باب فضل المساجد وحرمتها وثواب من صلى فيها

680 روى خالد بن ماد القلانسي، عن الصادق عليه السلام أنه قال: " مكة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم فيها بمائة ألف درهم(1) والمدينة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بألف صلاة، وسكت عن الدرهم ".
681 وروى أبوحمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل الله بها منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة، وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ".
682 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي "(2).


______________
(1) أى التصدق فيها.
(2) المراد كثرة الثواب لا خصوصية المقدار فلا ينافى ما مر.

[229]

683 وسأل عبدالاعلى مولى آل سام أبا عبدالله عليه السلام " كم كان طول مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: كان ثلاثة آلاف وستمائة ذراع مكسرة "(1).
684 وقال أبوجعفر عليه السلام لابي حمزة الثمالي: " المساجد الاربعة المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة ".
685 وسئل أبوالحسن الرضا عليه السلام " عن قبر فاطمة عليها السلام فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ".
686 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أتى مسجدي مسجد قبا فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة ".
وكان عليه السلام يأتيه فيصلي فيه بأذان وإقامة.
ويستحب إتيان المساجد بالمدينة مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، ومشربة أم إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء بأحد، ومسجد الاحزاب وهو مسجد الفتح(2).
ويستحب الصلاة في مسجد الغدير(3) في ميسرة المسجد، فإن ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد


______________
(1) قال في المغرب: الذراع المكسر ست قبضات وهى ذراع العامة وانما وصفت بذلك لانها نقصت عن ذراع الملك بقبضة وهو بعض الاكاسرة وكانت ذراعه سبع قبضات. ولعل المراد بالمكسر المضروب بعضها في بعض أى كان هذا في حاصل ضرب الطول في العرض ويحتمل الاول كما في المرآة.
(2) بمضمونه بل بلفظه رواية في الكافى ج 4 ص 560 والتهذيب ج 2 ص 6.
(3) في الكافى ج 4 ص 567 باسناده عن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبى صلى الله عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام، وهو موضع أظهر الله عزوجل فيه الحق ". وبمضمون المتن خبر آخر بسند صحيح.

[230]

من عاداه ".
687 وأما الجانب الآخر فذلك موضع فسطاط المنافقين الذين لما رأوه رافعا يده قال بعضهم لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ".
أخبر الصادق عليه السلام بذلك حسان الجمال لما حمله من المدينة إلى مكة فقال له: " يا حسان لولا أنك جمالي ما حدثتك بهذا الحديث ".
688 وأما مسجد الخيف بمنى فإنه روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي ".
689 وروى أبوحمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله فيه مائة تسبيحة كتب الله له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عزوجل ".
690 وقال الصادق عليه السلام: " كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمنيها وعن يسارها وخلفها نحو [امن] ذلك، فتحر ذلك، وإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه صلى فيه ألف نبي، وإنما سمي الخيف لانه مرتفع عن الوادي، وما ارتفع عنه يسمى خيفا ".
691 وقال الصادق عليه السلام: " حد مسجد الكوفة آخر السراجين، خطه آدم عليه السلام، وأنا أكره أن أدخله راكبا، قيل له: فمن غيره عن خطته؟ قال: أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح عليه السلام، ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان، ثم غيره زياد بن أبي سفيان ".

[231]

692 وقال عليه السلام: " كأني أنظر إلى ديراني في مسجد الكوفة في دير له فيما بين الزاوية والمنبر فيه سبع نخلات وهو مشرف من ديره على نوح يكلمه ".
693 وقال أبوبصير: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نعم المسجد مسجد الكوفة، صلى فيه ألف نبي والف وصي، ومنه فار التنور، وفيه نجرت السفينة، ميمنته رضوان الله، ووسطه روضة من رياض الجنة، وميسرته مكر يعني منازل الشياطين "(1).
694 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة ".
695 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا على البراق ومعي جبرئيل عليه السلام فقال لي: يا محمد انزل فصل في هذا المكان، قال: فنزلت فصليت فقلت: يا جبرئيل أي شئ هذا الموضع؟ قال: يا محمد هذه كوفان وهذا مسجدها، أما أنا فقد رأيتها عشرين مرة خرابا وعشرين مرة عمرانا، بين كل مرتين خمسمائة سنة ".
696 وروي عن الاصبغ بن نباتة أنه قال: " بينا نحن ذات يوم حول أمير - المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذا قال: يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحدا من فضل مصلاكم بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل، ومصلى أخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا لاحد الاربعة المساجد التي اختارها الله عزوجل لاهلها، وكأني به قد أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين يتشبه بالمحرم ويشفع لاهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الايام والليالي حتى ينصب الحجر الاسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الارض مؤمن إلا


