باب الاذان والاقامة وثواب المؤذنين

864 روى حفص بن البختري(3) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام فلما قال: الله أكبر الله أكبر، قالت الملائكة: الله أكبر الله أكبر، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قالت الملائكة: خلع الانداد، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قالت الملائكة: نبي بعث، فلما


______________
(3) الطريق صحيح وكذا الخبر الاتى وما يأتى بعده إلى خبر أبى بصير.

[282]

قال: حي على الصلاة، قالت الملائكة: حث على عبادة ربه، فلما قال: حي على الفلاح، قالت الملائكة: أفلح من اتبعه"(1).
865 وروى منصور بن حازم عن أبي عبدالله عليه السلام [أنه] قال: " هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام، فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال يا علي سمعت؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: حفظت؟ قال: نعم، قال: ادع بلالا فعلمه فدعا بلالا فعلمه ".
866 وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا وأينما توجهت، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة "(2).
867 وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا عليه السلام أنه قال: " يؤذن الرجل وهو جالس ويؤذن وهو راكب ".
868 وروى أبوبصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن تؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء، ولا تقم وأنت راكب ولا جالس إلا من عذر(3) أو تكون في


______________
(1) قوله: " فلما قال: الله أكبر الله أكبر - الخ " لعل مراد الامام (ع) بيان اصول الكلمات التى أتى به جبرئيل (ع) وما قالت الملائكة عند ذلك، وأما تكرار التكبير فللاشارة إلى أنه يكرر فيه غير مرة، ويحتمل أن يكون الاذان كذك أولا ثم زاد. وقوله (ع) " خلع الانداد " ان رجع الضمير إلى جبرئيل (ع) كان معناه نفى الانداد عن الله تعلى، وان رجع إلى الله سبحانه كان كناية عن انتفاء نده تعالى أى مثله. (مراد)
(2) يدل على اشتراط الاقامة بالوضوء كالصلاة مستقبل القبلة بخلاف الاذان، وحملت على الاستحباب المؤكد في الاقامة وعلى عدم التأكد في الاذان للاجماع على استحباب الطهارة فيهما.
(م ت)
(3) النهى فيه عن الاقامة راكبا وجالسا محمول على الكراهة الشديدة كما أن الجواز في الاذان لا ينافى الكراهة أيضا، وظاهر القدماء حرمة ايقاع الاقامة على غير حالة الصلاة من الاستقبال والستر والقيام والاحتياط معهم. (م ت) (*)

[283]

أرض ملصة "(1).
869 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " للمؤذن فيما بين الاذان والاقامة مثل أجر الشهيد المتشحط بدمه(2) في سبيل الله عزوجل فقال علي عليه السلام: إنهم يجتلدون(3) على الاذان؟ فقال: كلا إنه يأتي على الناس زمان يطرحون الاذان على ضعفائهم فتلك لحوم حرمها الله على النار "(4).
870 وقال علي عليه السلام " آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي صلى الله عليه وآله أنه قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على اذانه أجرا ".
871 وروى خالد بن نجيح(5) عن الصادق عليه السلام أنه قال: " التكبير جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والالف"(6).
872 وروي أبوبصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " إن بلالا كان عبدا


______________
(1) أى وادى اللصوص.
(2) تشحط في دمه أى تلطخ فيه واضطرب وتمرغ.
(3) بالجيم من الجلادة أى يتقابلون ويتنازعون على الاذان رغبة فيه وحرصا عليه وقوله عليه السلام " يطرحون " أى يطرحون لضعفائهم كبرياء.
(4) اى لحوم هؤلاء الضعفاء المطروح عليهم الاذان لحوم حرم على النار، وفى بعض النسخ " يختارون على الاذان".
(5) الطريق اليه صحيح (صه) وهو حسن.
(6) قوله: " التكبير جزم " يعنى بذلك على آخر كل فصل، والافصاح بالهمزة في - ابتداء‌ات، وبالهاء في أواخر فصول الشهادتين والتهليل (م ح ق) وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: يدل الخبر على تأكد استحباب الوقف على التكبيرات مع اظهار هائها وألفها، والمراد بالالف ما قبل الهاء، ويمكن أن يكون المراد بها الاعم من الهمزتين في أول الجلالة وأكبر، ولا ينافى استحبابهما في البواقى وفى الاقامة.

