باب الصلاة في السفر

1265 روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: " قلنا لابي جعفر عليه السلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي، وكم هي(2)؟ فقال: إن الله عزوجل يقول: " وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله عزوجل: " فليس عليكم جناح " ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله عزوجل في الصفا والمروة: " فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناج عليه أن يطوف بهما "(3) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان الله عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه عليه السلام وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه.(4)


______________
(2) قوله: " كيف هى " أى على العزيمة أو على الرخصة. و " كم هى " أى في كم يجب القصر، أو كم يصير عدد الركعات.
(3) الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافى الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.
(4) حاصلة أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب ووجوبه من فعل النبى صلى الله عليه وآله وهذا أيضا يؤيد الايات الدالة على وجوب التأسى. (مراد) (*)

[435]

قالا: قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قد قرء‌ت عليه آية التفسير وفسرت له فصلى أربعا أعاد(1) وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فانها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات(2).
وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان(3) أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة(4).
وقد سمى(5) رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر: العصاة، قال عليه السلام: فهم العصاة إلى يوم القيامة(6) وإنا لنعرف أبناء‌هم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا ".
1266 وسأل محمد بن مسلم عليه السلام فقال له: " الرجل يريد السفر


______________
(1) لعل ذكر قراء‌ة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنه ان علم وجوب التقصير فعليه الاعادة والا فلا، فالجاهل معذور هنا. (سلطان)
(2) إلى هنا رواه العياشى في تفسيره ج 1 ص 1 27 وفى دعائم الاسلام ج 1 ص 195 مثله إلى قوله " صنعه النبى صلى الله عليه وآله ". وقال بعض الشراح: من قوله " والصلوات كلها في السفر " من كلام المصنف وليس بشئ.
(3) هذا مضمون صحيحة أبى بصير حيث قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: في كم يقصر الرجل؟ فقال: في بياض يوم أو بريدين، قال: فان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إلى ذى خشب فقصر، فقلت فكم ذى خشب؟ فقال: بريدان " التهذيب ج 1 ص 415.
(4) لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أى فصارت مسيرة يوم يؤخذ بها في القصر.
(5) من هنا إلى آخر الحديث مت تتمة حديث زرارة كما في الكافى ج 4 ص 127 والتهذيب ج 1 ص 413.
(6) في الكافى والتهذيب " قوما صاموا حين أفطر عصاة وقال: هم العصاة إلى يوم القايمة - الخ ".
وقال الفاضل التفرشى " قوله: " وانا لنرعف - الخ " فيه اشعار بان معنى قول النبى صلى الله عليه وآله " فهم العصاة إلى يوم القيامة " أنهم وما توالدوا إلى يوم القيامة عصاة. أى يتبعون آباء‌هم.

[436]

متى يقصر؟ قال: إذا توارى من البيوت(1) قال: قلت [له]: الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال: إذا خرجت فصل ركعتين ".
1267 وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا خرجت من منزلك(2) فقصر إلى أن تعود إليه ".
1268 وسمعه عبدالله بن يحيى الكاهلي يقول " في التقصير في الصلاة: بريد في بريد(3) أربعة وعشرون ميلا، ثم قال: كان أبي عليه السلام يقول: إن التقصير لم يوضع(3) على البغلة السفواء والدابة الناجية، وإنما وضع على سير القطار "(5).
ومتى كان سفر الرجل ثمانية فراسخ فالتقصير واجب عليه، وإذا كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب، وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر(6).


______________
_____ (1) ظاهره أنه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه، وقد يقيد بأن لا يتميز كونه راكبا من كونه راجلا (مراد) وقال سلطان العلماء: ظاهره أنه يكفى تواريه من البيوت ولا يلزم توارى البيوت منه. وقال المولى المجلسى: ظاهره خفاء الشخص عن البيوت أى أهلها وحمله الاصحاب على العكس.
(2) يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل إلى محل الترخص وهو التوارى المذكور ويرشد اليه قوله عليه السلام في الحديث السابق: " إذا خرجت فصل ركعتين " والمراد بعد التوارى. (مراد)
(3) المراد منه بريدان بناء على ارادة المعنى اللغوى من لفظة " في " فانه إذا كان بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. (سلطان)
(4) لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليه السلام بيان أن ذلك السير ما هو.
(5) بغلة سفواء أى خفيفة سريعة، والدابة الناجية أى السريعة تنجو بمن ركبها، والقطار: الابل (الصاح) وقال المولى المجلسى: أى الابل المقطورة، وسيرها في اليوم المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.
(6) ظاهره بقاء الخيار إلى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. (مراد) (*)

[437]

1269 وروى معاوية بن وهب(1) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم، وإن أردت المقام دون العشرة فقصر، وإن أقمت تقول: غدا أخرج وبعد غد، ولم تجمع(2) على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر، فإذا تم الشهر(3) فأتم الصلاة، قال: قلت: إن دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ فقال: قصر وأفطر، قلت: فإن مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال: نعم هذا واحد(4) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ".
1270 وقال أبوولاد الحناط(5) قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة، ثم بدا لي لا أقيم بها فما ترى لي أتم أم أقصر؟ فقال لي: إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك في التمام(6) ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر


