باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها والمواضع التي لا تجوز فيها

724 قال النبي صلى الله عليه وآله: " أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي

[241]

الارض مسجدا وطهورا(1)، ونصرت بالرعب، وأحل لي المغنم(2)، وأعطيت جوامع الكلم(3)، وأعطيت الشفاعة ".
وتجوز الصلاة في الارض كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة فيها.
725 وقال الصادق عليه السلام: " عشرة مواضع لا يصلى فيها: الطين، والماء، والحمام، والقبور، ومسان الطريق(4) وقرى النمل، ومعاطن الابل، ومجرى الماء،


______________
(1) " مسجدا وطهورا " يمكن أن يراد منه أن وجه الارض له صلى الله عليه وآله و لامته كالمسجد في ترتب الثواب فثواب الصلاة في أى مكان كان مثل ثوابها من الامم السابقة في المسجد، ويمكن أن يكون صحة صلاتهم مشروطة بايقاعها في مكان خاص لا في أى مكان كان، وأن يكون المراد بالمسجد مسجد الجبهة وكأن فيهم امرا غير الارض وما ينبت منهما.
والظاهر من كونها طهورا أنها تقوم مقام الماء وذلك واقع في التيمم وفى تطهيرها باطن القدم والنعل ومحل الاستنجاء، ولا يخفى أن ذلك يؤيد قول الشريف المرتضى رضى الله عنه في رفع التيمم الحدث إلى وجود الماء لان ذلك مقتضى المطرية (مراد)
(2) في النهاية " نصرت بالرعب مسيرة شهر " الرعب الخوف والفزع، كان أعداء النبى صلى الله عليه وآله قد أوقع الله في قلوبهم الخوف منه فاذا كان بينه وبينهم مسيرة شهرها بوه وفزعوا منه - ا ه‍. والمشهور أن حل الغنيمة من خصائص هذه الامة وأن الامم المتقدمة لم يبح لهم الغنائم، وقال في السراج المنير: لا يحل لهم منها شئ، بل كانت تجمع فتأتى نار من السماء فتحرقها.
(3) في النهاية " اوتيت جوامع الكلم " يعنى القرآن جمع الله سبحانه في الالفاظ اليسيرة معانى كثيرة، واحدها جامعة أى كلمة جامعة.
(4) مسان الطريق - بشد النون -: معظمه والملسوك منه، وقوله " لا يصلى " أعم من الحرمة والكراهة. وقال المولى مراد التفرشى: قوله " لا يصلى فيها " أى لا ينبغى أن يصلى فيها، ويمكن أن يراد منه معنى النهى ولا يدل على حرمة الصلاة في تلك الموضع لان الانشاء كما يجوز حمله على الطلب مع المنع عن النقيض يمكن حمله على الطلب من غير منع عن ذلك.

[242]

والسبخة، والثلج "(1).
426 وروي " أنه لا يصلى في البيداء، ولا ذات الصلاصل، ولا في وادي الشقرة ولا في وادي ضجنان "(2).
فإذا حصل الرجل في الطين أو الماء وقد دخل وقت الصلاة ولم يمكنه الخروج منه صلى إيماء ويكون سجوده أخفض من ركوعه(3) ولا بأس بالصلاة في مسلخ الحمام وإنما يكره في الحمام لانه مأوى الشياطين.
727 وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الصلاة في بيت الحمام، فقال: إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس [بالصلاة] يعني المسلخ "(4).
وأما القبور فلا يجوز أن تتخذ قبلة ولا مسجدا، ولا بأس بالصلاة بين خللها


______________
(1) " قرى النمل " جمع قرية وهى مجتمع ترابها حول جحرها. والمراد بمعاطن الابل مباركها ومقتضى كلام أهل اللغة أنها أخص من ذلك، فانهم قالوا: معاطن الابل مباركها حول الماء لتشرب عللا بعد نهل، والعلل الشرب الثانى، والنهل الشرب الاول. ونقل عن أبى الصلاح أنه منع من الصلاة في أعطان الابل، وهو ظاهر المفيد (ره) في المقنع ولا ريب أنه أحوط وعند المتأخرين محمول على الكراهة. والسبخة: الارض الملحة أو أرض ذات نزو يعلو الماء وهى واحدة السباخ: الاراضى التى تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئا.
(2) في المحكى عن النفلية: ليبداء موضع في طريق مكة على سبعة أميال من المدينة أو على رأس ميل من ذى الحليفة. والصلاصل: الطين الاحمر المخلوط بالرمل - انتهى. وقيل: ذات الصلاصل، ووادى الشقرة - بضم الشين وسكون القاف. وهى موضع في طريق مكة - والضجنان - بالتحريك وهو جبل بتهامة - والبيداء - بفتح الباء - كلها مواضع خسف. قال في التذكرة: وكذا كل موضع خسف.
(3) هذه الفتوى تخالف ما أفتى به في آخر باب صلاة الخوف والمطاردة حيث قال: " والعريان يصلى قاعدا -إلى أن قال: - وفى الماء والطين تكون الصلاة بالايماء والركوع أخفض من السجود ".
وهذا هو الصواب كما سيأتى نقل النصوص عليه هناك.
(4) تأويل الصدوق - رحمه الله - بعيد جدا لان المسلخ ليس ببيت الحمام مع أن عدم البأس لا ينافى الكراهة. والظاهر أن الكراهة في هذه المواضع بمعنى أقل ثوابا (م ت).

