باب التعقيب

948 قال الصادق عليه السلام: " أدنى ما يجزيك من الدعاء بعد المكتوبة أن تقول " اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك، ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إنا نسألك عافيتك في جميع أمورنا كلها، ونعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ".

[324]

949 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من أحب أن يخرج من الدنيا وقد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه، ولا يطلبه أحد بمظلمة(1)، فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الرب تبارك وتعالى اثنى عشرة مرة(2) ثم يبسط يديه ويقول: " اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر المبارك، وأسألك باسمك العظيم، وسلطانك القديم(3) أن تصلي على محمد وآل محمد، ياواهب العطايا، يا مطلق الاسارى، يا فكاك الرقاب من النار، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تعتق رقبتي من النار، وأن تخرجني من الدنيا آمنا، وآن تدخلني الجنة سالما، وأن تجعل دعائي أوله فلاحا، وأوسطه نجاحا، وأخره صلاحا، إنك أنت علام الغيوب " ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا من المخبيات(4) مما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرني أن أعلم الحسن والحسين عليهما السلام ".
950 وقال الصادق عليه السلام: " جاء جبرئيل إلى يوسف عليه السلام وهو في السجن فقال: يا يوسف قل في دبر كل فريضة: اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب "(5).
951 وقال أبوجعفر عليه السلام: " تقول في دبر كل صلاة اللهم اهدني من عندك


______________
(1) اما بطريق الاسقاط واعطاء العوض لصاحب الحق أو كونه بطريق التوفيق برد المظالم.
(2) نسبة الرب هى سورة قل هو الله أحد، وتسميتها بنسبة الرب لاجل أن اليهود جاء‌ت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: انسب لنا ربك فنزل سورة التوحيد. (م ت)
(3) كذا في التهذيب وفى بعض النسخ " وسلطانك العزيز ".
(4) أى المكنونات، وفى بعض النسخ " المنجيات " وفى بعضها " المستجاب " وفى بعضها " المختار".
(5) الظاهر استحبابه للخلاص من السجن والسعة في الرزق. (م ت) (*)

[325]

وأفض علي من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك ".
952 وقال صفوان بن مهران الجمال: " رأيت أبا عبدالله عليه السلام إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه فوق رأسه"(1).
953 وقال أبوجعفر عليه السلام: " ما بسط عبد يديه إلى الله عزوجل إلا واستحي الله أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يديه حتى يمسح بهما على رأسه ووجهه " وفي خبر آخر " على وجهه وصدره ".
954 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من أراد أن يكتال بالمكيال الاوفى فليكن آخر قوله " سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين " فإن له من كل مسلم حسنة "(2).
955 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال ابن سبا: يا أمير المؤمنين أليس الله عزوجل بكل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرا " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه، وموضع الرزق وما وعد الله عزوجل السماء ".
956 وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا فرغ من الزوال " اللهم إني


______________
(1) الظاهر أن رفع اليدين لاجل الدعاء ويسمى الابتهال كما فهمه الصدوق - رحمه الله - ظاهرا، لا كما فهمه بعض الاصحاب من مجرد الرفع، فينبغى أن يدعو حين رفعهما فوق الرأس بقبول الصلاة وغيره، وينبغى أن يكون حين الرفع مبسوط اليدين والكفين إلى السماء كانه يطلب شيئا كما يدل عليه الخبر الآتى. (م ت)
(2) حيث انه نزه الرب تعالى عما يصفه به المشركون من اتخاذ الشريك له وغير ذلك مما لا ينبغى بعز جلاله وكان قد انخرط بذلك في جملة المسلمين فتذكر ذلك العهد فقام ذلك التذكر مقام الدخول في جملتهم فاستحق الاحسان من كل واحد من بنى جنسه، ويمكن أن يقرء كل مسلم على صيغة اسم المفعول من التفعيل أى كل مسلم عليه وهم الانبياء(ع). (مراد) (*)

[326]

أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين وبك، اللهم لك الغنى عني، وبي الفاقة إليك، أنت الغني وأنا الفقير إليك، أقلني عثرتي، واستر علي ذنوبي، واقض اليوم حاجتي، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم به مني بل عفو ك يسعني وجودك "(1) ثم يخر ساجدا ويقول: " يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة، يا بر، يا رحيم، أنت أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق اقلبني بقضاء حاجتي(2)، مجابا دعائي، مرحوما صوتي، قد كشفت أنواع البلاء عني ".
957 وقال الصادق عليه السلام: " من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات: " الحمد لله الذي يفعل ما يشاء، ولا يفعل ما يشاء غيره " أعطي خيرا كثيرا "
958 وكان عليه السلام يقول بين العشائين: " اللهم بيدك مقادير الليل والنهار ومقادير الدنيا والآخرة، ومقادير الموت والحياة، ومقادير الشمس والقمر، ومقادير النصر والخذلان، ومقادير الغنى والفقر، اللهم ادرأ عني شر فسقة الجن والانس واجعل منقلبي إلى خير دائم ونعيم لا يزول ".
959 وروي عن محمد بن الفرج أنه قال: " كتب إلي أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام بهذا الدعاء وعلمنيه(3) وقال: من دعا به في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلا يسرت له وكفاه الله ما أهمه " بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله لا ما شاء الناس، ما شاء الله وإن كره