______________
(1) في الطريق محمد بن على ماجيلويه ولم يوثق صريحا وعند العلامة - رحمه الله - صحيح.
ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 317 بسند صحيح.
(2) الاجماع التصميم والعزم على الامر.
(3) هذا الحكم اجماعى مقطوع به انما كان الخلاف في الشهر أهو عددى أو هلالى، والاكثر على الاول. (م ت)
(4) أى هذا الذى ذكرت من حال الصوم والصلاة واحد أى هما متحدان في الحكم وفى بعض النسخ " واحدا " بالنصب ولعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أى خذه واحدا. (مراد)
(5) اسمه حفص بن سالم كوفى جعفى مولى وطريق المصنف إلى عنوان أبى ولاد فيه الهيثم بن أبى مسروق وهو فاضل ولم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلف إلى ثوير بن أبى فاختة وفيه الهيثم بن أبى مسروق. وأما طريقه إلى عنوان حفص بن سالم فصحيح.
(6) ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الاقامة لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. (سلطان) (*)

[438]

وما بينك وبين شهر، فإذ مضى لك شهر فأتم الصلاة(1) ".
1271 وسأل زررة أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يخرج مع القوم في سفر(2) يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض لهم الخروج، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال: تمت صلاته ولا يعيد "(3).
1272 قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صلى في السفر أربعا فأنا إلى الله منه برئ " يعني: متعمدا(4).
1273 وقال الصادق عليه السلام: " المتمم في السفر كالمقصر في الحضر ".
1274 وسأله أبوبصير " عن الرجل يصلي في السفر أربع ركعات ناسيا قال: إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه "(5).


______________
(1) يدل على ان حكم المدينة حكم ساير المدينة حكم ساير البلاد وسنذكر أخبارا على خلافه فيمكن حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز والامر بالاتمام على الاستحباب.(م ت)
(2) في بعض السنخ " يخرج مع قوم في السفر ".
(3) هذا الحديث صحيح وصريح في عدم اعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر ولا خلاف فيه الا من الشيخ - رحمه الله - في الاستبصار استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع امكان حملها على الاستحباب. (الشيخ محمد ره) وقال المولى المجلسى: ما ورد في الاعادة محمول على الاستحباب. أقول: المراد رواية سليمان بن حفص وقال الشيخ: يعيد مع بقاء الوقت. راجع الاستبصار ج 1 ص 228.
(4) رواه المصنف في المقنع والهداية إلى قوله صلى الله عليه وآله " منه برئ " وقوله " يعنى متعمدا " من كلامه - ره - كما هو الظاهر ولعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب القصر كما قال التفرشى - رحمه الله -.
(5) يفهم منه أنه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا في الظهرين ووقتهما ينقضى بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين والعشاء فلو لم يشملها الجواب لم يتبين بعض المسئول عنه، وحمل اليوم على اليوم بليلته والاعادة على ما يشمل القضاء حتى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء بعيد (مراد) وقال الشهيد في الذكرى: لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه يعيد مادام الوقت باقيا وان خرج فلا اعادة، القول الثانى للصدوق فثى المقنع: ان ذكر في يومه أعاد وان مضى اليوم فلا اعادة.
وهذا يوافق الاول في الظهرين وأما العشاء الاخرة فان حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا، وان حملنا على ذلك بناء على الليلة المستقبلة وجعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الاول أيضا والا فلا. الثالث الاعادة مطلقا وهو قول على بن بابويه والشيخ في المبسوط.

[439]

1275 وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أربعة يجب عليهم التمام في السفر كانوا أو في الحضر: المكاري، الكري، والراعي، والاشتقان، لانه عملهم "(1) وروي " الملاح ".
والاشتقان البريد.
1276 وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " ليس على الملاحين في سفنهم تقصير، ولا على المكاري والجمال ".
7 127 وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المكاري إذا لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار(2) وأتم صلاة الليل(3)


______________
(1) الكرى في بعض النسخ " المكرى " على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى المكترى، وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: المراد بالكرى في الرواية المكترى وقال بعض أهل اللغة: قد يقال الكرى على المكارى. والحمل على المغايرة اولى بالرواية لتكثر الفائدة وأصالة عدم الترادف. وقال العلامة - رحمه الله - في المنتهى ج 1 ص 393 الاشتقان هو أمين البيدر ذكر أهل اللغة، وقيل: البريد. وقال الفاضل التفرشى: قوله " اربعة - الخ " ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الاسامى وان أقاموا في بلدهم عشرة إذا لم تكن الاقامة للاعراض عن ذلك العمل وقد تؤيد بالتعليل.
وقوله " لانه " أى ذكر المذكور المستلزم للسفر عملهم.
(2) حمله العلامة - رحمه الله - في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه نوافل النهار.
وعمل به الشيخ في النهاية والمبسوط واختاره ابن البراج وابن حمزة ومنعه ابن ادريس. (سلطان)(3) المراد بصلاة الليل صلاة العشاء وأكثر الاصحاب على الاتمام في النهار أيضا للاخبار لكن هذا الخبر خاص وهو مقدم على العام لصحته. (م ت) (*)

