باب فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه

129 قال أبوجعفر عليه السلام: " لا صلاة إلا بطهور "(1).
130 وروي " أن رجلا من الاحبار(2) أقعد في قبره فقيل له: إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله عزوجل، قال: لا أطيقها، فلم يزالوا به(3) حتى ردوه إلى واحدة فقال: لا أطيقها، فقالوا: لابد منها، قال: فبما تجلدونيها؟ قالوا: نجلدك بأنك صليت يوما بغير وضوء(4)، ومررت على ضعيف فلم تنصره(5) فجلدوه جلدة من


______________
(1) المشهور أن الطهور - بالضم - هو الطهارة وبالفتح ما يطهر به، فان قرء الحديث هنا بالضم فالظاهر أنه لا يصح الصلاة الا بالطهارة، وان قرء بالفتح فالظاهر منه أنه لا يجب الصلاة الا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين (سلطان).

وقال التفرشى: قوله " لا صلاة الا بطهور " أى لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور، والقصر اضافى بالنسبة إلى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور.
ومن يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة للنفى أى لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث والحاجة إلى التقدير على تقدير أن يكون الفعل الشرعى هو الهيئة المخصوصة، وأما إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا فلا، لصحة ارجاع النفى حينئذ إلى نفس المهية المعتبرة.انتهى.
(2) الاحبار جمع حبر - بالكسر أو الفتح - ففى الصحاح عن الاصمعى قال: لا أدرى هو الحبر - بالكسر - أو الحبر - بالفتح - للرجل العالم. والحمل على أحبار اليهود غير مناسب هنا. (مراد)
(3) الا يزالون ينقصون منه.
(4) الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين وصلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا للتظاهر والا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا ان يكون مجنونا والمجنون مرفوع عنه. ويمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثم أعاد مع الوضوء، فيدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء.
(5) يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الايات والاخبار.

[59]

عذاب الله تعالى فامتلا قبره نارا ".
131 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ثمانية لا يقبل الله لهم صلاة العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه، والناشز عن زوجها، وهو عليها ساخط(2)، ومانع الزكاة، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون(3)، وتارك الوضوء، والمرأة المدركة تصلي بغير خمار، والزبين(4) وهو الذي يدافع البول والغائط، والسكران ".
وتارك الوضوء ناسيا متى ذكر فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.
132 وقال النبي صلى الله عليه وآله: " وضع عن أمتى تسعة أشياء: السهو، والخطأ، والنسيان، وما اكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، والطيرة(5)، والحسد، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة "(6).


______________
(1) قوله عليه السلام " لا يقبل لهم صلاة " ظاهر الاخبار بل الايات أن القبول غير الاجزاء ولكن الخلاف في معناهما فقال السيد المرتضى - رحمه الله - ان القبول هو استحقاق الثواب والاجزاء هو الخلوص من العقاب، وظاهر الاكثر القبول هو كثرة الثواب والاجزاء قلته لا عدمه، والظاهر هو قول الاكثر. والمراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة والكمال بالنسبة إلى أفراد العباد (م ت).
(2) النشوز: العصيان وعدم طاعة الزوج. وفى الخصال ص 407 " النشازة عن زوجها ".
(3) لعله كناية عن كنه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرروا بتركها (مراد).
(4) الزبين - بكسر الزاى المعجمة وشد الباء كسكين - هو الذى يدافع الاخبثين.
(5) الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الامة وضع تشأمها عنهم، فلا يكون على نسق ما قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها وبعدها وضع المؤاخذه والعقاب (سلطان).
(6) الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أى الناس، والمراد بالتفكر حديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم والتأمل فيهم فان هذا العمل والحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم ينطق الانسان بهما.
وقيل المراد التفكر في مسألة خلق الاعمال او التشكيك في خلق الله ولا يخفى بعده فتأمل (سلطان).

[60]

133 وسئل أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء، فقال: يجزيه(1) أن يبله من بعض جسده "(2).
134 وقال الصادق عليه السلام: " إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شئ فخذ مما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت الوضوء(3) ".
135 وروى أبوبصير، عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل نسي مسح رأسه، قال: فليمسح، قال: لم يذكره حتى دخل في الصلاة؟ قال: فليمسح رأسه من بلل لحيته "(4).
136 وفي رواية زيد الشحام والمفضل بن صالح، عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال: فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة ".
ومن شك في شئ من وضوئه وهو قاعد على حال الوضوء فليعد، ومن قام عن


______________
(1) يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو، والحمل على الاتيان بما بعده بعيد، ويمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل انما وجده جافا. (مراد)
(2) ظاهره يشمل ما إذا انتقل إلى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء ولا يخفى حينئذ فوت الترتيب، ويمكن حمله على ما إذا لم ينتقل إلى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى به وبما بعده (سلطان). محموله على ما إذا كان في الاثناء مع مراعاة الترتيب ويحمل على الشك والاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).
(3) خبر اريد به معنى الامر. (مراد)
(4) قوله " حتى دخل في الصلاة " أى تهيا للدخول فيها فلا ينافى قوله في الخبر الاتى عن زيد الشحام " فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة " وأيضا في هذا الحديث أن صلاته صحيحة غايته أنه لم يصرح ببطلان الصلاة ولابد من حمل الحديثين على وجوب المسح على الرجلين وان لم يصرح به (مراد).

[61]

مكانه ثم شك في شئ من وضوئه فلا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن، ومن شك في الوضوء وهو على يقين من الحدث فليتوضأ، ومن شك في الحدث وكان على يقين من الوضوء فلا ينقض اليقين بالشك إلا أن يستيقن، ومن كان على يقين من الوضوء والحدث ولا يدري أيهما أسبق فليتوضأ(1).


______________
(1) راجع نصوصها الكافى ج 3 ص 33 و 34.