______________
(1) في الكافى " بل عفوك وجودك يسعنى ".
(2) أى ردنى متلبسا بقضاء حاجتى.
(3) " بهذا الدعاء " الباء للتقوية، و " علمينه " أى بعد ما لقيته مشافهة علمنى معانى الدعاء وكيفية قراء‌ته. (المرآة) (*)

[327]

الناس، حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي الذي لم يزل حسبي، حسبي من كان منذ كنت [حسبي] لم يزل حسبي، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ".
960 وقال عليه السلام: " إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقال: " رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبمحمد نبيا وبعلي وليا، والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي ابن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن علي أئمة، اللهم وليك الحجة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، وامدد له في عمره، واجعله القائم بأمرك، المنتصر لدينك وأره ما يحب وتقر به عينه في نفسه وفي ذريته وأهله وماله وفي شيعته وفي عدوه، وأرهم منه ما يحذرون وأره فيهم ما يحب وتقر به عينه، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين ".
وكان النبي صلى الله عليه وآله يقول إذا فرغ من صلاته: " اللهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي على نفسي وما أنت أعلم به مني اللهم(1) أنت المقدم وأنت المؤخر(2) لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى


______________
(1) ان قيل: كيف يستغفر النبى صلى الله عليه وآله مع معصوم حتى من الخطأ و النسيان فضلا عن الائم؟ قلنا: الاستغفار هو درجة العليين وسبيل المقربين وهو من أعظم القربات ولا يجب أن يكون المعصية أو ذنب، فان السالك إلى الله سبحانه الطالب لمقام القرب هما جد واجتهد في السير يرى نفسه بطيئا لا تأتى بما يجب عليه من الاجتهاد في العمل ولذلك يستغفر ربه عزوجل ويطلب العفو منه دائما.
(2) المقدم والمؤخر على صيغة الفاعل من باب التفعيل من أسماء الله تعالى ومعناهما على ما ذكره شيخنا الشهيد في قواعده المنزل للاشياء منازلها وترتيبها في التكون والتصوير والازمة والامكنة على ما يقتضيه الحكمة. (سلطان) (*)

[328]

وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بالقضا وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك، وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة(1) ولا فتنة مظلمة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم إني أسالك عزيمة الرشاد والثبات في الامر والرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك، وأسألك يارب قلبا سليما ولسانا صادقا وأستغفرك لما تعلم، وأسألك خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم وما لا نعلم، فإنك تعلم ولا نعلم، وأنت علام الغيوب ".
961 وقال الصادق عليه السلام " من قال هذه الكلمات عند كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده: " أجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكل ما هو مني بالله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأجير نفسي ومالي وولدي [وأهلي] وداري وكل ما هو مني برب الفلق من شر ما خلق إلى آخرها وبرب الناس إلى آخرها، وبآية الكرسي إلى آخرها "(2).
962 وروي عن هلقام بن أبي هلقام أنه قال: " أتيت أبا إبراهيم عليه السلام فقلت له: جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا والآخرة وأوجز، فقال: قل في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس " سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله وأسأله من فضله ".
فقال هلقام: ولقد كنت أسوء أهل بيتي حالا فما علمت حتى أتاني ميراث من قبل رجل ما علمت(3) أن بيني وبينه قرابة، وإني اليوم أيسر أهل بيتي مالا وما ذاك إلا مما علمني مولاي العبد الصالح عليه السلام ".
963 قال زرارة: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا(4) " وبذلك جرت السنة.


______________
(1) الضراء - ممدودا -: الحالة التى تضر وهى نقيض السراء.
(2) أى يقول " بالله لا الله الا هو - الخ " ويحتمل بان يقول: " بآية الكرسى: الله لا اله الا هو - الخ " بأن يكون التفصيل بدلا للاجمال. (مراد)
(3) في الكافى ج 2 ص 540 " ما ظننت "
(4) الخبر إلى هنا في التهذيب ج 1 ص 164 والكافى ج 3 ص 342.

[329]

964 وقال هشام بن سالم لابي عبدالله عليه السلام: " إني أخرج(1) وأحب أن أكون معقبا، فقال: إن كنت على وضوء فأنت معقب ".
965 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " قال الله عزوجل: ياابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفيك ما أهمك ".
966 وقال الصادق عليه السلام: " الجلوس بعد الصلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الارض "(2).


______________
(1) أى أخرج في الحاجة.
(2) أى الذهاب فيها لطلب الرزق.