______________
(1) ينبغى أن يراد بالميمنة والميسرة خارج السمجد والوسط داخل المسجد اذ لا ينبغى ان تكون فيه منازل الشياطين، ويحتمل أن يكون المراد بالميسرة بيوت أهل الكوفة الواقعة في ميسرته (مراد) وفى بعض النسخ " مبارك الشياطين ".

[232]

كان به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه، وتقربو إلى الله عزوجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم لناس ما فيه من البركة لاتوه من أقطار الارض ولو حبوا(1) على الثلج ".
697 وأما مسجد السهلة فقد قال الصادق عليه السلام: " لو استجار عمي زيد به لاجاره الله سنة، ذلك موضع بيت إدريس عليه السلام الذى كان يخيط فيه، وهو الموضع الذي خرج منه إبراهيم عليه السلام إلى العمالقة، وهو الموضع الذي خرج منه داود إلى جالوت، وتحته صخرة خضراء فيها صورة وجه كل نبي(2) خلقه الله عزوجل، ومن تحته أخذت طينة كل نبي(3) وهو موضع الراكب، فقيل له: وما الراكب؟ قال الخضر عليه السلام ".
وأما مسجد براثا ببغداد فصلى فيه أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من قتال أهل النهروان.
698 وروي عن جابر بن عبدالله الانصاري أنه قال: " صلى بنا علي عليه السلام ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة(4) ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا، فأقبل إليه فسلم عليه فقال: يا سيدي أنت نبي؟ فقال: لا، النبي سيدي قد مات، قال: فأنت وصي نبي؟ قال: نعم، ثم قال له: اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع(5) إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة، فقال


______________
(1) بفتح الحاء المهملة واسكان الموحدة اما بمعنى المشى أو دب على استه والرجلين والمشى إلى البطن. (م ح ق)
(2) في بعض النسخ " صورة وجه كل شئ ".
(3) في بعض النسخ " كل شئ ".
(4) الشراة - بالضم وتخفيف الراء -: الخوارج، سموا أنفسهم شراة لزعمهم أنهم يشرون أنفسهم ابتغاء مرضات الله.
(5) في بعض النسخ " بذا الجمع ".

[233]

له علي عليه السلام: فمن صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم عليه السلام وأمه فقال له علي عليه السلام: أفأخبرك من صلى ههنا؟ قال: نعم، قال: الخليل عليه السلام ".
699 وقال الصادق عليه السلام: " من تنخم(1) في المسجد، ثم ردها في جوفه لم تمر بداء إلا أبرأته ".
700 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذر في العين غفر الله تعالى له ".
701 وقال الصادق عليه السلام: " من مشى إلى المسجد لم يضع رجليه على رطب ولا يابس إلا يسبح له إلى الارضين السابعة "(2).
وقد أخرجت هذه الاخبار مسندة وما رويت في معناها في كتاب فضل المساجد وحرمتها وماجا فيها.
702 وقال علي عليه السلام(3): " صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة، وصلاة


