باب سجدة الشكر والقول فيها

967 روى عبدالله بن جندب(3) عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: تقول(4) في سجدة الشكر: " اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك إنك(5) [أنت] الله ربي، والاسلام ديني، ومحمدا نبيي، وعليا والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، علي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن علي


______________
(3) الطريق حسن وعبدالله بن جندب - بضم الجيم - ثقة.
(4) في بعض النسخ " يقول " أى يقول الساجد، خبر اريد به معنى الامر.
(5) " انك " بكسر الهمزة لان المشهور به لا يكون الا جملة كما في قوله تعالى " والله يشهد ان المنافقين لكاذبون " فلا تضر وحدة العاطف، وكذا المعطوفات المتتالية مع خبرها.
وفى بعض النسخ " أن " عطف جملة على جملة، واما بعطف كل جزء على نظيره كما مر. (مراد) (*)

[330]

أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرء، اللهم إني انشدك(1) دم المظلوم - ثلاثا - اللهم انى أنشدك بإيوائك على نفسك لاعدائك(2) لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لاوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين(3) من آل محمد ثلاثا وتقول: اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر ثلاثا، ثم تضع خدك الايمن على الارض وتقول: ياكهفي حين تعييني المذاهب وتضيق على الارض بما رحبت(4)، ويابارئ خلقي رحمة بي وكنت عن خلقي غنيا صل على محمد وآل محمد، وعلى المستحفظين من آل محمد ثلاثا، ثم تضع خدك الايسر


______________
(1) بفتح الهمزة وضم الشين من نشد الضالة نشدانا: طلبها، أى أسألك بدم المظلوم وأذكرك اياه وأطلبه منك (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: المراد بالمظلوم سبط رسول الثقلين أبوعبدالله الحسين عليه السلام ومن استشهد معه بل وأمير المؤمنين وسائر أولاده العصومين الذين قتلوا بالسم وغيره صلوات الله عليهم.
(2) في الحديث " ان الله تعالى قال: أويت على نفس أن أذكر من ذكرنى " قال القتيبى: هذا غلط الا أن يكون من المقلوب والصحيح وأيت من الوأى وهو الوعد يقول: جعلته وعدا على نفس (النهاية) وقوله " لتهلكنهم " متعلق بالايواء. وقال التفرشى - رحمه الله -: لعل قوله " أن تصلى " ثانى مفعول " أنشد " توسطت بينهما جملة قسمية للتوكيد أى بايوائك أن جعلت ذاتك كهفا لاعدائك يرجعون اليه في كل ما يحتاجون اليه وقد عادوك بأيدينا وأيدى المؤمنين - الخ كما في قوله تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم - الايه ".
(3) يمكن أن يقرء بفتح الفاء على صيغة المفعول المحفوظين عن الخطأ والعصيان، أو بصيغة الفاعل أى الحافظين للدين.
(4) " تعيينى " من الاعياء وهى العجز وقوله " بما رحبت " " ما " مصدرية و " رحبت " أى وسعت، أى حين تعجزنى المذاهب إلى تحصيل أمرى وتدبيره ولم أهتد لوجهه سبيلا وضاقت على الارض مع سعتها.

[331]

على الارض وتقول: يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك بلغ [بي] مجهودي(1) ثلاثا، ثم تعود للسجود وتقول: مائة مرة " شكرا شكرا " ثم تسأل حاجتك إن شاء الله ".
ولا تسجد سجدة الشكر عند المخالف واستعمل التقية في تركها.
968 وروى جهم بن أبي جهم(3) قال: " رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب، فقلت له: جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث، فقال: ورأيتني؟ فقلت: نعم، قال: فلا تدعها فإن الدعاء فيها مستجاب ".
969 وفي رواية إبراهيم بن عبدالحميد(4) " أن الصادق عليه السلام قال: لرجل إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك، ثم امسح يدك على وجهك من جانب خدك الايسر، وعلى جبهتك إلى جانب خدك الايمن قال: [قال] ابن أبي عمير:(5) كذلك وصفه لنا إبراهيم بن عبدالحميد ثم قال: بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم اذهب عني الغم والحزن ثلاثا "(6).


______________
(1) أى بلغنى مجهودى تبليغا إلى حيث لم يبق لى طاقة.
وقال الفاضل التفرشى قوله: " وعزتك بلغ مجهودى " " وعزتك " جملة قسمية وقعت بين " قد " ومدخوله أى قد بلغ مجهودى الغاية بحيث لم يبق لى جهد وطاقة، وفى بعض النسخ " بلغ بى مجهودى ".
(2) مع أنهم ذكروها في صحاحهم عن عائشة وغيرها ولكن تركوها رغما للشيعة.
(3) في الطريق سعدان بن مسلم وهو مهمل، وفى بعض النسخ " جهيم " مصغرا وهو بكلا العنوانين حسن.
(4) الطريق حسن بابراهيم بن هاشم.
(5) يعنى قال ابراهيم بن هاشم قال ابن أبى عمير: كذلك - الخ وللمصنف إلى ابراهيم ابن عبد الحميد طريقان أحدهما عن ابن الوليد عن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان ابن مسلم عن ابراهيم بن عبدالحميد. والاخرى عن أبيه عن على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عنه، وابراهيم ثقة.
(6) قوله " ثلاثا " قيد في المسح والدعاء جميعا على الظاهر.

