باب فضل الصلاة

622 قال رسول الله صلى الله عليه آله: " الصلاة ميزان فمن وفى استوفى ".
يعني بذلك أن يكون ركوعه مثل سجوده ولبثه في الاولى والثانية سواء، ومن وفى بذلك استوفى الاجر.(2)


______________
(2) كأن الصدوق - رحمه الله - حمل قوله صلى الله عليه وآله " الصلاة ميزان " على تساوى أجزائه في الكيفيات ووجوب المراعات كتساوى كفتى الميزان ومن وفى الله بذلك الميزان العلم أو الاخلاص استوفى الاجر من الله تعالى، فالباء في قوله " بذلك " باء الاستعانة والالة وليس صلة لقوله " وفى " كما توهم بعض الفضلاء واعترض على الصدوق (ره) بأنه قرأها بالتخفيف وحسبها من قولهم وفى بالعهد، واستغرب هذا منه، ثم لا يخفى أنه لا حاجة في تشبيهها بالميزان اعتبار تساوى أجزائها كما تكلف الصدوق - رحمه الله - بل الظاهر أن مراده صلى الله عليه وآله أنه كما بالميزان يكال الاشياء فبالصلاة يكال العبودية والعمل والاخلاص، فمن وفى الله بمكيال الصلاة ماهو مقصود الله تعالى ومطلوبه من الصلاة كالاخلاص والعبودية في سائر الاعمال كما سيجئ استوفى منه تعالى الاجر، فقوله عليه السلام: " فمن وفى استوفى " تفريع وتفصيل لقوله ميزان. ومن طرق العامة قال سلمان: " الصلاة مكيال فمن أوفى أوفى له، ومن طفف طفف. فقد علمتم ما قال الله في المطففين " وفى مجمع البيان قريب من ذلك. (سلطان) وقال الفيض - رحمه الله -: الاظهر أن يكون المراد أنها معيار لتقرب العبد إلى الله سبحانه ومنزلته لديه واستحقاقه الاجر والثواب منه عزوجل، فمن وفى بشروطها وآدابها وحافظ عليها كما ينبغى استوفى بذلك تمام الاجر والثواب وكمال التقرب اليه سبحانه، ومن نقص نقص من ذلك بقدر ما نقص. أو المراد انها معيار لقبول سائر العبادات فمن وفى بها كما ينبغى قبل سائر عباداته واستوفى أجر الجميع.

[208]

623 وقال الصادق عليه السلام: " إن طاعة الله عزوجل خدمته في الارض وليس شئ من خدمته يعدل الصلاة، فمن ثم نادت الملائكة زكريا عليه السلام وهو قائم يصلي في المحراب "(1).
624 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي الناس: أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم "(2).
625 و " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد وفيه ناس من أصحابه فقال: تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: إن ربكم يقول: إن هذه الصلوات الخمس المفروضات، من صلاهن لوقتهن وحافظ عليهن لقيني يوم القيامة وله عندي عهد ادخله به الجنة، ومن لم يصلهن لوقتهن ولم حافظ عليهن فذاك إلي إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له"(3).
626 وقال الصادق عليه السلام: " أول ما يحاسب به العبد [على] الصلاة فإذا قبلت قبل [منه] سائر عمله، وإذا ردت عليه رد عليه سائر عمله ".


______________
(1) أى لاجل فضل الصلاة وشرفها تشرف زكريا بنداء الملائكة لانهم ينادون في أشرف الاحوال.
(2) في بعض الاحاديث الشريفة " ان ملك الموت عليه السلام يحضر في كل يوم خمس مرات في بيوت الناس في أوقات الصلوات الخمس وينادى على أحد من الاحاد وينادى بهذه أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التى أوقدتموها ".
(3) رواه أيضا في ثواب الاعمال ص 48 مسندا.

[209]

627 وقال عليه السلام: " إن العبد إذا صلى الصلاة في وقتها وحافظ عليها ارتفعت بيضاء نقية، تقول: حفظتني حفظك الله، وإذا لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها ارتفعت سوداء مظلمة، تقول: ضيعتني ضيعك الله ".
628 وقال الصادق عليه السلام: " أقرب ما يكون العبد إلى الله عزوجل وهو ساجد "(1).
قال الله تعالى: " واسجد واقترب ".
629 وقال أبوجعفر عليه السلام: " ما من عبد من شيعتنا يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته بعدد من خالفه ملائكة يصلون خلفه ويدعون الله عزوجل له حتى يفرغ من صلاته ".
630 وروي عن الصادق عليه السلام: " صلاه فريضة خير من عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق منه حتى يفنى ".
631 وقال عليه السلام: " إياكم والكسل فإن ربكم رحيم، يشكر القليل، إن الرجل ليصلي الركعتين يريد بهما وجه الله تعالى فيدخله الله بهما الجنة، وإنه ليتصدق بدرهم تطوعا يريد به وجه الله عزوجل فيدخله الله به الجنة،وإنه ليصوم اليوم تطوعا يريدبه وجه الله عزوجل فيدخله الله به الجنة ".
632 وقال الصادق عليه السلام: " لا تجتمع الرغبة والرهبة(2) في قلب إلا وجبت له الجنة، فإذا صليت فأقبل بقلبك على الله عزوجل، فإنه ليس من عبد مؤمن يقبل بقلبه على الله عزوجل في صلاته ودعائه إلا أقبل الله عزوجل عليه بقلوب المؤمنين إليه وأيده مع مودتهم إياه بالجنة "(3).
633 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء و