[284]

صالحا فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صليه الله عليه وآله فترك يومئذ(1)حي على خير العمل ".
873 وروى الحسن بن السري(2) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من السنة إذا أذن الرجل أن يضع أصبعيه في أذنيه ".
874 وروى خالد بن نجيح عنه أنه قال: " الاذان والاقامة مجزومان ".
وفي خبر آخر " موقوفان ".
875 وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام [أنه] قال: " لا يجزيك من الاذان إلا ما أسمعت نفسك أو فهمته، وأفصح بالالف والهاء.(3) وصل على النبي وآله صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره. وكلما(4) اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان أجرك في ذلك أعظم ".
876 وسأل معاوية بن وهب(5) أبا عبدالله عليه السلام عن الاذان فقال: " اجهر و ارفع به صوتك، فإذا أقمت فدون ذلك، ولا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت


______________
(1) أى يوم سماع ذلك الكلام من بلال رضى الله عنه لزعمهم أن الناس إذا اعتقدوا بأفضلية الصلاة لم يهتموا بامر الجهاد فتركوا " حى على خير العمل " مصلحة استحسانا منهم واجتهادا قبال النص الصريح وجعلوا بدله التثويب في صلاة الصبح وهو قول المؤذن: " الصلاة خير من النوم ".
(2) الطريق اليه صحيح كما في (صه) وهو حسن.
(3) من هنا إلى قوله: " غيره " اختلف فيه هل كان جزء‌ا للخبر أو من كلام المؤلف تسوط بين الخبر الحق أنه من الخبر كما فهمه صاحب الوسائل لما في الكافى ج 3 ص 303.
(4) هذا الكلام من تتمة حديث زرارة.
(5) الطريق فيه ماجيلويه ولم يوثق صريحا وقال العلامة (ره) الطريق صحيح.

[285]

الصلاة، واحدر إقامتك حدرا "(1)
877 وروى عنه عليه السلام عمار الساباطي أنه قال: " إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فأذن وأقم، وافصل بين الاذان والاقامة بقعود أو بكلام أو تسبيح، وقال: سألته كم الذي يجزي بين الاذان والاقامة من القول؟ قال: الحمد لله ".
878 وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يؤذن وهو يمشي وهو على غير طهر أو هو على ظهر الدابة؟ قال: نعم إذا كان المتشهد(2) مستقبل القبلة فبأس ".
879 وروى عنه عليه السلام زرارة أنه قال: " إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وعلى أهل المسجد إلا في تقديم إمام "(3).
880 وقال علي عليه السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يؤمكم أقرؤكم، ويؤذن لكم خياركم " وفي حديث آخر " أفصحكم ".
881 وقال رسول صلى الله عليه وآله: " من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة ".
882 وقال أبوجعفر عليه السلام: " المؤذن يغفر الله له مد بصره ومد صوته


______________
(1) في النهاية في حديث الاذان: " إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر " أى أسرع، حدر في قراء‌ته وأذانه يحدر حدرا وهو من الحدور ضد الصعود ويتعدى ولا يتعدى. وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى: الحدر في الاقامة مستحب مع مراعاة الوقوف على الفصول فيكره الاعراب فيها كما يكره في الاذان للحديث.
(2) أى المؤذن في حال الشهادة. وفى بعض النسخ " إذا كان التشهد " اى إذا وقع التشهد منه مستقبل القبلة. وقوله: " لا بأس " بمنزلة التأكيد لنعم، ويمكن أن يكون جزاء الشرط. (مراد)
(3) عمل الشيخان والمرتضى - رحمهم الله - بظاهر خبر تحريم الكلام وأفتوا بالتحريم الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام وتسوية صف، والمفيد والمرتضى حرما الكلام في الامامة أيضا (الذكرى) وقال سلطان العلماء: قوله " في تقديم امام " أى الا أن يكون الكلام في باب تقديم الامام ليؤم الناس، كأن يقول بعض البعض: تقدم يافلان كما ورد في بعض الروايات.

