باب ارتياد المكان للحدث والسنة في دخوله والاداب فيه إلى الخروج منه

36 قال الصادق عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا للبول حتى أنه كان إذا أراد البول عمد(6) إلى مكان مرتفع من الارض أو مكان يكون فيه التراب الكثير كراهية أن ينضح عليه البول ".


______________
(6) قوله: " عمد " أى قصد.

[23]

37 " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد دخول المتوضأ(1) قال: " اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم(2)، أللهم أمت عني الاذى وأعذني من الشيطان الرجيم ".
وإذا استوى جالسا للوضوء(3) قال: " اللهم أذهب عني القذى والاذى(4) واجعلني من المتطهرين " وإذا تزحر(5) قال: " اللهم كما أطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه مني خبيثا في عافية ".
38 وكان علي عليه السلام(6) يقول: " ما من عبد إلا وبه ملك موكل يلوي(7) عنقه حتى ينظر إلى حدثه، ثم يقول له الملك: يا ابن آدم هذا رزقك فانظر من أين أخذته وإلى ما صار، فينبغي للعبد عند ذلك أن يقول: " اللهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام ".
ولم ير للنبي صلى الله عليه وآله قط نجو(8) لان الله تبارك وتعالى وكل الارض بابتلاع ما يخرج منه.
39 " وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد الحاجة(9) وقف على باب المذهب(10)


______________
(1) المراد بالمتوضأ الكنيف.
(2) الرجس: النجس والقذر، وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح، والعذاب واللعنة والكفر والمراد منه - في الحديث - الاول. قال الفراء: إذا بدؤا بالنجس ولم يذكروا الرجس فتحوا النون والجيم، وإذا بدؤا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا الجيم والخبيث ذو الخبث في نفسه، والمخبث الذى أعوانه خبثاء. (النهاية)
(3) أراد بالوضوء قضاء الحاجة كما هو الظاهر بقرينة المقام.
(4) أراد بالقذى النجاسات والاباذى لوازمها.
(5) التزحر - بالزاى والحاء المهملة المشددة -: التنفس بأنين وشدة، وقيل: استطلاق البطن بشدة.
(6) في بعض النسخ " وكان عليه السلام " فالضمير راجع إلى النبى صلى الله عليه وآله.
(7) من باب التفعيل أى ثناه وعطفه وعاجه، والمجرد منه بمعناه.
(8) النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.
(9) المراد قضاء الحاجة.
(10) يعنى بين الخلاء.

[24]

ثم التفت عن يمينه وعن يساره إلى ملكيه فيقول: اميطا عني(1) فلكما الله علي أن لا أحدث(2) بلساني شيئا حتى أخرج إليكما ".
40 " وكان عليه السلام إذا دخل الخلاء يقول " الحمد لله الحافظ المؤدي " فإذا خرج مسح بطنه وقال: " الحمد لله الذي أخرج عني أذاه وأبقى في قوته، فيالها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها ".
41 " وكان الصادق عليه السلام إذا دخل الخلاء يقنع رأسه ويقول في نفسه: " بسم الله وبالله ولا إله إلا الله، رب أخرج عني الاذى سرحا(3) بغير حساب، واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الاذى والغم الذي لو حبسته عني هلكت لك الحمد أعصمني من شر ما في هذه البقعة، وأخرجني منها سالما، وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم ".
وينبغي للرجل إذا دخل الخلاء أن يغطي رأسه(4) إقرارا بأنه غير مبرء نفسه من العيوب، ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى فرقا بين دخول الخلاء ودخول المسجد، ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لان الشيطان أكثر ما يهم بالانسان إذا كان وحده، وإذا خرج من الخلاء أخرج رجله اليمنى قبل اليسرى(5).