______________
(1) تنخم فلان: رمى نخامته أى دفع بشئ من صدره أو أنفه، وفى بعض النسخ " تنخع " أى رمى نخاعته وهى ما يخرج من صدر الانسان أو خيشومه من البلغم والمواد.
(2) في العبارة مسامحة. وفى بعض النسخ " إلى الارض السابعة فالجمع باعتبار القطعات أو الاطراف، وعلى النسختين يحتمل أن يكون المراد من تحت قدميه في عمق الارض أو من الجوانب الاربع في سطح الارض.
(3) هذا الخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 327 باب فضل المساجد باسناده عن محمد بن حسان عن النوفلى عن السكونى عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام. ومحمد ابن حسان الرازى قال النجاشى فيه: يعرف وينكر بين بين يروى عن الضعفاء وضعفه ابن الغضائرى. وأما النوفلى فقيل فيه انه غلا في آخر عمره، وأما السكونى فكان عاميا. وبهذا السند أيضا رواه المؤلف في ثواب الاعمال والبرقى في المحاسن ورواه الشيخ في النهاية أيضا ولم أجد في كتب الخاصة خبرا في فضل مسجد بيت المقدس غير حسنة أبى حمزة الثمالى التى تقدمت تحت رقم 684 وهذا الخبر الذى رواه السكونى وهو عامى كما عرفت وان كان موثقا فكل ماروى في فضل بيت المقدس والثواب الكثير للصلاة فيه سوى خبر أبى حمزة فمن طرق العامة وجاء في روايتهم " صلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة " رواه الطبرانى في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبزار واللفظ له. وروى أحمد بن حنبل في مسند أبى هريرة عنه وكذا في مسند عائشة عنها عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " صلاة في مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواء من المساجد الا المسجد الاقصى " وروى البيهقى باسناده عن أبى ذر " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: صلاة في مسجدى هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط - أو قال: قوس الرجل (*) - حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب اليه من الدنيا جميعا ".
ولا ريب في فضل بيت المقدس لانه مسجد بناه نبى من أبنياء الله تعالى، ولا شك في كونه قبلة للمسلمين بضعة عشر شهرا وان لم يرضها النبى صلى الله عليه وآله كما يفهم من كريمة " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " لكن لما كانت هذه الاخبار كلها من طرق العامة وليس في أخبار الامامية من طريقهم منها شئ يعتمد عليه كيف نطمئن إلى ما رووه من هذا الفضل الكبير مع أن الكلينى - رحمه الله - عقد في كتابه الكبير الكافى أبوابا في فضل المساجد وذكر فيها فضل المدينة ومسجد النبى ومسجد قبا ومسجد الفضيخ ومسجد الفتح ومسجد الاحزاب ومشربة ام ابراهيم ومسجد غيدير خم ومسجد الكوفة والمسجد الاعظم ومسجد السهلة ومسجد بالخمراء وغيرها من المساجد (* *) ولم يرو فيها في فضل بيت المقدس شيئا، نعم: روى باسناده عن اسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلى عن عبدالله بن يحيى عن أبى عبدالله (ع) قال: " جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فسلم فرد عليه، فقال: جعلت فداك انى أردت المسجد الاقصى فأردت أن أسلم عليك وأودعك، فقال له: وأى شئ أردت بذلك؟ فقال: الفضل، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد (مسجد الكوفة) فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة والبركة فيه على اثنى عشر ميلا - الحديث " ج 3 ص 491 وكيف كان قاعدة التسامح في أدلة السنن تسهل الامر.
فمن صلى في بيت المقدس التماس ذلك الثواب يعطيه الله سبحانه إن شاء الله وان لم يكن الحديث كما بلغه.
(*) في النهاية: قد تكرر ذكر القيد في الحديث يقال: بينى وبينه قيد رمح وقاد رمح أى قدر رمح.
(* *) راجع ج 3 ص 489 إلى 495 وج 4 ص 540 إلى آخر أبواب كتاب الحج.

[234]

في المسجد الاعظم(1) تعدل مائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا


______________
____ (1) لعل المراد بالمسجد الاعظم ههنا المسجد الحرام على طباق سائر الاخبار.

[235]

وعشرين صلاة، وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنتي عشرة صلاة، وصلاة الرجل في بيته تعدل صلاة واحدة ".
703 - وقال أبوجعفر عليه السلام: " من بنى مسجدا كمفحص قطاة(1) بنى الله له بيتا في الجنة ".
704 - وقال أبوعبيدة الحذاء: " ومر بي [أبوعبدالله عليه السلام] وأنا بين مكة والمدينة أضع الاحجار(2)، فقلت: هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".
705 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن المساجد المظللة(3) يكره القيام فيها(4)؟ قال: نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ".