[286]

في السماء(1) ويصدقه كل رطب ويابس يسمعه، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم، وله من كل من يصلي بصوته حسنة ".
883 وقال عليه السلام: " من أذن سبع سنين محتسبا(2) جاء يوم القيامة لا ذنب له ".
884 وروي " أن الملائكة إذاسمعت الاذان من أهل الارض قالت: هذه أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله فيستغفرون الله لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة ".
885 وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إن أدنى ما يجزي من الاذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ويفتتح النهار بأذان وإقامة، ويجزيك في سائر الصلاة إقامة بغير أذان ".
وجمع رسول الله صلى الله عليه وآله(3) بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وجمع


______________
(1) كأنه من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أى هذا المقدار من الذنب، أو هذا المقدار من المغفرة، أو يغفر لاجله المذنبين الكائنين في تلك المسافة، أو المراد أن المغفرة منه تعالى تزيد بنسبة مد الصوت، فكلما يكثر الثانى يزيد الاول وهذا انما يناسب رواية ليس فيها ذكر مد الصوت (البحار) وفى النهاية الاثيرية: المد: القدر، يريد به في خبر الاذان قدر الذنوب أى يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الاخر " لو لقيتنى بقراب الارض خطايا لقيتك بها بمغفرة " ويروى " مدى صوته " والمدى: الغاية، أى يستكمل مغفرة الله إذا استنفد وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.
(2) أى طلبا لوجه الله وثوابه، أو موقنا أن ذلك ذخر له عند الله تعالى.
يقال لمن ينوى بفعله وجه الله: احتسبه.
(3) من كلام المؤلف أخذه من أخبار أخر كخبر معاوية بن عمار في حج النبى صلى الله عليه وآله.

[287]

بين المغرب والعشاء بجمع(1) بأذان واحد وإقامتين.
886 وروى عبدالله بن سنان عن الصادق عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان [واحد] وإقامتين "(2).
887 وروي " أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة، و من صلى بإقامة بغير أذان صلى خلفه صف واحد، وحد الصف ما بين المشرق والمغرب ".
888 وفي رواية العباس بن هلال(3) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: " من أذن وأقام صلى وراء‌ه صفان من الملائكة، وإن أقام بغير أذان صلى عن يمينه واحد، وعن شماله واحد، ثم قال: اغتنم الصفين ".
889 وفي رواية ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام أنه قال: " من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة لا يرى طرفاهما.
ومن صلى بإقامة صلى خلفه ملك ".
890 وقال الصادق عليه السلام " من قال حين يسمع أذان الصبح: " اللهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك، وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم " وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا، وكان ابن النباح(4) يقول في أذانه: حي على خير العمل


______________
(1) يعنى المزدلفة والمشعر وذلك لانه صلى الله عليه وآله كان يؤخر المغرب ويجمع بينه وبين العشاء من غير فصل معتد به.
(2) هذه سيرته صلى الله عليه وآله كلما جمع بين الصلاتين لم يؤذن للثانية وفى قوله: " من غير علة " دلالة على الجواز.
(3) في طريقة الحسين بن ابراهيم ناتانه - رضى الله عنه - وهو غير مذكور فاسترضاؤهم له ان أفاد مدحا فالسند حسن به وبابراهيم بن هاشم.
(4) في القاموس: " نباح - ككتان - والد عامر مؤذن على رضى الله عنه ".

[288]

حي على خير العمل، فإذا رآه علي عليه السلام قال: مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وأهلا ".
891 وروى حارث بن المغيرة النضري(1) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من سمع المؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله فقال مصدقا محتسبا: " وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، و [أشهد] أن محمدا رسول الله أكتفى بهما(2) عن كل من أبى وجحد، وأعين بهما من أقر وشهد " كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد، وعدد من أقر وشهد ".
892 وقال أبوجعفر لمحمد بن مسلم: " يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال، ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عزوجل و قل كما يقول المؤذن ".
893 وسأل زيد الشحام أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل نسي الاذان والاقامة حتى دخل في الصلاة، فقال: إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي وآله وليقيم، وإن كان قد دخل في القراء‌ة فليتم صلاته "(3).


