باب الصلاة في السفينة

1320 سأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن الصلاة في السفينة فقال: يستقبل القبلة ويصف رجليه فإن دارت(3) واستطاع أن يتوجه إلى القبلة [فليفعل] وإلا فليصل حيث توجهت به. وإن أمكنه القيام فليصل قائما وإلا فليقعد ثم يصلي "(4).
1321 وقال له جميل بن دراج: " تكون السفينة قريبة من الجد(5)


______________
(3) " فان دارت " أي السفينة واستطاع المصلى أن يتوجه إلى القيلة بأن يدور على خلاف ما دارت عليه السفينة فليفعل. (مراد)
(4) روى الكلينى في الكافى ج 3 ص 441 مثله في الصحيح عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام وفى الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى ما يقرب منه.
(5) الجد - بضم المعجمة وشد الدال المهملة - شاطئ النهر. وقوله " فأخرج " استفهام بحذف حرفه.

[457]

فأخرج وأصلي؟ قال: صل فيها، أما ترضى بصلاة نوح عليه السلام ".(1)
1322 وقال له إبراهيم بن ميمون(2): " نخرج إلى الاهواز في السفن فنجمع فيها الصلاة(3) فقال: نعم ليس به بأس، فقال له: فنسجد على ما فيها وعلى القير(4) قال: لا بأس ".
1323 ورورى عنه منصور بن حازم أنه قال: " القير من نبات الارض ".(5)
1324 وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " في الرجل يصلي النوافل في السفينة، قال يصلي نحو رأسها ".(6)


______________
(1) قال في الذكرى: " جواز الصلاة فيها فرضا ونفلا وان كانت سائرة هو قول ابن بابوية وابن حمزة، وكثير من الاصحاب جوزوه ولم يذكروا الاختيار، والاقرب المنع الا لضرورة " وقال سلطان العلماء: ولا يخفى أن حديث جميل بن دراج مع صحته يدل على جواز الصلاة اختيارا.
(2) الطريق اليه صحيح ولكنه غير معلوم الحال. ورواه الشيخ في صحيح عنه أيضا.
(3) أى نصلى جماعة. (مراد)
(4) هى مادة سوداء تطلى السفن بها. وقوله: " على ما فيها - الخ " يمكن حمله على الضرورة وعلى ما إذا كان مما يصح السجود عليه أو بعد القاء ذلك عليه. (مراد)
(5) أى حكمه حكم النبات في جواز السجود عليه في حال الاضطرار أو مطلقا وقد تقدم الاخبار في المنع والجواز، ويمكن حمل أخبار المنع على الكراهة أو على الحرمة مع التمكن من غيره (م ت) وقال الفاضل التفرشى: قوله من نبات الارض أى بمنزلته والا فليس مما يسمى نباتا، ثم الحكم بكونه بمنزلة النبات لا يستلزم الحكم بصحة السجود عليه الا إذا ظهر أنه بمنزلة من جهة صحة السجدة عليه وهو غير ظاهر من الحديث، ونقل المؤلف اياه في هذا البحث لا يوجب حمل الحديث عليه، نعم ذلك يفيد أنه - رحمه الله - حمله عليه، وحمل الشيخ - رحمه الله - مثله في الاستبصار على الضرورة أو التقية. أقول: الطريق صحيح كما في الخلاصة.
(6) أى يجعل رأسها قبلة فيتوجه حيث توجهت السفينة وذلك لعدم اشتراط النافلة بالاستقبال ولعل التخصيص برأسها لانه بمنزلة رأس الدابة. (مراد) (*)

[458]

1325 وسأل يونس بن يعقوب(1) أبا عبدالله عليه السلام " عن الصلاة الفرات وما هو أصغر منه من الانهار في السفينة فقال: إن صليت فحسن وإن خرجت فحسن.(2) وسأله عن الصلاة في السفينة وهي تأخذ شرقا وغربا فقال: استقبل القبلة ثم كبر ثم در مع السفينة حيث دارت بك ".(3)
1326 وسأله هارون بن حمزة الغنوي(4) " عن الصلاة في السفينة، فقال: إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما، وإن كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا ".(5)
1327 وسأل علي بن جعفر عليه أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يكون في السفينة هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع أو القت(6) والتبن والحنطة و


______________
(1) تقدم مرارا أن في طريقه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا.
(2) يدل على جواز الصلاة في السفينة مع امكان الخروج كما هو الغالب في الانهار الصغيرة، وعلى وجوب الاستقبال مهما أمكن. (م ت)
(3) قوله عليه السلام: " ثم در مع السفينة حيث دارت بك " ظاهره أن المراد بدور ان المصلى دروانه بالعرض بدوران السفينة فلا يلتفت إلى غير ما يتوجه اليه من أجزاء السفينة وحينئذ ينبغى حمله على ما إذا لم يستطع من الاستقبال اما لمانع أو لسرعة حركتها بحيث لو دار المصلى مثلها على خلاف جهتها لخروج عن هيئة الصلاة، وفى قول السائل " وهى تأخذ شرقا وغربا " ايماء إلى ذلك، ويحتمل أن يراد دوران المصلى بالذات إلى ما لا يفوته الاستقبال فيدور على خلاف ما دارت عليه السفينة، فمعنى " مع السفينة " مع دوران السفينة وحينئذ يقيد بما إذا لم يكن مانع من دوران المصلى كما مر. (مراد)
(4) ثقة عين وفى طريق المؤلف اليه يزيد بن اسحاق شعر ولم يوثق، لكن الطريق عند العلامة - رحمه الله - صحيح.
(5) " تكفأ " على صيغة المجهول اما من كفأت الاناء أى كببته وقلبته، وهو مكفوء أى مكبوب مقلوب، أو من أكفأته من باب الافعال فهو مكفأ بمعناه. (م ح ق)
(6) قال الفيومى في المصباح: القت: الفصفصة إذا يبست وقال الازهرى: القت حب برى لا ينبته الادمى، فاذا كان عام قحط وفقد أهل البادية ما يقتاتون به من لبن وتمر و نحوهما دقوه وطبخوه واجتزؤا به على ما فيه من الخشونة - انتهى أقول: هو ما يقال له بالفارسية " اسفست ". والتبن: ساق الذرع بعد دياسه. قال المولى المجلسى - رحمه الله - الغرض من السؤال اما لعدم الاستقرار التام أو لحرمة المأكول، والجواب بعدم اللزوم وعدم الحرمة أو للاضطرار وان كان مكروها أو حراما في حال الاختيار.

[459]

الشعير وغير ذلك(1) ثم يصلي عليه؟ فقال: لا بأس ".
1328 وقال علي عليه السلام: " إذا ركبت السفينة وكانت تسير فصل وأنت جالس(2) وإذا كانت واقفة فصل وأنت قائم ".
1329 وقال أبوجعفر عليه السلام(3) لبعض أصحابه: " إذا عزم الله لك على البحر(4) فقل الذي قال الله عزوجل " بسم الله مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم " فإذا اضطرب بك البحر فاتك على جانبك الايمن وقل: " بسم الله اسكن بسكينة الله وقر بقرار الله، واهدأ(6) بإذن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
1330 وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " كان أبي عليه السلام يكره الركوب في البحر للتجارة"(7)


______________
(1) في بعض النسخ " وأشباه ذلك ".
(2) حمل على التعذر للاخبار المتقدمة وغيرها. (م ت)
(3) لعل فيه سهودا.
(4) أى وقع في قلبك العزم على الركوب. والخبر أصله كما في الكافى ج 3 ص 471 مسندا عن على بن أسباط قال: " قلت لابى الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك ما ترى آخذ برا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: اخرج برا ولا عليك أت تأتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلى ركعتين في غير وقت فريضة ثم التستخير الله مائة مرة ومرة ثم تنظر فان عزم الله لك في البحر فقل الذى قال الله عزوجل: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها - إلى آخر الحديث بلفظه مع زيادة في آخره - " والظاهر أن السهو من المصنف حيث أسنده إلى أبى جعفر عليه السلام.
وقد جاء الخبر في الكافى مكررا بألفاظ مختلفة كلها من حديث ابن الجهم وعلى بن اسباط عن الرضا عليه السلام.
(5) أى في حال سيرها وحال سكونها ووقوفها. ورسى الشئ يرسوا: ثبت.
(6) أى اسكن، من الهدوء وهو السكون.
(7) في الكافى ج 5 ص 256 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام " أنهما كرها ركوب البحر للتجارة ".

[460]

1331 - وسأل محمد بن مسلم أبا عبدالله عليه السلام " عن ركوب البحر في هيجانه فقال: ولم يغرر الرجل بدينه؟"(1).
1332 " ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ركوب البحر في هيجانه "
1333 وقال عليه السلام: " ما أجمل في الطلب من ركب البحر "(2).


______________
(1) في الكافى أيضا مسندا عن ابن مسلم " عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال: " في ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه " وفيه عن المعلى بن خنيس قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر فيركب البحر؟ فقال: ان أبى كان يقول: انه يضر بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعيشتم ". وقوله " في هيجانه " اما " في " بمعنى مع أى مع هيجانه لان الغالب لا يخلو البحر منه أو المراد وقت هيجانه. و " يغرر " من التغرير أى لم جعل الرجل دينه في معرض الهلاك وقد أمر أن لا يلقى بنفسه إلى التهلكة في قوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".
(2) في الكافى ج 5 ص 256 ابن اسباط عن الرضا عليه السلام في حديث - إلى أن قال: - " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أجعل في الطلب من ركب البحر ". وفى خبر آخر عن على بن ابراهيم رفعه قال: قال على عليه السلام: " ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة " وقوله " ما " في " ما أجعل " بقرينة ما تقدم نافية، وقيل: يمكن أن يكون " ما أجمل " فعل تعجب فالمعنى طلب شئ في ركوب البحر مستحسن.