باب علة الوضوء

127 " جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لاي علة توضئ هذه الجوارح الاربع وهي أنظف المواضع في الجسد(2)؟ قال النبى صلى الله عليه وآله: لما أن وسوس الشيطان إلى آدم عليه السلام دنا من الشجرة


______________
(2) لعل المراد أن في الجسد مواضع هى - أى المواضع الاربعة التى هو الوجه واليدان من المغسولة والرأس والرجلان من الممسوحة - أنظف منها فتلك المواضع وهى ما قرب من الفرجين بالغسل والمسح أولى لانها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما وهذا القدر كاف في السؤال ولا تحتاج إلى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الاعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس أنظف من الصدر. (مراد)

[56]

فنظر إليها فذهب ماء وجهه(1)، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها ما عليها، فأكل، فطار الحلي والحلل من جسده فوضع آدم يده على أم رأسه وبكى، فلما تاب الله عزوجل عليه فرض الله عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الاربع.
فأمر الله عزوجل بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة ".
128 وكتب أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله " أن علة الوضوء التي من أجلها صار على العبد غسل الوجه الذراعين ومسح الرأس والقدمين فلقيامه(3) بين يدي الله تعالى، واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة، وملاقاته بها الكرام الكاتبين(4) فيغسل الوجه للسجود الخضوع


______________
(1) لعل المراد أنه لما نظر إلى الشجرة نظر ميل ورغبة شبيه ميل العاصى إلى المنهى عنه في أن الاولى واللائق بحاله الاحتراز عنه، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك وذلك هو المراد بالخطيئة. (مراد)
(2) استعارة تبعية حيث شبة ذهاب الحلى والحلل بسرعة طيران الطائر.
(3) حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء وللام ليكون خبرا عن " ان " لكن لما كان الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكانه قال: أما أن المتوضى يغسل الوجه واليدين ويمسح الرأس والرجلين فليقامه - الخ. والظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة، و كونه بين يدى الله تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة والتضرع وينقطع اليه. وأطلق اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. (مراد)
(4) لان تلك الجوارح هى محل ملاقاة الانسان في المصافحة وغيرها سواء اريد بالملاقاة الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع، أو الملاقاة يوم القيامة عند اتيان الكتاب (مراد). (*)

[57]

ويغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل(1)، ويمسح الرأس القدمين لانهما ظاهران مكشوفان، يستقبل بهما كل حالاته، وليس فيهما من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين ".


______________
(1) الرغبة السؤال والطلب، والرهبة: الخوف والفزع. والتبتل: الانقطاع إلى عبادة الله واخلاص العمل له وأصله من بتلت الشئ أى قطعته ومنه البتول لانقطاعها إلى عبادة الله عزوجل. وقال الفاضل التفرشى: قوله " ليقلبهما " القلب هو التحويل ولعل المراد أن المصلى يوحلهما في الصلاة من مكان ويجعلهما بحيال وجهه في القنوت والحاصل أن كثيرا من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغى أن تغسلا.