______________
(1) الطريق صحيح كما في (صه) الا أن فيه البرقى عن أبيه ومحمد بن على ماجيلويه.
(2) " اكتفى بهما " على صيغة المتكلم أى اكتفى بهذين الشهادتين عن شهادة كل آب وجاحد فيقوم هذان الشهادتان مقام شهادتهم. وفى بعض النسخ " بها " مقام " بهما ". أى بهذه الكلمة.
(3) الطريق ضعيف بأبى جميلة ويدل على جواز ابطال الصلاة بالصلاة على النبى صلى الله عليه وآله والرجوع إلى الاقامة وحملت على السلام كما يدل عليه حسنة الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبدالله عليه السلام (*) ويدل على الرجوع قبل القراء‌ة. (م ت)
(*) قال: " سألته عن الرجل يفتتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم، قال. فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرء فليسلم على النبى صلى الله عليه وآله ثم يقيم ويصلى وان ذكر بعدما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته " التهذيب ج 1 ص 215. (*)

[289]

894 وروي عن عمار الساباطي أنه قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل نسي من الاذان حرفا فذكره حين فرغ من الاذان والاقامة، قال: يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ولا يعيد الاذان كله ولا الاقامة ".
895 وسأل معاوية بن وهب أبا عبدالله عليه السلام " عن التثويب(1) الذي يكون بين الاذان والاقامة، فقال: ما نعرفه"(2).
896 وكان علي عليه السلام يقول: " لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم(3) ولا بأس أن يؤذن المؤذن وهو جنب، ولا يقيم حتى يغتسل "(4).
897 وروى أبوبكر الحضرمي، وكليب الاسدي(5) عن أبي عبدالله عليه السلام


______________
(1) ثوب الداعى تثويبا ردد صوته ورجع. والمراد به هنا قول المؤذن في أذان الصبح بعد قوله " حى على الفلاح ": " الصلاة خير من النوم " فان المؤذن إذا قال: " حى على الفلاح " فقد دعاهم اليها فاذا قال بعده " الصلاة خير من النوم " فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة اليها.
(2) كناية عن أنه ليس من السنة بل هو بدعة لان كل ما هو سنة فقد عرفه أهل البيت (ع) فكلما لم يعرفوه لم يكن من السنة فكان تشريعا حراما. (مراد)
(3) رواه الشيخ في الموثق عن اسحاق بن عمار عن أبى عبدالله عن أبيه عن على عليهم السلام وقال صاحب المدارك: لا يشترط في الاعتداد بالاذان في الصلاة وقيام الشعار في البلد صدوره من بالغ بل يكفى كونه مميزا وهو اتفاق علمائنا كما في المعتبر ويدل عليه (سوى خبر المتن) قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان " لا بأس أن يؤذن الغلام الذى لم يحتلم " اما غير المميز فلا يعتد بأذانه قطعا لانه لا حكم لعبادته، والمرجع في التميز إلى العرف، ثم نقل عن جده أنه قال: ان المراد بالمميز من يعرف الاضر من الضار والانفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس.
(4) يستفاد من هذه الرواية اشتراط الطهارة في الاقامة وهو اختيار المرتضى في المصباح والعلامة في المنتهى - رحمهما الله - وقال في التذكرة بعدم الاشتراط تمسكا بمقتضى الاصل. (المدارك)
(5) أبوبكر عبدالله بن محمد الحضرمى وكليب كلاهما ممدوحان وطريق المصنف إلى الاول ضعيف بعبد الله بن عبدالرحمن الاصم، والى الثانى صحيح وروى عنهما الشيخ في الموثق.

[290]

أنه " حكى لهما الاذان فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والاقامة كذلك"(1).
ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل " الصلاة خير من النوم " مرتين للتقية.
وقال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان " محمد وآل محمد خير البرية " مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله " أشهد أن عليا ولي الله " مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك " أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا " مرتين ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات الله عليهم خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الاذان، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه


______________
(1) وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: " هذا الخبر وان كان في الاذان موافقا للمشهور الا أنه في الاقامة خلاف المشهور ". وقال الفاضل التفرشى: " لعل مراد الامام عليه السلام بيان اصول الكلمات التى أتى بها جبرئيل وما قالت الملائكة عند ذاك وأما تكرار الله أكبر فللاشارة إلى أنه يتكرر غير مرة ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد ". وقال سلطان العلماء: ظاهر الخبر مساواة الاذان والاقامة في الفصول الا انه لا شك في أن " قد قامت الصلاة " جزء للاقامة فلعل المراد أنه كذلك في باقى الفصول غيرها وتركها لظهور جزئيتها وبعد ذلك ينبغى أن يحمل على أن المراد التشبيه في النوع دون عددها.
(2) المفوضة: فرقة ضالة قالت بان الله خلق محمدا صلى الله عليه وآله وفوض اليه خلق الدنيا فهو خلق الخلائق. وقيل: بل فوض ذلك إلى على عليه السلام، وهم غير الذين يقولون بتفويض اعمال العباد اليهم كالمعتزلة وأضرابهم.