[440]

وعليه صوم شهر رمضان، فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله(1) ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر "(2).
1278 وقال الصادق عليه السلام: " الجمال والمكاري إذا جد بهما السير قصرا فيما بين المنزلين، وأتما في المنزلين"(3).
1279 وروى عبدالله بن جعفر، عن محمد بن جزك(4) قال: " كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أن لي جمالا ولي قوام ولست أخرج فيها إلا في طريق


______________
(1) هذا الحديث صحيح وظاهره أن التقصير موقوف على الامرين، ولعل قوله " وينصرف " الواو فيه بمعنى " أو "، وأما ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في اقامة الخمسة لا أقل منها. (الشيخ محمد ره)
(2) قوله: " قصر في سفره " أى سفره الذى ينشئ بعد ذلك وظاهر في أن تقصيره يتوقف على الامرين أى مقام عشرة في البلد الذى يذهب اليه وعشرة اخرى في منزله وكون كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج إلى التأويل ولعل معنى الواو هنا اشتراك الامرين في أن السفر الذى يقع بعدها يجب فيه التقصير. (مراد)
(3) أى السير جعلهما باذلين لجهدهما وفى الصحاح الجد: الاجتهاد في الامور ويمكن أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغى التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى اقامتهما وما بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليه السلام: " جد بهما السير "، والجمال والمكارى على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان اول سفرهما ولم يعد ذلك شغلا لهما (مراد) وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: المراد بجد السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج والاسفار التى لا يصدق عليها صنعه. وقال الكلينى وتبعه الشيخ - رحمهما الله -: ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق ويتمون في المنزل، قلت: الظاهر أنه أراد بالمنزل الذى ينتهيان اليه مسافرين لا منزلهما اذ منزلهما لا اشكال فيه ولعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد - انتهى. وقال بعضهم: لعل المراد أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة وأمثالها. وفى بعض النسخ " أتما في المنزل ".
(4) هو جمال من أصحاب الهادى عليه السلام. وفى بعض النسخ " محمد بن شرف " (*)

[441]

مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة(1) إلى بعض المواضع فما يجب علي إذا أنا خرجت معها أن أعمل؟ أيجب التقصير في الصلاة والصوم في السفر أو التمام؟ فوقع عليه السلام إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر إلا إلى مكة فعليك تقصير وفطور "(2).
1280 وسأل عبدالرحمن بن الحجاج أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتم أو يقصر؟ قال: يتم "(3).
1281 وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " سبعة لا يقصرون في الصلاة: الجابي الذي يدور في جبايته(4) والامير الذي يدور في إمارته، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، والراعي، والبدوي، و الذي يطلب مواضع القطر(5) ومنبت الشجر، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل ".
1282 وروى موسى بن بكر(6) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقض، ومن نسي أربعا قضى أربعا حين يذكرها مسافرا كان


______________
(1) عطف على " في طريق مكة ". وفى بعض النسخ " البدرة ".
(2) المراد بفطور: الافطار.
(3) محمول على عدم كون القصد بقدر المسافة وان حصل بالتردد، أو على اقامة ستة أشهر في هذه الضياع (سلطان) وقال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 231 بعد نقله: ليس في هذا الخبر ما ينافى ما قدمناه لانه ليس فيه ذكر مقدار المسافة التى يخرج فيها، وإذا لم يكن ذلك فيه احتمل أن يكون المراد به إذا كانت الضيعة قريبة اليه فلا يجب حينئذ عليه التقصير.
(4) الجابى من يجمع الجباية وهى الخراج والزكاة. قال المولى المجلسى: ذلك مع عدم الاقامة أو الاعم لا يما عمال الجوار.
(5) أى المطر بل هو ما يتسبب عنه وهو العشب. (مراد)
(6) هو واقفى ولم يوثق ولم يعنونه الصدوق - رحمه الله - في المشيخة.

[442]

أو مقيما، وإن نسي ركعتين صلى ركعتين حين يذكرها مسافرا كان أو مقيما ".
1283 وقال الصادق عليه السلام: " من الامر المذخور(1) إتمام الصلاة في أربعة مواطن: بمكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، وحائر الحسين عليه السلام(2) ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك أن يعزم على مقام عشرة أيام(3) في هذه المواطن حتى يتم وتصديق ذلك:
1284 ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: " سألته عن الصلاة بمكة والمدينة يقصر أو يتم؟ قال: قصر ما لم تعزم على مقام عشرة