______________
(1) إلى هنا رواه في الثواب ص 56، ولعل الباقى من كلام المؤلف.
(2) المراد بالرغبة الميل إلى ما عند الله من الرضوان أو الثواب، ومن الرهبة الخوف والخشية من عظمته تعالى أو عقوبته العاصى عن أمره.
(3) كما قال سبحانه " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ".

[210]

أبواب الجنان واستجيب الدعاء، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح ".
634 وسأل معاوية بن وهب أبا عبدالله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عزوجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة(1) ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال: " وأوصاني بالصلاة "(2).
635 وأتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال له: أعني بكثرة السجود ".
636 وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " للمصلي ثلاث خصال إذا هو قام في صلاته: حفت به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء(3)، ويتناثر البر عليه من أعنان السماء إلى مفرق رأسه، وملك موكل به ينادي: لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل "(4).
637 وقال أبوالحسن الرضا عليه السلام: " الصلاة قربان كل تقي "(5).
638 وقال الصادق عليه السلام: " أحب الاعمال إلى اله عزوجل الصلاة، وهي آخر وصايا الانبياء عليهم السلام، فما أحسن من الرجل أن يغتسل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يتنحى حيث لا يراه أنيس(6) فيشرف الله عزوجل عليه وهو راكع أو ساجد، إن العبد


______________
(1) أى لا أعلم شيئا من بعد المعرفة ذا فضيلة مثل فضيلة حاصلة من هذه الصلاة ويلزم منه ضرورة أفضيلة الصلاة.
(2) فذكر عليه السلام أولا من بين الاعمال المأمور بها الصلاة لكونها أفضلها.
(3) في الصحاح أعنان السماء صفايحها وما اعترض من أقطارها.
(4) الانفتال: الانصراف. وفتله أى صرفه.
(5) أى بها يتقرب إلى الله عزوجل.
(6) أى يأخذ ناحية أى جانبا حيث لا يراه أحد. يدل على استحباب الاسباغ والمشهور أن الاسباغ غسل كل عضو مرتين والاحوط الصب مرتين والغسل مرة وملاحظة وصول الماء إلى أعضائه بل مع الدعوات والاشارات التى تقدم بعضها. (م ت) (*)

[211]

إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس: يا ويلاه أطاعوه وعصيت، وسجدوا وأبيت "(1).
639 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود ثبتت الاطناب والاوتاد والغشاء، وإذا انكسر العمود لم ينفع وتد ولا طنب ولا غشاء ".
640 وقال عليه السلام: " إنما مثل الصلاة فيكم كمثل السري وهو النهر على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم والليلة يغتسل منه خمس مرات، فلم يبق الدرن مع الغسل خمس مرات، ولم تبق الذنوب مع الصلاة خمس مرات ".
641 وقال الصادق عليه السلام: " من قبل الله منه صلاة واحدة لم يعذبه، ومن قبل الله له حسنة لم يعذبه ".
642 وقال عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من حبس نفسه على صلاة فريضة ينتظر وقتها فصلاها في أول وقتها فأتم ركوعها وسجودها وخشوعها ثم مجد الله عزوجل وعظمه وحمده حتى يدخل وقت صلاة أخرى لم يلغ بينهما(2) كتب الله له كأجر الحاج [و] المعتمر، وكان من أهل عليين ".
وقد أخرجت هذه الاخبار مسندة مع مارويت في معناها في كتاب فضائل الصلاة.


______________
(1) قوله " وسجدوا وأبيت " لعل المعنى وأمروا بالسجود فسجدوا وأمرت بالسجود فأبيت من السجود المأمور به، فالفرق بينه وبين ما مر أن الاول تأسف على أصل الطاعة والثانى عليها في خصوص السجدة والا فسجدة الناس للرب تعالى ولم يأب عنها وانما أبى عن سجدة آدم عليه السلام، فلا مجال للمتأسف على أنهم سجدوا لله وأبيت عن سجدة آدم. (مراد)
(2) " لم يلغ " من اللغو كأنه عليه السلام أراد أنه لم يتكلم بكلام ليس فيه فائدة معتبرة في الشرع. (مراد) (*)