______________
(1) أى اذهبا عنى وابعدا عنى واتركانى ونفسى.
(2) في نسخة " انى لا أحدث ".
(3) أى بلا انقباض وعسر، متلبسا بان لا تحاسبى على هذه النعمة الجليلة.
(4) قال في الحدائق: لم أقف فيه على خوصص خبر سوى اخبار التقنع، ومن الظاهر مغايرته له، نعم قال المفيد (ره): " وليغط رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه، وهو سنة من سنن النبى صلى الله عليه وآله، و فيه اظهار الحياء من الله لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه " وفيه دلالة على ورود النص به وليس ببعيد كون المرابه التقنع لمناسبة التعليل الاخير له دون مجرد التغطية.
(5) الظأهر أنه في خبر وان لم نعثر عليه لان الصدوق (ره) لا يذكر شيئا من ذلك الا عن نص بلغه فيه ولذا تبعه الاصحاب، وقد اختص بعضهم هذا الحكم بالبنيان نظرا إلى مسمى الدخول والخروج وخالفه العلامة رحمه الله وصرح بان الاقرب عدم الاختصاص على ما في الحدائق.

[25]

42 ووجدت بخط سعد بن عبدالله حديثا أسنده إلى الصادق عليه السلام أنه قال: " من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: " بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ".
3 4 وقال أبوجعفر الباقر عليه السلام: " إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل: " بسم الله " فإن الشيطان يغض بصره عنه حتى يفرغ ".
44 وقال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام: " أين يتوضأ الغرباء؟ فقال: يتقون شطوط الانهار، والطرق النافذة(1) وتحت الاشجار المثمرة، ومواضع اللعن، فقيل له: وأين مواضع اللعن؟ قال: أبواب الدور "(2).
45 وفي خبر آخر " لعن الله المتغوط في ظل النزل(3) والمانع الماء المنتاب(4) والساد الطريق المسلوك "(5).


______________
(1) شطوط الانهار جوانبها، أو مسارع المياة الواردة. وتقييد الطر بالنافذة احتراز عن المرفوعة فانها ملك لاربابها فيحرم التخلى فيها قطعا، أو المراد المسلوكة لا المتركة.
(2) يمكن أن يكون تعبيره عليه السلام للمثال ويكون الفظ على العموم في كل موضوع يتأذى به الناس، ويسبون فاعله، وان كان السبب واللعن حراما.
(3) أى محل ورود المسافرين.
(4) أى الماء المشترك في نوبة الشريك. أو الماء المباح الذى يعتوره المارة على النوبة.
(5) قال في الحدائق: ظاهر الاصحاب سيما المتأخرين الحكم بالكراهة في الجميع الا أن الشيخ المفيد في المقنعة عبر في في هذه المواضع بعدم الجواز، وابن بابويه في الفقيه عبر بذلك في فيئ النزال وتحت الاشجار المثمرة. وقال شيخنا صاحب " الرياض " - بعد نقل ذلك عنهما - ما لفظه " والجزم بالجواز مع ورود النهى والامر واللعن في البعض مع عدم المعارض سوى أصالة البراء‌ة مشكل - ا ه‍ ". وهو جيد الا أنه كثيرا ما قد تكرر منهم عليهم السلام في المحافظة على الوظائف المسنونة من صروب التأكيدات في الاوامر والنواهى ما يكاد يلحقها بالواجبات والمحرمات كما لا يخفى على من تتبع الاخبار وجاس خلال الديار، على أن اللعن هو البعد من رحمة الله وهو كما يحصل بفعل المحرم يحصل بفعل المكروه ولو في الجملة. انتهى.

[26]

46 وفي خبر آخر " من سد طريقا بتر الله عمره "(1).
47 وسئل الحسن بن علي عليهما السلام " ما حد الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها(2) ولا تستقبل الريح ولا تستدربها "(3).
48 وفي خبر آخر " لا تستقبل الهلال ولا تستدبره ". ومن استقبل القبلة في بول أو غائط ثم ذكر فتحرف عنها إجلالا للقبلة لم يقم