______________
(1) أى المرغوب فيه لان ما يرغب فيه يذخر ولو كان المراد بيان التخيير في تلك المواضع كما هو المشهور أمكن أن يراد بالمذخور الخفى على العوام. (مراد)
(2) قال في الذكرى: " هل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر الروايات أن مكة والمدينة محل لذلك أما الكوفة فمجسدها خاصة قاله في المعتبر، والشيخ ظاهره الاتمام في البلدان الثلاثة، وأما الحائر فقال ابن ادريس: فهو ما دار سور المشهد والمسجد عليه دون سور البلد وأفتى بأن التخيير انما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها.
واختاره العلامة في المختلف، وقول الشيخ هو الظاهر من الروايات وما فيه ذكر المسجد منها فلشرفها لا لتخصيصها، والشيخ ابن سعيد في كتاب السفر له حكم بالتخيير في البلدان الاربعة حتى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين عليه السلام وقدره بخمسة فراسخ وبأربعة فراسخ والكل حرم وان تفاوتت في الفضل، وابن الجنيد والمرتضى رحمهما الله عمما في كل الشماهد وظاهرهما نفى التقصيرب والعلهما أرادا نفى تحتمه ولم نقف لهما على مأخذ ".
(3) أى يستحب العزم على المقام، ليتم وهذا لخصوصية هذه المواطن وبهذا يستقيم كون ذلك من المذخور على توجيه المصنف فتأمل. (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: اطلق الاتمام واريد سببه وهو العزم على الاقامة، ويمكن التوفيق بين الخبرين بحمل الاتمام على ما إذا صلى في أحد المسجدين وحلم القصر على ما إذا صلى في غير المسجدين من مواضع مكة والمدنية.

[443]

أيام "(1).
5 128 وما رواه محمد بن خالد البرقي، عن حمزة بن عبدالله الجعفري قال: " لما أن نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة، ثم جاء خبر من المنزل(2) فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل فلم أدر أتم أم أقصر، وأبوالحسن عليه السلام يؤمئذ بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة فقال لي: ارجع إلى التقصير "(3).
1286 وروى الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ليس في السفر جمعة ولا أضحى ولا فطر "(4).
1287 وروى إسماعيل بن جابر(5) قال: " قلت لابي عبدالله عليه السلام: يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال: صل وأتم الصلاة، قلت: فيدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟ قال: صل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت(6) رسول الله صلى الله عليه وآله "(7).
1288 وأما خبر حريز، عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سأتله


______________
(1) الجواب على المشهور من هذه الرواية أن المراد أنه لا يجب التمام علينا حتى نعزم على الاقامة، ويمكن الجمع بوجه آخر على القول باختصاص التخيير بالمساجد بأن المراد هنا غير المساجد من البلدين. (سلطان)
(2) في بعض النسخ " جاء‌نى جيران المنزل ".
(3) لا يخفى أنه مناف لما مر في خبر أبى ولاد من قوله: " فقال ان كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر " ولعل قوله " فأتممت الصلاة " بمنزلة قوله أبى ولاد " نويت متى دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة " لا أنه وقع منى اتمام الصلاة بعد وقوع النيه. (مراد)
(4) تقدم تحت رقم 1238 بتقديم وتأخير.
(5) الطريق صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
(6) في التهذيب " فقد خالفت والله رسول الله صلى الله عليه وآله ".
(7) يدل على أن الاعتبار بحال الاداء في الدخول والخروج. (سلطان) (*)

[444]

عن رجل يدخل من سفره(1) وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال: يصلي ركعتين وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا "(2).
فانه يعني به إذا كان لا يخاف فوات خروج الوقت أتم(3) وإن خاف خروج الوقت قصر، وتصديق ذلك:
1289 في كتاب الحكم بن مسكين قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " في الرجل يقدم من سفره في وقت صلاة، فقال: إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتم وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر "(4). وهذا موافق لحديث إسماعيل بن جابر(5).
1290 وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام " في الرجل


______________
(1) في بعض النسخ " يدخل في سفره ".
(2) على نسخة " من " يكون كلا جزئى الخبر مخالفا لما سبق، وعلى نسخة " في " يكون المخالفة في الجزء الثانى. (سلطان)
(3) بهذا يندفع المخالفة باعتبار الدخول في المنزل وأما باعتبار الخروج إلى السفر فلا، فان حديث اسماعيل دل على التقصير وحديث محمد دل على الاتمام الا أن يأول حينئذ حديث محمد بان الاتمام عند سعة الوقت كالتقصير عند تضيقه، ويمكن التوفيق فيهما بأن يراد بيدخل في حديث محمد يشرق على الدخول فيكون الحال أى قوله " وهو فير الطريق " معمولا ليدخل ودخل بالتنازع وكذا يكون المراد بالخروج إلى سفره اشرافه على الخروج (مراد)
(4) يعنى أن المسافر في الرجوع من السفر ان لم يخف خروج الوقت ان صبر حتى يدخل أهله فليصبر وليؤخر الصلاة وليتم في أهله، وان خاف خروج الوقت فليصل في الطريق قصرا.
(5) قال في الوافى: قيد المؤلف حديث حريز عن محمد بما إذا خاف فوات الوقت او لم يخف وأيده بحديث الحكم، ثم قال حديث الحكم موافق لحديث اسماعيل بن جابر، وانما يصح هذا إذا خص التقييد بالقادم من السفر دون الخارج اليه كما هو في حديث الحكم وعلى هذا مع ما فيه لم يكن الحديثان متوافقين والاولى أن يعمل على خبر اسماعيل بن جابر لعلو سنده ووضوح حال رجاله وتأكده بمخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله والحلف عليها لو لم يفعل، ال في المعتبر: وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل يعنى بها رواية اسماعيل.