[243]

ما لم يتخذ شئ منها قبلة(1) والمستحب أن يكون بين المصلى وبين القبور عشرة أذرع من كل جانب.
وأما مسان الطريق فلا يجوز الصلاة فيها، ولا على الجواد(2) فأما على الظواهر التي بين الجواد فلا بأس.
728 وقال الرضا عليه السلام: " كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه جادة أو لم تكن لا ينبغي الصلاة فيه، قيل: فأين يصلى؟ قال: يمنة ويسرة ".
729 وسأل الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن الصلاة في مرابض الغنم فقال: صل ولا تصل في أعطان الابل(3) إلا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه، قال: وكره الصلاة في السبخة إلا أن يكون مكانا لينا تقع عليه الجبهة مستوية "(4).
730 وسئل الصادق عليه السلام " عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء قال: لا بأس به، ثم قال(5): ورأيته في طريق مكة أحيانا يرش موضع جبهته، ثم يسجد


______________
(1) " أن تتخذ قبلة " بأن تكون بين يدى المصلى، و " لا مسجدا " بأن يصلى فوقها، وظاهره بطلان الصلاة وان أمكن حمله على الكراهة كما هو دأبهم. (م ت) وفى المقنعة " روى أنه لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر الامام عليه السلام " وقال الشيخ - رحمه الله - في النهاية: " هى محمول على النوافل وان كان الاصل ما ذكرناه من الكراهة مطلقا ". (سلطان). وقال الفاضل التفرشى: قوله: " لا يجوز أن تتخذ قبلة " ان حمل على ظاهره كان معنى " لا بأس " الجواز وان اشتمل على كراهة، وكان معنى المستحب رفع الكراهة راسا، وان اريد بعدم الجواز شدة الكراهة كان معنى " لا بأس " عدم تلك الشدة، وكان معنى المتسحب رفع ما بقى فيه من الكراهة.
(2) الجاد: وسط الطريق أو معظمه والجمع جواد. (المصباح المنير).
(3) في بعض النسخ " معاطن الابل " يعنى وطن الابل ومبركها.
(4) يفهم من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن علة النهى عدم الاستواء غالبا. (م ت)
(5) يعنى الراوى وهو الحلبى كما في الكافى ج 3 ص 8 38. (*)

[244]

عليه رطبا كما هو(1)، وربما لم يرش المكان الذي يرى أنه نظيف ".
731 وقال صالح بن الحكم "(2) سئل الصادق عليه السلام عن الصلاة في البيع و الكنائس فقال: صل فيها، قال: فقلت: وإن كانوا يصلون فيها أصلي فيها؟ قال: نعم أما تقرأ القرآن " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " صل إلى القبلة ودعهم ".
732 وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه، فقال: إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر "(3).
733 وسأل عامر بن نعيم القمي(4) أبا عبدالله عليه السلام " عن المنازل التي ينزلها الناس، فيها أبوال الدواب والسرجين، ويدخلهااليهود والنصارى كيف نصنع بالصلاة فيها؟ فقال: صل على ثوبك ".
734 وسأل علي بن مهزيار(5) أبا الحسن الثالث عليه السلام " عن الرجل يصير في البيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها كيف يصنع بالصلاة وقد نهى أن يصلى بالبيداء؟ فقال: يصلي فيها ويتجنب قارعة الطريق "(5).
735 وروى عنه عليه السلام أيوب بن نوح أنه قال: " يتنحى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي ".


______________
_____ (1) يفهم منه أن المكان يطهر برش الماء عليه اذ لولا ذلك فرش المكان الذى يرى أنه ليس بنظيف يوجب تعدية نجاسته إلى الجبهة الا أن يراد بالنظيف ما ليس فيه كثافة. (مراد)
(2) الطريق إلى صالح بن الحكم صحيح وهو ضعيف. والبيعة معبد النصارى.
(3) يدل على أن الشمس مطهرة وأنه يشترط في محل السجدة الطهارة، ويحتمل أن يكون الامر بالصلاة باعتبار استحباب طهارة مساقط الاعضاء (م ت) والسند صحيح.
(4) الطريق اليه حسن بابراهيم بن هاشم وفى الخلاصة انه صحيح. وفى أكثر النسخ صحف بعمار بن نعيم.
(5) الطريق اليه صحيح كما في الخلاصة.
(6) قارعة الطريق أعلاه، وموضع قرع المارة. (المغرب) (*)

[245]