______________
(1) البتر القطع يقال: بتره بترا من باب قتل: قطعه على غير تمام.
(2) قال في المدارك: اختلف الاصحاب في تحريم الاستقبال والاستدبار للقبلة على المتخلى فذهب الشيخ وابن البراج وابن ادريس إلى تحريمهما في الصحارى والبنيان، و قال ابن الجنيد: يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة ولم يتعرض للاستدبار، ونقل عن سلار الكراهة في الصحارى أيضا أو التحريم.
وقال المفيد في المقنعة: ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ثم قال بعد ذلك: وإذا دخل الانسان دارا قد بنى فيها مقعدة للغائط على استقبال القلبة أو استدبارها لم يضره الجلوس عليه وانما يكره ذلك في الصحارى والمواضع التى يتمكن فيها الانحراف عن القبلة.
وقال العلامة في المختلف بعد حكاية ذلك: وهذا يعطى الكراهة في الصحارى والاباحة في البنيان وهو غير واضح - الخ ".
وفى الشرايع ويحرم استقبال القبلة واستدبارها ويستوى في ذلك الصحارى والابنية.
أقول: مورد الخبر وان كان هو الغائط دون البول لكن المراد منه المعنى اللغوى بالتقريب الذى ذكروه في دلالة قوله تعالى: " أو جاء أحد منكم من الغائط " وحينئذ التعميم ظاهر، بل الظاهر أن المفسدة في استقبال الريح واستدبارها بالبول اشد فيندرج في باب مفهوم الموافقة على القول به كما في الحدائق.
(3) ظاهر هذا الخبر وما يليه التحريم لكن المشهور بين الاصحاب الحكم الكراهة.

[27]

من موضعه حتى يغفر الله له(1).
49 " ودخل أبوجعفر الباقر عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها(2) ودفعها إلى مملوك كان معه فقال تكون معك لآكلها إذا خرجت فلما خرج عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال أكلتها ياابن رسول الله، فقال: إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب فانت حر، فإني أكره أن استخدم رجلا من أهل الجنة "(3).
50 " ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو من الشئ المرتفع "(4).
51 وقال عليه السلام: " البول قائما من غير علة من الجفاء، والاستنجاء باليمين من الجفاء "(5).
52 وقد روي " أنه لا بأس إذا كان اليسار معتلة ".
53 وسأل هشام بن سالم أبا عبدالله عليه السلام فقال له: أغتسل من الجنابة وغير ذلك في الكنيف الذي يبال فيه وعلي نعل سندية فأغتسل وعلي النعل كما هي؟ فقال: إن كان الماء الذى يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل [أسفل] قدميك "(6).
وكذلك إذا اغتسل الرجل في حفرة وجرى الماء تحت رجليه لم يغسلهما، وإن


______________
(1) كما في رواية محمد بن اسماعيل عن أبى الحسن الرضا عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 100.
(2) يحتمل كون القذر هنا بمعنى الوسخ والغسل لرفع الكراهة.
(3) استدل بتأخيره (ع) على كراهة الاكل وكذا الشرب الحاقا بالاكل في بيت الخلاء ومن المحتمل أن يكون التأخير من جهة اخرى وهى الركاكة العرفية.
(4) طمح ببوله إذا رماه في الهواء، والخبر مروى في الكافى ج 3 ص 15.
(5) أى ظلم وخلاف للمروء‌ة وبعد عن المقام الانسانية.
(6) رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 45.

[28]

كانت رجلاه مستنقعتين في الماء غسلهما(1).
54 وسئل الصادق عليه السلام: " عن الرجل إذا أراد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال: كما يقعد للغائط ".
55 وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه ".
56 وقال عليه السلام: " طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور "(2).
57 وسأل عمر بن يزيد أبا عبدالله عليه السلام " عن التسبيح في المخرج(3) وقراء‌ة القرآن فقال: لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ويحمد الله(4) أو آية " الحمد لله رب العالمين ".
ومن سمع الاذان فليقل كما يقول المؤذن ولا يمتنع من الدعاء والتحميد من أجل أنه على الخلاء فإن ذكر الله تعالى حسن على كل حال.
58 ولما ناجى الله موسى بن عمران [على نبينا و] عليه السلام قال موسى: يا رب أبعيد أنت مني فاناديك؟ أم قريب فاناجيك(5)؟ فأوحى الله جل جلاله إليه: أنا