[445]

يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصراحتى يدخل إلى أهله؟ قال: بل يكون مقصرا حتى يدخل إلى أهله "(1).
1 129 وروى سيف التمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال له بعض أصحابنا كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب والعشاء الآخرة، فقال: لا(2) الله أعلم بعباده حين رخص، إنما فرض الله عزوجل على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما شئ إلا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك "(3).
1292 وسئل أبوعبدالله عليه السلام " عن صلاة النافلة بالنهار في سفر، فقال: لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة "(4).
ولا بأس بقضاء صلاة الليل بالنهار في السفر(5).
1293 و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على راحلته الفريضة في يوم مطير "(6).


______________
(1) دل بظاهره على عدم اعتبار الترخص وقال الفاضل التفرشى محمول على أن يكون بين ما دخله من اليوت وبين أهله بعد ما يتوارى كل عن الاخر.
(2) لعل المراد قضاء النوافل أو ما يشمله قضاء الركعتين المتروكتين. (مراد)
(3) قال المولى المجلسى - رحمه الله - يدل على سقوط النافلة في الظهرين وعدم سقوط نافلة الليل ومنها نافلة المغرب والفجر، وعلى جواز النافلة في السفر على الدابة كما يدل عليه أخبار كثيرة.
(4) السائل أبويحيى الحناط كما في التهذيب ج 1 ص 118.
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب باسناده عن صفوان بن يحيى قال: " سألت الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار وأنا في سفر فقال: لا ولكن تقضى صلاة الليل بالنهار وأنت في سفر - الحديث " وأيضا عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام قال: " لا بأس بان يصلى الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشى، ولا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشى - الخ ".
(6) رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 320 في الصحيح عن جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رواية وعن مندل بن على العنزى في اخرى ص 319 وقد قيد في بعض الروايات الضرورة الشديدة ففى صحيحة الحميرى في التهذيب ج 1 ص 319 قال: " كتبت إلى أبى الحسن على السلام: " روى - جعلنى الله فداك - مواليك عن آبائك أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الفريضة على راحلته في المحمل في يوم مطير، ويصيبنا المطر في محاملنا والارض مبتلة والمطر يؤذى فهل يجوز لنا ياسيدى أن نصلى في هذه الحال في محاملنا أو على دوابنا الفريضة ان شاء الله؟ فوقع عليه السلام يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة ".

[446]

1294 وقال إبراهيم الكرخي: " قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني أقدر أن أتوجه نحو القبلة في المحمل، فقال: هذا الضيق(1) أمالكم في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة؟ ".
1295 وسأل سعد بن سعد أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن الرجل تكون معه المرأة الحائض في المحمل أيصلي وهي معه؟ قال: نعم "(2).
1296 وسأل سعيد بن يسار أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل يصلي صلاة الليل وهو على دابته أله يغطي وجهه وهو يصلي؟ قال: أما إذا قرأ فنعم، وأما إذا أومأ بوجهه للسجود فليكشفه حيث [ما] أومأت به الدابة "(3).
1297 وسأل عبدالرحمن بن الحجاج(4) أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل يصلي النوافل في الامطار وهو على دابته حيثما توجهت به قال: لا بأس ".
1298 وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام " عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو في الاقامة(5) وهو في الصلاة، قال: يتم إذا بدت له الاقامة.
وعن الرجل يشيع أخاه إلى المكان الذي يجب عليه فيه التقصير والافطار، قال: لا بأس بذلك ".


______________
(1) أى هذه مشقة غير لازمة، وفى التهذيب " فقال: ما هذا الضيق أما لك في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة ".
(2) يدل على عدم البأس بالمحاذاة معها إذا كانت لا تصلى.
(3) أى حيث توجهت به الدابة وان كان على غير القبلة. والطريق ضعيف بمفضل.
(4) الطريق صحيح، وكذا في الخبر الآتى.
(5) أى ينوى الاقامة في أثناء الصلاة التى عقدها على أنها مقصورة. (مراد) (*)

[447]