[291]

الزيادة المتهمون بالتفويض، المدلسون أنفسهم في جملتنا(1).
898 وقال الصادق عليه السلام في المؤذنين: " إنهم الامناء "(2).
899 وقال عليه السلام: " صل الجمعة بأذان هؤلاء(3) فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت ".
وينبغي أن يكون بين الاذان والاقامة جلسة إلا المغرب فإنه يجزي [أن يكون] بين الاذان والاقامة نفس ".(4)
900 وروى عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن الصادق عليه السلام أنه قال: " يجزي في السفر إقامة بغير أذان ".
901 وروى ابوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إذا أذنت في الطريق أو في بيتك ثم أقمت في المسجد أجزأك ".
902 و " كان علي عليه السلام يؤذن ويقيم غيره وكان يقيم وقد أذن غيره "(5)


______________
(1) " المتهمون " على البناء للفاعل أى المتهمون على الائمة (ع) بتفويض أمور الخلق اليهم ويحتمل كونه مبنيا للمفعول (سلطان) أقول: حاصل كلام المؤلف أن الشهادة بالولاية من أركان الايمان بل الاسلام لا من فصول الاذان.
(2) أى يستحب فيهم العدالة. وفى الذكرى " يعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد لاطلاق الفاظ في شرعية الاذان والحث عليه ولانه يصح منه الاذان لنفسه فيصح لغيره، نعم العدل أفضل لقوله صلى الله عليه وآله " يؤذن خياركم " ولان ذوى الاعذار يقلدونه لقوله صلى الله عليه وآله: " المؤذنون أمناء ".
(3) يعنى العامة والاتيان باسم الاشارة للحصر كما في قوله تعالى: " أهؤلاء اياكم كانوا يعبدون ".
(مراد)
(4) لان وقت المغرب ضيق.
(5) فظهر أن صدورهما عن الاثنين كاف في الاعتداد بهما من غير علة حيث ان في الاتيان بكان اشعارا بوقوعه غير مرة (مراد) وفى التهذيب ج 1 ص 216 " ان أبا عبدالله عليه السلام كان يؤذن ويقيم غيره ".

[292]

903 وشكا هشام بن إبراهيم(1) إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام سقمه وأنه لا يولد له، فأمره أن يرفع صوته بالاذان في منزله، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني سقمي، وكثر ولدي، قال محمد بن راشد: وكنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي وجماعة من خدمي وعيالي حتى أني كنت أبقى ومالي أحد يخدمني فلما سمعت ذلك من هشام عملت به، فأذهب الله عني وعن عيالي العلل والحمد لله ".
904 وروي " أن من سمع الاذان فقال: كما يقول المؤذن زيد في رزقه ".
905 وروي عن عبدالله بن علي قال: " حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الادمة(2) أبيض الرأس واللحية، عليه طمران(3) أحدهما أسود والآخر أبيض، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه فقلت له: السلام عليك أيها الشيخ، فقال: وعليك السلام، قلت: يرحمك الله تعالى حدثني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: وما يدريك من أنا؟ فقلت: أنت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي، قال: ثم قال: يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت: من أهل العراق قال: بخ بخ(4)، ثم سكت ساعة، ثم قال: اكتب يا أخا أهل العراق " بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم(5)،