______________
(1) القطاة: طائر في حجم الحمام له طوق يشبه الفاختة والقمارى.
(2) في بعض النسخ " وأنا أصنع الاحجار " وفى بعضها " وأنا أجمع الاحجار " وقوله " هذا من ذاك " روى الكلينى - رحمه الله - في الكافى ج 3 ص 368 عن أبى عبيدة الحذاء قال: " سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: " من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، قال: أبوعبيدة: فمر بى أبوعبدالله (ع) في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".
(3) لعل المراد بالمظللة المسقفة باللبن والاجر بقرينة المقام والا فمسجد الرسول صلى الله عليه وآله صار مظللا في حياته بالسعف. (م ت)
(4) قوله " يكره القيام فيها " عبر عن الصلاة فيها بالقيام وذلك شايع كما في التنز " لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ". وقال الشيخ في النهاية ص 108 " بناء المسجد فيه فضل كبير وثواب جزيل، ويستحب أن لا تعلى المساجد بل تكن وسطا، ويستحب أن لا تكون مظللة ولا يجوز ان تكون مزخرفة او مذهبة او فيها شى من التصاوير، ولا يجوز ان تكون مشرفة بل تبنى جما - بضم الجيم وشد الميم - أى لا شرف لها - نتهى. واعلم أن كراهة الصلاة في المظللة أو المصورة أو المزخرفة من المساجد مخصوصة بزمان يكون الامام المعصوم (ع) حاضرا متمكنا ففى الكافى بسند حسن كالصحيح عن الحلبى قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن المساجد المظللة أيكره الصلاة فيها؟ قال: نعم ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك - الحديث "
وروى أيضا عن عمرو بن جميع قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال: أكره ذلك ولكن لا يضركم ذلك اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك " وأما زخرفة المساجد فلا شك في عدم جوازه عند أكثر فقهائنا فيكف برجحانه، وهكذا التصوير.

[236]

706 وقال أبوجعفر عليه السلام: " أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها، ويأمر بها فيجعل عريشا كعريش موسى "(1).
707 و " كان علي عليه السلام إذا رأى المحاريب في المساجد كسرها ويقول: كأنها مذابح اليهود ".
8 70 و " رأى علي عليه السلام مسجدا بالكوفة قد شرف قال: كأنه بيعة إن المساجد لا تشرف، تبنى جما ".
709 وسئل أبوالحسن الاول عليه السلام " عن الطين فيه التبن يطين به المسجد أو البيت الذي يصلي فيه، فقال: لا بأس ".
710 وسئل " عن بيت قد كان الجص يطبخ بالعذرة أيصلح أن يجصص به المسجد؟ فقال: لا بأس ".
711 وسئل " عن بيت قد كان حشا زمانا(2) هل يصلح أن يجعل مسجدا؟ فقال: إذا نظف وأصلح فلا باس ".
2 71 وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " في مسجد يكون في الدار فيبدو لاهله أن يتوسعوا بطائفة منه أو يحولوه عن مكانه، فقال: لا بأس بذلك، قال: فقلت: فيصلح المكان الذي كان حشا زمانا أن ينظف ويتخذ مسجدا؟


______________
(1) العريش ما يستظل به، فلعل المراد أنه يجعل بدل السقف عريشا من وضع الاخشاب ووضع الحشيش ونحوه عليها بحيث يندفع به حر الشمس عن أهل السمجد.
(2) في النهاية في الحديث " ان هذه الحشوس محتضرة " يعنى الكنف ومواضع قضاء الحاجة، والواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش: البستان لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين.