ولا بأس بالجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من علة وغير علة(1). ولا بأس بتأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق(2). ولا بأس بتأخير المغرب للمسافر إذا كان في طلب المنزل إلى ربع الليل(3).
1299 وفي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " أنت في وقت المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس "(4). ولا بأس بتعجيل العتمة في السفر قبل مغيب الشفق(5).
1300 وسأل عمار الساباطي أبا عبدالله عليه السلام " عن حد الطين الذي لا يسجد فيه ما هو؟ قال: إذا غرقت فيه الجبهة ولم تثبت على الارض "(6).
1301 وقال معاوية بن عمار لابي عبدالله عليه السلام: " إن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات قال: ويلهم أو ويحهم(7) وأي سفر أشد منه لا، لا يتم "(8).
1302 وقال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل عليه جبرئيل


______________
(1) الاخبار بذلك متظاهرة من طرق العامة والخاصة. (م ت)
(2) لا يبعد أن يكون اشارة إلى طريق الجمع بين المغرب والعشاء.
(3) رواه الشيخ عن عبدالله بن سنان وعمر بن يزيد، وفى بعض الاخبار إلى ثلث الليل قال الكلينى: " وروى أيضا إلى نصف الليل " الكافى ج 3 ص 432.
(4) أى إلى أن يقطع قدرها خمسة أميال وهو فرسخ وثلثا فرسخ. (مراد)
(5) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب والكلينى في الكافى ج 3 ص 431 في حديث عن الحلبى " قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق ".
(6) هذا الخبر كما ترى أجنبى عن الباب، ويناسب أبواب مكان المصلى أو باب السجود وما يسجد عليه.
(7) الشك من الراوى، والاولى كلمة عذاب، والثانية كلمة رحمة. (مراد)
(8) قوله عليه السلام " لا " أى لا ينبغى لهم الاتمام، و " لا " الثانية ناهية أو نافية فيكون مدخولها خبرا في معنى النهى. (مراد) (*)

[448]

بالتقصير، قال له النبي صلى الله عليه وآله: في كم ذلك؟ فقال: في بريد قال: وكم البريد؟ قال: ما بين ظل عير إلى فيئ وعير(1) فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا


______________
(1) قال السمهودى في وفاء الوفاء: ان " عير " بفتح العين وسكون الياء جبل قرب ذى الحليفة في جنوبى المدينة المكرمة و " وعيرة " بفتح الواو وآخرها هاء جبل في غربى أحد وهو شمال المدينة المشرفة. ا ه‍. وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله - بعد نقل هذا الكلام: " لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر صلى الله عليه وآله الظل وانما قال: " فيئ وعير " لان ظلها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من هو في جانب المدينة والانسب أن يعتبر الفيئ أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب اذ يصير فيئ الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه، وأما " ظل عير " فالمناسب أن يراد به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبى المدينة المشرفة والجانب الشمالى منه يواجه البلد وظله عند الزوال إلى سمت البلد ويتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل والمساحة وأما عند الطلوع فالظل طويل إلى جانب المغرب إلى غير النهاية ولا يتشخص، وبالجملة فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال إلى الجنوب بريد أربعة فراسخ، والمدنى يرى من البلد شرفة الله تعالى ظل عير في جميع حالاته من طلوع الشمس إلى غروبها والجبل في الجنوب الشرقى وفيئ وعير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل، وأما وعير وأحد وثور فجميعها من الشمال فأحد معروف وثور جبل صغير غير مشهور وهو غربى أحد وعيرة غربى ثور ولذا ورد في أحاديث العامة بين عير وثور وفى بعضها بين عير وأحد ومفاد الجميع مع ما ورد بين عير وعير واحد.
وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: الظاهر أنهما جبلان بالمدينة والمشهور عاير ووعير فعلى تقدير التعدد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس ويكون قريبا من فرسخين، وكذا فيئ وعير قريبا من الغرب ويتصلان فيكون أربعة فراسخ، وعلى تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله وفيئه فرسخين، وفى نسخة " ما بين ظل عير إلى وعير " لكن في الكافى كالاول " ظل عير إلى فيئ وعير " وفى نسخة منه " عاير " بدل " عير ". انتهى. وقال الفاضل التفرشى: يفهم من الحديث أن وعيرا أيضا جبل بالمدينة ولعله مصغر الوعر، والظل معروف وقد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس إلى دائرة نصف النهار ويسمى الظل الاول أيضا وهو المراد بالظل هنا وما يزيد عليه أو يحدث بعد انعدامه هو الظل الثانى ويسمى فيئا ولكن الفيئ يزيد شيئا فشيئا ولم يتبين من الحديث أنه متى يعتبر ولا يبعد أن يعتبر عندما يساوى الظل - انتهى.
وقال الاستاذ: قوله " هو المراد هنا " صحيح على ما قلنا من معنى الحديث، وكون جبل عير في جهة الجنوب من المدينة المشرفة، وأما ما ذكره من تقدير الفيئ فلم نعلم وجهه والصحيح ما ذكرناه أولا، ويجب أخذ كل شئ من أهله والسمهودى من أهل هذا البلد الشريف وعالم باخباره وتاريخه ويظهر به معنى الحديث من غير تكلف.