______________
(1) ورد بممضونه خبر في الكافى ج 3 ص 44.
واستنقع في الماء أى مكن فيه، وفى الغدير نزل واغتسل، وقال العلامة المجلسى في المرآة: ظاهره أنه ان كان رجلاه في الطين المانع من وصول الماء اليها يجب غسلهما وان لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذى يجرى على بدنه على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل.
أو المراد أنه ان كان يغتسل في الماء الجارى والماء يسيل على قدميه فلا يجب عليه وان كان في الماء الواقف القليل فانه يصير غسالة ولا يكفى لغسل الرجلين، ولعله أظهر الوجوه.
(2) الباسور: علة معروفة والجمع بواسير، وفى بعض النسخ " الناسور " بالنون و هى قرحة لها غور يسيل منها القيح والصديد دائما وقلما يندمل وقد يحدث في ماق العين و قد يحدث في حوالى المقعد.
(3) يعنى بيت الخلاء.
(4) ينبغى أن يقرء منصوبا بتقدير " أن " ليكون عطفا على آية الكرسى، يعنى يقرأ شيئا مشتملا على حمد الله سبحانه (مراد).
(5) المقصود استعلام كيفية الدعاء من الجهر والاخفات. (م ت) (*)

[29]

جليس من ذكرني(1) فقال موسى عليه السلام: يارب إني أكون في أحوال اجلك أن أذكرك فيها(2) فقال: ياموسى اذكرني على كل حال ".
ولا يجوز للرجل(3) أن يدخل إلى الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله أو مصحف(4) فيه القرآن، فإن دخل وعليه خاتم عليه اسم الله فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء(5) وكذلك إكان عليه خاتم فضة من حجارة زمزم(6) نزعه عند الاستنجاء فإذا فرغ الرجل من حاجته فليقل: " الحمد لله الذي أماط عني الاذى وهنأني طعامي [وشرابي] وعافاني من البلوى ".
والاستنجاء بثلاثة أحجار(7)، ثم بالماء(8) فإن اقتصر على الماء أجزأه(9).


______________
(1) أى كالجليس في عدم الاحتياج إلى النداء بل يكفى المسارة. (مراد)
(2) أى أتسحيى أن اذكرك في تلك الحال.
(3) وكذا المرأة، ومفهوم اللقب ليس بمعتبر.
(4) أى صحيفة أو هو بمعناه المعروف وقال التفرشى: لعل ذكر قوله فيه القرآن للتنبيه على سبب المنع من ادخاله.
(5) لرواية أبى بصير عن الصادق (ع) المروية في الكافى ج 3 ص 474.
(6) حكى عن الشهيد - رحمه الله - أنه قال في الذكرى: " في نسخة الكافى ايراد هذه الرواية بلفظ " حجارة زمرد " فعلى هذا يكون هو المراد من زمزم، وقال: سمعناه مذاكرة " لكن في التهذيب ج 1 ص 101 وبعض نسخ الكافى ج 3 ص 17 " حجارة زمزم ".
(7) نقل الشهيد - رحمه الله - في الذكرى خبرا عن النبى صلى الله عليه وآله ولم أجده من طريق الخاصة ولعله من طريق العامة. وفى سنن النسائى ج 1 ص 42 وسنن البيهقى ج 1 ص 103 عنه صلى الله عليه وآله قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فانها تجزى عنه ". فانه يدل يمفهومه على عدم اجزاء ما دون الثلاثة.
(8) يعنى الاكمل الجمع لان الكامل الماء، وفى المعتبر أن الجمع بين الماء والاحجار مستحب.
ويدل عليه ماروى مرفوعا عن الصادق (ع) أنه قال: " جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء " التهذيب ج 1 ص 13.
(9) يدل على التخيير وذلك إذا لم يتعد المخرج. لكن الماء أفضل - لما يأتى وإذا تعدى فتعين الماء بلا خلاف أجده. (*)