736 وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن البيت والدار لا تصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا؟ قال: نعم.
قال: وسألته عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال: لا بأس به ".
737 وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبدالله عليه السلام " عن البارية(1) يبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: إذا جففت فلا بأس بالصلاة عليها "(2).
738 وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن الشاذكونة(3) تكون عليها الجنابة أيصلى عليها في المحمل؟ فقال: لا بأس بالصلاة عليها ".
739 وروى محمد بن مسلم(4) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لا بأس بأن تصلي على[كل] التماثيل إذا جعلتها تحتك ".
740 وسأل ليث المرادى(5) أبا عبدالله عليه السلام " عن الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو عن شمال، فقال: لا بأس به ما لم تكن تجاه القبلة، وإن كان شئ منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه وصل ".
741 وسئل " عن التماثيل تكون في البساط لها عينان وأنت تصلي(6) فقال:


______________
(1) واحد البوارى جمع بارى وهو الحصير، ويقال له: البوريا بالفارسية (المغرب).
(2) الظاهر أن المراد تجفيفها بالشمس لانه المعهود والمتعارف دون غيرها كالنار، و حمله على جفافها بنفسها خلاف الظاهر، وحينئذ يدل على طهارتها بذلك لانه بظاهره يعطى جواز السجود عليه، وأما حديث على بن جعفر عليه السلام لسابق فاما محمول على مكان يتوهم وقوع البول فيه واما أن يستثنى موضع الجبهة بدليل خاص. (مراد)
(3) الشاذكونه: ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن والى بيعها نسب الحافظ أبوأيوب سليمان الشاذكونى لانه كان يبيعها، وقيل: هى حصير صغير متخذ للافتراش.
(4) في الطريق اليه جهالة كما مر.
(5) هو أبوبصير والطريق اليه ضعيف بعلى بن أبى حمزة البطائنى.
(6) في التهذيب ج 1 ص 240 باسناد فيه ارسال عن أبى عبدالله عليه السلام هكذا " قال: " سأتله عن التماثيل يكون في البساط لها عينان وأنت تصلى؟ فقال: ان كانت لها عين واحدة فلا بأس وان كانت لها عينان فلا ".

[246]

إن كان لها عين واحدة فلا بأس وإن كان لها عينان وأنت تصلي فلا "(1).
742 وقال عليه السلام: " لا بأس بالصلاة أنت تنظر إلى التصاوير إذا كانت بعين واحدة "(2).
743 وقال الصادق عليه السلام: " لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب صيد وأغلقت دونه بابا فلا بأس وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب(3) ولا بيتا فيه تماثيل ولا بيتا فيه بول مجموع في آنية ". ولا يجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصورة في أنية(4).
4 74 وروى أبوبصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " من كان في موضع لا يقدر على الارض(5) فليؤم إيماء وإن كان في أرض منقطعة "(6).
745 وسأله سماعة بن مهران " عن الاسير يأسره المشركون فتحضره الصلاة


______________
(1) كذا وفى الكافى ج 3 ص 392 " في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلى قال: ان كان بعين واحدة فلا بأس وان كان له عينان فلا ".
(2) كما في صور الطيور فان يكتفى في تصويرها بعين واحدة تقوم مقام عينيها بخلاف تصوير الانسان مثلا فانه يؤتى فيه غالبا بعينين. (مراد)
(3) قوله " وأغلقت دونه بابا " لعل وجهه أنه لولا ذلك لربما دخل البيت الذى يصلى فيه فيشغل القلب (مراد) وقوله " فان الملائكة لا تدخل - الخ " يمكن أن يجعل تعليلا لمنع الصلاة في بيت فيه كلب فيراد بالكلب غيبر كلب الصيد، وأن يجعل تعليلا لاغلاق باب البيت الذى يصلى فيه لئلا يدخل كلب الصيد فيخرج منه الملائكة. (سلطان)
(4) في التهذيب ج 1 ص 243 باسناده عن عمار الساباطى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تصلى في بيت فيه خمر أو مسكر ". وكذا في الكافى ج 3 ص 392.
(5) أى على أرض يسجد عليها ويركع فيها كما في الموتحل والغريق. (مراد)
(6) الظاهر أنه معطوف على الشرط السابق فجزاؤه جزاؤه فالتقدير أنه من كان في موضع لا يقدر على الارض ومن كان في أرض منقطعة فليؤم ايماء، والظاهر أن المراد بالارض المنقطعة أى القطع المنقطعة عن ارض بحيث لا يسع السجود عليها، أو المنقطعة عن بلاد الاسلام بحيث لا يمكن اظهار شعائر الاسلام فيها فيؤمى للركوع والسجود كما في الخبر الاتى. (سلطان) (*)

[247]

فيمنعه الذي اسره منها، فقال: يومي إيماء ".
746 وسأل معاوية بن وهب(1) أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل والمرأة يصليان في بيت واحد، فقال: إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها(2) وهو وحده لا بأس ".
747 - وفى رواية زرارة عن أبى جعفر عليه السلام " إذا كان بينها وبينه قدر ما يتخطى، أو قدر عظم ذراع فصاعدا فلا بأس [أن صلت بحذا وحدها] ".
748 - ورى جميل عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي(3) فإن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهى حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها(4) حتى يسجد ".
ولا بأس أن يكون بين يدي الرجل والمرأة وهما يصليان مرفقة(5) أو شئ.