[449]

فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع(1) وهو أربعة فراسخ ".
يعني أنه إذا كان السفر أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب، ومتى لم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر وتصديق ما فسرت من ذلك(2):
1303 خبر جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن التقصير فقال: بريد ذاهب وبريد جائي. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتى ذبابا(3)


______________
(1) هذا وهم من الراوى وروى نحوه الكلينى في الكافى ج 3 ص 432 وفيه " ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع، وقال الفاضل التفرشى: المشهور أن الميل أربعة آلاف ذراع فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع، وفى الشرايع: الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذى طوله أربعة وعشرون اصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الارض وفسر ذلك بما يتميز معه الفارس من الراجل وظاهر أن عمل بنى امية وأخبارهم ليس بحجة. انتهى. وقوله " هو أربعة فراسخ " ظاهره من تتمة الخبر والضمير راجع إلى البريد.
(2) لا يخفى أن شيئا من الاحتمالين لا يستقيم في خبر معاوية بن عمار في باب عرفات اذ ليس في ارادة أهل مكة الرجوع من يومه من عرفات إلى مكة فلا يستقيم الاحتمال الاول والنهى عن الاتمام مصرح فيه فلا يحتمل الخيار فلا يستقيم الاحتمال الثانى الا أن يحمل النهى عن التمام على تعيين التمام بخصوصه ردا على توهم أهل مكة وهو بعيد، والعلامة - رحمه الله - في المختلف حمل الاخبار الدالة على القصر في بريد على ارادة الرجوع ليومه، ولا يخفى عدم استقامة هذا الحمل في خبر أهل مكة وعرفات كما عرفت فالظاهر ما اختاره ابن أبى عقيل من عدم تقييد وجوب القصر بارادة الرجوع ليومه بل يكفى ارادة ما دون عشرة ايام. (سلطان)
(3) أي روضات الذباب. وأما ذباب بكسر أوله: فجبل بالمدينة. (*)

[450]

قصر ". وذباب على بريد وإنما فعل ذلك لانه إذا رجع كان سفره بريد بن ثمانية فراسخ.(1)
1304 وسأل زكريا بن آدم(2) أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن التقصير في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها(3) يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن؟ فكتب: التقصير في مسيرة يوم وليلة ".(4)
1305 وروى محمد بن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال: " سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن امرأة كانت في طريق مكة فصلت ذاهبة وجائية المغرب ركعتين ركعتين فقال: ليس عليها إعادة ". وفي رواية الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن اسحاق بن عمار عن ابي الحسن عليه السلام قال: " ليس عليها قضاء ".(5)


______________
(1) إذا كان قوله " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله - الخ " داخلا في خبر زرارة يكون صريحا في المطلوب، ولكنه محتمل لان يكون من كلام الصدوق على أنه يمكن أن يكون المراد رجوعه قبل العشرة كما ذكرناه سابقا (م ت) أقول: كونه من تتمة خبر زرارة ظاهر ويمكن أن يكون خبرا برأسه والا لا يستقيم احتجاج المؤلف - رحمه الله - مع أنه اورده احتجاجا.
(2) الطريق اليه صحيح كما في الخلاصة.
(3) أى أمره ماض فيها والمراد أنه بمنزلة وطنه. (مراد)
(4) يدل على أنه إذا كان السفر المقصود مسيرة يوم وليلة وهو ثمانية فراسخ كما فسر في الاخبار لا ينافيه أن يقطعه [في يوم] أو يومين أو ثلاثة، ويدل على أن الضياع إذا لم تكن له لا يتم فيها وان كان أمره نافذا فيها على الظاهر، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يقصر فيها إذا لم يكن السفر مقصودا بأن يقصد ضيعة أقل من المسافة ثم يقصد ضيعة اخرى مثلها وان تمادى في السفر (م ت) وقال الفاضل التفرشى: قوله " في مسير يوم وليلة " لعل المراد في مسير كل واحد لا المجموع فالمقصود بيان اشتراك اليوم والليلة في أن التقصير في مسيرهما وذكره الليلة لذكرها في السؤال.
(5) يدل على أن الجاهل في قصر المغرب معذور، وهذا خلاف المشهور، وربما يختص هذا الحكم بالمرأة (م ت) وقال الفاضل التفرشى: دل على أن الجاهل بوجوب الاتمام في السفر إذا قصر معذور كما أن الجاهل بوجوب التقصير إذا أتم كان معذورا. وحكم الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 320 بشذوذ هذا الخبر وقال: فمن قصر في السفر المغرب كان عليه الاعادة.