[237]

قال: نعم(1) إذا ألقي عليه من التراب ما يواريه فإن ذلك ينظفه و يطهره ".
713 وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله عزوجل(2)، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة رده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء "(3).
714 و " سمع النبي صلى الله عليه وآله رجلا ينشد ضالة في المسجد، فقال: قولوا له: لا رد الله عليك [ضالتك] فإنها(4) لغير هذا بنيت ".
715 وقال عليه السلام: " جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، ورفع أصواتكم وشراء‌كم، وبيعكم، والضالة، والحدود، والاحكام "(5).
وينبغي أن تجنب المساجد إنشاد الشعر فيها وجلوس المعلم للتأديب فيها، وجلوس الخياط فيها للخياطة.
716 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج ".
717 وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها


______________
(1) " مسجد يكون في الدار " أى مكان يتخذ للصلاة فيه وذلك لا يستلزم كونه مسجدا حقيقة وقف للصلاة فيه لئلا يمكن توسيع الدار بأخذ بعضه فيها أو جعله كله فيها وجعل مكان آخر بدله. (مراد).
(2) أى استفادة اخوته وتحصيلها لله، لا لاغراض الدنيا.
(3) المستطرف من الطرفة وهى النفيس والجديد، والمحكم ما استقل بالدلالة من غير توقف على قرينة، والردى: الهلاك، الخشية والحياء اما من الله أو من الملائكة أو من الناس (الوافى) وترك الذنب خشية هو السابع وتركه حياء هو الثامن والترديد بين الامور الثانية على سبيل منع الخلو، دون منع الجمع. (مراد)
(4) يعنى المساجد فالضمير باعتبار الجمع.
(5) أى جعلها عادة أو لغير الامام، فلا ينافى ما نقل من قضاء أمير المؤمين عليه السلام في مسجد الكوفة في بعض الاوقات. (سلطان) (*)

[238]

في مكانها أو في مسجد آخر فإنها تسبح "(1).
ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين(2).
718 وقال الصادق عليه السلام: " خير مساجد نسائكم البيوت ".
719 وسئل " عن الوقوف على المساجد، فقال: لا يجوز فإن المجوس أوقفوا على بيوت النار "(3).


______________
(1) المشهور بين الاصحاب حرمة اخراج الحصى من المسجد ووجوب الرد اليه أو إلى غيره. (م ت)
(2) واستثنى منه مسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله زادهما الله شرفا وتعظيما فليس للجنب والحائض الاجتياز فيهما
(3) روى المؤلف في آخر كتاب الوقف، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 376 عن العباس بن عامر عن أبى الصحارى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أتوقف على المسجد؟ فقال: ان المجوس أقفوا على بيت النار ". والمحكى عن الشهيد - رحمه الله - أنه قال في الذكرى: يستحب الوقف على المساجد بل هو من أعطم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها عليه التى هى من أعظم مراد الشارع، ثم ذكر - رحمه الله - خبر أبى الصحارى وقال: أجاب عنه بعض الاصحاب بان الرواية مرسلة، وبامكان الحمل على ما هو محرم فيها كالزخرفة والتصوير - انتهى. أقول: قوله - قدس سره -: " يستحب الوقف على المساجد " ليس له دليل شرعى الا العمومات ولا تشمله بعد ورود المنع، وأما توقف بقائها عليه فغير معلوم فان المساجد التى ليس لها موقوف في عصرنا هذا كلها عامرة بل أشد عمرانا من المساجد التى لها موقوفات، وان سلمنا ليس هو دليل شرعى يؤخذ به بل هو من قبيل الاستحسانات. وأما ارسال السند فمدفوع لان طريق الصدوق إلى العباس بن عامر القصبانى معلوم في المشيخة، وأما الحمل على ما هو محرم فيها فلا وجه له. وقال الفيض - رحمه الله - " المستفاد من الخبر تعليل المنع بالتشبه بالمجوس ولعل الاصل فيه خفة مؤونة المساجد وعدم افتقارها إلى الوقف إذا بنيت كما ينبغى، وانما افتقرت اليه للتعدى عن حدها ". وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: " عبارة الخبر محتمل للجواز بأن يكون المراد أنه إذا كان المجوس أوقفوا عن بيت النار الباطل فانهم أولى بأن يوقفوا على المسجد الحق " أقول: هذا الاحتمال في غاية البعد كما ترى. والحق أن عبارة الخبر لا تدل على النهى التحريمى بل غاية ما يستفاد منه الكراهة ووجهها معلوم عند ذوى البصائر، فان المسجد إذا لم يكن له موقوف لا مطمع لاحد فيه ولا يتخذ دكانا يتنازع في امامته وتوليته وغير ذلك، وقال سلطان العلماء: " يحتمل أن يكون مراده بالسؤال عن الوقوف على المساجد وقوف الاولاد عليها للخدمة وجوابه عليه السلام والتعليل بان المجوس اوقفوا على بيوت النار يشعر ان بهذا الحمل وما في القاموس من " وقف يقف وقوفا أى دام قائما، والنصرانى وقيفى - بكسر القاف المشددة كخليقى -: خدم البيعة " يعضده كما لا يخفى على من له ذوق سليم " انتهى. وهو كما ترى مخالف لصريح الخبر الذى نقلناه عن العباس بن عامر.