______________
(1) الطريق اليه حسن بابراهيم بن هاشم ورواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 308 عن على بن مهزيار عن محمد بن راشد عن هشام.
(2) الادمة: السمرة الشديدة واللون المائل إلى الغبرة والمائل إلى السواد.
(3) الطمر - بالكسر -: الثوب الخلق والكساء البالى من غير صوف.
(4) كلمة يقال عند المدح والرضا والاعجاب بالشى ولعله قال ذلك لكون أهل العراق أكثرهم من شيعة على عليه السلام في تلك الايام.
(5) كونهم أمناء المؤمنين في الصلاة والصوم ظاهر حيث ان بيان أوقاتهما موكول اليهم، وأما كونهم أمناء على اللحوم والدماء كناية عن قبول شهادتهم في جميع الاشياء المتعلقة بالمؤمنين فان اللحوم والدماء أعز ما يتعلق بهم كما يفهم من قوله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام " لحمك لحمى ودمك دمى " فاذا قبل قولهم فيهما قبل في غيرهما بالاولى، وقد يقال: المراد بذلك أن المسلمين إذا هموا بقتل أهل بلد من بلاد الكفار وجرحهم وسبى ذراريهم إذا سمعوا المؤذن يؤذن فيها قبلوا قوله في اسلامهم وكفوا عنهم ولذا قيل: لو ترك اهل بلد الاذان قوتلوا (مراد) أقول: حكى عن البخارى روى في صحيحه أن النبى صلى الله عليه وآله كان كلما أراد أن يحارب مع قوم بعث رجلا اليهم فان سمع منهم الاذان لم يحارب معهم فالقوم بسبب أذان المؤذنين عصم أموالهم ودماؤهم.
هذا وقال سلطان العلماء: هذا مؤيد لما ذهب اليه ابن الجنيد من عدم الاعتداد بأذان الفاسق ولعل المراد بكونهم أمناء على لحومهم ودمائهم أن بسبب أذانهم صار لحومهم ودماؤهم محفوظا من النار اذ هو الباعث على صلاتهم أو المراد بسبب أذانهم يعلم أنهم مسلمون فيصيرون محفوظين من القتل والاسر، ويحتمل أن المراد بلحومهم ودمائهم ذبائحهم فان باذان المؤمنين يعلم اسلام بلدهم فيعلم حل ذبحهم والله أعلم.

[293]

لا يسألون الله عزوجل شيئا إلا أعطاهم، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا ".
قلت: زدني يرحمك الله.
قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا ".
قلت: زدني يرحمك الله، قال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أذن عشرين عاما بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله من النور مثل زنة السماء ".
قلت: زدني يرحمك الله، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أذن عشر سنين أسكنه الله عزوجل مع إبراهيم الخليل عليه السلام في قبته، أو في درجته ".
قلت: زدني يرحمك الله عزوجل، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أذن سنة واحدة بعثه الله عزوجل يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل احد ".
قلت: زدني يرحمك الله قال: نعم فاحفظ واعمل واحتسب " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله

[294]

يقول: من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عزوجل غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة ".
قلت: زدني يرحمك الله حدثنى بأحسن ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ويحك ياغلام قطعت أنياط(1) قلبي، وبكي وبكيت حتى أني والله لرحمته، ثم قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد بعث الله عزوجل إلى المؤذنين بملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور(2) يقودون جنائب(3) أزمتها زبرجد أخضر، وحقايبها المسك الاذفر(4) يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلا صوتهم بالاذان، ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت(5) وبكيت فلما سكت قلت: ممن بكاؤك؟ فقال: ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي عليه السلام يقول: " والذى بعثى بالحق نبيا إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب(6)


______________
(1) النياط - ككتاب -: عرق غليظ يناط به القلب إلى الوتين فاذا قطع مات صاحبه وقوله " ويحك " كلمة رحمة، ويقابلها " ويلك ".
(2) ألوية جمع اللواء وهى العلم - بفتح اللام - والاعلام اما تفسير للالوية واما المعقود عليها الالوية ويكون اللواء ما يعقد عليه العلم واما أن يكون أحدهما الصغير والاخر الكبير. (م ت)
(3) الجنائب جمع جنيبة وهى فرس تقاد ولا تركب، فعيلة بمعنى مفعولة ومنه جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك. والازمة جمع زمام (المصباح المنير).
(4) الحقائب جمع الحقيبة وهى كل ما يشد في مؤخر القتب وفى المصباح الحقيبة العجيزة والجمع حقائب: سمى ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب حقيبة مجازا لانه محمول على العجز.
وفى كنز اللغة حقايب است وآن توشه دان وخرجين است. وفى بعض النسخ خفايفها ولعله جمع اخفاف وهى جمع الخف أى خف البعير والمراد بالاذفر الكثير الرائحة
(5) النحيب أشد البكاء ونحب فلان من باب ضرب بكى، وانتحب أى تنفس شديدا ورفع صوته بالبكاء.
(6) النجيب: الحسيب الكريم ومن الابل كريمها والجمع نجائب.

