارقك فلابد من أن تهتم به فتأتى بما هو صالح نافع تسرك ملاقاته، وتترك ما هو مفسد ضار تسوء‌ك ملاقاته.
(مراد) أقول: روى الكلينى في الكافى ج 3 ص 488 نحو ذيل الخبر مسندا عن الصادق (ع).
(2) رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 488 بسند مجهول والمؤلف في العيون بهذا السند أيضا.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند فيه ارسال.
(4) أى النفس الناشئة بالليل أى التى تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أو العبادة الناشئة بالليل أى الحددثة (سلطان) وقوله: " أقوم قيلا " أى أشد وأحكم وأثبت مقالا.
(5) الظاهر أنه عليه السلام فسر الناشئة بالقيام الواقع فيها مخلصا كما فسرت بقيام الليل أو العبادة التى تنشأ بالليل، ويمكن أن يكون حاصل المعنى يقول عليه السلام ان العبادة المشكلة على النفس والتى تكون القلب موافقا مع اللسان هى العبادة التى يكون خالصة لوجه الله، والا فلا اشكال فيها ولا موافقة لها كما هو الغالب على الناس. (م ت) أقول الخبر رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 446 بسند صحيح.

[473]

1365 وقال الصادق عليه السلام: " يقوم الناس من فرشهم على ثلاثة أصناف: صنف له ولا عليه، وصنف عليه ولا له، وصنف لا عليه ولا له، فأما الصنف الذي له ولا عليه فيقوم من منامه فتوضأ ويصلي ويذكر الله عزوجل فذلك الذي له ولا عليه، وأما الصنف الثاني فلم يزل في معصية الله عزوجل فذلك الذي عليه ولا له، وأما الصنف الثالث فلم يزل نائما حتى أصبح فذلك الذي لا عليه ولا له ".
1366 وسأله عبدالله بن سنان " عن قول الله عزوجل: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال: هو السهر في الصلاة ".(1)
1367 وروى عنه الفضيل بن يسار أنه قال: " إن البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن(2) تضئ لاهل السماء كما تضئ نجوم السماء لاهل الارض ".
1368 وقال عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " إن الحسنات يذهبن السيئات " قال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار ".(3) ومدح الله تبارك وتعالى أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه بقيام صلاة الليل(4) فقال عزوجل: " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه " وآناء الليل ساعاته.
1369 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يصيب


______________
(1) " سيماهم " أى علامتهم. و " من أثر السجود " يمكن أن يكون كناية عن العبادة وآثارها من رقة القلب والخضوع والخشوع، أو اصفرار الوجه. والسهر - بالتحريك -: عدم النوم في الليل.
(2) يحتمل أن يكون الباء للسببية أى لسبب ما يتلى في الصلاة من القرآن، وأن يكون للملابسة أى متلبسة بتلاوة القرآن، فيشمل ما يقرء فيها وما يقرء بعدها أو قبلها. (مراد)
(3) روى المؤلف أكثر هذه الاخبار في ثواب الاعمال مسندا.
(4) كما في رواية عمار الساباطى عن الصادق (ع) المروية في روضة الكفى تحت رقم 246.
ويفهم منه أن الآية في على أمير المؤمنين (ع).

[474]

أهل الارض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي(1)، ويعمرون مساجدي، و يستغفرون بالاسحار لولاهم(2) لانزلت عذابي ".
1370 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ".
1371 و " جاء رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام فشكى إليه الحاجة فأفرط في الشكاية حتى كاد أن يشكو الجوع، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يا هذا أتصلي بالليل؟ فقال الرجل: نعم، فالتفت أبوعبدالله عليه السلام إلى أصحابه فقال: كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار، إن الله تبارك وتعالى ضمن صلاة الليل قوت النهار ".(3)
1372 وقال أبوجعفر عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب المداعب في الجماعة بلا رفث، المتوحد بالفكر، المتخلي بالعبر، الساهر بالصلاة ".(4)
1373 وقال النبي صلى الله عليه وآله عند موته لابي ذر رحمة الله عليه: " يا أبا ذر احفظ