[30]

ولا يجوز الاستنجاء بالروث والعظم(1)، لان وفد الجان جاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله: متعنا، فأعطاهم الروث والعظم فلذلك لا ينبغي أن يستنجي بهما(2).
59 وكان الناس يستنجون بالاحجار(3) فأكل رجل من الانصار طعاما فلان بطنه فاستنجى بالماء فأنزل الله تبارك وتعالى فيه " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فخشي الرجل أن يكون قد نزل فيه أمر يسوء‌ه، فلما دخل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " هل عملت في يومك هذا شيئا؟ قال: نعم يا رسول الله أكلت طعاما فلان بطني فاستنجيت بالماء، فقال له: أبشر، فان الله تبارك وتعالى قد أنزل فيك " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " فكنت أنت أول التوابين وأول المتطهرين ".
ويقال: إن هذا الرجل كان البراء بن معرور الانصاري(4).


______________
(1) الروث: رجيع ذوات الحوافر واختصه بعضهم بما يكون من الخيل والبغال والحمير ويأتى الكلام في العظم وظاهر كلامه - رحمه الله - الحرمة كما ذهب اليه جمع من الاصحاب.
وقيل بالكراهة لضعف المستند سندا ومتنا.
(2) قوله: " فأعطاهم الروث والعظم " أى أمر صلى الله عليه وآله الناس بتركهما لهم ليتمتعوا بهما، والمراد بالعظم: البالى منه كما جاء في سنن النسائى وغيره " كان يأمر بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة " والرمة بكسر الراء وشد الميم -: العظم البالى. و أما كون العظم والروث طعاما للجن كما في رواية نقلها الشيخ ففى طريقها مفضل بن صالح فلا عبرة بها لانه ضعيف كذاب يضع الحديث.
(3) أى كان عادتهم ذلك.
(4) البراء بن معرور كان من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة، وأجمع المؤرخون على أنه مات في المدينة في صفر قبل قدوم النبى صلى الله عليه وآله بشهر، فلما قدم انطلق باصحابه فصلى على قبره. وفى الكافى ج 3 ص 254 عن الصادق (ع) " كان البراء بن معرور بالمدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة وانه حضره الموت ورسول الله والمسلمين يصلون إلى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القبلة " وهذا صريح في أنه لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الهجرة، والآية في سورة البقرة: 22 ونزلت بالمدينة. وهذا لا يلائم كون الرجل البراء بن معرور لما عرفت.
ولناقيه كلام في الخصال ص 192 في نحو هذا الخبر.

[31]

ومن أراد الاستنجاء فليمسح بإصبعه من عند المقعدة إلى الانثيين ثلاث مرات ثم ينتر(1) ذكره ثلاث مرات، فإذا صب الماء على يده للاستنجاء فليقل: " الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا " ويصب على إحليله من الماء مثلي ما عليه من البول، يصبه مرتين هذا أدنى ما يجزي، ثم يستنجي من الغائط(2) ويغسل حتى ينقي ماثمة، والمستنجي يصب الماء إذا انقطعت درة البول(3).
ومن صلى فذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل ذكره ويعيد الوضوء والصلاة، ومن نسي أن يستنجي من الغائط(4) حتى صلى لم يعد الصلاة، و يجزي في الغائط الاستنجاء بالحجارة(5) والخزف والمدر.
60 وقال الرضا عليه السلام: " في الاستنجاء يغسل ما ظهر على الشرج(6) ولا يدخل فيه الانملة ".
ولا يجوز الكلام على الخلاء لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك(7).
61 وروي " أن من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته "(8).