[295]

فيقولون: " الله أكبر، الله أكبر " فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا، فسأله اسامة ابن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال: الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل، فإذا قالوا: " أشهد أن لا إله إلا الله " قالت امتي: نعم إياه كنا نعبد في الدنيا، فيقال: صدقتم، فإذا قالوا: " أشهد أن محمدا رسول الله " قالت أمتي: هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله وآمنا به ولم نره، فيقال لهم: صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين، فحقيق على الله عزوجل أن يجمع بينكم وبين نبيكم، فينتهى بهم إلى منازلهم، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ثم نظر إلي فقال: إن استطعت - ولا قوة إلا بالله - أن لا تموت إلا وأنت مؤذن فافعل، فقلت: يرحمك الله تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فإنك قد رأيته ولم أره، وصف لى كيف وصف لك رسول الله صلى الله عليه وآله بناء الجنة؟ فقال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها(1) المسك الاذفر، وشرفها الياقوت الاحمر والاخضر والاصفر، قلت: فما أبوابها؟ قال: إن أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوته حمراء، قلت: فما حلقته؟ فقال: و كف عني فقد كلفتني شططا(2) قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " أما باب الصبر فباب صغير، مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما مسيرة خمسمائة عام، له ضجيج وحنين يقول: " اللهم جئني بأهلي " قال: قلت: هل يتكلم الباب قال: نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام، وأما باب البلاء قلت: أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال: لا، قلت: فما البلاء؟ قال: المصائب و


______________
(1) الملاط: الطين الذى يجعل بين سافى البناء يملط به الحائط (الصحاح).
(2) الشطط: مجاوزة الحد والقدر أى كلفتنى مشكلا.

[296]

السقام والامراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد، ما أقل من يدخل فيه.
قلت: يرحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير، فقال: ياغلام لقد كلفتني شططا، أما الباب الاعظم فيدخل منه العباد الصالحون، وهم أهل الزهد والورع و الراغبون إالى الله عزوجل المستأنسون به، قلت: يرحمك الله فإذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟ قال: يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت، مجاذيفها(1) اللؤلؤ، فيها ملائكة من نور، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.
قلت: يرحمك الله هل يكون من النور أخضر، قال: إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر، قلت: فما اسم ذلك النهر؟ قال: جنة المأوى، قلت: هل وسطها غيرها؟ قال: نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاها اللؤلؤ، فقلت: وهل فيها غيرها؟ قال: نعم جنة الفردوس، قلت: فكيف سورها؟ قال: ويحك كف عني جرحت علي قلبي(2)، قلت: بل أنت الفاعل بي ذلك، قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها، قال: سورها نور، قلت: ما الغرف التي فيها؟ قال: هي من نور رب العالمين عزوجل.
قلت: زدنى يرحمك الله، قال: ويحك إلى هذا إنتهى بى رسول الله صلى الله عليه وآله طوبى لك إن أنت وصلت إلى ماله هذه الصفة، وطوبى لمن يؤمن بهذا، قلت: يرحمك الله أنا والله من المؤمنين بهذا.
قال: ويحك إنه من يؤمن بهذا أو يصدق بهذا الحق


______________
(1) في بعض النسخ " مجاذيفها " في الصحاح: المجذاف: ما تجذف به السفينة وبالدال ايضا، وفيه عن الكسائى: جدف الطائر يجدف جدوفا إذا كان مقصوصا فرأيته إذا طار كانه يرد جناحيه إلى خلفه، وقال الاصمعى: ومنه سمى مجداف السفينة وجناحا الطائر مجدافا، وقال ابن دريد: مجداف السفينة بالدال والذال جميعا لغتان فصيحتان، وفى الصراح مجداف: بيل كشتى وبال مرغ.
(2) في بعض النسخ " جرت على قلبى " وفى بعضها " حيرت " وفى بعضها " جربت ".

[297]

والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه، قلت: أنا مؤمن بهذا قال: صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس، واعمل ولا تفرط، وارج وخف و احذر(1).
ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات، ثم قال: فداكم أبى وأمى لو رآكم محمد صلى الله عليه وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة، ثم قال: النجاء النجاء ألوحا ألوحا(2) الرحيل الرحيل، العمل العمل، وإياكم والتفريط، وإياكم والتفريط، ثم قال: ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت، فقلت له: أنت في حل مما قد فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك، ثم ودعني وقال: اتق الله وأد إلى امة محمد صلى الله عليه وآله ما أديت إليك.
فقلت له: أفعل إن شاء الله، قال: أستودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ".
وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وآله فكان يقول: أشهد أني رسول الله وقد كان يقول فيه: أشهد أن محمدا رسول الله لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.
وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن ام مكتوم، وكان ابن ام مكتوم أعمى، وكان يؤذن قبل الصبح.
906 - وكان بلال يؤذن بعد الصبح، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن ابن ام مكتوم يؤذن بالليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال " فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته وقالوا: إنه عليه السلام قال: " إن بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن ام مكتوم ".
907 - وروي أنه " لما قبض النبي صلى الله عليه وآله امتنع بلال من الاذان وقال: لا