[239]

720 وروي أن في التوراة مكتوبا " إن بيوتي في الارض المساجد، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر(1)، ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة ".
721 وروي " أن البيوت التي يصلى فيها بالليل يضئ نورها لاهل السماء كما يضئ نور الكواكب لاهل الارض ".
722 وروي " أن عليا عليه السلام مر على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثم قال: لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد"(2).
723 " وإن الله تبارك وعالى ليريد عذاب أهل الارض جميعا حتى لا يحاشي منهم أحدا فإذا نظر إلى الشيب(3) ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القرآن رحمهم الله فأخر ذلك عنهم "(4).


______________
_____ (1) روى المؤلف صدر هذا الخبر في ثواب لاعمال ص 45 في حديث وذيله في آخر.
(2) يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية لحمرة الاشراف على بيوت المسلمين، وحمله الاكثر على الكراهة وان حكموا بحرمة الاشراف.
(3) قوله " ليريد " اللام دخلت على خبر " ان " للتأكيد. وقوله: " لا حاشى " أى لا يستثنى. والشيب اما - بسكر الشين - فجمع أشيب على القياس، واما بضم الشين وشد الياء فجمع شائب. وهو المبيض الرأس.
(4) رواه المصنف في ثواب الاعمال باسناده، عن الاصبغ بن بناته، عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه " ان الله عزوجل ليهم بعذاب أهل الارض جميعا، لا يحاشى منهم أحدا - " (*)

[240]

ومن أراد دخول المسجد فليدخل على سكون ووقار فإن المساجد بيوت الله وأحب البقاع إليه، وأحبهم إلى الله عزوجل [رجلا] أولهم دخولا وآخرهم خروجا(1).
ومن دخل المسجد فليدخل رجله اليمنى قبل اليسرى، وليقل " بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لنا أبواب رحمتك، واجعلنا من عمار مساجدك، جل ثناء وجهك ".
وإذا خرج فليخرج رجله اليسرى قبل اليمنى وليقل: " أللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح لنا باب رحمتك "(2).


______________
(1) الظاهر أن " رجلا " منصوب بتقدير " يكون " وفى بعض النسخ " رجل " وعلى التقديرين " أولهم " خبر مبتدأ محذوف أى هو أولهم دخولا والجملة صفة رجل. وفى بعضها " أحبهم إلى الله عزوجل أولهم " بدون لفظ رجل، و " دخولا " تميز يرفع الابهام عن اضافة أول إلى ضمير، وكذا القول في " آخرهم خروجا " (مراد).
(2) راجع التهذيب ج 1 ص 326 وفيه في حديث عبدالله بن الحسن " وإذا خرجت فقل " اللهم اغفر لى وافتح لى أبواب فضلك " وفى حديث سماعة " إذا دخلت المسجد فقل: " بسم الله والسلام على رسول الله ان الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته، رب اغفر لى ذنوبى وافتح لى ابواب فضلك " وإذا خرجت فقل مثل ذلك ".