______________
(1) النتر: جذب الشئ بشدة، ومنه نتر الذكر في الاستبراء.
(2) ظاهر الكلام مخالف لما روى الكلينى في الكافى ج 3 ص 17 باسناده عن عمار الساباطى ففيه " سئل الصادق (ع) إذا أراد الرجل أن يستنجى بالماء يبدء بالمقعدة أو بالاحليل؟ فقال: بالمقعدة ثم بالاحليل " وحمل الخبر على الاستحباب، وعلل كلام الصدوق بان لا تنجس اليد بالغائط عند الاستبراء.
وقدم الشيخ المفيد الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول في المقنعة.
(3) الدرة - بالكسر والتشديد -: السيلان.
(4) يدل على كلامه بعض الاخبار الصحيحة وفى كثير منها أنه لا يعيد الوضوء و يعيد الصلاة، وفى كثير منها لا يعيدهما، وفى صحيحة على بن مهزيار يعيد الصلاة في الوقت لا في خارجه، والذى يظهر من الاخبار باعتبار الجمع بينهما أن اعادة الوضوء على الاستحباب وكذا اعادة الصلاة خارج الوقت، وفى الاعادة في الوقت نظر الاحوط الاعادة (م ت).
(5) ولا يكتفى بذوات الجهات ولا خلاف فيه، والخلاف في اجزاء أقل من الثلاث.
(6) الشرح - بالشين المعجمة والجيم -: حلقة الدبر.
(7) كما في رواية صفوان عن الرضا (ع) انه قال: " نهى النبى صلى الله عليه وآله أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط - الحديث " التهذيب ج 1 ص 8 وحمل الكراهة.
(8) رواه المصنف مسندا في العلل ص 104 والعيون ص 151.

[32]

62 وإن النبي صلى الله عليه وآله قال لبعض نسائه: " مري النساء المؤمنات أن يستنجين بالماء ويبالغن فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير ".
ولا يجوز التغوط في فيئ النزال وتحت الاشجار المثمرة، والعلة في ذلك: 63 ما قال أبوجعفر الباقر عليه السلام: " إن لله تبارك وتعالى ملائكة وكلهم بنبات الارض من الشجر والنخل فليس من شجرة لا نخلة إلا ومعها من الله عزوجل ملك يحفظها وما كان منها، ولو لا أن معها من يمنعها لاكلتها السباع وهو أم الارض إذا كان فيها ثمرتها ".
64 وإنما " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاء‌ه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها(1)، قال: ولذلك يكون الشجر والنخل أنسا(2) إذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره "(3).
ومن لا ينقطع بوله ويغلبه فالله(4) أولى بالعذر فليتق علته ما استطاع وليتخذ خريطة(5).
ومن بال ولم يتغوط فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه غسل ذكره، ومن تغوط ولم يبل فليس عليه أن يغسل ذكره وإنما عليه أن يستنجي.
ومن توضأ ثم خرجت منه ريح فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه إعادة الوضوء(6).


______________
(1) فيه اشعار باختصاص الكراهة بوقت الاثمار وصرح بعضهم بتعميمها إذا كان الشجر قابلا لاثمار (مراد).
(2) قوله: " أنسا " - بالفتح - وهى ما يأنس به الانسان، وفى الصحاح الانس - بفتح الهمزة والنون - خلاف الوحشة، وهو مصدر قولك أنست به - بالكسر - أنسا وأنسة. (المراد)
(3) هذا الشرط يشعر بأن حضور الملائكة مخصوص بحال وجود الثمرة فيشعر بأن كراهة التغوط تحته مخصوص بهذه الحالة والمشهور عمومه (سلطان).
(4) في بعض النسخ " فان الله "
(5) الخريطة: من أدم وغيره يشد على ما فيه.
(6) لان الاستنجاء باعتباره خروج النجاسة لا باعتبار الحدث كما ظنه بعض العامة (م ت).

[33]

65 وروي " أن أبا الحسن الرضا عليه السلام كان يستيقظ من نومه فيتوضأ ولا يستنجي، وقال كالمتعجب من رجل سماه: بلغني أنه إذا خرجت منه ريح استنجى ".