[451]

1306 وفي رواية العلاء(1) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم، وإن صلى معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر والاخيرتين العصر ".
1307 وسأل إسماعيل بن الفضل(2) أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل يسافر من أرض إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته، فقال: إذا نزلت(3) قراك وأرضك فأتم الصلاة، وإذا كنت في غير أرضك فقصر ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه وأرضه عشرة أيام ومتى لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر إلا أن يكون لها به منزل يكون فيه في السنة ستة أشهر، فإن كان كذلك أتم متى دخلها، وتصديق ذلك:
1308 وما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟ فقال: لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له بها منزل يستوطنه، قال: قلت له: ما الاستيطان؟ فقال: أن يكون له بها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها ".(4)
1309 وما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام أنه قال: " كل


______________
(1) يعنى العلاء بن رزين القلاء مولى ثقيف صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليل القدر وجها وطريق المصنف اليه صحيح كما في الخلاصة.
(2) الطريق مجهول ورواه الشيخ - رحمه الله - في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
(3) في بعض النسخ " ان نزلت ".
(4) ظاهر هذا الخبر وكلام المصنف استيطان ستة أشهر في كل سنة والاصحاب اكتفوا بمجرد تحقق ذلك ولو متفرقا والله يعلم.

[452]

منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير ".
1310 وقال الصادق عليه السلام: " في الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة أيقصر أو يتم؟ فقال: إن خرج لقوته وقوت عياله فليقصر وليفطر وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ".(1)
1311 وروى أبوبصير أنه عليه السلام قال: " ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام فإذا جاوز الثلاثة لزمه " يعني الصيد للفضول.(2)
1312 وروى عيص بن القاسم(3) عنه عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يتصيد فقال: إن كان يدور حوله فلا يقصر(4) وإن كان تجاوز الوقت فليقصر ". ولو أن مسافرا ممن يجب عليه التقصير مال عن طريقه إلى صيد(5) لوجب عليه التمام لطلب الصيد، فإن رجع من صيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير(6).


______________
(1) " لا كرامة " أى في طلب الفضول وهو الذى لا يتعلق به غرض يتقرب به إلى الله عزوجل سواء كان أمرا دنيويا أو أخرويا (مراد) أقول: الخبر مروى في التهذيب والكافى بسند فيه ارسال، وقال العلامة المجلسى - رحمه الله -: ظاهره يشمل صيد التجارة ولعل الاصحاب حملوه على اللغو الذى لا فائدة فيه. وقال في القاموس الفضولى - بالضم -: المشتغل بما لا يعنيه والخياط.
(2) أى لغير قوته وقوت عياله، والخير حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 على ما إذا كان صيده لقوته وقوت عياله، فأما من كان صيده للهو فلا يجوز له التقصير.
(3) هو ثقة والطريق اليه صحيح.
(4) أى وقت دورانه حول منزله، ولعل المراد به أنه لم يصل إلى محل الترخص أو وصل ولم يقصد مسافة التقصير، فتجاوزه يتحقق بتحقق الامرين (مراد) وقال سلطان - العلماء: لعله كناية عن اشتغاله بالصيد والمراد الصيد الفضول.
(5) أى لم يبلغ المسافة، والظاهر أن المراد الصيد للقوت. (م ت)
(6) كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 بسند فيه أحمد بن محمد السيارى الضعيف عن بعض أهل العسكر قال: " خرج عن أبى الحسين عليه السلام أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فاذا عدل عن الجادة أتم فاذا رجع اليها قصر ".

[453]

ومن كان سفره معصية لله عزوجل فعليه التمام في الصلاة والصوم.(1) وعلى المسافر أن يقول: في دبر كل صلاة يقصرها " سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر " ثلاثين مرة لتمام الصلاة.(2)
1313 وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن خشيت أن لا تقوم في آخر الليل، أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل وأوتر في أول الليل في السفر ".
1314 وسأل علي بن سعيد أبا عبدالله عليه السلام " عن صلاة الليل والوتر في السفر في أول الليل، قال: نعم ".
1315 وسأل سماعة بن مهران أبا الحسن الاول عليه السلام " عن وقت صلاة الليل في السفر، فقال: من حين تصلي العتمة إلى أن ينفجر الصبح ".
1316 وروى حريز، عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام أنه " كان لا يرى بأسا بأن يصلي الماشي وهو يمشي ولكن لا يسوق الابل ".(3)


______________
(1) روى المؤلف في كتاب الصوم والكلينى في الكافى ج 4 ص 129 باسناده عن عمار (أو محمد) بن مروان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سمعته يقول: من سافر قصر وأفطر الا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله أو رسولا لمن يعص الله أو في طلب شحناء أو سعاية [أو] ضرر على قوم مسلمين ".
(2) روى الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ج 1 ص 319 باسناده عن سليمان بن حفص المروزى قال: قال الفقيه العسكرى عليه السلام: " يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها " سبحان الله والحمد لله ولا الله والله أكثر " ثلاثين مرة لتمام الصلاة ". وروى المؤلف في العيون مسندا عن رجاء بن أبى الضحاك عن الرضا عليه السلام " أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كل صلاة يقصرها - التسبيجات - ثلاثين مرة ويقول: هذا تمام الصلاة " وقال الفاضل التفرشى قوله: " لتمام الصلاة " أى ليثاب بصلاة كاملة بحسب عدد الركعات لانه لجبرانها.
(3) لعل المراد عدم اشتغاله بما هو ليس من أفعال الصلاة سوى المشى، وذكر سوق الابل للتمثيل.
(مراد) (*)