______________
(1) بالجيم كما في أكثر النسخ. وبالحاء كما في بعضها، وعلى المهملة المعنى: الذين يحب بعضهم بعضا فيما أحللنا لهم لا فيما أفيما حرمنا عليهم كشرب الخمر والزنا وأمثالهما.
(2) يمكن أن يكون التكرير للمبالغة والتأكيد، وأن يكون جواب " لولا " الاولى لفعلت بهم ما يستحقون، وحذف اليذهب الذاهب إلى أى مذهب شاء. (م ت)
(3) أى جعلها ضامنا للقوت في ايصاله إلى المصلى أو جعلها متضمنا للقوت فكأن قوت المصلى جزء لها، وعلى التقديرين من باب الاستعارة التبعية (مراد) أقول: لخبر رواه المصنف في الثواب ص 64 وكذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند في ارسال.
(4) في بعض النسخ " المداعب في الجماع " وفى بعضها " الملاعب في الجماع " ولعل الانسب ما اخترناه. والدعابة المزاح، والرفث الفحش من القول، والجماع، وقوله " المتوحد " في بعض النسخ " المتوجد " وتوجد به أى أحبه " والتخلى: التفرغ والانفراد، و " العبر " اما بكسر العين وفتح الباء الموحدة جمع عبرة - بكسر العين وسكون الموحدة - وهى العظة وما يتعظ به الانسان ويعمل به ويعتبر، واما بفتح العين والباء فهو جمع عبرة - بفتح العين وسكون الموحدة - وهى الدمع وسبكه.

[475]

وصية نبيك تنفعك: من ختم له بقيام الليل(1) ثم مات فله الجنة " والحديث فيه طويل(2) أخذت منه موضع الحاجة.
1374 وروى جابر بن إسماعيل(3) عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن رجلا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قيام الليل بالقراء‌ة(4) فقال له: أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله(5) مخلصا ابتغاء ثواب الله تبارك وتعالى لملائكته: اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من حبة وورقة وشجرة وعدد كل قصبة وخوص ومر(6) ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات وأعطاه الله كتابه بيمينه(7) ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية وشفع في أهل بيته، ومن صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر حتى يمر على الصراط مع الآمنين، ومن صلى سدس ليلة كتب في الاوابين(8) وغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته(9)، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين(10) حتى يمر على الصراط كالريح العاصف، ويدخل الجنة بغير حساب،


______________
(1) بأن يكون آخر أعماله أو يكون المراد بداوم عليه حتى يموت. (م ت)
(2) مذكور في مكارم الاخلاق بسند فيه مجاهيل والظاهر أن المؤلف حكم بصحته أو وصل اليه بأسانيد أخر.
(3) الطريق ضعيف بسلمة بن الخطاب وفيه أيضا محمد بن الليث وهو مهمل.
(4) في بعض النسخ " عن قيام الليل بالقرآن ".
(5) كذا في بعض النسخ وكتاب ثواب الاعمال ص 66 وفى بعض النسخ هنا وما يأتى كلها " ليله لله مخلصا " باضافة.
(6) كذا. والخوص ورق النخل، الواحدة خوصة كما في الصحاح. وفى ثواب الاعمال " وخوط ومراعى " والخوط والخوطة: الغصن الناعم.
(7) زاد في الثواب " يوم القيامة ".
(8) جمع أواب وهو الكثير الرجوع إلى الله سبحانه والتواب وقيل: المطيع.
(9) زاحمه أى آنسه وقاربه، وقوله " في قبته " أى في الجنة في مقامه.
(10) يمكن أن يكون الاولية اضافية ويكون داخلا في الجماعة التى يكون نجاتهم قبل البقية كالانبياء والاوصياء تفضلا منه تعالى. (م ت) (*)

[476]

ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك(1) إلا غبطه بمنزلته من الله عزوجل، وقيل له: أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطي مل‌ء الارض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاء‌ه، وكان له بذلك عند الله عزوجل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج(2) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات، ومن صلى ليلة تامة(3) تاليا لكتاب الله عزوجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطي من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته أمه(4) ويكتب له عدد ما خلق الله عزوجل من الحسنات ومثلها درجات، ويثبت النور في قبره، وينزع الاثم والحسد من قلبه، ويجار من عذاب القبر، ويعطى براء‌ة من النار، ويبعث من الآمنين، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أحيا ليلة ابتغاء مرضاتي اسكنوه الفردوس، وله فيها مائة ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين، ولم يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة "(5).


______________
_____ (1) في ثواب الاعمال " لم يلق ملكا " وفى نسخة منه مثل ما في المتن.
(2) أي الرمل المتراكم، قال في النهاية " في حديث الدعاء " وما تحويله عوالج الرمال " هى جمع عالج - بكسر اللام - وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض ". وفى هامش بعض النسخ " رمل عالج: جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء قرب اليمامة وأسفلها بنجد ".
(3) في بعض النسخ " ليلة بتمامه " وقال في الوافى: الهاء في " ليله " في جميع المواضع يحتمل الضمير وأن يكون للتنكير. وقوله هنا " ليلة تامة " يؤيد الثانى وما في بعض النسخ يؤيد الاول.
(4) في بعض النسخ " كيوم ولدته أمه ".
(5) أى تلك العطايا المذكورة مما استحق به وهذه سوى ما أعددت له بالتفضل. (مراد) (*)