______________
(1) " قارب " أى اقتصد. " سدد " أى في أمورك. " ولا تيأس " أى من روح الله. " ولا تفرط " أى لا تقصر في العمل الصالح. " وارج " أى غفران الله تعالى. " وخف " أى من سخط الله سبحانه. " واحذر " اى من المعاصى. (مراد)
(2) الوحا - بالقصر والمد -: السرعة يعنى البدار البدار وهو منصوب على الاغراء بفعل مضمر.
وكذا النجاء ممدودا: بمعنى السرعة والسبقة. (*)

[298]

اؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالاذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الاذان، فلما قال: " الله أكبر، الله أكبر " ذكرت أباها عليه السلام وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله: " أشهد أن محمدا رسول الله " شهقت فاطمة عليها السلام شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا وظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الاذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته عن ذلك ".
908 وقال الصادق عليه السلام: " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا استلام الحجر، ولا دخول الكعبة، ولا الهرولة بين الصفا والمروة(1) ولا الحلق، إنما يقصرن من شعورهن ".
وروي أنه يكفيها من التقصير مثل طرف الانملة(2).
909 وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " ليس على المرأة أذان ولا إقامة إذا سمعت أذان القبيلة وتكفيها الشهادتان، ولكن إذا أذنت وأقامت فهو أفضل ". وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس.
910 وقال الصادق عليه السلام: " إن تغولت لكم الغول فأذنوا ".(3)


______________
(1) محمول على عدم تأكد الاستحباب في غير الجمعة والهرولة. فانهما ساقطتان عنهن، وكذا صلاة العيدين.
(2) في الكافى ج 4 ص 503 باسناد صحيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " تقصر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة ".
(3) في النهاية: " الغول: أحد الغيلان وهى جنس من الجن أو الشياطين. كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراء‌ى للناس فتتغول تغولا: أى تتلون تلونا في صور شتى، وتغولهم أى تضلهم عن الطريق وتهلكهم - انتهى " أى اذ اتشكلت وتلونت لكم الغول فادفعوا شره بذكر الله تعالى والاذان. وقال الفاضل التفرشى: لعل معناه إذا وقعتم في المهلكة كما قيل في معنى غالته غول. (*)

[299]

911 وقال عليه السلام: " المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ".
912 وقال عليه السلام: " من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه ".
913 وقال عليه السلام: " كان اسم النبي صلى الله عليه وآله يكرر في الاذان فأول من حذفه ابن أروى ". وري أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد: حرم البيع لقول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ".
914 وفيما ذكره الفضل بن شاذان رحمه الله من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: " إنما أمر الناس بالاذان لعلل كثيرة، منها أن يكون تذكيرا للناسي، و تنبيها للغافل، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه، ويكون المؤذن بذلك داعيا لعبادة الخالق ومرغبا فيها، ومقرا له بالتوحيد، ومجاهرا بالايمان، معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها، وإنما يقال له: مؤذن لانه يؤذن بالاذان بالصلاة(2)، وإنما بدء فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان الله عزوجل أراد أن يكون الا بذكره واسمه، واسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره، إنما جعل مثنى مثنى ليكون تكرارا في آذان المستمعين، مؤكدا عليهم إن سها أحد عن الاول لم يسه عن الثاني ولان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثنى مثنى، وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان إنما يبدأ غفلة، وليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الاوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان، وجعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد، والاقرار لله تبارك وتعالى بالوحدانية، والثاني الاقرار للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة وأن إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان، ولان أصل الايمان


______________
(1) يحتمل أن يكون المراد بتكرار اسمه صلى الله عليه وآله تكراره باعتبار الصلاة عليه عند ذكره في الاذان والمراد بابن أروى هو عثمان لان اسم أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس كما في المعارف لابن قتيبة.
(2) الباء الاولى للسببية والثانية للصلة. (مراد) (*)

[300]

إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عزوجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو بالله وبرسوله، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ".