باب علة التقصير في السفر

1318 ذكر الفضل بن شاذان النيسابوري رحمه الله في العلل التي سمعها من الرضا عليه السلام " أن الصلاة إنما قصرت في السفر لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي عشر ركعات، والسبع إنما زيدت فيها بعد فخفف الله عزوجل عن العبد تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته لئلا يشتغل عما لابد منه من معيشته رحمة من الله عزوجل وتعطفا عليه، إلا صلاة المغرب فإنها لا تقصر لانها صلاة مقصرة في الاصل. وإنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا


______________
(1) رواه المؤلف في العلل بسند مجهول، ضعيف، مرسل.

[455]

أكثر(1) لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والاثقال(2) فوجب التقصير في مسيرة يوم، ولو لم يجب في مسيرة يوم، ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة، ذلك لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم(3) فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما، وإنما ترك تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل لان كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر في تطوعها.
وذلك أن المغرب لا يقصر فيها فلا تقصير فيما بعدها من التطوع، وكذلك الغداة لا تقصير فيها فلا تقصير فيما قبلها من التطوع، وإنما صارت العتمة مقصورة وليس تترك ركعتيها لان الركعتين ليستا من الخمسين وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع، وانما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل وفي اول الليل لاشتغاله وضعفه، وليحرز صلاته، فيستريح المريض في وقت راحته، و ليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره ".
1319 وسأل سعيد بن المسيب(4) علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: " متى فرضت الصلاة على المسلمين على ماهي اليوم عليه؟ فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الاسلام وكتب الله عزوجل على المسلمين الجهاد زاد رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع ركعات: في الظهر ركعتين، وفي العصر ركعتين، وفي المغرب ركعة، وفي العشاء الآخرة ركعتين، وأقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء


______________
(1) أى نيط التقصير بثمانية فراسخ ولم ينط بما هو أقل منها أو ما هو أكثر منها فالمراد بوجوب التقصير فيها نوط الوجوب بها، فلا يرد أن لا مجال لقوله " ولا أكثر " لظهور أن التقصير واجب فيما زاد على ثمانية فراسخ. (مراد)
(2) اى حاملى الاثقال وهو جمع ثقل - كحمل وأحمال - أو جمع ثقل - بالتحريك - كفرس وأفراس. (مراد)
(3) أى في وقوعه بعد الليل الذى هو للاستراحة والنوم. (مراد)
(4) هو من فقهاء العامة وثقاتهم وله انقطاع إلى على بن الحسين عليهما السلام، وطريق الصدوق - رحمه الله - اليه غير مذكور في المشيخة وقال المولى المجلسى (ره): رواه الصدوق في الصحيح.

[456]

ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الارض(1) فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر فلذلك قال الله تبارك وتعالى " وقرأن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا "(2) يشهده المسلمون وتشهده ملائكة النهار وملائكة الليل ".


______________
(1) ربطه بتعجيل ملائكة الليل ظاهر وهو اما من حيث انه سبب لتعجيلهم أو مسبب عنه وأما ربطه بتعجيل ملائكة النهار فغير ظاهر الا أن يقال: ان صلاة الصبح إذا كان قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كان طويلة لا مكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة والرابعة، ولكن هذا انما يستقيم لو لم يكن شهودهم واجبا من أول الصلاة والظاهر المشهور شهودهم من أول الصلاة فتأمل.(سلطان)
(2) سميت الصلاة قرآنا تسمية للشئ باسم جزئه. (مراد)