[332]

970 وروى [عن] سليمان بن حفص المروزي(1) أنه قال: " كتب إلي أبوالحسن الرضا عليه السلام: قل في سجدة الشكر مائة مرة " شكرا شكرا " وإن شئت " عفوا عفوا ".
971 و " كان أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يسجد بعدما يصلي فلا يرفع رأسه حتى يتعالى النهار "(2).
972 وروى عبدالرحمن بن الحجاج(3) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من سجد سجدة الشكر وهو متوضئ كتب الله له بها عشر صلوات، ومحى عنه عشر خطايا عظام ".
973 وسأل سعد بن سعد الرضا عليه السلام " عن سجدة الشكر فقال: أرى أصحابنا يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون هي سجدة الشكر، فقال: إنما الشكر(4) إذا أنعم الله على عبده أن يقول " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين(5) وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين ".
974 وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " كان موسى بن عمران عليه السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الايمن بالارض وخده الايسر بالارض ".
975 وقال أبوجعفر عليه السلام: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال موسى: لا يارب، قال: يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا وبطنا(6) فلم أجد فيهم أحدا أذل نفسا لي منك، ياموسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب ".


______________
(1) الطريق اليه صحيح أو حسن كالصحيح.
(2) يظره من بعض الروايات أن هذا دأبه حين كان عليه السلام في حبس هارون.
(3) الطريق صحيح وقد تقدم الكلام فيه.
(4) حملها الشيخ - رحمه الله - على التقية لانه موافق للعامة.
(5) مقرنين أى مطيقين مقاومين له في القوة.
(6) في بعض النسخ " ظهرا لبطن ".

[333]

976 وقال الصادق عليه السلام: " إن العبد إذا سجد فقال: " يا رب يا رب " حتى ينقطع نفسه، قال له الرب تبارك وتعالى: " لبيك ما حاجتك "(1).
977 و " كان علي بن الحسين عليه السلام يقول في سجوده " اللهم إن كنت قد عصيتك فإني قد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك منا منك علي لا منا مني عليك، وتركت معصيتك في أبغض الاشياء إليك وهو أن أدعو لك ولدا أو أدعو لك شريكا منا منك علي لا منا مني عليك، وعصيتك في أشياء(2) على غير وجه مكابرة ولا معاندة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي واستزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان(3)، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن تغفر لي وترحمني فبجودك وبكرمك يا أرحم الراحمين ".
وينبغي لمن يسجد سجدة الشكر أن يضع ذراعيه على الارض ويلصق جؤجؤه(4) بالارض.
978 وفي رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه " أن الصادق عليه السلام قال: إنما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر الله تعالى ذكره فيها على ما من به عليه من أداء فرضه، وأدنى ما يجزي فيها(5) " شكرا لله " ثلاث مرات ".
979 وروى أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حريز عن مرازم، عن أبي عبدالله عليه السلام: " سجدة الشكر واجبة على كل مسلم(6) تتم بها صلاتك، وترضي بها ربك، وتعجب الملائكة منك، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة


______________
(1) في الكافى ج 2 ص 520 نحوه بدون قيد السجود.
(2) ليس هذا الكلام اعترافا بالذنب بل هو اعتراف بالتقصير وهو مقتضى مقام العبودية، وأقصى مراتب الكمال فيها فمن أجل ذلك وأمثاله سمى عليه السلام: زين العابدين وسيد الساجدين.
(3) في بعض النسخ " والبرهان ".
(4) جؤجؤ - كهدهد - عظام الصدر.
(5) أى من الذكر الا فالسجدة تتحقق بوضع الجبهة أو الخد على الارض.
(6) تأكيد للاستحباب أى كالواجبة في استحقاقها الاهتمام بها. (مراد) (*)

[334]

الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: ياملائكتي انظروا إلى عبدي أدى فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه، ملائكتي ماذا له عندى؟ قال فتقول الملائكة: ياربنا رحمتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا جنتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا؟ فتقول الملائكة: يا ربنا كفاية مهمه، فيقول الرب تبارك وتعالى ثم ماذا؟ قال: ولا يبقى شئ من الخير إلا قالته الملائكة، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي ثم ماذا؟ فتقول الملائكة ربنا لا علم لنا، [قال:] فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر لي، وأقبل إليه بفضلي، وأريه وجهي ".
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: موصف الله تعالى ذكره بالوجه كالوجوه فقد كفر وأشرك، ووجهه أنبياؤه وحججه صلوات الله عليهم وهم الذين يتوجه بهم العباد إلى الله عزوجل وإلى معرفت ومعرفة دينه، والنظر إليهم في يوم القيامة ثواب عظيم يفوق على كل ثواب، وقد قال الله عزوجل: " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام " وقال عزوجل: " فأينما تولوا فثم وجه الله "(1) يعني فثم التوجه إلى الله، ولا يجب أن تنكر من الاخبار ألفاظ القرآن(2).


______________
(1) مقصود المصنف بيان وقوع الوجه في القرآن لغير المعنى المتعارف فيحمل في كل موضع على ما يناسبه ففى قوله " ويبقى وجه ربك " يحمل على الذات وفى قوله " فثم وجه الله " على التوجه.
(2) أى الالفاظ الواردة في القرآن وهى بالرفع اسند اليها " ينكر على صيغة المجهول أى لا موجب لانكار الاخبار التى لا يجوز حملها على ظاهرها إذا كانت مطابقة أو موافقة لالفاظ القرآن بل يجب تأويلها وحملها على غير الظاهر كما نفعل هكذا في ألفاظ القرآن. فالوجه في هذا الخبر له تأويل والمراد بوجه الله أنبياؤه وحججه عليه السلام.